الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي رِوَايَة للبيهقي: «ثمَّ تمضمض واستنثر ثَلَاث مَرَّات» .
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَة: «فَمَضْمض، ثمَّ استنثر، ثمَّ غسل وَجهه ثَلَاثًا وَيَده الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه بِمَاء غير فضل يَدَيْهِ، وَغسل رجلَيْهِ حتَّى أنقاهما» .
انْقَضَى الْكَلَام عَلَى الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا الإِمام الرَّافِعِيّ - بِحَمْد الله وعونه - وَالرِّوَايَات الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا كلهَا دَاخِلَة فِي ضمن مَا ذَكرْنَاهُ من الْأَحَادِيث؛ فتفطن لأخذها.
الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
عَن لَقِيط بن صبرَة رضي الله عنه قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي عَن الْوضُوء، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَسْبِغ الوضُوءَ، وخَلل بينَ الأَصَابِعِ، وبَالغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلَاّ أنْ تكونَ صَائِمًا» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْأَئِمَّة: الشَّافِعِي وَأحمد، والدارمي (فِي «مسانيدهم» ) وَابْن الْجَارُود فِي «الْمُنْتَقَى» وَأَبُو دَاوُد،
وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَالْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن الْكُبْرَى» و «الْمعرفَة» وَغَيرهمَا، وَبَعْضهمْ يزِيد عَلَى بعض، وَصَححهُ الْأَئِمَّة.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَابْن الْقطَّان: «هُوَ حَدِيث صَحِيح» وَأخرجه أَيْضا الإِمام أَبُو عبد الله الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» . ثمَّ قَالَ: «هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَلم يخرجَاهُ، وَهُوَ فِي جملَة مَا قُلْنَا أنَّهما أعرضا عَن الصَّحَابِيّ الَّذِي لَا يروي عَنهُ غير الْوَاحِد، فقد احتجّا جَمِيعًا بِبَعْض هَذَا النَّوع. قَالَ: وَأَبُو هَاشم إِسْمَاعِيل بن كثير الْقَارِي - يَعْنِي: الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده - من كبار المكيين، رَوَى عَنهُ هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه جمَاعَة غير الثَّوْريّ، مِنْهُم ابْن جريج، وَدَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار، وَيَحْيَى بن سليم وَغَيرهم. ثمَّ سَاق ذَلِكَ (بأسانيده) إِلَيْهِم. ثمَّ قَالَ: وَله أَيْضا شَاهد عَن ابْن عَبَّاس. ثمَّ ذكر بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي غطفان المري، عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اسْتَنْثِرُوا مَرتين بالغتين أَوْ ثَلَاثًا» .
ثمَّ أخرجه الْحَاكِم بعد ذَلِكَ بِنَحْوِ من (كراسين) ، عَن لَقِيط
بن صبرَة مَرْفُوعا مُخْتَصرا: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِلْ (بَينَ) الأَصَابِع» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث قد احتجا بِأَكْثَرَ (رُوَاته) ثمَّ لم يخرجَاهُ؛ لِتَفَرُّد عَاصِم بن لَقِيط بن عَامر بن صبرَة عَن أَبِيه بالرواية) .
ثمَّ قَالَ: وَله شَاهد. فَذكر بِإِسْنَادِهِ إِلَى صَالح، عَن ابْن عَبَّاس أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِلْ بَينَ أَصَابِع يَدَيك وَرِجْلَيْك» .
قَالَ الْحَاكِم: صَالح هَذَا أَظُنهُ مولَى التوءمة؛ فَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ من شَرط هَذَا الْكتاب، وإنَّما أخرجته شَاهدا.
قُلْتُ: وَإسْنَاد لَقِيط بن صبرَة هَذَا رِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا إِسْمَاعِيل بن كثير الْمَكِّيّ، وَقد رَوَى عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَعَاصِم بن لَقِيط بن صبرَة، وَرَوَى عَنهُ ابْن جريج وَالثَّوْري وَيَحْيَى بن سليم الطَّائِفِي وَدَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار. قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: هُوَ ثِقَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح. وَقَالَ ابْن سعد: ثِقَة كثير الحَدِيث.
وَإِلَّا عَاصِم بن لَقِيط بن صبرَة، وَقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان، وَأخرج حَدِيثه فِي «صَحِيحه» . وَكَذَلِكَ شَيْخه ابْن خُزَيْمَة وَلَا نعلم جرحا فِيهِ.
لَا جرم أَن ابْن الْقطَّان قَالَ فِي «علله» : إِنَّه حَدِيث صَحِيح. وَأفَاد أَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي ذكر عَن الثَّوْريّ زِيَادَة فِيهِ وَهِي الْأَمر بالمبالغة
فِي الْمَضْمَضَة أَيْضا، وَابْن مهْدي أحفظ من وَكِيع - الَّذِي لم يذكرهَا - قَالَ أَبُو بشر الدولابي - فِيمَا (جمع) من حَدِيث الثَّوْريّ -: ثَنَا مُحَمَّد بن بشار، نَا ابْن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن أبي هَاشم، عَن عَاصِم بن لَقِيط، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ (فَأَبلغْ) المَضْمَضَةَ والاسْتِنْشَاقَ مَا لَمْ تَكُنْ (صَائِمًا) » قَالَ ابْن الْقطَّان: وَهَذَا صَحِيح.
وممَّا يَنْبَغِي أَن يتَنَبَّه لَهُ - رحمنا الله وَإِيَّاك - أَن صَاحب «الْمُهَذّب» قَالَ فِي آخر هَذَا الحَدِيث: «وَلَا يُستقصى فِي الْمُبَالغَة فَيصير سَعُوطًا» وَهَذَا من كَلَامه رحمه الله وَلَيْسَ من الحَدِيث، وَهُوَ بِالْوَاو فِي أوَّل يستقصى لَا بِالْفَاءِ، ويستقصى بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تَحت أوَّله لَا بِالتَّاءِ بِالْمُثَنَّاةِ فَوق، كَذَا ضَبطه النَّوَوِيّ رحمه الله قَالَ: وإنَّما (ضبطته) هَكَذَا لأنَّ القلعي وَغَيره غلطوا فِيهِ، فجعلوه بِالْفَاءِ وَالتَّاء
وجعلوه من الحَدِيث، وَهَذَا خطأ فَاحش. وَكَذَا نبه عَلَى ذَلِكَ قبله الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح فِي «كَلَامه عَلَى المهذّب» .
و «صَبِرة» بِفَتْح الصَّاد وَكسر الْبَاء، وَيجوز إسكان الْبَاء مَعَ فتح الصَّاد وَكسرهَا، أَفَادَهُ النَّوَوِيّ فِي « (التَّهْذِيب» ) وَهُوَ لَقِيط بن عَامر بن صبرَة بن عبد الله بن المنتفق الْعقيلِيّ أَبُو رزين، وَقيل: لَقِيط بن عَامر غير لَقِيط بن صبرَة. قَالَ ابْن عبد الْبر وَغَيره: وَهَذَا غلط؛ بل هما وَاحِد. و (ذكره) ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «جَامع المسانيد» وَقَالَ: لَقِيط بن عَامر بن المنتفق الْعقيلِيّ، وَذكر لَهُ عدَّة أَحَادِيث، وَهُوَ أَبُو زرين. ثمَّ قَالَ: مُسْند لَقِيط بن صبرَة بن المنتفق (بن) عَاصِم. وَذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث وَحده من طَرِيق (آخر) .
ثمَّ قَالَ يَحْيَى بن معِين: هُوَ أَبُو رزين الْعقيلِيّ؛ فَمَا يعرف لَقِيط غير أبي رزين.
قَالَ: وَإِلَى نَحْو هَذَا ذهب البُخَارِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَقِيط بن عَامر، وَيُقَال: ابْن صبرَة. وَخَالَفَهُمَا عَلّي بن الْمَدِينِيّ، وَخَلِيفَة بن خياط، وَمُحَمّد بن سعد، وَأَبُو بكر البرقي، فجعلوهما اثْنَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيح.