الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَكَى (عَن البُخَارِيّ) أنَّه حسنه، وَعَن أَحْمد أنَّه صَححهُ.
وَقَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله فِي «شرح الْمُهَذّب» : اخْتلف الْعلمَاء فِي الِاحْتِجَاج بِمُحَمد بن عقيل. قَالَ: واحتجَّ بِهِ الْأَكْثَرُونَ، وَحسن التِّرْمِذِيّ أَحَادِيث من رِوَايَته.
الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
عَن عُثْمَان - ذِي النّورين رضي الله عنه لقب بذلك لأنَّه تزوج بِنْتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رقية، وأمّ كُلْثُوم، وَلم يتَّفق لأحد من لدن آدم عليه السلام نِكَاح بِنْتي نَبِي إِلَّا لَهُ، وَمِمَّنْ أَفَادَهُ: الرَّافِعِيّ فِي «أَمَالِيهِ» - «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ فَمسح رَأسه ثَلَاثًا» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» وَالْبَزَّار فِي «مُسْنده» كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا الضَّحَّاك بن مخلد، نَا عبد الرَّحْمَن بن وردان، حَدَّثَني أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، حَدَّثَني حمْرَان قَالَ: «رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان تَوَضَّأ
…
» فَذكر نَحوه - يَعْنِي حَدِيثا قبله - لم يذكر الْمَضْمَضَة و (الاستنثار) قَالَ فِيهِ: «وَمسح رَأسه ثَلَاثًا ثمَّ غسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ هَكَذَا وَقَالَ: من تَوَضَّأ دون هَذَا كَفاهُ» هَذَا لفظ أبي دَاوُد.
وَلَفظ الْبَزَّار: «رَأَيْت عُثْمَان تَوَضَّأ فَغسل يَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه
ثَلَاثًا، وَغسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه ثَلَاثًا، وَغسل رجلَيْهِ
…
» وَالْبَاقِي مثله.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» كَذَلِك وَرُوَاته عَن آخِرهم ثِقَات.
أمَّا مُحَمَّد بن الْمثنى؛ فَهُوَ الْحَافِظ الثِّقَة الْوَرع، وَكَذَلِكَ الضَّحَّاك بن مخلد، بَصرِي حَافظ احتجّ (بِهِ) البُخَارِيّ وَمُسلم وَبَاقِي الْكتب السِّتَّة، وأمَّا عبد الرَّحْمَن بن وردان؛ فَهُوَ أَبُو بكر (الْمعَافِرِي) الْمُؤَذّن، صَدُوق، قَالَ أَبُو حَاتِم: مَا بِهِ بَأْس. وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: صَالح. وأمَّا أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن؛ فَهُوَ أحد الْأَعْلَام أخرج لَهُ السِّتَّة، و (كَذَا) حمْرَان، فإسناد هَذَا الحَدِيث عَلَى شَرط «الصَّحِيحَيْنِ» ، وَبَاقِي «الْكتب السِّتَّة» إِلَّا ابْن وردان، فَلم يخرج لَهُ إِلَّا أَبُو دَاوُد وَحده.
وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين والإِمام أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ كَمَا تقدم، وهما إِمَامًا هَذَا الْفَنّ وَسكت عَنهُ أَبُو دَاوُد؛ فَهُوَ حسن عِنْده أَو صَحِيح، وَأقرهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ فِي «اختصاره للسنن» وَلم يعقبه بِشَيْء.
وَقَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله فِي «كَلَامه عَلَى أبي دَاوُد» : إِسْنَاد هَذَا
الحَدِيث حسن، كل رِجَاله فِي «الصَّحِيحَيْنِ» إِلَّا ابْن وردان، وَقد وَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين وَأَبُو حَاتِم قَالَ: فَالْحَدِيث حسن بِهَذِهِ الزِّيَادَة.
وَقَالَ شَيخنَا أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي رحمه الله: هَذَا الحَدِيث فِي إِسْنَاده: عبد الرَّحْمَن بن وردان وَقد قَالَ يَحْيَى: صَالح. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَا بِهِ بَأْس. وَغَيره من رجال هَذَا الإِسناد مَشْهُور، فلولا مُخَالفَة عبد الرَّحْمَن الثِّقَات فِي انْفِرَاده بالتثليث لَكَانَ صَحِيحا أَو حسنا.
قلت: لم ينْفَرد بهَا عبد الرَّحْمَن. فقد رَوَاهَا جماعات كروايته:
فروَى أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» عَن هَارُون بن عبد الله، ثَنَا يَحْيَى بن آدم، نَا إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق بن جَمْرَة - بِالْجِيم، وَالرَّاء الْمُهْملَة - عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ:«رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه غسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعل هَذَا» .
وَرَوَاهُ أَيْضا كَذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَادًا ومتنًا، وَهَذَا إِسْنَاد كلّ رِجَاله فِي «الصَّحِيحَيْنِ» إِلَّا هَارُون، فَفِي مُسلم، وَإِلَّا عَامر بن شَقِيق؛ فَهُوَ صَدُوق، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان، وَإِن كَانَ أَبُو حَاتِم قَالَ: لَيْسَ بقويّ. وَابْن معِين قَالَ: ضَعِيف. فَلم يبيِّن سَبَب ضعفه، وَلَا يقبل (إِلَّا) مُفَسرًا، لَا جرم قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» بعد ذكر هَذِه الطَّرِيق: قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَا أعلم فِي عَامر طَعنا بِوَجْه من
الْوُجُوه (ثمَّ) قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَإِسْنَاده قد احتجا - يَعْنِي: البُخَارِيّ وَمُسلم - بِجَمِيعِ رُوَاته غير عَامر بن شَقِيق.
وَعَلَى الْبَيْهَقِيّ اعْتِرَاض فِي قَوْله أنَّهما احتجا بِجَمِيعِ رُوَاته. فهارون بن عبد الله لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ رَأْسا، لكنَّه حَافظ، وَهُوَ الْمَعْرُوف بالحَمَّال - بِالْحَاء الْمُهْملَة.
وَأخرج هَذَا الحَدِيث إِمَام الْأَئِمَّة أَبُو بكر بن خُزَيْمَة (فِي «صَحِيحه» ) من طَرِيق أبي دَاوُد بِزِيَادَة فِيهِ، وَهَذَا (سِيَاق) مَتنه: عَن إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق (عَن شَقِيق) بن سَلمَة، عَن عُثْمَان «أنَّه تَوَضَّأ فَغسل وَجهه ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما وَرجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وخلل لحيته وأصابع الرجلَيْن، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ) ثمَّ قَالَ: عَامر هَذَا هُوَ عَامر بن شَقِيق بن جَمْرَة الْأَسدي، لَيْسَ شَقِيق بن سَلمَة. انْتَهَى.
وَهَذَانِ الطريقان هما أَجود طرق هَذَا الحَدِيث، وَله طرق أُخْرَى:
أَحدهَا: عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي مَرْيَم، قَالَ:«دخلت عَلَى ابْن دارة فَقَالَ: رَأَيْت عُثْمَان دَعَا بِوضُوء فَمَضْمض ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وذراعيه ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغسل قَدَمَيْهِ ثمَّ قَالَ: من أحب أَن ينظر إِلَى وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهَذَا وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» عَن صَفْوَان بن عِيسَى، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي مَرْيَم (بِهِ) .
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن [الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل] عَن مُحَمَّد بن عبد الله المخرمي، عَن صَفْوَان بِهِ.
وَأخرج هَذِه الطَّرِيقَة، ابْن السكن فِي كِتَابه الْمُسَمَّى ب «السّنَن الصِّحَاح المأثورة» .
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن إِسْحَاق بن يَحْيَى، عَن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، عَن أَبِيه عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، عَن عُثْمَان بن عَفَّان «أنَّه تَوَضَّأ فَغسل (يَدَيْهِ) ثَلَاثًا كلّ (وَاحِدَة) مِنْهُمَا، واستنثر ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَغسل ذِرَاعَيْهِ كلّ (وَاحِدَة) مِنْهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ هَكَذَا» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف السّلمِيّ، نَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال،
حَدَّثَني أَبُو بكر، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن إِسْحَاق بن يَحْيَى بِهِ. ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد لم يخْتَلف فِيهِ، إِلَّا أنَّ إِسْحَاق بن يَحْيَى لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
قلت: إِسْحَاق هَذَا أخرج لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: يحْتَج بِهِ فِيمَا وَافق الثِّقَات.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن (صَالح) بن عبد الْجَبَّار، نَا (ابْن) الْبَيْلَمَانِي - بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، ثمَّ يَاء مثناة تَحت سَاكِنة، ثمَّ لَام ثمَّ مِيم، ثمَّ ألف، ثمَّ نون، ثمَّ يَاء مثناة تَحت - عَن أَبِيه، عَن عُثْمَان بن عَفَّان «أنَّه تَوَضَّأ بالمقاعد - والمقاعد بِالْمَدِينَةِ حَيْثُ يصلى عَلَى الْجَنَائِز عِنْد الْمَسْجِد - فَغسل كفيه ثَلَاثًا ثَلَاثًا، واستنثر ثَلَاثًا، وتمضمض ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَيَديه إِلَى الْمرْفقين ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَغسل قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا، وسلَّم عَلَيْهِ رجل وَهُوَ يتَوَضَّأ فَلم يرد عَلَيْهِ حَتَّى فرغ، فَلَمَّا فرغ كَلَّمه يعْتَذر إِلَيْهِ، وَقَالَ: لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك إِلَّا أنّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: من تَوَضَّأ هَكَذَا وَلم يتَكَلَّم ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، غفر لَهُ مَا بَين الوضوئين» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، نَا شُعَيْب
بن مُحَمَّد (الْحَضْرَمِيّ) نَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا صَالح بِهِ. وَابْن الْبَيْلَمَانِي هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، أخرج لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، وَهُوَ ضَعِيف.
قَالَ (التِّرْمِذِيّ) : قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْأَوْسَط: كل من قلت فِيهِ مُنكر الحَدِيث، لَا يحل الرِّوَايَة عَنهُ. وَأَبوهُ عبد الرَّحْمَن أخرج لَهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة، قَالَ أَبُو حَاتِم: لين. وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ ابْن الْقطَّان: صَالح مَجْهُول الْحَال، لَا أعرفهُ إلَاّ فِي هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث «أنكحوا الْأَيَامَى» .
الطَّرِيق الرَّابِع: عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن حمْرَان، عَن عُثْمَان «أنَّه أُتِي بِمَاء فَمَضْمض واستنشق، وَغسل وَجهه (ثَلَاثًا وَيَديه) ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا حَتَّى أَتَى عَلَى الْوضُوء وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ» .
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» هَكَذَا عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل الْهَبَّاري، نَا أَبُو أُسَامَة، عَن هِشَام بِهِ.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن اللَّيْث بن سعد، عَن خَالِد، عَن (سعيد بن أبي) هِلَال، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح «أَن عُثْمَان رضي الله عنه أُتِي بِوضُوء
…
» (فَذكر) الحَدِيث، (قَالَ) :«ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا حَتَّى قَفاهُ، وَأُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما» وَفِي آخِره النِّسْبَة إِلَى وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن» وخرجه فِي «الخلافيات» وَهُوَ مُنْقَطع فِيمَا بَين عَطاء بن أبي رَبَاح وَعُثْمَان رضي الله عنه.
وكشفت أَنا «الخلافيات» للبيهقي فَلم أرَ لهَذِهِ الطَّرِيقَة فِيهِ ذكرا، فَلَعَلَّهُ فِي غير المظنة، نعم هُوَ فِي السّنَن.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن عُثْمَان «أنَّه تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (تَوَضَّأ) » .
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَمْرو بن عَلّي، قَالَا: ثَنَا عُثْمَان بن عمر، ثَنَا فليح بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بن الْحَارِث، عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، عَن أَبِيه، عَن عُثْمَان (بِهِ) ثمَّ قَالَ:(هَذَا) حَدِيث حسن الإِسناد، وَلَا نعلم رَوَى (زيد بن ثَابت، عَن
عُثْمَان حَدِيثا مُسْندًا إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَلَا لَهُ إِسْنَاد، عَن زيد بن) ثَابت إِلَّا هَذَا الإِسناد.
قلت: وَقد تقدم فِي الحَدِيث (الثَّلَاثِينَ) أنَّ مُسلما وَالْبَيْهَقِيّ روياه أَيْضا.
الطَّرِيق السَّابِع: عَن عبد الْكَرِيم، عَن حمْرَان، قَالَ:«تَوَضَّأ عُثْمَان فَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَيَديه ثَلَاثًا، وَمسح بِرَأْسِهِ، وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: تَوَضَّأت كَمَا توضَّأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» أَيْضا، عَن مُحَمَّد بن (مَرْزُوق) نَا عبد الله بن رَجَاء، ثَنَا عبد الْعَزِيز الْمَاجشون، عَن عبد الْكَرِيم بِهِ.
الطَّرِيق الثَّامِن: عَن [عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر] عَن أبي عَلْقَمَة مولَى ابْن عَبَّاس، عَن عُثْمَان «أنَّه دَعَا بِوضُوء وَعِنْده نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأفرغ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وغسلهما ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وَيَديه إِلَى الْمرْفقين ثَلَاثًا، ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ وَغسل رجلَيْهِ فأنقاهما، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ مثل هَذَا الْوضُوء» .
رَوَاهُ الْبَزَّار أَيْضا، عَن مُحَمَّد بن مَرْزُوق، ثَنَا مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، ثَنَا (عبيد الله) بن أبي (زِيَاد) القداح، أَخْبرنِي [عبد الله](بِهِ) .
فتلخص من هَذَا كُله أنَّ حَدِيث عُثْمَان رضي الله عنه الَّذِي أوردهُ الإِمام الرَّافِعِيّ لَهُ طرق (عشر) وَفِي بَعْضهَا ضعف يسير، فَلَا تقدح فِيمَا حسناه مِنْهَا؛ بل تِلْكَ جابرة لَهَا، كَيفَ وأئمة هَذَا الْفَنّ يَقُولُونَ أَن الحَدِيث الضَّعِيف إِذا رُوِيَ من طرق يُقَوي بَعْضهَا بَعْضًا.
قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله فِي «شرح الْمُهَذّب» : حَدِيث عُثْمَان هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد حسن. قَالَ: وَذكر أَيْضا الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح أَنه حَدِيث حسن، وَرُبمَا ارْتَفع من الْحسن إِلَى الصِّحَّة بشواهده وَكَثْرَة طرقه. قَالَ:[فَإِن] الْبَيْهَقِيّ وَغَيره رَوَوْهُ من طرق كَثِيرَة غير طَرِيق أبي دَاوُد. انْتَهَى مَا نَقله النَّوَوِيّ رحمه الله.
فَإِن قلت: يقْدَح فِيمَا قَرّرته أَيهَا المُصَنّف من حسن هَذَا الحَدِيث قَول أبي دَاوُد فِي «سنَنه» : أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح كلهَا تدل عَلَى مسح الرَّأْس أنَّه مرّة؛ فَإِنَّهُم ذكرُوا الْوضُوء ثَلَاثًا قَالُوا فِيهَا «وَمسح رَأسه» لم يذكرُوا عددا كَمَا ذكرُوا فِي غَيره.
وَقَول الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن الْكَبِير» : وَرُوِيَ من أوجه غَرِيبَة، عَن عُثْمَان (وفيهَا مسح الرَّأْس ثَلَاثًا) إِلَّا أَنَّهَا مَعَ خلاف الْحفاظ الثِّقَات لَيست بِحجَّة عِنْد أهل الْمعرفَة، وَإِن كَانَ بعض أَصْحَابنَا يحْتَج بهَا.
قلت: لَا تنَافِي بَين قَوْلنَا وَقَول أبي دَاوُد؛ لأَنا قَررنَا حسن الحَدِيث، وَأَبُو دَاوُد قَالَ: أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح، فَأَبُو دَاوُد رحمه الله لم ينفِ حسنه؛ وإنَّما نَفَى صِحَّته. (بل لَو ادعيت) صِحَّته من طريقيه الْأَوَّلين لم أبعد؛ بل هُوَ - إِن شَاءَ الله - كَمَا قَرّرته، عَلَى أَن أَحَادِيث الصِّحَاح لَيْسَ فِيهَا نفي الْعدَد، وَحَدِيثه هَذَا من جَمِيع طرقه فِيهَا إثْبَاته؛ فَقدم عَلَى الأوَّل، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : مَا رُوِيَ فِي حَدِيث عُثْمَان وَغَيره من الْمسْح مرّة وَاحِدَة فَلَيْسَ فِيهِ نفي عدد، وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ إثْبَاته سنة، وَالْأولَى بِنَا الْجمع بَين الْخَبَرَيْنِ.
وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : وأمّا من رَوَى عَن عُثْمَان أنَّه لم يذكر فِي الْمسْح عددا فَلَا حجَّة فِي ذَلِكَ، من
(ذكر) الْعدَد مقدم القَوْل. وأمَّا قولة الْبَيْهَقِيّ فيعارضها بِأَنَّهُ ذكر من تِلْكَ الْأَحَادِيث فِي «خلافياته» حديثين محتجًا بهما، وهما: حَدِيث عَامر [عَن] شَقِيق بن سَلمَة، وَقَالَ: إِسْنَاده قد احتجا بِجَمِيعِ رُوَاته غير عَامر بن شَقِيق. ثمَّ ذكر قولة الْحَاكِم الْمُتَقَدّمَة فِي عَامر.
والْحَدِيث الثَّانِي: حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن (عَن حمْرَان الْمُتَقَدّم) فَلَعَلَّهُ يكون قَالَ ذَلِكَ قبل تصنيفه «الخلافيات» جمعا بَين كلاميه.
عَلَى أَن ذكر مسح الرَّأْس ثَلَاثًا قد ورد فِي غير مَا حَدِيث (غير حَدِيث) عُثْمَان مِنْهَا: حَدِيث عَلّي رضي الله عنه وَقد تقدم ذكر اخْتِلَاف طرقه فِي الحَدِيث السَّادِس وَالْعِشْرين من هَذَا الْبَاب، وَأَن الإِمام أَبَا حنيفَة رَوَى التَّثْلِيث فِي مسح الرَّأْس وَرَوَاهُ غَيره أَيْضا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: خَالفه جمَاعَة من الْحفاظ الثِّقَات فَقَالُوا فِيهِ: «وَمسح رَأسه مرّة» . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَكثر الروَاة رَوَوْهُ عَن عَلّي دون ذكر التّكْرَار. قَالَ: وَأحسن مَا رُوِيَ عَن عَلّي فِيهِ مَا رَوَاهُ (عَنهُ) ابْنه (الْحسن) بن عَلّي
…
فَذكره بِإِسْنَادِهِ عَنهُ، وَذكر مسح الرَّأْس ثَلَاثًا
وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ. وَإِسْنَاده حسن، وَمِنْهَا: حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن (بن) الْبَيْلَمَانِي، عَن أَبِيه عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من تَوَضَّأ فَغسل كفيه ثَلَاثًا (واستنثر ثَلَاثًا) وَغسل وَجهه وَيَديه ثَلَاثًا [ثَلَاثًا] وَمسح رَأسه ثَلَاثًا وَغسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا [ثَلَاثًا] ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وأنَّ مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قبل أَن يتكلَّم غفر لَهُ مَا بَين الوضوءين» .
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» وَتقدم الْكَلَام فِي ابْن الْبَيْلَمَانِي وَأَبِيهِ.
وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس «أنَّه وصف وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمسح رَأسه ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ سَائِر أَعْضَائِهِ» .
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن ركَانَة، عَن عبيد الله الْخَولَانِيّ (عَن ابْن عَبَّاس، ثمَّ قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوَى هَكَذَا إِلَّا بِهَذَا الإِسناد. والخولاني) لَا نعلم أنَّ أحدا يروي عَنهُ غير مُحَمَّد بن طَلْحَة. قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : وَمِنْهَا حَدِيث أبي رَافع وَابْن أبي أَوْفَى «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ، فَمسح رَأسه ثَلَاثًا» . قَالَ: وَاعْتمد الإِمام الشَّافِعِي فِي اسْتِحْبَاب التَّثْلِيث فِي الْمسْح: حَدِيث عُثْمَان الثَّابِت فِي مُسلم وَغَيره من الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة «أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم توضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ أنَّ قَوْله: تَوَضَّأ يَشْمَل الْغسْل
وَالْمسح. وَمنع الْبَيْهَقِيّ وَغَيره الدّلَالَة من هَذَا؛ لأنَّها رِوَايَة مُطلقَة، وَجَاءَت الرِّوَايَات الثَّابِتَة فِي الصَّحِيح مصرحة بأنَّه غسل الْأَعْضَاء ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمسح الرَّأْس مرّة. وَاعْترض ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» عَلَى الْقَائِل بِهَذَا فَقَالَ: قَول من ذكر الْعدَد مقدم عَلَى من لم يذكرهُ (قَالَ) . وَعَلَى تَقْدِير التَّصْرِيح بالمرة، فَيحمل عَلَى بَيَان الْجَوَاز. ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: التَّثْلِيث يُصَيِّر الْمسْح غسلا، وَالْمسح مَبْنِيّ عَلَى التَّخْفِيف فَيخرج عَن مَوْضُوعه. قلت:(هَذِه) عبَادَة لَا يعقل مَعْنَاهَا.
وَقد رَوَى أَحْمد فِي «مُسْنده» عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ، ثَنَا ربيعَة بن عتبَة الْكِنَانِي، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زر بن حُبَيْش قَالَ:«مسح عَلّي رضي الله عنه رَأسه فِي الْوضُوء حَتَّى أَرَادَ أَن يقطر، وَقَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَكَذَا يتَوَضَّأ» .
قَالَ أَحْمد: وثنا عَلّي بن بَحر، نَا الْوَلِيد بن مُسلم (عَن) عبد الله بن الْعَلَاء، عَن أبي الْأَزْهَر، عَن مُعَاوِيَة «أنَّه ذكر لَهُم وضوء النَّبِي صلى الله عليه وسلم وأنَّه مسح بغرفة من مَاء حَتَّى يقطر المَاء عَن رَأسه أَو كَاد يقطر» .
قلت: وَفِي رِوَايَة (للبزار)«ثمَّ مسح (بِرَأْسِهِ) حَتَّى كَاد يقطر»