الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ
عَن الرُّبَيِّع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها قَالَت: «مسح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأسه مرَّتَيْنِ» .
هَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَنْهَا من طرق، باخْتلَاف أَلْفَاظ.
فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد، نَا بشر بن الْمفضل، نَا عبد الله بن مُحَمَّد (بن) عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء، قَالَت: «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يأتينا (فحدثتنا) أنَّه قَالَ: «اسكبي لي وضُوءًا
…
» فَذكرت وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَت فِيهِ: «فَغسل كفيه ثَلَاثًا، ووضَّأ وَجهه ثَلَاثًا، ومضمض واستنشق مرّة، ووضَّأ (يَدَيْهِ) ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح (بِرَأْسِهِ) مرَّتَيْنِ يبْدَأ بمؤخر رَأسه ثمَّ بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما، ووضَّأ رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: « (تمضمض واستنثر) ثَلَاثًا» .
وَفِي رِوَايَة: «فَمسح الرَّأس كُله من قرن الشَّعر كل نَاحيَة لِمُنْصَبِّ الشّعْر لَا يُحَرك الشّعْر عَن هَيئته» .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة، ثَنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرُّبيع بنت معوذ بن عفراء «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مسح بِرَأْسِهِ مرَّتَيْنِ بَدَأَ بمؤخر رَأسه ثمَّ بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما» قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد قَالَا: ثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء قَالَت:«تَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمسح رَأسه مرَّتَيْنِ» .
وَرَوَاهُ الإِمام أَحْمد من هَذَا الْوَجْه مطولا، وَفِيه:«وَمسح رَأسه بِمَا بَقِي من وضوئِهِ فِي يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ، بَدَأَ بمؤخره ثمَّ (رَدَّ) يَده عَلَى ناصيته» هَذِه الرِّوَايَات كلهَا عَن الرّبيع بنت معوذ مُوَافقَة لما أوردهُ المُصَنّف.
وَقد رُوِيَ عَنْهَا «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مسح رَأسه مرّة وَاحِدَة» فروَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن قُتَيْبَة بن سعيد، عَن بكر بن مُضر، عَن ابْن عجلَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَنْهَا أنَّها أخْبرته قَالَت:«رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ قَالَت: فَمسح رَأسه وَمسح مَا أقبل مِنْهُ وَمَا أدبر وصدغيه وَأُذُنَيْهِ مرّة وَاحِدَة» .
قَالَ ابْن عَسَاكِر: وجدت فِي نُسْخَة من طَرِيق اللؤْلُؤِي: عَن ابْن عقيل، عَن أَبِيه، عَن ربيع وَهُوَ وهم.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه الإِمام أَحْمد أَيْضا.
وَرُوِيَ عَنْهَا مَا إِطْلَاقه يَقْتَضِي مسح الرَّأْس ثَلَاثًا.
فروَى ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء:«أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» .
والرُبَيِّع: بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء وَكسر الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت، ومُعَوِّذ: بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين وَكسر الْوَاو الْمُشَدّدَة بعْدهَا ذال مُعْجمَة، وَحَكَى صَاحب «الْمطَالع» فتح الْوَاو وَكسرهَا، وَعَن بَعضهم أنَّه لَا يُجِيز الْكسر، وعفراء: بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْفَاء، وَهِي الرّبيع بنت معوذ بن الْحَارِث الْأَنْصَارِيَّة، من المبايعات تَحت الشَّجَرَة بيعَة الرضْوَان.
فصل
اعْلَم أنَّ مدَار هَذَا الحَدِيث بِطرقِهِ عَلَى عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل - وَقد أَثْنَى عَلَيْهِ قوم وَتكلم فِيهِ آخَرُونَ - فلنذكر فِي هَذَا الْموضع مقالات الْحفاظ فِيهِ ليحال مَا يَقع بعده عَلَيْهِ، فَنَقُول: هُوَ (عبد الله بن مُحَمَّد) بن عقيل بن أبي طَالب أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي الْهَاشِمِي التَّابِعِيّ، رَوَى عَن جماعات من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَرَوَى عَنهُ الْأَئِمَّة.
قَالَ الْحَاكِم: كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق يحتجان بحَديثه، وَلَيْسَ بالمتين عِنْدهم.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد: كَانَ كثير الْعلم، وَكَانَ مُنكر الحَدِيث لَا يحْتَج بحَديثه.
وَقَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: هُوَ ضَعِيف الحَدِيث.
وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: ضَعِيف. وَضَعفه أَيْضا: ابْن عُيَيْنَة وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة وَابْن خُزَيْمَة.
وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ رَدِيء الْحِفْظ، يحدث عَلَى التَّوَهُّم فَيَجِيء بالْخبر عَلَى غير سنَنه، فلمَّا كثر ذَلِكَ فِي أخباره وَجب مجانبتها والاحتجاج بغَيْرهَا.
وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي «التَّذْكِرَة» : هُوَ ضَعِيف جدًّا.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هُوَ صَدُوق، وَقد تكلم فِيهِ بعض أهل الْعلم من قبل حفظه. قَالَ: وَسمعت البُخَارِيّ يَقُول: كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم والْحميدِي يحتجون بحَديثه. قَالَ البُخَارِيّ: وَهُوَ مقارب الحَدِيث - يَعْنِي: بِكَسْر الرَّاء، وَرُوِيَ بِفَتْحِهَا، وَهُوَ (مَحْمُول) عِنْدهم عَلَى مقاربة الصِّحَّة.
قَالَ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي «شرح التِّرْمِذِيّ» : رُوِيَ مقارب - بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا - وَبِفَتْحِهَا قرأته؛ فَمن فتح أَرَادَ أَن غَيره يُقَارِبه فِي
الْحِفْظ، وَمن كسر أَرَادَ (أَنه) يُقَارب غَيره، فَهُوَ فِي الأوَّل مفعول، وَفِي الثَّانِي فَاعل، وَالْمعْنَى وَاحِد.
قلت: فكلاهما تَوْثِيق لَهُ لَكِن (الْفَتْح) أشدّ توثيقًا.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» : هُوَ مُسْتَقِيم فِي الحَدِيث مقدم فِي الشّرف. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي بَاب لَا يتَطَهَّر بِالْمُسْتَعْملِ: أهل الْعلم (مُخْتَلفُونَ) فِي (جَوَاز) الِاحْتِجَاج بِرِوَايَاتِهِ. وَقَالَ فِي بَاب الدَّلِيل عَلَى أنَّه يَأْخُذ لكلّ عُضْو مَاء جَدِيدا: لم يكن بِالْحَافِظِ. وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: شرِيف عَالم لَا يطعن عَلَيْهِ إِلَّا مُتَحَامِل، وَهُوَ أَقْوَى من كلِّ من ضعفه وَأفضل.
قلت: وَالتِّرْمِذِيّ - كَمَا نرَى - تَارَة يحسن حَدِيثه وَتارَة يُصَحِّحهُ، كَمَا تقدم.
وَقد ذكر لَهُ أَيْضا حَدِيثا فِي (أَبْوَاب) الْفَرَائِض و (حكم) عَلَيْهِ بالْحسنِ وَالصِّحَّة. وَذكر لَهُ حَدِيث حمْنَة فِي الِاسْتِحَاضَة وَفعل فِيهِ كَمَا فعل فِي هَذَا.