الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن الإِمَام الرَّافِعِيّ اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث (عَلَى) أصح الْأَوْجه فِي كَيْفيَّة الِاسْتِنْجَاء، وَفِيه وَقْفَة؛ لِأَن من تتمته أَنه يمسح بالثالث الصفحتين والمسربة وَقَوله:«ويحلق بالثالث» قد يكون المُرَاد بِهِ حَلقَة الدبر فَقَط، وَهِي المسربة كَمَا حَكَاهُ صَاحب «الْمُهَذّب» . وَأما الْمَاوَرْدِيّ فَإِنَّهُ اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث للْوَجْه الثَّانِي، وَهُوَ قَول أبي إِسْحَاق: أَن حجرا للصفحة الْيُمْنَى وحجرًا (للصفحة الْيُسْرَى) وحجرًا للوسط. فقد وَقع نزاع فِي مَعْنَى الحَدِيث عَلَى تَقْدِير مَعْرفَته.
الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «حجرا للصفحة الْيُمْنَى، وحجرًا للصفحة الْيُسْرَى، وحجرًا للوسط» .
هَذَا الحَدِيث حسن، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنَيْهِمَا» و «الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء» من رِوَايَة أُبي (بن) الْعَبَّاس بن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، عَن أَبِيه، عَن جده رضي الله عنه قَالَ:«سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الاستطابة فَقَالَ: أَو لَا يجد أحدكُم ثَلَاثَة أَحْجَار حجرين للصفحتين وحجرًا للمسربة؟» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ: إِسْنَاده حسن. وَقَالَ الْحَازِمِي: لَا يرْوَى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي «الْكتاب» و «الشَّرْح
الصَّغِير» : إِنَّه حَدِيث ثَابت. وَخَالف الْعقيلِيّ؛ فَقَالَ: رَوَى الِاسْتِنْجَاء بِثَلَاثَة أَحْجَار عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جمَاعَة: مِنْهُم: أَبُو هُرَيْرَة، وسلمان، وَخُزَيْمَة بن ثَابت، وَعَائِشَة، والسائب بن خَلاد الْجُهَنِيّ، وَأَبُو أَيُّوب، لم يَأْتِ أحد مِنْهُم بِهَذَا، ولأُبي أَحَادِيث لَا يُتَابع مِنْهَا عَلَى شَيْء، قَالَ يَحْيَى بن معِين: هُوَ ضَعِيف.
قلت: وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: هُوَ مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ النَّسَائِيّ والدولابي: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. قَالَ الْحَافِظ شمس الدَّين الذَّهَبِيّ فِي كِتَابه «الْمِيزَان» : وأُبي هَذَا وَإِن لم يكن بالثبت فَهُوَ حسن بِالْحَدِيثِ.
وَاعْلَم أَنه وَقع فِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ (وَالْبَيْهَقِيّ)«أَولا يجد أحدكُم حجرين وحجرًا» بِالنّصب كَمَا قدمْنَاهُ وَوَقع فِي «الْمُهَذّب» للشَّيْخ أبي إِسْحَاق «حجران وَحجر» بِالرَّفْع. قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شَرحه» لَهُ: وَكِلَاهُمَا صَحِيح وَالْأول عَلَى الْبَدَل من ثَلَاثَة، وَالثَّانِي عَلَى الِابْتِدَاء.
قلت: وَقد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مرّة أَيْضا كَمَا ذكره الشَّيْخ وَهَذَا لَفظه «حجران للصفحتين وَحجر للمسربة» . وَقَالَ فِي الأول: كَذَا قَالَ فِي كِتَابه. رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» (أَيْضا كَمَا) أوردهُ الشَّيْخ فِي «الْمُهَذّب» وَهَذَا لَفظه «أَولا يَكْتَفِي أحدكُم بِثَلَاثَة أَحْجَار حجران (للصفحتين) وَحجر للمسربة» وَقد جَاءَ الْقُرْآن (أَيْضا) بِالْوَجْهَيْنِ فالبدل فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: (إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولَى
صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى) والابتداء فِي قَوْله تَعَالَى: (قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين التقتا فِئَة تقَاتل) .
والمسربة هُنَا: مجْرى الْغَائِط (وَهُوَ) مَأْخُوذ من سرب المَاء، قَالَه ابْن الْأَثِير وَالْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهمَا (قَالَ ابْن الْأَثِير: وَهُوَ بِضَم الرَّاء وَفتحهَا) .
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث احْتج بِهِ الإِمَام الرَّافِعِيّ؛ لقَوْل (أبي) إِسْحَاق: «أَن حجرا للصفحة الْيُمْنَى، وحجرًا لليسرى، وحجرًا للوسط» وَالْمَاوَرْدِيّ (من أَصْحَابنَا) احْتج بِهِ للراجح، وَهُوَ الْوَجْه الأول الَّذِي احْتج لَهُ الرَّافِعِيّ بِالْحَدِيثِ الَّذِي قبل هَذَا، وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل؛ فَإِنَّهُ لما قَالَ: حجران للصفحتين. (احْتمل) أَن يكون الْمَعْنى (حجرا للصفحة وحجرًا لِلْأُخْرَى، وَاحْتمل أَن يكون الْمَعْنى) كل (وَاحِد) مِنْهُمَا للصفحتين. وَابْن الصّلاح (وَافق المارودي) حَيْثُ قَالَ فِي «مُشكل الْوَسِيط» : قَوْله: حجران للصفحتين. مَعْنَاهُ: كل وَاحِد مِنْهُمَا للصفحتين.