الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإسْنَاد الأوَّل صَحِيح، وَالثَّانِي فِي حسنه وَقْفَة؛ لعنعنة الْوَلِيد، وَقد عرف تدليسه وتسويته.
قَالَ النَّووي فِي «كَلَامه عَلَى أبي دَاوُد» فِي الأوَّل: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح كلّ رِجَاله فِي الصَّحِيح مَشْهُور إِلَّا ربيعَة بن عتبَة الْكِنَانِي وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين وَلم يجرحه غَيره. فَالْحَدِيث صَحِيح.
كَذَا قَالَ النَّووي، وادَّعى ابْن الْقطَّان أَن البُخَارِيّ أخرج لِرَبِيعَة هَذَا، وَهُوَ غلط مِنْهُ؛ بل لم يخرج لَهُ أحد من «الْكتب السِّتَّة» غير أبي دَاوُد. قَالَ: وَلَا أعلم لَهُ عِلّة إِلَّا الْمنْهَال؛ فَإِن ابْن حزم قد قَالَ فِيهِ: لَا يقبل فِي باقة بقل. قَالَ: وَالرجل قد وَثَّقَهُ جماعات: ابْن معِين وَغَيره. فَافْهَم مَا قَرَّرْنَاهُ لَك أيَّها النَّاظر فِي هَذَا الْموضع؛ فَإِنَّهُ مُهِمّ يرحل إِلَيْهِ، جعل الله ذَلِكَ خَالِصا لوجهه بِمُحَمد وَآله.
الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
عَن عُثْمَان رضي الله عنه: «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يخلّل لحيته» .
هَذَا الحَدِيث حسن.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه بِهَذَا اللَّفْظ من حَدِيث إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق، عَن أبي وَائِل، عَن عُثْمَان. وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» من هَذِه الطَّرِيق، وَلَفظه: عَن أبي وَائِل قَالَ: «رَأَيْت عُثْمَان رضي الله عنه تَوَضَّأ فخلل لحيته ثَلَاثًا، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله
«فعله) » .
وَرَوَاهُ (الدَّارمِيّ) فِي «مُسْنده» وَلَفظه: عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ: «رَأَيْت عُثْمَان تَوَضَّأ (فخلل لحيته، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ) .
وَرَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار والدَّارقطني، وَصَححهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» من رِوَايَة إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق [عَن شَقِيق] بن سَلمَة قَالَ:«رَأَيْت عُثْمَان تَوَضَّأ فَغسل وَجهه واستنشق ومضمض ثَلَاثًا وَمسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما، وخلل لحيته ثَلَاثًا حِين غسل وَجهه قبل أَن يغسل قَدَمَيْهِ، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يفعل الَّذِي رَأَيْتُمُونِي» .
(وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة أَيْضا فِي «صَحِيحه» وَلَفظه كَمَا تقدم) فِي طرق الحَدِيث الَّذِي قبله، قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» : هَذَا حَدِيث
حسن صَحِيح. قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل - يَعْنِي: البُخَارِيّ -: أصح شَيْء فِي هَذَا الْبَاب هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: بَلغنِي عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ أنَّه سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: هُوَ حسن. وَقَالَ الْبَزَّار: هَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ (يرْوَى) عَن عُثْمَان إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الإِسناد. وَقَالَ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» : قد اتّفق الشَّيْخَانِ - يَعْنِي: البُخَارِيّ و (مُسلما) - عَلَى إِخْرَاج طرق حَدِيث عُثْمَان فِي ذكر وضوئِهِ، وَلم يذكرَا فِي روايتهما تَخْلِيل اللِّحْيَة [ثَلَاثًا] وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح قد احتجا بِجَمِيعِ رُوَاته غير عَامر بن شَقِيق، وَلَا أعلم فِي عَامر بن شَقِيق طَعنا بِوَجْه من الْوُجُوه.
قَالَ: وَله فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة شَاهد صَحِيح عَن عمار بن يَاسر وَأنس بن مَالك وَعَائِشَة. أمَّا حَدِيث عمار، فَرَوَاهُ عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن حسان بن (بِلَال)«أنَّه رَأَى عمار بن يَاسر يتَوَضَّأ فخلل (لحيته، وَقَالَ) : وَمَا يَمْنعنِي وَقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته» .
قلت: عبد الْكَرِيم هَذَا هُوَ أَبُو أُميَّة بن أبي الْمخَارِق، كَمَا أخرجه التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ أحد الضُّعَفَاء، وَلم يسمعهُ من حسان. قَالَه
ابْن عُيَيْنَة وَالْبُخَارِيّ، فَأَيْنَ الصِّحَّة؟ نعم أخرجه ابْن مَاجَه، وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن حسان. وَادَّعَى ابْن حزم جَهَالَة حسان هَذَا، وَقد رَوَى عَنهُ جمَاعَة، وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: ثِقَة. ثمَّ قَالَ ابْن حزم: لَا يعرف لحسان لِقَاء لعمَّار.
قلت: هَذَا عَجِيب؛ فَفِي التِّرْمِذِيّ عَن حسان قَالَ: «رَأَيْت عمار بن يَاسر
…
» فَذكر الحَدِيث، وَفِي الطَّبَرَانِيّ نَحوه فاستفده.
وأمَّا حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَنهُ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ وخلل لحيته بأصابعه من تحتهَا» وَإِسْنَاده صَحِيح كَمَا قَالَه ابْن الْقطَّان فِي «علله» .
وَرَوَاهُ [مُوسَى بن أبي] عَائِشَة، عَن أنس قَالَ:«رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ وخلل لحيته وَقَالَ: بِهَذَا أَمرنِي ربّي» .
وأمَّا حَدِيث عَائِشَة؛ فَرَوَاهُ طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز عَنْهَا قَالَت: «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا تَوَضَّأ خلل [لحيته] » .
قلت: وَله أَيْضا شَاهد من حَدِيث أمّ سَلمَة وَأبي أَيُّوب وَأبي أُمَامَة وَابْن عمر وَجَابِر وَعلي بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَجَرِير وَابْن أبي أَوْفَى وَغَيرهم رضي الله عنهم.
أمَّا حَدِيث أمِّ سَلمَة، فَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» وَلم يذكرَا لَفظه.
وأمَّا حَدِيث أبي أَيُّوب؛ فَرَوَاهُ ابْن مَاجَه والعقيلي من حَدِيث أبي سُورَة عَنهُ قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ فخلل لحيته» .
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَالتِّرْمِذِيّ فِي «علله» وَلَفْظهمَا: «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا تَوَضَّأ، تمضمض ومسَّ لحيته بِالْمَاءِ من تحتهَا» ، ثمَّ قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لَا شَيْء. فَقلت: أَبُو سُورَة مَا اسْمه؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا يصنع بِهِ، عِنْده مَنَاكِير، لَا يعرف لَهُ سَماع من أبي أَيُّوب. انْتَهَى.
وَأَبُو سُورَة هَذَا هُوَ ابْن أخي أبي أَيُّوب. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَجْهُول. وَوَثَّقَهُ ابْن حبَان.
وأمَّا حَدِيث أبي أُمَامَة؛ فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي «مُصَنفه» نَا زيد بن الْحباب، عَن عمر بن سليم الْبَاهِلِيّ، قَالَ: حَدَّثَني أَبُو غَالب قَالَ: «قلت لأبي أُمَامَة: أخبرنَا عَن وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأ ثَلَاثًا وخلل لحيته، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل» .
زيد بن الْحباب احْتج بِهِ مُسلم ووثق، وَعمر بن سليم الْبَاهِلِيّ سُئِلَ
أَبُو زرْعَة عَنهُ فَقَالَ: صَدُوق. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: شيخ.
وَأَبُو غَالب اخْتلف فِي اسْمه؛ فَقيل: حَزَوَّر - بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي الْمُعْجَمَة مَعًا، وَتَشْديد الْوَاو الْمَفْتُوحَة وَآخره رَاء مُهْملَة - وَقيل: سعيد. وَهُوَ صَالح الحَدِيث. وَقد صحّح التِّرْمِذِيّ حَدِيثه. فإسناد هَذَا الطَّرِيق حسن.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي «أكبر معاجمه» عَن عبيد بن غَنَّام، نَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة. و (عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى الْمروزِي) نَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْهَرَوِيّ، قَالَا: نَا زيد بن الْحباب فَذكره.
وأمَّا حَدِيث ابْن عمر؛ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أَوسط معاجمه» من حَدِيث مؤمَّل بن إِسْمَاعِيل، نَا عبد الله بن عمر الْعمريّ، عَن نَافِع عَنهُ «أنَّه كَانَ إِذا تَوَضَّأ خلل لحيته وأصابع رجلَيْهِ، وَيَزْعُم أنَّه رَأَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يفعل ذَلِكَ» ثمَّ قَالَ: لم يرو هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن عمر إِلَّا مُؤَمل.
قلت: قَالَ أَبُو حَاتِم فِي مُؤَمل: إنَّه صَدُوق، شَدِيد فِي السّنة، كثير الْخَطَأ.
وَرَوَاهُ الْخلال مَوْقُوفا عَلَى ابْن عمر «أنَّه كَانَ إِذا تَوَضَّأ خلل لحيته» قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد المخرمي: قَالَ أَحْمد: لَيْسَ فِي التَّخْلِيل
أصحّ من هَذَا. وَسَيَأْتِي لحَدِيث ابْن عمر طَريقَة أُخْرَى بعد هَذَا - إِن شَاءَ الله.
وأمَّا حَدِيث جَابر؛ فَذكره الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» من رِوَايَة الْحسن عَنهُ، وَمن طَرِيق لَا يعول عَلَيْهَا: قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ فخلل لحيته كأنَّها أَنْيَاب مشط» .
وأمَّا حَدِيث عَلّي؛ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ - فِيمَا انتقاه أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه عَلَيْهِ، فِيمَا انتقاه هُوَ عَن أهل الْبَصْرَة - من حَدِيث أبي البخْترِي الطَّائِي قَالَ:«رَأَيْت عليًّا يخلل لحيته إِذا تَوَضَّأ وَيَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل» .
وأمَّا حَدِيث ابْن عَبَّاس؛ فَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي تَرْجَمَة نَافِع مولَى يُوسُف السّلمِيّ قَالَ: رُوِيَ عَن ابْن سِيرِين، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتَطَهَّر ثمَّ يخلل لحيته وَيَقُول: بِهَذَا أَمرنِي ربّي» .
قَالَ: وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ بِهَذَا الإِسناد. وَالرِّوَايَة فِي هَذَا الْبَاب فِيهَا (لين) .
قَالَ البُخَارِيّ: وَنَافِع مُنكر الحَدِيث.
وأمَّا حَدِيث جرير؛ فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي «كَامِله» من طَرِيق ياسين الزيات عَن ربعي بن حِراش عَنهُ مَرْفُوعا، ثمَّ قَالَ: ياسين مَتْرُوك.
وَأما حَدِيث ابْن أبي أَوْفَى؛ فَأَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ وَهُوَ مَوْجُود فِي
نُسْخَة أبي أَيُّوب سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ، عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، نَا فائد عَنهُ «أَنه رَأَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ» وَفِيه:«فَمسح رَأسه وَاحِدَة، ويخلل لحيته بأصابعه ثَلَاثًا» .
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد فِي كتاب «الطّهُور» عَن مَرْوَان أَيْضا عَن أبي الورقاء الْعَبْدي، عَن عبد الله بن أبي أَوْفَى «أَنه تَوَضَّأ (فخلل) لحيته فِي غسل وَجهه ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هَكَذَا» .
فَهَذَا اثْنَا عشر شَاهدا لحَدِيث عُثْمَان رضي الله عنه فَكيف لَا يكون صَحِيحا وَالْأَئِمَّة قد صححوه: التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه» وَإِمَام الْأَئِمَّة مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة و (أَبُو حَاتِم) بن حبَان فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَالدَّارَقُطْنِيّ كَمَا تقدم عَنهُ، وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «مُسْتَدْركه» وَالشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح، وَشهد لَهُ إِمَام هَذَا الْفَنّ أَبُو عبد الله البُخَارِيّ بأنَّه حَدِيث حسن وبأنَّه أصحّ (حَدِيث) فِي الْبَاب، فلعلَّ مَا نَقله ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه من قَوْله: إنَّه لَا يثبت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة حَدِيث. وَمن قَول الإِمام أَحْمد حَيْثُ سَأَلَهُ ابْنه: لَا يَصح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة شَيْء (أَن يكون) المُرَاد بذلك غير حَدِيث عُثْمَان.
وَقد قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمام» : ذكر عَن أبي دَاوُد أنَّه قَالَ: قَالَ أَحْمد: تَخْلِيل اللِّحْيَة قد رُوِيَ فِيهِ أَحَادِيث لَيْسَ يثبت فِيهِ حَدِيث وَأحسن شَيْء فِيهِ حَدِيث شَقِيق عَن عُثْمَان «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ فخلل