الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد بِهِ.
وعلته: عَطِيَّة هَذَا؛ وَهُوَ ضَعِيف بِالْإِجْمَاع، وَانْفَرَدَ ابْن معِين فِي قَوْله فِيهِ: هُوَ صَالح (الحَدِيث) وَقد ظهر - بِحَمْد الله وَمِنْه - ضعف الحَدِيث من طرقه؛ فَلَا يحْتَج بِهِ إِذا، وَقد أسلفنا الْجَواب عَنهُ عَلَى تَسْلِيم صِحَّته.
فَائِدَة: المباهاة: الْمُفَاخَرَة، وَفِي حق الله - تَعَالَى -: إِظْهَار رِضَاهُ، قَالَه صَاحب «مجمع الغرائب» .
الحَدِيث الثَّانِي عشر
عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: «أَصَابَت يَدي أَخْمص قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة، فَلَمَّا فرغ من الصَّلَاة قَالَ: أَتَاك شَيْطَانك!» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم (فِي «صَحِيحه» ) من طَرِيقين بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ، وهما من أَفْرَاده.
الأول: من رِوَايَة ابْن أبي مليكَة عَنْهَا قَالَت: «افتقدت النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة، فَظَنَنْت أَنه ذهب إِلَى بعض نِسَائِهِ، فتحسست ثمَّ رجعت، فَإِذا هُوَ رَاكِع - أَو ساجد - يَقُول: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت. فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي، إِنِّي لفي شَأْن، وَإنَّك لفي آخر!» .
الثَّانِي: عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَنْهَا قَالَت: «فقدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة من الْفراش، فالتمسته فَوَقَعت يَدي عَلَى بطن قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي
الْمَسْجِد وهما منصوبتان، يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عُقُوبَتك، وَأَعُوذ بك مِنْك، لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك، أَنْت كَمَا أثنيت عَلَى نَفسك» .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ: «فَوَقَعت يَدي عَلَى بطن قَدَمَيْهِ وهما منصوبتان، وَهُوَ ساجد يَقُول
…
» فَذكره. وَأما لَفْظَة: «أَتَاك شَيْطَانك» فرواها الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي بَاب: ضم (العقبين) فِي السُّجُود، وَكَذَا الْحَاكِم فِي «صَحِيحه» وَقَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَذكرهَا مُسلم فِي أَوَاخِر «صَحِيحه» قبيل كتاب الْجنَّة عَنْهَا «أَنه عليه السلام خرج من عِنْدهَا لَيْلًا، قَالَت: فغرت عَلَيْهِ، فجَاء فَرَأَى مَا أصنع، فَقَالَ: مَا لَك يَا عَائِشَة أغرت؟ فَقلت: وَمَا لي لَا يغار مثلي عَلَى مثلك؟ ! فَقَالَ عليه السلام: (لقد) جَاءَك شَيْطَانك. قَالَت: يَا رَسُول الله، أومعي شَيْطَان؟ ! قَالَ: نعم. قلت: وَمَعَ كل إِنْسَان يَا رَسُول الله؟ قَالَ: نعم. قلت: ومعك يَا رَسُول الله؟ ! قَالَ: نعم، وَلَكِن رَبِّي أعانني عَلَيْهِ حَتَّى أسلم» .
(وَأَبْدَى) الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بطرِيق مُسلم الثَّانِيَة السالفة عِلّة فِيهَا نظر فَقَالَ بعد أَن أخرجه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَعَزاهُ إِلَى مُسلم دون قَوْله «وَهُوَ ساجد» : رَوَاهُ وهيب، ومعتمر، وَابْن نمير بِدُونِ ذكر أبي هُرَيْرَة فِي إِسْنَاده. وَوجه النّظر الَّذِي أَشَرنَا إِلَيْهِ أَن من ذكر أَبَا هُرَيْرَة
فِيهِ لين دون من أسْقطه، وَقد قَالَ البرقاني - فِيمَا نَقله الْحميدِي فِي «جمعه» عَنهُ -: وَافق عَبدة بن سُلَيْمَان أَبَا أُسَامَة فِي رِوَايَته الحَدِيث من طَرِيق الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَمِنْهُم من قَالَ: عَن الْأَعْرَج عَنْهَا؛ قَالَ: وَرِوَايَة من رَوَى عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَنْهَا أولَى؛ لِأَنَّهُ زَاد، وَزِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة، وَهِي (الَّتِي) عوّل مُسلم عَلَيْهَا؛ أَي: وخرجها من طَرِيق أبي أُسَامَة السالفة، وَلم يخرج الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
وَرُوِيَ أَيْضا من غير طَرِيق الْأَعْرَج وَأبي هُرَيْرَة عَنْهَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، قَالَ: قَالَت عَائِشَة: وَفِيه: «فَوَجَدته سَاجِدا فَوضعت يَدي عَلَى قَدَمَيْهِ - يَعْنِي: أَصَابِع قَدَمَيْهِ
…
» الحَدِيث.
وَهُوَ مُنْقَطع؛ لِأَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم لم يدْرك عَائِشَة، كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» وَسَماهُ مُرْسلا، وَصرح (بِهِ) أَبُو حَاتِم بِأَنَّهُ لم يسمع مِنْهَا، وَرِوَايَة عمْرَة عَنْهَا؛ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : خالفهم الْفرج بن فضَالة؛ فَرَوَاهُ عَن يَحْيَى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَنْهَا، وَفِيه: «فَإِذا هُوَ ساجد، فَوضعت يَدي عَلَى صُدُور قَدَمَيْهِ وَهُوَ يَقُول فِي سُجُوده
…
» الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ، (وَرِوَايَة) الْجَمَاعَة أولَى بِالصِّحَّةِ.
قلت: وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي «أَصْغَر معاجمه» من (هَذَا) الْوَجْه وَلَفظه: «فقدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة فَقلت: إِنَّه قَامَ إِلَى جَارِيَته مَارِيَة! فَقُمْت ألتمس الْجِدَار، فَوَجَدته قَائِما يُصَلِّي، فأدخلت يَدي فِي شعره
لأنظر اغْتسل أم لَا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: أخذك شَيْطَانك يَا عَائِشَة؟ قلت: ولي شَيْطَان؟ فَقَالَ: نعم وَلِجَمِيعِ بني آدم. قلت: وَلَك؟ قَالَ: نعم، وَلَكِن الله عز وجل أعانني عَلَيْهِ فَأسلم» . ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن يَحْيَى بن سعيد إِلَّا فرج بن فضَالة.
قلت: وَقد ضَعَّفُوهُ، وَقَالَ ابْن معِين: صَالح الحَدِيث. وَقَالَ أَحْمد: إِذا حدث عَن الشاميين فَلَيْسَ بِهِ بَأْس، لَكِن إِذا حدث عَن يَحْيَى بن سعيد أَتَى (بِالْمَنَاكِيرِ) .
قلت: وَهَذَا من حَدِيثه عَنهُ، وَقَول الطَّبَرَانِيّ: لم يروه، عَن يَحْيَى إِلَّا فرج بن فضَالة لَعَلَّه أَرَادَ بِهَذِهِ السِّيَاقَة - أَعنِي: عَن عمْرَة عَن عَائِشَة - وَإِلَّا فقد رَوَاهُ، عَن يَحْيَى جَعْفَر بن عون فِي الطَّرِيق السالفة المنقطعة.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : هَكَذَا رَوَاهُ يزِيد بن هَارُون ووهيب وَغَيرهمَا [عَن يَحْيَى عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم] عَن عَائِشَة مُرْسلا.
قلت: وَرَوَاهُ يُونُس بن خباب، عَن عِيسَى بن عمر، عَن عَائِشَة «أَنَّهَا افتقدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا هُوَ فِي الْمَسْجِد، فَوضعت يَدهَا عَلَى أَخْمص قَدَمَيْهِ وَهُوَ يَقُول: أعوذ برضاك من سخطك» . قَالَ أَبُو حَاتِم: عِيسَى هَذَا شيخ لَا أَدْرِي أدْرك عَائِشَة أم لَا!
فَائِدَة: الأخمص - فِي الرِّوَايَة السالفة -: مَا دخل من بَاطِن الْقدَم