الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحفظ من زُهَيْر بِلَا شكّ، وَتَبعهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي (الْإِلْمَام) فَقَالَ: رِجَاله ثِقَات. وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحدهمَا: أَن المُرَاد لَا يمس مَاء للْغسْل؛ ليجمع بَينه وَبَين حَدِيثهَا الآخر، وَهَذَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شُرَيْح وَاسْتَحْسنهُ.
وَالثَّانِي: أَنه كَانَ يتْرك الْوضُوء فِي بعض الأحيان (لبَيَان) الْجَوَاز إِذْ (لَو واظب) عَلَيْهِ لاعتقد وُجُوبه، وَهُوَ حسن أَيْضا، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» عَن ابْن عمر «أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدنَا وَهُوَ جنب؟ فَقَالَ: نعم، وَيتَوَضَّأ إِن شَاءَ» .
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَرْفُوع: «لَا أحب أَن يبيت الْمُسلم وَهُوَ جنب؛ أَخَاف أَن يَمُوت فَلَا تحضره الْمَلَائِكَة» فَفِي إِسْنَاده يزِيد بن عِيَاض وَلَيْسَ هُوَ بِشَيْء كَمَا نبه عَلَيْهِ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «إِعْلَامه» وَسُئِلَ مَالك عَن ابْن سمْعَان، فَقَالَ:(كَذَّاب) . قيل: (فيزيد) بن عِيَاض؟ قَالَ: أكذب وأكذب.
الحَدِيث الثَّانِي عشر
أَنه عليه السلام قَالَ: «إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ بدا لَهُ أَن يعاود فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضُوءًا» .
هَذَا الحَدِيث ضعفه الشَّافِعِي رضي الله عنه فَقَالَ - عَلَى مَا نَقله الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي كتاب النِّكَاح -: قد رُوِيَ فِيهِ حَدِيث وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يثبت مثله.
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» من حَدِيث جمَاعَة عَن عَاصِم، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود فَليَتَوَضَّأ» . وَفِي لفظ «بَينهمَا وضُوءًا. وَقَالَ ثمَّ أَرَادَ أَن يعاود» . وَهُوَ مَعْدُود من أَفْرَاده دون البُخَارِيّ.
(و) رَوَاهُ أَحْمد بِلَفْظ «إِذا غشي أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة» زَاد أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بعد رِوَايَة مُسلم (السالفة) :« (بَينهمَا) وضُوءًا» : «فَإِنَّهُ أنشط للعود» .
(و) قَالَ ابْن حبَان: تفرد بِهَذِهِ الزِّيَادَة مُسلم بن إِبْرَاهِيم. وَترْجم عَلَيْهِ فَقَالَ: ذكر الْعلَّة الَّتِي من أجلهَا أَمر بِهَذَا الْوضُوء. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا الحَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم وَلم يخرجَاهُ بِهَذَا
اللَّفْظ، إِنَّمَا أَخْرجَاهُ إِلَى قَوْله «فَليَتَوَضَّأ» فَقَط، وَلم يذكرَا فِيهِ «فَإِنَّهُ أنشط للعود» . قلت: قَوْله: «إِنَّمَا أَخْرجَاهُ» إِلَى قَوْله: «فَليَتَوَضَّأ» وهم مِنْهُ؛ فَالْحَدِيث من أَصله من أَفْرَاد مُسلم كَمَا قدمْنَاهُ، ثمَّ قَالَ - أَعنِي الْحَاكِم -: وَهَذِه (لَفْظَة) تفرد بهَا شُعْبَة عَن عَاصِم، والتفرد من مثله مَقْبُول عِنْدهمَا. وَأخرجه أَيْضا ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور وَترْجم عَلَيْهِ مَا يدل عَلَى النشاط الْمَذْكُور للعود.
(تَنْبِيهَات) : (أَحدهَا) : ثَبت فِي «الصَّحِيحَيْنِ» من حَدِيث (أنس)«أَنه صَلَّى كَانَ يطوف عَلَى نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد» . وَفِي رِوَايَة (البُخَارِيّ) عَن قَتَادَة، عَن أنس «كَانَ صلى الله عليه وسلم َ يَدُور عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة من اللَّيْل وَالنَّهَار وَهن إِحْدَى عشرَة. قلت لأنس: أوكان يطيقه؟ قَالَ: كُنَّا (نتحدث) أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ» . وَفِي رِوَايَة لَهُ «كَانَ يطوف عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَة الْوَاحِدَة وَله يَوْمئِذٍ تسع نسْوَة» .
وَقَالَ مُجَاهِد - فِيمَا (أسْندهُ) أَبُو نعيم -: «أعطي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ قُوَّة أَرْبَعِينَ رجلا كل رجل من أهل الْجنَّة» . وَثَبت فِي الصَّحِيح «أَن
طول كل رجل من أهل الْجنَّة سِتُّونَ ذِرَاعا عَلَى قدر آدم» «وَأَن أحدهم يُعطى قُوَّة مائَة رجل فِي الْمطعم وَالْمشْرَب والشهوة وَالْجِمَاع» فَيحْتَمل أَنه صلى الله عليه وسلم َ تَوَضَّأ بَينهمَا وَيحْتَمل أَنه تَركه لبَيَان الْجَوَاز.
وَأما حَدِيث أبي رَافع «أَنه عليه السلام طَاف عَلَى نِسَائِهِ ذَات لَيْلَة يغْتَسل عِنْد هَذِه وَعند هَذِه، فَقيل: يَا رَسُول الله، أَلا تَجْعَلهُ غسلا وَاحِدًا؟ فَقَالَ: هَذَا أَزْكَى وَأطيب وأطهر» .
رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فَفِيهِ جوابان: أَحدهمَا: أَنه حَدِيث لَا يَصح. قَالَه ابْن الْقطَّان، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدِيث أنس أصح مِنْهُ.
ثَانِيهمَا: أَنه عَلَى (تَقْدِير) صِحَّته مَحْمُول عَلَى أَنه كَانَ فِي وَقت وَذَاكَ فِي آخر، كَمَا قَالَه النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» قَالَ: وَالْحَدِيثَانِ محمولان عَلَى أَنه كَانَ برضاهن إِن قُلْنَا بالأصح، وَقَول الْأَكْثَرين أَن الْقسم كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ فِي الدَّوَام فَإِن الْقسم لَا يجوز (أَن يكون) أقل
من لَيْلَة لَيْلَة إِلَّا برضاهن.
فَائِدَة: اخْتلف فِي عدد النسْوَة، فَقيل: تسع. كَمَا سلف، وَقيل: إِحْدَى عشرَة. (كَمَا) سلف أَيْضا، وَجمع بَينهمَا ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» بِأَن هَذَا كَانَ فِي آخر قدومه الْمَدِينَة، وَالْأول كَانَ فِي (أول) قدومه. قَالَ: وَهَذَا الْفِعْل وَقع مِنْهُ صلى الله عليه وسلم َ مرَارًا كَثِيرَة لَا مرّة وَاحِدَة.
وَقَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي كتاب الْقسم من «أَحْكَامه» : الْمَشْهُور عشر نسْوَة معروفات فِي الْقسم: عَائِشَة، وَحَفْصَة، وَأم سَلمَة و (أم) حَبِيبَة، وَسَوْدَة، وَزَيْنَب بنت جحش، وَزَيْنَب بنت خُزَيْمَة، ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث، وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث، وَصفِيَّة بنت حييّ. والحادية عشرَة: يجوز أَن تكون إِحْدَى ثَلَاث نسْوَة ثَبت أَنه دخل بِهن: فَاطِمَة بنت الضَّحَّاك، وعالية بنت ظبْيَان - الكلابيتان - وَرَيْحَانَة بنت شَمْعُون.
التَّنْبِيه الثَّانِي: قد علمت الْحِكْمَة فِي اسْتِحْبَاب الْوضُوء بَينهمَا وَأَنَّهَا (للنشاط) إِلَى الْعود (وَمثله الْغسْل) ، وَنقل ابْن الصّلاح، عَن أبي (عبد الله) الفراوي خلافًا فِي الْحِكْمَة، فَقَالَ:(قيل) للتقذر. وَقيل: لِأَن تَركه يُورث الْعَدَاوَة. وَجزم الرَّافِعِيّ بِالْأولِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَقْصُود مِنْهُ التنظف وَدفع الْأَذَى.
الثَّالِث: عِنْد ابْن حزم مصححًا «فَلَا يعود حَتَّى يتَوَضَّأ» . ثمَّ