الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيث سراقَة هَذَا وَلم يعزه؛ بل قَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يثبت. قَالَ: ورُوي عَن أنس نَحوه. انْتَهَى.
فَليُحرر هَذَا مَعَ قَول الْحَازِمِي: «لَا نعلم فِي الْبَاب غير هَذَا الحَدِيث» .
الحَدِيث الرَّابِع عشر
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اتَّقوا الْملَاعن وَأَعدُّوا النبل» .
هَذَا الحَدِيث تبع الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي إِيرَاده إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَهُوَ غَرِيب، وَلم يُخرجهُ أحد من أَصْحَاب السّنَن (وَلَا) المسانيد، وَإِنَّمَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» كَمَا تقدم قَرِيبا فِي الحَدِيث الثَّانِي عشر، وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ.
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج، عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «أبعدوا الْآبَار إِذا ذهبتم الْغَائِط، وَأَعدُّوا النبل - يَعْنِي: الْحِجَارَة الَّتِي يتمسح بهَا - وَاتَّقوا الْملَاعن: لَا يتغوط أحدكُم تَحت شَجَرَة ينزل تحتهَا أحد، وَلَا عِنْد مَاء يُشرب مِنْهُ، فَيدعونَ الله عَلَيْكُم» .
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد فِي «غَرِيب الحَدِيث» عَن مُحَمَّد بن الْحسن، عَن عِيسَى بن أبي عِيسَى الْخياط، عَن الشّعبِيّ، عَمَّن سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول:«اتَّقوا الْملَاعن وأعدو النبل» .
وَهَذَا حَدِيث ضَعِيف بِمرَّة؛ فَإِن عِيسَى بن أبي عِيسَى الْمَذْكُور ضَعِيف وَيُقَال فِيهِ: الْخياط والحناط والخباط، كَانَ فِي أول أمره خياطًا، ثمَّ صَار حناطًا يَبِيع الْحِنْطَة، ثمَّ صَار خباطًا يَبِيع الْخبط. قَالَ النَّسَائِيّ: هُوَ مَتْرُوك. وَقَالَ أَحْمد: لَا يُسَاوِي شَيْئا. وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ سيء الْحِفْظ والفهم؛ فَاسْتحقَّ التّرْك. وَقد صرح غير وَاحِد من الْأَئِمَّة بِأَن هَذَا حَدِيث ضَعِيف. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح: رَوَاهُ بعض أَصْحَاب الْغَرِيب وَلم أَجِدهُ ثَابتا. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِثَابِت، وَلَا يحْتَج بِهِ.
قلت: وَلم يظفرا - رحمهمَا الله - بِالطَّرِيقِ الَّتِي قدمناها عَن «علل ابْن أبي حَاتِم» وَلَا شكّ وَلَا مرية فِي كَونهَا أَجود من هَذِه الطَّرِيق الَّتِي ذكرهَا أَبُو عبيد، وَلم يعللها ابْن أبي حَاتِم إِلَّا بِأَن عبد الرَّزَّاق أسْندهُ، وَإِنَّمَا يَرْوُونَهُ مَوْقُوفا، وَلَك أَن تَقول الرّفْع زِيَادَة من ثِقَة، وَهِي مَقْبُولَة عَلَى مَا تقرر غير مرّة. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أرَى النُّبَل - بِضَم النُّون وَفتح الْبَاء - يُقَال: نبلني أحجارًا للاستنجاء، أَي: أعطنيها. (قَالَ أَبُو عبيد: وَسمعت مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول: النبل هِيَ حِجَارَة الِاسْتِنْجَاء) قَالَ أَبُو عبيد: والمحدثون يَقُولُونَ: النَّبل بِالْفَتْح -
يَعْنِي: بِفَتْح النُّون - أَيْضا ونراها إِنَّمَا سميت نبْلًا لصغرها وَهَذَا من الأضداد. فِي كَلَام الْعَرَب أَن يُقَال للعظام: نبل، وللصغار: نبل. وَقَالَ الْخطابِيّ فِي «إصْلَاح الْأَلْفَاظ الَّتِي (يصحفها) الروَاة» : يرْوَى «النبل» بِضَم النُّون وَفتحهَا، وَأكْثر الْمُحدثين يروونها بِالْفَتْح، والأجود الضَّم.
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : النبل - بِضَم النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة - الْأَحْجَار الصغار. وَلم يذكر غير هَذَا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي «نهايته» فِي هَذَا الحَدِيث: النبل هِيَ الْحِجَارَة الصغار الَّتِي يُستَنْجَى بهَا، وَاحِدهَا نبلة، كغرفة وغرف، والمحدثون يفتحون النُّون وَالْبَاء كَأَنَّهُ (جمع) نبيل فِي التَّقْدِير، والنبل بِالْفَتْح فِي غير هَذَا (الْكِبَار) من الْإِبِل وَالصغَار. وَهُوَ من الأضداد. وَفِي «شرح التَّعْجِيز» لمصنفه: النبل - بِضَم الْبَاء - جمع نبيل كسرير (وسرر) . وَقَالَ الْجَوْهَرِي: المحدثون يَقُولُونَهُ بِفَتْح الْبَاء جمع (نبيل) كسورة وسور.
قلت: ويغني عَن هَذَا الحَدِيث فِي الدّلَالَة مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد