الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم [1] الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(رَبنَا آتنا من لَدُنْك رَحْمَة، وهيئ لنا من أمرنَا رشدا (.
بَاب الْأَحْدَاث
ذكر فِيهِ رحمه الله أَحَادِيث وآثارًا، أما الْأَحَادِيث، فَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا.
الحَدِيث الأول
عَن أنس رضي الله عنه: «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم احْتجم وَصَلى وَلم يتَوَضَّأ، وَلم يزدْ عَلَى غسل محاجمه» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدارقطني فِي «سنَنه» : عَن أبي سهل بن زِيَاد، ثَنَا صَالح بن مقَاتل (ثَنَا أبي) ثَنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد أَبُو أَيُّوب، عَن حميد، عَن أنس مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور سَوَاء، إِلَّا أَنه قَالَ: فَصَلى - «بِالْفَاءِ» ، بدل «الْوَاو» . وَلم يعقبه بتصحيح وَلَا تَضْعِيف.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : لما عقد الْخلاف بَيْننَا وَبَين أبي حنيفَة فِي نقض الْخَارِج بذلك؛ رَوَى عَن أنس بن مَالك صَرِيحًا - إِن
صَحَّ الطَّرِيق فِيهِ إِلَى حميد.
ثمَّ سَاقه من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ الْمَذْكُورَة وَلَفظه.
ثمَّ قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو عبد الله الْحَاكِم قَالَ: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَن صَالح بن مقَاتل بن صَالح، فَقَالَ: يحدث عَن أَبِيه، لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وأجمل فِي «سنَنه» القَوْل بتضعيفه، فَقَالَ: فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث ضعف. وَلم يبين سَببه.
وَقَالَ فِي بَاب الْغسْل من غسل الْمَيِّت من «سنَنه» : صَالح بن مقَاتل بن صَالح، يروي الْمَنَاكِير.
قلت: وَسليمَان بن دَاوُد مَجْهُول، ووالد صَالح لَا يعرف. وَخَالف الْمُنْذِرِيّ فَقَالَ فِي «كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب» بعد أَن أخرجه من الطَّرِيق الْمَذْكُورَة: إِسْنَاده حسن. وَأغْرب من هَذَا قَول ابْن الْعَرَبِيّ فِي «خلافياته» أَن الدَّارَقُطْنِيّ رَوَاهُ بِإِسْنَاد صَحِيح. وَمِمَّنْ ضعفه من الْمُتَأَخِّرين: النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» : رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وضعفوه. وَلَعَلَّه أَرَادَ تَضْعِيف الدَّارَقُطْنِيّ فِي غير «سنَنه» . (أَو) أَرَادَ كَلَامه فِي صَالح، كَمَا نَقله الْحَاكِم فِيمَا أسلفناه عَنهُ، وَذكره فِي «خلاصته» فِي فصل (الضَّعِيف) ثمَّ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ فِي نقض
الْوضُوء بالقيء وَالدَّم والضحك فِي الصَّلَاة، وَلَا عدم ذَلِك حَدِيث صَحِيح.
وَقَالَ ابْن (الحصَّار) فِي كِتَابه «تقريب المدارك» : لَا يَصح فِي الْوضُوء من الدَّم شَيْء إِلَّا وضوء الْمُسْتَحَاضَة. وَاعْلَم أَن الإِمَام الرَّافِعِيّ اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى (أَن) الْحجامَة لَا تنقض الطَّهَارَة، وَقد عرفت حَاله، ثمَّ قَالَ: وَرَوَى مثل مَذْهَبنَا؛ أَي: فِي أَن الفصد والحجامة وكل خَارج من غير السَّبِيلَيْنِ لَا ينْقض الطَّهَارَة عَن: (عبد الله بن عمر) وَابْن عَبَّاس، وَابْن أبي أَوْفَى، وَأبي هُرَيْرَة (وَجَابِر بن عبد الله) وَعَائِشَة رضي الله عنهم، وَزَاد النَّوَوِيّ فِي «شَرحه» : سعيد بن الْمسيب، وَسَالم بن عبد الله بن عمر، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد، وطاوسًا، وَعَطَاء، ومكحولاً، وَرَبِيعَة، ومالكًا، و (أَبَا) ثَوْر، وَدَاوُد.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ: وَهُوَ قَول أَكثر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. وَبسط الْبَيْهَقِيّ دَلَائِل الْمَسْأَلَة فِي «خلافياته» فِي عدَّة أوراق بأسانيده عَلَى عَادَته، وَرَوَى فِيهَا وَفِي «سنَنه» من حَدِيث عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: «أَنه
كَانَ إِذا احْتجم غسل محاجمه» . (وَفِي البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن عمر وَالْحسن فِيمَن يحتجم: «لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا غسل محاجمه» ) .
وأسنده ابْن أبي شيبَة عَن (عمر) بِلَفْظ: «كَانَ إِذا احْتجم (غسل أثر) محاجمه» .
وَكَذَا أسْندهُ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم عَن بعض أَصْحَابهم، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر:«أَنه كَانَ إِذا احْتجم غسل أثر المحاجم» .
وَفِي (الْمُحَلَّى) لِابْنِ حزم: مَسحه بحصاة فَقَط. وَاحْتج الشَّافِعِي رضي الله عنه فِي الْمَسْأَلَة؛ بِأَن ابْن عمر عصر بثرة بِوَجْهِهِ فَخرج مِنْهَا دم فدلكه بَين أصبعيه، ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَلم يغسل يَده. وَلقَوْل ابْن عَبَّاس رضي الله عنه:«اغسل أثر المحاجم عَنْك وحسبك» .
و (بِأَن ابْن) الْمسيب: «رعف فَمسح أَنفه بِخرقَة ثمَّ صَلَّى» . وَبِأَن الْقَاسِم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى المحتجم وضوء» . وسَاق الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» ذَلِك خلا قَول أبي الْقَاسِم بأسانيده؛ ثمَّ رَوَى عَن