الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : رجال رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ كلهم ثِقَات، وَبُنْدَار فَمن فَوْقه من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» قَالَ: وَكَأن الْحَاكِم لم يعلله بِرِوَايَة من وَقفه. وَرِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ رحمه الله تؤيّدها.
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن إِسْرَائِيل عَن عَامر بن شَقِيق، عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ:«رَأَيْت عُثْمَان رضي الله عنه تَوَضَّأ فَمسح رَأسه وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما، وَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صنع كَمَا صنعت» رَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي «مُسْنده» بِهَذَا اللَّفْظ، وَأحمد وَالْحَاكِم وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَسبق بلفظهم فِي الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده «أنَّ رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَيفَ الطّهُور؟ فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَاء فَتَوَضَّأ فَأدْخل أصبعيه السبابتين فِي أُذُنَيْهِ، فَمسح بإبهاميه ظَاهر أُذُنَيْهِ وبالسبابتين باطنهما» .
رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وَبَقِي من طرق هَذَا الحَدِيث طَريقَة صَحِيحَة، سنذكرها بعد هَذَا الحَدِيث حَيْثُ ذكرهَا المُصَنّف - إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ
عَن عبد الله بن زيد فِي صفة وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أنَّه تَوَضَّأ، فَمسح أُذُنَيْهِ بِمَاء غير الَّذِي مسح بِهِ الرَّأْس» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح.
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» عَن أبي الْوَلِيد الْفَقِيه، ثَنَا الْحسن بن سُفْيَان، ثَنَا حَرْمَلَة بن يَحْيَى، ثَنَا ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن حبَان بن وَاسع، أنَّ اباه حَدثهُ، أنَّه سمع عبد الله رضي الله عنه يَقُول:«إنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مسح أُذُنَيْهِ (بِغَيْر) المَاء الَّذِي مسح بِهِ رَأسه» .
قَالَ الْحَاكِم: هَذَا صَحِيح مثل الَّذِي قبله. وَكَانَ ذكر قبله حَدِيثا من حَدِيث ابْن وهب بِمثلِهِ، وَقَالَ فِيهِ: إنَّه صَحِيح عَلَى شَرط [الشَّيْخَيْنِ] إِن سلم من مُحَمَّد بن أَحْمد بن (أبي) عبيد الله، وَقد احتجا جَمِيعًا بِجَمِيعِ رُوَاته.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا فِي كِتَابه «عُلُوم الحَدِيث» عَن أبي (عَلّي) الْحُسَيْن بن عَلّي الْحَافِظ، ثَنَا أَبُو الطَّاهِر مُحَمَّد بن أَحْمد الْمدنِي، نَا حَرْمَلَة
…
فَذكره كَمَا تقدم إِلَّا أنَّ لَفظه: «رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ وَأخذ مَاء لأذنيه خلاف الَّذِي مسح بِهِ رَأسه» ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: هَذِه سنة غَرِيبَة تفرد بهَا أهل مصر وَلم يشركهم فِيهَا أحد.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» عَن شَيْخه الْحَاكِم، عَن أبي الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَبدُوس، عَن الدَّارمِيّ، عَن الْهَيْثَم بن خَارِجَة، عَن
عبد الله بن وهب قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن حبَان بن وَاسع الْأنْصَارِيّ أنَّ أَبَاهُ حَدثهُ أنَّه سمع عبد الله بن زيد يذكر:«أنَّه رَأَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ؛ فَأخذ لأذنيه مَاء خلاف الَّذِي أَخذ لرأسه» ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح.
قَالَ: وَكَذَلِكَ يرْوَى عَن عبد الْعَزِيز بن عمرَان بن مِقْلَاص وحرملة بن يَحْيَى، عَن ابْن وهب.
وَذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» أنَّه رَآهُ فِي رِوَايَة ابْن الْمُقْرِئ، عَن حَرْمَلَة، عَن ابْن وهب بِهَذَا الإِسناد، وَفِيه:«وَمسح رَأسه بِمَاء غير فضل يَدَيْهِ» لم يذكر الْأُذُنَيْنِ.
قلت: وَكَذَا رَأَيْته فِي صَحِيح ابْن حبَان فَقَالَ: أخبرنَا ابْن سلم، عَن حَرْمَلَة (بِهِ) وَهَذَا حَدِيث آخر لَا يقْدَح فِي (صِحَة الأول) فقد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» عَن الْحَاكِم وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن أبي (عَلّي) الْحُسَيْن بن عَلّي الْحَافِظ، عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي (عبيد الله) عَن عبد الْعَزِيز وحرملة، ثمَّ ذكره كَمَا سَاقه فِي «سنَنه» ثمَّ سَاقه عَن الْحَاكِم بالطريقة الْمُتَقَدّمَة الَّتِي نقلناها عَن «الْمُسْتَدْرك» ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي السَّادِس عشر من «الأمالي الْقَدِيمَة» من حَدِيث
الْهَيْثَم بن خَارِجَة كَمَا ذَكرْنَاهُ، فَثَبت بذلك صِحَة طَرِيقه إِلَى عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ.
تَنْبِيهَانِ:
أَحدهمَا: قَالَ الْحَافِظ عبد الْحق فِي «الْأَحْكَام» : وَقد ورد أَيْضا الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين من حَدِيث نمران بن جَارِيَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ إِسْنَاد ضَعِيف.
وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن الْقطَّان فَقَالَ: هَذَا الَّذِي قَالَه لَا يُوجد أصلا. قَالَ: وَلم يعزه إِلَى مَوضِع فنتحاكم إِلَيْهِ، وَأَحَادِيث نمران بن جَارِيَة، عَن أَبِيه جَارِيَة بن ظفر محصورة [مَعْرُوفَة] يَرْوِيهَا عَنهُ ابْن قُرَّان - يَعْنِي: بِضَم الْقَاف، وَتَشْديد الرَّاء الْمُهْملَة، وَآخره نون وَهُوَ ضَعِيف، وَهِي أَرْبَعَة أَو نَحْوهَا، وَقد ذكر مِنْهَا حَدِيث «الْقَضَاء للَّذي يَلِيهِ معاقد القُمُط» وَحَدِيث «العَبْد الَّذِي قطع يَد رجل، ثمَّ شج آخر» وَأرَاهُ اخْتَلَط عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي أنكرناه عَلَيْهِ، بِمَا رَوَى عَنهُ دهثم بن قرَان، عَن أَبِيه، عَن جَارِيَة بن ظفر، أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«خُذ للرأس مَاء جَدِيدا» وَهُوَ حَدِيث مَعْرُوف من جملَة مَا رَوَى عَنهُ، ذكره الْبَزَّار، وأمَّا الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين فَلَا وجود لَهُ فِي علمي؛ فابحث عَنهُ. انْتَهَى مَا ذكره ابْن الْقطَّان وَحَدِيث عبد الله بن زيد الَّذِي قدمْنَاهُ بأسانيده، لَا شكَّ فِي صِحَّته واتصاله وَهُوَ مغنٍ عَنهُ.
الثَّانِي: قَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين فِي «كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب»
بعد أَن أخرج حَدِيث عبد الله بن زيد الْمُتَقَدّم وَنقل عَن الْبَيْهَقِيّ تَصْحِيحه: وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الطَّهَارَة، عَن ابْن (خشرم) عَن ابْن وهب، وَقَالَ: حسن صَحِيح.
قلت: ذَاك حَدِيث آخر فِيهِ أنَّه أَخذ لرأسه مَاء جَدِيدا، وَالَّذِي أوردهُ عَن الْبَيْهَقِيّ إنَّما هُوَ فِي أَخذ المَاء للأذن، فَكيف يحسن ذَلِكَ مِنْهُ؟ ! وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ: ثَنَا عَلّي بن خشرم، نَا عبد الله بن وهب، نَا عَمْرو بن الْحَارِث، عَن حبَان بن وَاسع، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن زيد «أنَّه رَأَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ وأنَّه مسح رَأسه بِمَاء غير فضل يَدَيْهِ» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. قَالَ ذَلِكَ بعد أَن بوب: بَاب مَا جَاءَ أنَّه يَأْخُذ لرأسه مَاء جَدِيدا، فَتنبه لذَلِك.