الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّالِث:
عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: «مَا من عبد يَقُول حِين يتَوَضَّأ: بِسم الله، ثمَّ يَقُول لكل عُضْو: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. ثمَّ يَقُول حِين يفرغ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين. إِلَّا فتحت لَهُ ثَمَانِيَة أَبْوَاب (من) الْجنَّة يدْخل من أَيهَا شَاءَ؛ فَإِن قَامَ من فوره ذَلِك فَصَلى رَكْعَتَيْنِ يقْرَأ فيهمَا وَيعلم مَا يَقُول انْفَتَلَ من صلَاته كَيَوْم وَلدته أمه، ثمَّ يُقَال لَهُ: اسْتَأْنف الْعَمَل» .
أخرجه المستغفري - كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» ثمَّ رَأَيْته بعد فِيهِ - عَن أبي الْعَبَّاس جَعْفَر بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ، عَن أبي بكر مُحَمَّد بن حَامِد بن حَفْص البيكندي، عَن أبي مُحَمَّد إِسْحَاق بن حَمْزَة بن يُوسُف بن فروخ، عَن عِيسَى بن مُوسَى غُنْجَار، عَن أبي حَمْزَة عبد الله بن مُسلم، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن الْبَراء. ثمَّ قَالَ المستغفري: حَدِيث حسن غَرِيب.
الحَدِيث الرَّابِع:
عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ: «أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِوضُوء فَتَوَضَّأ فَسَمعته يَدْعُو يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي، ووسع لي فِي دَاري، وَبَارك لي فِي رِزْقِي. فَقلت: يَا نَبِي الله، لقد سَمِعتك تَدْعُو بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: وَهل تراهن تركن من شَيْء» .
رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَصَاحبه ابْن السّني فِي كِتَابَيْهِمَا «عمل الْيَوْم
وَاللَّيْلَة» قَالَ النَّوَوِيّ فِي «الْأَذْكَار» : وَإِسْنَاده صَحِيح. وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِن رِجَاله رجال الصَّحِيح خلا عباد بن عباد بن عَلْقَمَة، وَهُوَ ثِقَة كَمَا قَالَه أَبُو دَاوُد وَيَحْيَى بن معِين، وَذكره أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «ثقاته» .
وَهَذَا الذّكر يحْتَمل أَن يكون قَالَه (بَين) ظهراني وضوئِهِ أَو بعده، وَقد بوّب الْحفاظ (لَهُ) عَلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا.
وَفِي «المعجم الصَّغِير للطبراني» من حَدِيث عَلّي بن ثَابت، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُرَيْرَة، إِذا تَوَضَّأت فَقل: بِسم الله وَالْحَمْد لله؛ فَإِن حفظتك لَا تستريح، تكْتب لَك الْحَسَنَات حَتَّى تحدث من ذَلِك الْوضُوء» .
قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يروه عَن عَلّي بن ثَابت أخي [عزْرَة] بن ثَابت إِلَّا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ تفرد بِهِ عَمْرو بن أبي سَلمَة.
وَفِي «التَّلْخِيص» لِلْحَافِظِ أبي بكر الْخَطِيب، عَن أنس بن مَالك قَالَ:«من قَرَأَ «قل هُوَ الله أحد» مِائَتي مرّة عَلَى وضوئِهِ فِيمَا بَينه وَبَين
نَفسه، يعلم قلبه أَن الَّذِي يَقُوله حق، وَيبدأ بِفَاتِحَة الْكتاب يغْفر لَهُ ذَنْب خمسين سنة، إِلَّا الدِّمَاء وَالْأَمْوَال، وَيرْفَع لَهُ من عمله يَوْمئِذٍ عمل الصّديق، وَله بِكُل مرّة مِنْهَا بَيت فِي الْجنَّة (عرضه) فَرسَخ وَطوله فِي السَّمَاء ميل» .
فَهَذِهِ أَحَادِيث وَارِدَة عَن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَعْضهَا ضَعِيف، وَبَعضهَا شهد لَهُ بالْحسنِ المستغفري، وَبَعضهَا لَا أعلم بِهِ بَأْسا، فَكيف يَقُول الشَّيْخ محيي الدَّين رحمه الله لَا أصل لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَقد أَتَى بِعِبَارَة فِي كتاب «الْأَذْكَار» يزِيد فِي الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ فَقَالَ: الدُّعَاء الْوَارِد عَلَى أَعْضَاء الْوضُوء لم يَجِيء فِيهِ شَيْء عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد قَالَ الْفُقَهَاء: (يسْتَحبّ) فِيهِ دعوات جَاءَت عَن السّلف. هَذَا لَفظه بِحُرُوفِهِ - سامحنا الله وإياه - وَقد نَص الْعلمَاء رضي الله عنهم عَلَى أَنه يتَسَامَح فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي فَضَائِل الْأَعْمَال. ذكر الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي كِتَابه «الْمُسْتَدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» فِي أول كتاب الدُّعَاء بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ: إِذا روينَا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَالْأَحْكَام شددنا فِي الْأَسَانِيد وانتقدنا الرِّجَال، وَإِذا روينَا فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب والمباحات والدعوات تساهلنا فِي الْأَسَانِيد.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصّلاح: نقاد أهل الحَدِيث يتسامحون فِي أَسَانِيد الرغائب والفضائل. وَالْعجب أَن النَّوَوِيّ مِمَّن نقل ذَلِك عَن
الْعلمَاء؛ فَقَالَ فِي كتاب «الْأَذْكَار» - وَغَيره من كتبه -: قَالَ الْعلمَاء من الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء وَغَيرهم: يجوز وَيسْتَحب الْعَمَل فِي الْفَضَائِل وَالتَّرْغِيب والترهيب بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف مَا لم يكن مَوْضُوعا، وَأما الْأَحْكَام كالحلال وَالْحرَام وَالْبيع وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَغير ذَلِك؛ فَلَا يعْمل فِيهَا إِلَّا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح أَو الْحسن إِلَّا أَن يكون فِي الِاحْتِيَاط شَيْء من ذَلِك، كَمَا إِذا ورد حَدِيث ضَعِيف بِكَرَاهَة بعض الْبيُوع أَو الْأَنْكِحَة؛ فَإِن الْمُسْتَحبّ أَن يتنزه عَنهُ و (لَكِن) لَا يجب.
هَذَا لَفظه برمتِهِ فِي كِتَابه الْأَذْكَار، وَيُمكن أَن يُجَاب عَن كَلَامه الْمُتَقَدّم بِأَن هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي أوردناها غَرِيبَة عزيزة فِي خبايا وزوايا، وَلَيْسَت فِي كتب السّنَن وَالْمَسَانِيد الْمَشْهُورَة؛ فلأجل ذَلِك قَالَ مَا قَالَ، رحمنا الله وإياه.
(الخاتمة) الثَّانِيَة: قَالَ الرَّافِعِيّ رحمه الله وَمن المندوبات أَن يَقُول بعد الْوضُوء مُسْتَقْبل الْقبْلَة أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك. انْتَهَى كَلَام الرَّافِعِيّ.
وَهَذَا الدُّعَاء وَارِد فِي عدَّة أَحَادِيث مَعَ زِيَادَة:
(أَحدهَا) : رَوَى مُسلم عَن مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون، ثَنَا عبد
الرَّحْمَن بن مهْدي، نَا (مُعَاوِيَة) بن صَالح، عَن ربيعَة (يَعْنِي) بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: وحدَّثَني أَبُو عُثْمَان عَن جُبَير بن نفير، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ:«كَانَت علينا رِعَايَة الْإِبِل، فَجَاءَت نوبتي فروحتها بعشي، فأدركت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَائِما يحدث النَّاس، فأدركت من قَوْله: مَا من مُسلم يتَوَضَّأ فَيحسن وضوءه ثمَّ يقوم فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ مُقبلا عَلَيْهِمَا (بِقَلْبِه وَوَجهه) إِلَّا وَجَبت لَهُ الْجنَّة. قَالَ: فَقلت: مَا أَجود هَذِه؛ فَإِذا قَائِل بَين يَدي يَقُول: الَّتِي قبلهَا أَجود. فَإِذا عمر رضي الله عنه قَالَ: إِنِّي قد رَأَيْتُك جِئْت آنِفا، قَالَ: مَا مِنْكُم من أحد يتَوَضَّأ فَيبلغ أَو يسبغ الْوضُوء ثمَّ يَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخل من أَيهَا شَاءَ» .
(قَالَ) : وحدثناه أَبُو بكر بن أبي شيبَة، نَا زيد بن الْحباب، نَا مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَأبي عُثْمَان، عَن جُبَير بن نفير بن مَالك الْحَضْرَمِيّ، عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
…
فَذكر مثله، غير أَنه قَالَ:«من تَوَضَّأ فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله» .
وَأخرجه أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» من الطَّرِيق الأولَى الَّتِي لمُسلم إِلَّا أَن لَفظه «قلت: مَا هُوَ [يَا] أَبَا حَفْص؟ قَالَ: إِنَّه قَالَ آنِفا قبل أَن تَجِيء: مَا من أحد يتَوَضَّأ فَيحسن الْوضُوء ثمَّ يَقُول حِين يفرغ
…
» فَذكره بِمثلِهِ، ثمَّ قَالَ: أَبُو عُثْمَان هَذَا يشبه أَن يكون حريز بن عُثْمَان الرَّحبِي وَإِنَّمَا الِاعْتِمَاد عَلَى الْإِسْنَاد الأول - يَعْنِي: الَّذِي أخرجه مُسلم - لِأَن حريز بن عُثْمَان لَيْسَ بِشَيْء فِي الحَدِيث.
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد: «فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ رفع نظره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ
…
» وسَاق الحَدِيث.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» وَقَبله الْمُنْذِرِيّ فِي «اختصاره للسنن» : فِي إِسْنَاد هَذِه الرِّوَايَة رجل مَجْهُول.
قلت: هَذِه الرِّوَايَة أخرجهَا أَبُو دَاوُد عَن الْحُسَيْن بن عِيسَى البسطامي - وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون أخرج لَهُ الشَّيْخَانِ - عَن أبي عبد الرَّحْمَن عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ - وَهُوَ ثِقَة احْتج بِهِ الشَّيْخ - عَن حَيْوَة بن شُرَيْح - وَهُوَ فَقِيه مصر وزاهدها ومحدثها، احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ أَيْضا - عَن أبي عقيل - واسْمه: زهرَة بن معبد التَّيْمِيّ، كَانَ من الْأَوْلِيَاء، احْتج بِهِ البُخَارِيّ - عَن ابْن عَمه - (وَهُوَ) مَجْهُول كَمَا اعتقداه، لَكِن هُوَ أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه كَمَا أَفَادَهُ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي - عَن عقبَة بن عَامر، فَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
وأخرجها أَحْمد فِي «مُسْنده» أَيْضا.
وَوَقع فِي «الْمُهَذّب» للشَّيْخ أبي إِسْحَاق فِي هَذَا الحَدِيث زِيَادَة غَرِيبَة، وَهِي: «من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. صَادِقا من قلبه
…
» الحَدِيث، هَذِه الزِّيَادَة لم أرها فِي شَيْء من رِوَايَات هَذَا (الحَدِيث) فِي الْكتب الْمَشْهُورَة، وَذكرهَا فِيهِ الْحَافِظ قطب الدَّين ابْن الْقُسْطَلَانِيّ فِي كِتَابه الموسوم «بالأدوية الشافية فِي الدَّعْوَات الكافية» وَلم يذكرهَا بِإِسْنَاد