الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَائِدَة: يجوز لَك فِي قِرَاءَة قَوْله عليه السلام لَا « (يقْرَأ» ) (كسر) الْهمزَة عَلَى النَّهْي، وَضمّهَا (عَلَى) الْخَبَر الَّذِي يُرَاد بِهِ النَّهْي، وهما صَحِيحَانِ.
الحَدِيث الثَّامِن
عَن عَلّي بن أبي طَالب رضي الله عنه (أَنه) قَالَ: «لم يكن يحجب النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْقُرْآن شَيْء سُوَى الْجَنَابَة» وَرُوِيَ «يحجزه» .
هَذَا الحَدِيث جيد رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار فِي «مسنديهما» ، وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» و (ابْن) الْجَارُود فِي «الْمُنْتَقَى» وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي «صَحِيحَيْهِمَا» ، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» وَالدَّارَقُطْنِيّ
وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» من رِوَايَة شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة - بِكَسْر اللَّام - قَالَ:«دَخَلنَا عَلَى عَلّي أَنا ورجلان: رجل منا، وَرجل من بني أَسد، أَحسب قَالَ: فبعثهما لِحَاجَتِهِ، وَقَالَ: إنَّكُمَا عِلْجَانِ، فعالجا عَن دينكما. ثمَّ دخل الْمخْرج، ثمَّ خرج فَدَعَا بِمَاء فَأخذ مِنْهُ حفْنَة فتمسح بهَا، ثمَّ جعل يقْرَأ الْقُرْآن فأنكروا ذَلِك، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يخرج من الْخَلَاء (فيقرئنا) الْقُرْآن وَيَأْكُل مَعنا (اللَّحْم) وَلم يكن يَحْجُبهُ - أَو قَالَ: يحجزه - عَن الْقُرْآن شَيْء لَيْسَ الْجَنَابَة» هَذَا لفظ أبي دَاوُد، وَلَفظ ابْن مَاجَه: «كَانَ يَأْتِي الْخَلَاء فَيَقْضِي (الْحَاجة) ثمَّ يخرج فيأكل مَعنا الْخبز وَاللَّحم، وَيقْرَأ الْقُرْآن لَا
يَحْجُبهُ - وَرُبمَا قَالَ: لَا يحجزه - عَن الْقُرْآن شَيْء إِلَّا الْجَنَابَة» وَلَفظ النَّسَائِيّ: «كَانَ يخرج من الْخَلَاء فَيقْرَأ الْقُرْآن وَيَأْكُل مَعنا اللَّحْم، وَلم يكن يَحْجُبهُ من الْقُرْآن شَيْء لَيْسَ الْجَنَابَة» . وَفِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث الْأَعْمَش، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة، عَن عَلّي:«كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْرَأ الْقُرْآن عَلَى كل حَال، إِلَّا الْجَنَابَة» وَلَفظ الْبَزَّار كهذين اللَّفْظَيْنِ، وَلَفظ التِّرْمِذِيّ:«كَانَ يقرئنا الْقُرْآن عَلَى كل حَال مَا لم يكن جنبا» وَلَفظ أَحْمد: «أتيت (عَلَى) عَلّي أَنا ورجلان، فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقْضِي حَاجته ثمَّ يخرج فَيقْرَأ الْقُرْآن وَيَأْكُل (مَعنا) اللَّحْم وَلَا يحجزه - وَرُبمَا قَالَ: يَحْجُبهُ - من الْقُرْآن شَيْء، لَيْسَ الْجَنَابَة» وَلَفظ ابْن حبَان: «كَانَ لَا يَحْجُبهُ عَن قِرَاءَة الْقُرْآن شَيْء مَا خلا الْجَنَابَة» وَفِي رِوَايَة لَهُ «لم يكن يَحْجُبهُ من قِرَاءَة الْقُرْآن شَيْء إِلَّا أَن يكون جنبا» وَلَفظ الْحَاكِم: «سُوَى الْجَنَابَة - أَو إِلَّا الْجَنَابَة» وَلَفظ الدَّارَقُطْنِيّ: «كَانَ لَا يَحْجُبهُ عَن قِرَاءَة الْقُرْآن شَيْء إِلَّا أَن يكون جنبا» وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ بِنَحْوِهِ، وَذكره فِي «خلافياته» من طَرِيق أبي دَاوُد وَالْحَاكِم. قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَبِه قَالَ غير وَاحِد من الصَّحَابَة
وَالتَّابِعِينَ، قَالُوا: يقْرَأ الرجل الْقُرْآن عَلَى غير وضوء، وَلَا يقْرَأ فِي الْمُصحف إِلَّا وَهُوَ طَاهِر. وَبِه يَقُول سُفْيَان الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق.
قلت: وَصَححهُ أَيْضا أَبُو حَاتِم بن حبَان، فَإِنَّهُ أخرجه فِي «صَحِيحه» كَمَا أسلفناه، وَقَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» : هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. قَالَ: والشيخان لم يحْتَجَّا بِعَبْد الله بن سَلمَة، ومدار الحَدِيث عَلَيْهِ. قَالَ: وَعبد الله بن سَلمَة غير مطعون فِيهِ. و (أقره) الْبَيْهَقِيّ عَلَى ذَلِك فِي «خلافياته» وَذكره ابْن السكن (أَيْضا) فِي «سنَنه الصِّحَاح المأثورة» ، وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : وَأخرجه الْحَافِظ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» وَقَالَ: سَمِعت أَحْمد بن الْمِقْدَام الْعجلِيّ يَقُول: ثَنَا (سعيد) بن الرّبيع، عَن شُعْبَة (بِهَذَا الحَدِيث) قَالَ شُعْبَة: هَذَا ثلث رَأس مَالِي. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (قَالَ سُفْيَان) : مَا أحدث بِحَدِيث أحسن مِنْهُ. وَقَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : إِنَّه حَدِيث صَحِيح. ثمَّ نقل عَن ابْن صَخْر أَنه قَالَ فِي «فَوَائده» : إِنَّه حَدِيث مَشْهُور. وَقَالَ الْبَزَّار: إِنَّه لَا يرْوَى عَن عَلّي إِلَّا من حَدِيث عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة.
قلت: قد رَوَاهُ الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة، عَن أبي البخْترِي، عَن
عَلّي، وَقيل: عَن عَمْرو بن مرّة عَن عَلّي مَوْقُوفا مُرْسلا، ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» (ثمَّ) قَالَ: القَوْل قَول من قَالَ: عَن عَمْرو بن (مرّة) عَن (عبد الله) بن سَلمَة، عَن عَلّي. وَحَكَى البُخَارِيّ عَن عَمْرو بن مرّة (قَالَ) : كَانَ عبد الله بن سَلمَة يحدثنا فنعرف وننكر، وَكَانَ قد كبر لَا يُتَابع فِي حَدِيثه. وَقَالَ ابْن الْجَارُود - بَعْدَمَا أخرجه -: قَالَ يَحْيَى بن سعيد: وَكَانَ شُعْبَة يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث: نَعْرِف وننكر - يَعْنِي: عبد الله بن سَلمَة - كَانَ (كبر حَيْثُ) أدْركهُ عَمْرو. وَرَوَى هَذَا الحَدِيث الإِمَام الشَّافِعِي فِي «سنَن حَرْمَلَة» ، ثمَّ قَالَ: إِن كَانَ ثَابتا فَفِيهِ دلَالَة عَلَى تَحْرِيم الْقُرْآن عَلَى الْجنب. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ الشَّافِعِي فِي جماع كتاب الطّهُور وَقَالَ: وَإِن لم يكن أهل الحَدِيث يثبتونه. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» : إِنَّمَا توقف الشَّافِعِي فِي ثُبُوته؛ لِأَن مَدَاره عَلَى عبد الله بن سَلمَة، وَكَانَ قد كبر وَأنكر من (عقله وَفِي حَدِيثه) بعض (النكرَة) وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الحَدِيث بَعْدَمَا كبر، قَالَه شُعْبَة. ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَصَحَّ عَن عمر أَنه كره الْقُرْآن للْجنب. ثمَّ سَاقه كَمَا أسلفناه،
وَذكر الْخطابِيّ أَن أَحْمد بن حَنْبَل كَانَ يوهن حَدِيث عَلّي هَذَا، ويضعف أَمر عبد الله بن سَلمَة. وَذكر شَيخنَا فتح الدَّين الْيَعْمرِي فِي «شَرحه لِلتِّرْمِذِي» عَن الإِمَام أَحْمد أَنه قَالَ: لم يرو هَذَا الحَدِيث (أحد) عَن عَمْرو غير شُعْبَة. ثمَّ ناقشه فِي ذَلِك فَقَالَ: ذكر ابْن عدي أَنه رَوَاهُ عَن عَمْرو: الْأَعْمَش، وَشعْبَة، ومسعر، وَابْن أبي لَيْلَى، وَيَحْيَى بن سعيد، ورقبة أَو بَقِيَّة؛ لست (أَدْرِي)(أَيهمَا) هُوَ.
قلت: وَأَبَان بن تغلب أَيْضا فِيمَا ذكره الْخَطِيب فِي (كِتَابه)«موضح أَوْهَام الْجمع والتفريق» وَمن خطه نقلت، ثمَّ قَالَ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب من حَدِيث أبان بن تغلب، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الله بن سَلمَة، عَن عَلّي، تفرد بِهِ أَبُو عبد الله (الْجعْفِيّ) وَهُوَ مُعلى بن هِلَال عَنهُ.
قلت: وَأَبَان صَدُوق (و) شيعي غال، وَمعلى وَضاع هَالك. وَاعْترض من الْمُتَأَخِّرين: النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» عَلَى التِّرْمِذِيّ؛ فَقَالَ: إِن غَيره من الْحفاظ الْمُحَقِّقين قَالُوا: إِنَّه حَدِيث ضَعِيف. وَقَالَ فِي «خلاصته» : خَالف التِّرْمِذِيّ (الْأَكْثَرُونَ) فضعفوه.
قلت: لَا قدح فِي إِسْنَاده إِلَّا من جِهَة عبد الله بن سَلمَة (فَإِن) مَا عداهُ من رجال إِسْنَاده مُتَّفق عَلَى الِاحْتِجَاج (بِهِ) وَقد أسلفنا مَا حَكَاهُ البُخَارِيّ فِيهِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ أَيْضا: يُعرف ويُنكر. وَلَكِن قدمنَا عَن الْحَاكِم أَنه قَالَ فِيهِ إِنَّه غير مطعون فِيهِ. وَقَالَ الْعجلِيّ: ثِقَة. وَقَالَ ابْن عدي: أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ. وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَأخرج لَهُ مُسلم 4 فَهُوَ عَلَى شرطهم، وَقَول من قَالَ فِيهِ: يعرف وينكر، لَيْسَ فِيهِ كَبِير جرح، وَإِن أوردهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «ضُعَفَائِهِ» بِسَبَب هَذِه المقولة فِيهِ، وَلم ينْفَرد التِّرْمِذِيّ بِتَصْحِيحِهِ؛ بل تَابعه عَلَيْهِ جماعات كَمَا (أسلفناه) وَحَدِيث ابْن عمر السالف قبل هَذَا يشْهد لَهُ، وَكَذَا أثر عمر أَيْضا السالف، وَكَذَا أثر عَلّي «اقْرَءُوا الْقُرْآن مالم يصب أحدكُم جَنَابَة، فَإِن أَصَابَته فَلَا وَلَا حرفا وَاحِدًا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: صَحِيح عَنهُ. وَرَوَاهُ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» من حَدِيث أبي إِسْحَاق عَنهُ مَرْفُوعا: «لَا يقْرَأ الْجنب من الْقُرْآن وَلَا حرفا» ثمَّ قَالَ: أَبُو إِسْحَاق رَأَى عليًّا. وَلم يزدْ عَلَى ذَلِك، وَكَذَا قصَّة عبد الله بن رَوَاحَة فِي «الدَّارَقُطْنِيّ» وَغَيره (من) حَدِيث زَمعَة عَن سَلمَة بن وهرام، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : وَوَصله لَيْسَ بِالْقَوِيّ.