الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
«أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يتمضمض ويستنشق فِي وضوئِهِ» .
هَذَا صَحِيح مَشْهُور مستفيض من فعله عليه الصلاة والسلام من رِوَايَة جمَاعَة من الصَّحَابَة، كعلي وَعُثْمَان وَعبد الله بن زيد وَغَيرهم.
وَسَيَأْتِي قَرِيبا رواياتهم مستوفاة.
الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
رُوي أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عَشْر مِنَ (الْفِطْرَةِ) وعَدَّ مِنْهَا الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق» .
هَذَا الحَدِيث وَارِد من طَرِيقين:
أَحدهمَا: عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ، وإِعْفَاءُ اللحيةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وغسلُ البراجم، ونتفُ الإِبِطِ، وحلقُ العَانَةِ، وانتقَاصُ الماءِ قَالَ مُصعب بن شيبَة - أحد رُوَاته -: ونسيت الْعَاشِرَة إلَاّ أَن تكون الْمَضْمَضَة» وَقَالَ وَكِيع - وَهُوَ أحد رُوَاته -: «انتقاص (المَاء) : الِاسْتِنْجَاء» .
رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» كَمَا تقدَّم فِي الْفُصُول (الْمُتَقَدّمَة) فِي السِّواك.
والانتقاص: بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة.
وَنقل الْعقيلِيّ عَن الإِمام أَحْمد أنَّه قَالَ: مُصعب بن شيبَة أَحَادِيثه مَنَاكِير، مِنْهَا هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحمدونه، وَلَيْسَ بِقَوي.
ولعلَّ البُخَارِيّ إنَّما ترك (إِخْرَاجه) فِي «صَحِيحه» لأَجله، أَو لأجل رِوَايَة سُلَيْمَان التَّيْمِيّ لَهُ عَن طلق مُرْسلَة، كَمَا قَالَه ابْن مَنْدَه.
والتيمي أجلُّ من مُصعب بِلَا شكّ، فقد اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَقَالَ شُعْبَة: مَا رَأَيْت أحدا أصدق مِنْهُ.
الطَّرِيق الثَّانِي: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَدَاوُد بن (شبيب) قَالَا: ثَنَا حَمَّاد، عَن عَلّي بن زيد، عَن سَلمَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر - قَالَ مُوسَى: عَن أَبِيه. وَقَالَ دَاوُد: عَن عمار بن يَاسر - أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْفِطْرَةِ: المَضْمَضَةُ والاسْتِنْشَاقُ
…
» فَذكر نَحوه - يَعْنِي: حَدِيث عَائِشَة الْمُتَقَدّم - قَالَ: وَلم يذكر «إعفاء اللِّحْيَة» زَاد «والختان» وَقَالَ: «والانتضاح» وَلم يذكر «انتقاص المَاء - يَعْنِي: الِاسْتِنْجَاء» .
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» عَن سهل بن أبي سهل وَمُحَمّد بن يَحْيَى، نَا أَبُو الْوَلِيد، نَا حَمَّاد، عَن عَلّي بن زيد، عَن سَلمَة
بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر، عَن عمار بن يَاسر، أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مِنَ الْفِطْرَةِ: المَضْمَضَةُ والاسْتِنْشَاقُ، والسِّوَاكُ، وقَصُّ الشَّارِبِ، وتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، ونَتْفُ الإِبِطِ، والاستحدادُ، وغَسْلُ البراجم، والانتضاحُ، والاخْتِتَانُ» .
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» عَن عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد بِهِ إلَاّ أنَّه قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْفِطْرَةِ
…
) أَو (الْفطْرَة
…
» (فَذكرهَا) .
وَهَذَا حَدِيث ضَعِيف لَا يصلح للاحتجاج بِهِ لوَجْهَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن عَلّي بن زيد بن جدعَان ضَعِيف، وإنْ كَانَ بَعضهم قَوَّاه.
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي «علله» : عَلّي بن زيد تَركه قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَوَثَّقَهُ جمَاعَة ومدحوه، و (جملوا) أمره، أَنه كَانَ يرفع الْكثير مِمَّا يقفه غَيره، وَاخْتَلَطَ (آخرا) وَلَا يتهم بِالْكَذِبِ وَكَانَ من الْأَشْرَاف.
الْوَجْه الثَّانِي: أَنه مُنْقَطع؛ لِأَن سَلمَة لمن يسمع عمارًا.
قَالَ ابْن الْقطَّان: قَالَ البُخَارِيّ: لَا يُعرف أنَّه سمع من عمار أم لَا. و (قَالَ) الشَّيْخ (زكي) الدَّين وَغَيره: قَالَ البُخَارِيّ: لَا يعرف أَن سَلمَة بن مُحَمَّد سمع عمارًا.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ الْحفاظ: لم يسمع سَلمَة عمارًا.
وَوجه ثَالِث: من التَّعْلِيل أَن سَلمَة هَذَا لَا يُعرف حَاله، كَمَا قَالَه ابْن الْقطَّان فِي «علله» . لَكِنَّهَا عرفت.
قَالَ ابْن حبَان: لَا يحْتَج بِهِ.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «الْمِيزَان» : صَدُوق (فِي نَفسه) ، [رِوَايَته عَن جده مُرْسلَة] وَعنهُ ابْن جدعَان وَحده ثمَّ ذكر كَلَام ابْن حبَان.
وَوجه رَابِع: أنَّ رِوَايَة أبي دَاوُد عَن سَلمَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسلَة.
قَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين فِي «مُخْتَصر السّنَن» : حَدِيث سَلمَة بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه مُرْسل؛ لأنَّ أَبَاهُ لَيست لَهُ صُحْبَة.
لَا جرم أنَّ عبد الحقّ فِي «الْأَحْكَام» قَالَ: هَذَا الحَدِيث لَا يقطع بِهِ حكم.
وَخَالف الشَّيْخ زكي الدَّين (فَقَالَ) فِي «كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب» : هَذَا حسن غَرِيب. قَالَ: وَقد اخْتلف فِيهِ عَلَى حَمَّاد. قَالَ: وَقَالَ البُخَارِيّ: لَا يعرف أَن سَلمَة بن مُحَمَّد سمع عمارًا. (ثمَّ) قَالَ فِي «مُخْتَصر السّنَن» - كَمَا تقدم عَنهُ -: «حَدِيث سَلمَة عَن أَبِيه