الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين
«أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ لحكيم بن حزَام: لَا يمس الْمُصحف إِلَّا طَاهِر» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث سُوَيْد (أبي) حَاتِم، ثَنَا مطر الْوراق، عَن حسان بن بِلَال، عَن حَكِيم بن حزَام أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم (قَالَ) :«لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت عَلَى طهر» .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (وَأَنا) ابْن مخلد، سَمِعت جعفرًا يَقُول: سمع حسان بن بِلَال من عَائِشَة وعمار، قيل لَهُ: سمع (مطر) من حسان؟ فَقَالَ: (نعم) .
قلت: وسُويد هَذَا هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْعَطَّار صَاحب الطَّعَام، ضعفه النَّسَائِيّ، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، حَدِيثه حَدِيث أهل الصدْق. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس، (وَقَالَ) مرّة: لين.
وَعَن الدَّارَقُطْنِيّ أَنه قَالَ: هَذَا الحَدِيث رُوَاته كلهم ثِقَات، وأسرف فِيهِ ابْن حبَان فَقَالَ: يروي الموضوعات عَن الْأَثْبَات، وَهُوَ صَاحب «حَدِيث البرغوث» وَرَوَاهُ أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» (عَن الْحَاكِم) ، عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان الْفَقِيه، عَن جَعْفَر بن أبي عُثْمَان،
عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمقري، عَن أَبِيه، عَن سُوَيْد أبي حَاتِم، وَقَالَ فِيهِ: صَاحب الطَّعَام كَمَا قدمنَا التَّصْرِيح بِهِ، وَذكره بلفظين؛ أَحدهمَا: كَلَفْظِ الدَّارَقُطْنِيّ (وَالثَّانِي) : «لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت طَاهِر» وَرِوَايَة الْبَيْهَقِيّ هَذِه (أَعنِي رِوَايَته) عَن الْحَاكِم، رَأَيْتهَا فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة حَكِيم بن حزَام، عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان الْفَقِيه (بِهِ) إِلَى حَكِيم بن حزَام «أَنه عليه السلام لما بَعثه واليًا إِلَى الْيمن فَقَالَ: لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت طَاهِر» .
ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَلم يخرجَاهُ.
وَرَوَاهُ أَيْضا الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» ، عَن بكر بن مقبل الْبَصْرِيّ، عَن إِسْمَاعِيل بِهِ سَوَاء وَلم يقل (واليًا) وَإِنَّمَا قَالَ:«لما بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيمن قَالَ: لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت طَاهِر» وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْحَازِمِي: هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب لَا (نعرفه) مُجَوَّدًا إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
قلت: وَإِذا تقرر لَك حَال هَذَا الحَدِيث، وَمن أخرجه من الْأَئِمَّة تعجبت من قَول النَّوَوِيّ رحمه الله فِي «شَرحه للمهذب» وَقد أورد الشَّيْخ هَذَا الحَدِيث من هَذَا الْوَجْه -: كَذَا رَوَاهُ المُصَنّف وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد عَن حَكِيم بن حزَام، وَالْمَعْرُوف فِي كتب الحَدِيث وَالْفِقْه أَنه عَن عَمْرو بن حزم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْكتاب الَّذِي كتبه لما وَجهه إِلَى الْيمن.
قَالَ: وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَجزم أَيْضا فِي «خلاصته» بضعفه وبضعف حَدِيث حَكِيم أَيْضا، وَحكمه عَلَيْهِ بالضعف قَاض بمعرفته، وَهُوَ خلاف مَا ذكره فِي «شَرحه» وَقد علمت أَنه حَدِيث مَعْرُوف فِي كتب الْمُحدثين، وَأَن الْحَاكِم صحّح إِسْنَاده، وَأَن (الْحَازِمِي) حَسَّنَه، وَأَن الدَّارَقُطْنِيّ وثق رُوَاته؛ فَلَا يَنْبَغِي الحكم عَلَيْهِ بالضعف أَيْضا.
(ثمَّ جزمه بِضعْف حَدِيث عَمْرو بن حزم لَيْسَ بجيد أَيْضا) فقد أخرجه الْحَاكِم وَابْن حبَان فِي «صَحِيحَيْهِمَا» وَسَيَأْتِي بِطُولِهِ فِي الدِّيات - إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقدره - وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان الْحَافِظ: لَا أعلم فِي جَمِيع الْكتب المنقولة أصح من كتاب عَمْرو بن حزم، وَصَححهُ أَيْضا أَبُو عمر بن عبد الْبر، وَرَوَاهُ مَالك فِي «موطئِهِ» عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن فِي الْكتاب الَّذِي (كتبه) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَمْرو بن حزم:«أَلا تمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِرا» . وَهَذَا مُرْسل.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «غرائب مَالك» عَن عبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم، عَن أَبِيه قَالَ:«كَانَ فِي الْكتاب الَّذِي (كتبه) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لجدي عَمْرو بن حزم: أَن لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت طَاهِر» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ فِيهِ عَن جده؛ وَهُوَ الصَّوَاب عَن مَالك، ثمَّ سَاقه عَن
مَالك بِزِيَادَة: عَن جده، وَقَالَ:(تفرد) بِهِ أَبُو ثَوْر عَن مُبشر. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» (بِزِيَادَة) عَن جده أَيْضا.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيروَى أَنه قَالَ: «لَا تحمل الْمُصحف وَلَا تمسه إِلَّا طَاهِرا» .
قلت: هَذِه الرِّوَايَة غَرِيبَة؛ لَا أعلم من رَوَاهَا عَلَى هَذَا الْوَجْه بجملته؛ ولابلفظ الْحمل مَعَ أَنه ورد فِي الْبَاب أَحَادِيث غير حَدِيث حَكِيم بن حزَام، وَحَدِيث عَمْرو بن حزم السالفين
أَحدهمَا: عَن (ابْن) عمر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» عَن الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي، ثَنَا سعيد بن مُحَمَّد بن (ثَوَاب) ، نَا أَبُو عَاصِم - هُوَ النَّبِيل - أَنا ابْن جريج، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى قَالَ: سَمِعت سالما يحدث عَن أَبِيه
…
فَذكره.
قَالَ (الجوزقاني) فِي «كِتَابه» : هَذَا حَدِيث حسن مَشْهُور. وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي «أَصْغَر معاجمه» : لم يروه عَن سُلَيْمَان إِلَّا ابْن جريج؛ وَلَا عَنهُ إِلَّا أَبُو عَاصِم، تفرد بِهِ سعيد.
قلت: وَحَدِيثه صَححهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي مَوضِع - كَمَا ستعلمه - وَقَالَ ابْن عبد الْحق فِي كِتَابه الَّذِي وَضعه فِي الرَّد عَلَى أبي مُحَمَّد بن حزم - عقب قَوْله: (إِن) الْآثَار الَّتِي احْتج بهَا مس لم يجز للْجنب من الْمُصحف، لَا يَصح مِنْهَا شَيْء؛ لِأَنَّهَا إِمَّا مُرْسلَة وَإِمَّا صحيفَة لَا تسند -: قد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذَا الحَدِيث، ثمَّ سَاقه، وَقَالَ إثره: هَذَا حَدِيث صَحِيح، رِجَاله ثِقَات: الْمحَامِلِي ثِقَة إِمَام، وَسَعِيد بن مُحَمَّد بن ثَوَاب قد خرج الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ حَدِيث عَائِشَة «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقصر فِي السّفر وَيتم وَيفْطر ويصوم» ثمَّ قَالَ:(هَذَا)(إِسْنَاد صَحِيح) . فَإِن اعْترض معترض بِمَا قيل فِي سُلَيْمَان بن مُوسَى قيل لَهُ: ابْن حزم يصحح حَدِيثه ويحتج بِهِ، وَقد احْتج بحَديثه فِي كتاب النِّكَاح، حَدِيث عَائِشَة: «أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا وشاهدي عدل
…
» .
ثمَّ قَالَ ابْن حزم فِيهِ: لَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب غير هَذَا السَّنَد، وَفِي هَذَا كِفَايَة لصِحَّته، وَبَاقِي السَّنَد أشهر من أَن يحْتَاج إِلَى تَبْيِين أَمرهم. قَالَ: فَبَطل قَول ابْن حزم أَنه لَا يَصح فِي ذَلِك حَدِيث، وألان الْبَيْهَقِيّ القَوْل فِيهِ؛ فَقَالَ بعد أَن رَوَاهُ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ.
الحَدِيث الثَّانِي: عَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يمس
الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر، وَالْعمْرَة الْحَج الْأَصْغَر، وَعمرَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَحجَّة أفضل من عمْرَة» رَوَاهُ عَلّي بن عبد الْعَزِيز فِي «منتخبه» كَمَا عزاهُ إِلَيْهِ عبد الْحق. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: إِسْنَاده فِي غَايَة الضعْف، ثمَّ بَين ذَلِك.
الحَدِيث الثَّالِث: عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة، عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ:«كَانَ فِيمَا عهد إليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا تمسّ الْمُصحف وَأَنت غير طَاهِر» رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي «كتاب الْمَصَاحِف» وَهُوَ مُنْقَطع؛ لِأَن الْقَاسِم لم يدْرك عُثْمَان. وَضَعِيف؛ لِأَن فِي إِسْنَاده: إِسْمَاعِيل بن مُسلم المكِّي، وَقد ضَعَّفُوهُ وَتَركه جمَاعَة.
وَفِيه (أثر رَابِع) عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، قَالَ:«كُنَّا مَعَ سلمَان، فَانْطَلق إِلَى حَاجته فتوارى عَنَّا، ثمَّ خرج إِلَيْنَا وَلَيْسَ بَيْننَا وَبَينه مَاء قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا عبد الله، لَو تَوَضَّأت فسألناك عَن أَشْيَاء من الْقُرْآن. قَالَ: فَقَالَ: سلوا فَإِنِّي لست أمسه، (إِنَّمَا يمسهُ) الْمُطهرُونَ، ثمَّ تَلا (إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ هُنَا، وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَفْسِير سُورَة الْوَاقِعَة، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح