الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاة وخارجها مَا رَوَيْنَاهُ فِي الْخَبَر حجَّة عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُطلق.
قلت: لَكِن رِوَايَة أبي دَاوُد السالفة (توافقه) فَإِنَّهَا مُقَيّدَة بِالصَّلَاةِ، فَاعْلَم ذَلِك.
الحَدِيث الْعشْرُونَ
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ «فِي الَّذِي لَهُ مَا للرِّجَال، وَمَا للنِّسَاء: يُورث من حَيْثُ يَبُول» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الْكَلْبِيّ، عَن أبي صَالح، عَن ابْن عَبَّاس:«أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَن مولودٍ ولد لَهُ قبل وَذكر؛ من أَيْن يُورث؟ (فَقَالَ) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: يُورث من حَيْثُ يَبُول» .
وَهَذَا إِسْنَاد ضَعِيف. أما الْكَلْبِيّ، وَهُوَ مُحَمَّد بن السَّائِب بن (بشر) الْكُوفِي (فواه)، وَقد نسبه إِلَى الْكَذِب: زَائِدَة، وَلَيْث، وَابْن معِين، وَجَمَاعَة. قَالَ ابْن حبَان: وضوح الْكَذِب فِيهِ أظهر من أَن يحْتَاج إِلَى الإغراق فِي وَصفه. (وَرَوَى) عَن أبي صَالح، عَن ابْن عَبَّاس التَّفْسِير، وَأَبُو صَالح لم ير ابْن عَبَّاس (وَلَا سمع) مِنْهُ، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ. وَأَبُو صَالح هَذَا فَلَيْسَ بِأبي صَالح ذكْوَان السمان، الْمخْرج لَهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَن أبي هُرَيْرَة؛ إِنَّمَا هُوَ: باذام - بباء مُوَحدَة ثمَّ ألف ثمَّ ذال مُعْجمَة ثمَّ ألف ثمَّ مِيم، وَيُقَال: بنُون بدلهَا -
مولَى أم هَانِئ بنت أبي طَالب الْكُوفِي، تكلم فِيهِ غير وَاحِد، وَترك ابْن مهْدي الرِّوَايَة عَنهُ، وَضَعفه البُخَارِيّ وَقَالَ س: لَيْسَ بِثِقَة. وَقَالَ فِي «سنَنه الْكَبِير» : (ضَعِيف) الحَدِيث.
قَالَ: وَقد رُوِيَ أَنه قَالَ فِي مَرضه: كل شَيْء حدثتكم بِهِ فَهُوَ كذب! وَقَالَ يَحْيَى بن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَفِي رِوَايَة عَنهُ: إِذا رَوَى عَنهُ الْكَلْبِيّ فَلَيْسَ بِشَيْء. قَالَ ابْن الْقطَّان فِي «الْوَهم وَالْإِيهَام» : قد أخبر ابْن معِين عَن نَفسه بِأَنَّهُ مَتى قَالَ فِي رجل: لَيْسَ بِهِ بَأْس فَهُوَ عِنْده ثِقَة، وَضعف الْكَلْبِيّ لَا يَنْبَغِي أَن يُعْدي أَبَا صَالح، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يمس أَبُو صَالح بكذبة الْكَلْبِيّ عَلَيْهِ (حَيْثُ) حُكيَ عَنهُ أَنه قَالَ - (أَعنِي أَن أَبَا صَالح قَالَ) للكلبي -: كل مَا حدثتك عَن ابْن عَبَّاس كذب. فَهَذَا (من) كذب الْكَلْبِيّ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدهم كَذَّاب.
وَقَالَ ابْن عدي: عامّة مَا يرويهِ تَفْسِير. وَقَالَ يَحْيَى الْقطَّان: لم أر أحدا من أَصْحَابنَا تَركه. وَمَا سَمِعت أحدا من النَّاس يَقُول فِيهِ شَيْئا، وَقَالَ حبيب بن أبي ثَابت: كُنَّا نُسَمِّيه دُرُوغرن كَذَا نَقله عَنهُ الْمُنْذِرِيّ فِي «موافقاته» وَقَالَ: مَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: الْكذَّاب. وَنقل غَيره عَنهُ: الدُروزن، وَفِي فاصل الرامَهُرْمُزِي: الدَّروزن - بلغَة فَارس -: الْكذَّاب. وَقَالَ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» : إِنَّه ضَعِيف جدًّا. فَأنْكر عَلَيْهِ هَذِه الْعبارَة
ابْن الْقطَّان وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَال مثلهَا فِي الْوَاقِدِيّ وَنَحْوه من المتروكين، فَأَما أَبُو صَالح هَذَا فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَد وَلَا من هَذَا النمط، وَلَا أَقُول: إِنَّه ثِقَة، وَلَكِنِّي أَقُول: إِنَّه لَيْسَ كَمَا توهمه هَذِه الْعبارَة؛ بل قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ: سَمِعت يَحْيَى بن (سعيد) الْقطَّان يَقُول: لم أر أحدا من أَصْحَابنَا تَركه، وَقد أسلفنا ذَلِك عَنهُ.
قلت: وَقد حسن التِّرْمِذِيّ حَدِيثا من رِوَايَته عَن ابْن عَبَّاس فِي لعن زائرات الْقُبُور، لكنه غير جيد، كَمَا سَيَأْتِي - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي آخر الْجَنَائِز. (عَلَى أَن) عبد الْحق لم ينْفَرد بِهَذِهِ الْعبارَة الَّتِي قَالَهَا فِي أبي صَالح، فقد قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي بَاب الْكسر بِالْمَاءِ: ضَعِيف؛ لَا يحْتَج بِخَبَرِهِ. وَقَالَ فِي بَاب أصل الْقسَامَة: أَبُو صَالح، عَن ابْن عَبَّاس: ضَعِيف.
وَفِي (هَذَا) الحَدِيث وَرَاء هَذَا كُله عِلّة ثَالِثَة، وَهِي الِانْقِطَاع فِيمَا بَين أبي صَالح، وَابْن عَبَّاس كَمَا أسلفناه عَن [ابْن حبَان] وَلم يجْزم بِهِ الْمُنْذِرِيّ فِي «اختصاره للسنن» بل قَالَ قيل: إِنَّه لم يسمع مِنْهُ، ذكره فِي حَدِيث: لعن زائرات الْقُبُور.