المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الحادي والستون - البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير - جـ ٢

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الْخَامِس:

- ‌الحَدِيث السَّادِس:

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث (السَّابِع) عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ

- ‌وَاعْلَم - رحمنا الله وَإِيَّاك وهدانا لطاعته - أَنه ورد فِي الدُّعَاء عَلَى أَعْضَاء الْوضُوء (عدَّة) أَحَادِيث:

- ‌أَحدهَا:

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الْخَامِس:

- ‌الحَدِيث السَّادِس:

- ‌الحَدِيث السَّابِع:

- ‌الحَدِيث الثَّامِن:

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ

- ‌بَاب الْأَحْدَاث

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين

- ‌بَاب الْغسْل

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث (الْحَادِي عشر)

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث (الرَّابِع) بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث (الْخَامِس) بعد الْعشْرين

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌(الحَدِيث) الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث (الْخَامِس) عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع (عشر)

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

الفصل: ‌الحديث الحادي والستون

ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى «الْمُهَذّب» ثمَّ النَّوَوِيّ فِي «شَرحه» لَهُ قَالَ: فَحصل فِي الْفِعْل لُغَتَانِ: الْفَتْح وَالضَّم. قَالَ: وَزعم جمَاعَة مِمَّن صنف فِي أَلْفَاظ الْفِقْه أَن الْفِعْل لَا يُقَال إِلَّا بِالْفَتْح، وغلطوا الْفُقَهَاء فِي قَوْلهم بَاب غُسل الْجَنَابَة وَالْجُمُعَة وَنَحْوه - بِالضَّمِّ - وَهَذَا الْإِنْكَار غلط؛ بل هما لُغَتَانِ كَمَا ذكرنَا.

‌الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ

رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا توضأتم فَلَا تنفضوا أَيْدِيكُم؛ فَإِنَّهَا مراوح الشَّيْطَان» .

هَذَا الحَدِيث أنكر بَعضهم وجوده، وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا فلنذكر أَولا مقالاتهم ثمَّ نبين مَا يسر الله بِهِ علينا فَنَقُول: قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن الصّلاح فِي (كَلَامه عَلَى الْمُهَذّب» : حَدِيث «إِذا توضأتم فَلَا تنفضوا أَيْدِيكُم» لم أجد لَهُ أصلا، وَهَكَذَا جمَاعَة اعتنوا بِالْحَدِيثِ. وَقَالَ: قد ذكر بعض الْفُقَهَاء فِي آخِره «فَإِنَّهَا مراوح الشَّيْطَان» وَقَالَ فِي (كَلَامه عَلَى الْوَسِيط» : حَدِيث «لَا تنفضوا أَيْدِيكُم» لَا صِحَة لَهُ، وَلم أجد لَهُ أَنا فِي جمَاعَة اعتنوا بالبحث عَن أَمْثَاله أصلا، وَزَاد بعض الْفُقَهَاء فِي آخِره «فَإِنَّهَا مراوح الشَّيْطَان» . قَالَ بعض المصنفين: هَذَا شَيْء يُوجد فِي كتب الْفِقْه، وَلم أظفر لَهُ بِأَصْل من كتب الحَدِيث.

قلت: واعجباه من هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَة حَيْثُ لم يَجدوا لَهُ أصلا، وَمن

ص: 262

ابْن الصّلاح كَيفَ يَقُول: وَزَاد بعض الْفُقَهَاء فِي آخِره «فَإِنَّهُ مراوح الشَّيْطَان» ! وَقد رَوَى الحَدِيث بِطُولِهِ إمامان جليلان مشهوران بِزِيَادَة فِيهِ.

أَحدهمَا: الإِمَام عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم؛ فَإِنَّهُ ذكره فِي كتاب «الْعِلَل» - وَمَا أَكثر فَوَائده - من حَدِيث هِشَام بن عمار، عَن البخْترِي بن عبيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذا توضأتم فأشربوا أعينكُم من المَاء وَلَا تنفضوا أَيْدِيكُم من المَاء؛ فَإِنَّهَا مراوح الشَّيْطَان» .

الثَّانِي: الإِمَام أَبُو حَاتِم بن حبَان؛ فَإِنَّهُ أخرج فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» فِي تَرْجَمَة البخْترِي بن عبيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:«إِذا توضأتم فَلَا تنفضوا أَيْدِيكُم فَإِنَّهَا مرواح الشَّيْطَان» .

وَذكره الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ فِي كِتَابه «تَخْرِيج أَحَادِيث الْمُهَذّب» بِإِسْنَادِهِ إِلَى هِشَام بن عمار كَمَا أخرجه ابْن حبَان سَوَاء وَسكت عَلَيْهِ، وَهُوَ عَجِيب؛ فَإِنَّهُ ضَعِيف بِمرَّة، كَمَا صرح بِهِ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة.

قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر، والبختري ضَعِيف الحَدِيث، وَأَبوهُ مَجْهُول. وَقَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان: البخْترِي بن عبيد

ص: 263

بن سلمَان ضَعِيف الحَدِيث ذَاهِب، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ، إِذا انْفَرد فَلَيْسَ (بعدلٍ) فقد رَوَى عَن (أَبِيه) عَن أبي هُرَيْرَة نُسْخَة فِيهَا عجائب. وَقَالَ ابْن عدي: رَوَى عَن أَبِيه قدر عشْرين حَدِيثا (عامتها) مَنَاكِير مِنْهَا هَذَا الحَدِيث، وَمِنْهَا «الأذنان من الرَّأْس» .

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: البخْترِي ضَعِيف، وَأَبوهُ مَجْهُول. وَقَالَ الْأَزْدِيّ: كَذَّاب سَاقِط. وَقَالَ أَبُو نعيم الْحَافِظ: رَوَى عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة مَوْضُوعَات. وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي كِتَابه «التَّذْكِرَة فِي الْأَحَادِيث المعلولة» بعد ذكره: لَا يحل الِاحْتِجَاج بالبختري إِذا انْفَرد. وَقَالَ الْحَافِظ شمس الدَّين الذَّهَبِيّ: أنكر مَا رَوَى عَن أَبِيه هَذَا الحَدِيث. وَذكر هَذَا الحَدِيث الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «الْعِلَل المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة» وَنقل فِيهِ مقَالَة ابْن حبَان الْمُتَقَدّمَة وَحدهَا، وَقد أخرج ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» للبختري بن عبيد الْمَذْكُور.

قلت: وَلم ينْفَرد بِهِ البخْترِي؛ بل تَابعه عبيد الله بن مُحَمَّد (الطَّائِي) وَإِن كَانَ مَجْهُولا عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ ابْن طَاهِر فِي

ص: 264

كِتَابه «صفوة التصوف» وَترْجم عَلَيْهِ: السّنة فِي مسحهم أَعينهم من بَلل الْيَد وكراهيتهم نفض الْيَد. ثمَّ سَاق من حَدِيث أبي الْحسن بن حجر الْعَسْقَلَانِي قَالَ: «كنت مَعَ جدي لأمي فِي وَلِيمَة فِيهَا مُحَمَّد بن المتَوَكل بن أبي السّري، فَقدم الْغسْل (يَعْنِي) ليغسل النَّاس أَيْديهم للطعام، فقدمه الْخَادِم بَين يَدي ابْن أبي السّري، فَقَالَ لَهُ ابْن أبي السّري: قدم بَين يَدي الشَّيْخ - يَعْنِي جدي - فقدمه وَغسل يَدَيْهِ (ونفضهما) فَقَالَ لَهُ ابْن أبي السّري: لَا (تنفض) يَا أَبَا فلَان! حَدَّثَنَا عبيد الله بن مُحَمَّد (الطَّائِي) عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا توضأتم فأشربوا أعينكُم المَاء وَلَا تنفضوا أَيْدِيكُم؛ فَإِنَّهَا مرواح الشَّيْطَان» . فَقَالَ لَهُ (جدي) : فِي الضَّوْء وَغَيره؟ قَالَ: أعده عَلّي ابْن ابْنَتي لنحفظه. فَأَعَادَهُ (عَلّي) فَحفِظت» فَعلم بِهَذَا كُله أَن الحَدِيث مَوْجُود فِي كتب الحَدِيث مَعْرُوف وَإِن كَانَ ضَعِيفا، وَالْإِنْكَار إِنَّمَا وَقع فِي وجوده وَفِي زِيَادَة بعض الْفُقَهَاء فِيهِ، وَقد تقرر أَن هَذِه الزِّيَادَة من نَفْس الحَدِيث، وَمن الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى ضعفه أَيْضا حَدِيث مَيْمُونَة الثَّابِت فِي «الصَّحِيحَيْنِ» الَّذِي تقدم فِي الْبَاب قَرِيبا حَيْثُ «أُتِي بِخرقَة فَلم يردهَا وَجعل ينفض المَاء (بِيَدِهِ) » .

ص: 265

هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب، وَذكر فِيهِ من الْآثَار أثرين:

أَحدهمَا: عَن عَلّي - كرم الله وَجهه - أَنه قَالَ: «مَا أُبَالِي بيميني بدأت أم بشمالي إِذا أكملت الْوضُوء» .

هَذَا الْأَثر رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، نَا مُوسَى بن إِسْحَاق، نَا أَبُو بكر، نَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن عَوْف، عَن عبد الله بن عَمْرو بن هِنْد قَالَ: قَالَ عَلّي: «مَا أُبَالِي إِذا أتممت وضوئي بِأَيّ أعضائي بدأت» .

قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» و «سنَنه» : هَذَا مُنْقَطع. قَالَ: وَرَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل عَن [الْأنْصَارِيّ عَن] عَوْف (عَن) عبد الله بن عَمْرو بن هِنْد قَالَ: قَالَ عَلّي «مَا أُبَالِي بِأَيّ أعضائي بدأت إِذا أتممت الْوضُوء» .

قَالَ عَوْف: وَلم يسمعهُ من عَلّي - يَعْنِي: عبد الله بن عَمْرو بن هِنْد -

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ثمَّ إِن هَذَا (مُطلق) وَأَظنهُ أَرَادَ مَا رُوِيَ عَن زِيَاد مولَى بني مَخْزُوم قَالَ: «قيل لعَلي رضي الله عنه: إِن أَبَا هُرَيْرَة يبْدَأ بميامنه فِي الْوضُوء! فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ بمياسره» .

قلت: وَزِيَاد هَذَا فِيهِ مقَال، قَالَ فِيهِ يَحْيَى بن معِين: لَا شَيْء.

ص: 266

وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» .

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن (زِيَاد) قَالَ: قَالَ عَلّي: «مَا أُبَالِي لَو بدأت بالشمال قبل الْيَمين إِذا تَوَضَّأت» . وَفِي رِوَايَة لَهُ: «جَاءَ رجل إِلَى عَلّي بن أبي طَالب فَسَأَلَهُ عَن الْوضُوء، فَقَالَ: ابدأ بِالْيَمِينِ (قبل) الشمَال فأضرط عَلّي بِهِ ثمَّ دَعَا بِمَاء فَبَدَأَ بالشمال قبل الْيَمين» . وَفِي رِوَايَة لَهُ: «سَأَلَ رجل عليًّا: أبدأ بشمالي قبل يَمِيني فِي الْوضُوء؟ فأضرط بِهِ عَلّي، ثمَّ دَعَا بِمَاء فَبَدَأَ بِشمَالِهِ قبل يَمِينه» .

قلت: وَرُوِيَ مثل ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن أبي العبيدين - عَلّي صِيغَة تَصْغِير عَبْدَيْنِ - عَن عبد الله بن مَسْعُود «أَنه سُئِلَ عَن رجل تَوَضَّأ فَبَدَأَ بمياسره فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ» .

قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: سَأَلت يَحْيَى بن معِين عَن أبي العبيدين، فَقَالَ: اسْمه: مُعَاوِيَة بن سُبْرَة، وَهُوَ ثِقَة.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن مُجَاهِد عَنهُ أَنه قَالَ: «لَا بَأْس أَن تبدأ بِرِجْلَيْك قبل يَديك» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا مُرْسل.

الْأَثر الثَّانِي: عَن ابْن عمر رضي الله عنهما «أَنه كَانَ يتَوَضَّأ فِي سوق

ص: 267

الْمَدِينَة فدعي إِلَى جَنَازَة وَقد بَقِي من وضوءه فرض الرجلَيْن، فَذهب مَعهَا إِلَى الْمُصَلى ثمَّ مسح عَلَى خفيه، وَكَانَ لابسًا» .

وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث مَالك بن أنس رضي الله عنه وعنى بِهِ فِي «موطئِهِ» - الَّذِي قَالَ فِيهِ إمامنا الشَّافِعِي: أَنه أصح كتاب بعد كتاب الله تَعَالَى - عَن نَافِع «أَن عبد الله بن عمر بَال بِالسوقِ، ثمَّ تَوَضَّأ فَغسل وَجهه وَيَديه، ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ، ثمَّ دَعَا بِجنَازَة ليُصَلِّي عَلَيْهَا حِين دخل الْمَسْجِد، فَمسح عَلَى خفيه ثمَّ صَلَّى عَلَيْهَا» .

وَهَذَا الْإِسْنَاد لَا يشْتَبه عَلَى أحد صِحَّته، وَيُسمى هَذَا الْإِسْنَاد: سلسلة الذَّهَب مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر؛ بل هُوَ أصح الْأَسَانِيد (مُطلقًا عَلَى قَول إِمَام هَذَا الْفَنّ البُخَارِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا أصح الْأَسَانِيد) : الشَّافِعِي، عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَقد أخرجه عَنهُ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ، وَفِي «الْأُم» (أَيْضا) فِي كتاب اخْتِلَاف مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي بَاب نوم الْجَالِس، وَذكر فِي «الْأُم» فِي كتاب اخْتِلَاف أبي حنيفَة وَابْن أبي لَيْلَى فِي بَاب صَلَاة الْخَوْف أَنه رُوِيَ عَن ابْن عمر «أَنه تَوَضَّأ وَخرج إِلَى السُّوق ثمَّ دعِي بِجنَازَة، فَمسح (عَلَى خفيه و) صَلَّى» .

قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : هَذَا الْأَثر صَحِيح عَن ابْن عمر،

ص: 268

مَشْهُور بِهَذَا اللَّفْظ، قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله: وَهُوَ دَلِيل حسن لمن لم يُوجب الْمُوَالَاة؛ فَإِن ابْن عمر فعله بِحَضْرَة حاضري الْجِنَازَة وَلم يُنكر عَلَيْهِ، وَرَأَيْت فِي الْبَيَان للعمراني - من أَصْحَابنَا - أَن ابْن عمر رَوَى ذَلِك (من) فعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَوَاء، وَعَزاهُ بَعضهم إِلَى الْبَغَوِيّ، وَلم أر هَذَا فِي كتاب حَدِيث، وَإِنَّمَا (نعرفه) من فعل ابْن عمر فَليتبعْ.

وَأما البُخَارِيّ رحمه الله فَإِنَّهُ علق أثر ابْن عمر هَذَا بِصِيغَة التمريض (ذكره) بِلَفْظ آخر؛ فَإِنَّهُ قَالَ: بَاب تَفْرِيق الْوضُوء وَالْغسْل. وَيذكر عَن ابْن عمر رضي الله عنه «أَنه غسل قَدَمَيْهِ بَعْدَمَا جف وضوءه» كَذَا ذكره بِلَفْظ «غسل» بدل «مسح» وَالدّلَالَة حَاصِلَة أَيْضا بِهِ.

وَتبع ابنُ الرّفْعَة صاحبَ الْبَيَان فَذكره مَرْفُوعا (ثمَّ) قَالَ: قَالَ الشَّافِعِي: وَبَين ذَهَابه من السُّوق إِلَى الْمَسْجِد تَفْرِيق (كثير) قَالَ: وَقد رُوِيَ ذَلِك (مَوْقُوفا) عَلَى ابْن عمر، وَهَذَا قد يُؤذن بِأَن الشَّافِعِي (رَوَاهُ) مَرْفُوعا، وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ مَوْقُوفا كَمَا سلف.

ولنختم الْبَاب بخاتمتين مهمتين:

أَحدهمَا: قَالَ الإِمَام الرَّافِعِيّ: من السّنَن أَن يحافظ عَلَى الدَّعْوَات الْوَارِدَة فِي الْوضُوء فَيَقُول فِي غسل الْوَجْه: اللَّهُمَّ بيض

ص: 269

(وَجْهي) يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه. وَعند غسل الْيَد الْيُمْنَى: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كتابي بيميني وحاسبني حسابا يَسِيرا. وَعند غسل الْيَد الْيُسْرَى: اللَّهُمَّ لَا تعطني كتابي بشمالي وَلَا من وَرَاء ظَهْري. وَعند مسح الرَّأْس: اللَّهُمَّ حرم شعري وبشري من النَّار - وَرُوِيَ: اللَّهُمَّ احفظ رَأْسِي وَمَا حوى وبطني وَمَا وعى. وَفِي «الْإِحْيَاء» يَقُول: اللَّهُمَّ غشني بِرَحْمَتك وَأنزل عليَّ من بركاتك، وأظلني تَحت عرشك يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظلك - وَعند مسح الْأُذُنَيْنِ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه. وَعند غسل الرجلَيْن: اللَّهُمَّ ثَبت قدمي عَلَى الصِّرَاط يَوْم تزل فِيهِ الْأَقْدَام. قَالَ الرَّافِعِيّ: ورد (بهَا) الْأَثر عَن السّلف الصَّالِحين. انْتَهَى مَا أوردهُ الرَّافِعِيّ.

وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ: يَقُول عِنْد غسل الْيَدَيْنِ: اللَّهُمَّ احفظ يَدي من مَعَاصِيك كلهَا. وَيَقُول عِنْد الْمَضْمَضَة: اللَّهُمَّ أجر عَلَى لساني الصدْق وَالصَّوَاب وَمَا ينفع النَّاس - وَقَالَ صَاحب «الْإِحْيَاء» : يَقُول: اللَّهُمَّ أَعنِي عَلَى تِلَاوَة كتابك وَكَثْرَة الذّكر لَك. وَقَالَ (غَيرهمَا) : يَقُول: اللَّهُمَّ اسْقِنِي من حَوْض نبيك (كأسًا لَا أظمأ بعده أبدا وَيَقُول عِنْد الِاسْتِنْشَاق: اللَّهُمَّ لَا تحرمني رَائِحَة نعيمك وجناتك، اللَّهُمَّ أوجدني رَائِحَة الْجنَّة وَأَنت عني رَاض. وَعند الاستنثار: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من رَوَائِح النَّار وَسُوء الدَّار. وَيَقُول عِنْد مسح الْعُنُق: اللَّهُمَّ فك رقبتي من

ص: 270