الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أَمر (دينهم كَمَا لَا يستحي الْوَلَد عَن مَسْأَلَة الْوَالِد فِيمَا عَنَّ وَعرض لَهُ) من أَمر. وَذكر صَاحب الْحَاوِي مَعَ هَذَا تَأْوِيلا آخر أَن يكون مَعْنَاهُ يلْزَمنِي تأديبكم وتعليمكم أَمر دينكُمْ كَمَا يلْزم الْوَالِد ذَلِك.
قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله: وَيجوز أَن يكون كالوالد فِي الْأَمريْنِ، وَفِي ثَالِث أَيْضا، وَهُوَ الْحِرْص عَلَى مصلحتكم والشفقة عَلَيْكُم.
الحَدِيث الثَّانِي
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من أَتَى الْغَائِط (فليستتر) فَإِن لم يجد إِلَّا أَن يجمع كثيبًا من رمل فَلْيفْعَل» .
هَذَا الحَدِيث بعض من حَدِيث طَوِيل، وَقد فرقه الإِمَام الرَّافِعِيّ فَذكر بعضه هُنَا وَبَعضه فِي آخر الْبَاب وَترك بعضه؛ فلنذكره هُنَا بِكَمَالِهِ فَنَقُول: رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد والدارمي فِي «مسنديهما» وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمْ» وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي
«صَحِيحه» وَالْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» مطولا ومختصرًا، وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج، وَمن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج، وَمن أكل (فَمَا تخلَّل) (فليلفظ) وَمَا لاك بِلِسَانِهِ فليبتلع، من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج، وَمن أَتَى الْغَائِط فليستتر؛ فَإِن لم يجد إِلَّا أَن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره؛ فَإِن الشَّيْطَان يلْعَب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج» .
هَذَا أكمل رِوَايَات هَذَا الحَدِيث، وَلَفظ البَاقِينَ مُخْتَصرا، وَبَعْضهمْ يزِيد عَلَى بعض، وَالْحَاكِم ذكر قصَّة الْأكل مِنْهُ (لَيْسَ إِلَّا) ومداره عَلَى أبي سعيد الحبراني الْحِمصِي وَيُقَال: أَبُو سعد الْخَيْر الْأَنمَارِي، واسْمه: زِيَاد. قَالَه الْمزي، وَقيل: عَامر بن (سعد)، وَقيل: عمر بن سعد - رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة.
قَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم: أَبُو سعيد الحبراني سَأَلت أَبَا زرْعَة عَنهُ فَقَالَ: لَا أعرفهُ. فَقلت: ألقِي أَبَا هُرَيْرَة؟ فَقَالَ: عَلَى هَذَا
يوضع. وَذكر أَبُو حَاتِم بن حبَان أَبَا سعيد هَذَا فِي «ثقاته» فِي التَّابِعين، وَذكره فِي «الصَّحَابَة» أَبُو نعيم وَابْن مَنْدَه وَابْن عبد الْبر وَقَالَ ابْن قَانِع: أَبُو سعد الْخَيْر الْأَنمَارِي اسْمه بحير، وَسَماهُ مُعَاوِيَة بن سَلام: بحيرًا.
قَالَ أَبُو دَاوُد - عَلَى مَا نَقله الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي «تَهْذِيب الْكَمَال» -: أَبُو (سعد) الْخَيْر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. (ثمَّ) ذكر الشَّيْخ جمال الدَّين الْمزي عَن أبي (سعد) الْخَيْر حديثين فِي أَحدهمَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وَزعم العسكري أَن الصَّحَابِيّ المكنى أَبَا سعيد الْأَنمَارِي و (الْمُسَمَّى) عَامِرًا أَو عمرا هُوَ المكنى أَيْضا أَبَا كَبْشَة.
وَاخْتلف الْحفاظ فِي تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث وتضعيفه بِحَسب تَوْثِيق بعض الْأَئِمَّة لأبي (سعد) الْخَيْر وجهالة بَعضهم إِيَّاه.
فَقَالَ ابْن عبد الْبر: لَيْسَ إِسْنَاده بالقائم فِيهِ مَجْهُولَانِ. كَأَنَّهُ عَنى
بِالْمَجْهُولِ الآخر (حُصَيْن) الْحِمْيَرِي (الحبراني) الرَّاوِي عَن أبي (سعد) الْخَيْر، وَلَيْسَ هُوَ مَجْهُولا؛ فقد ذكره أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي كِتَابه «الثِّقَات» فِي أَتبَاع التَّابِعين فَقَالَ: كنيته أَبُو سعيد، رَوَى عَنهُ ثَوْر بن يزِيد، وَرَوَى عَن أبي (سعد) الْخَيْر. وَقَالَ أَبُو زرْعَة فِي حَقه: شيخ مَعْرُوف. وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان الْفَسَوِي فِي «تَارِيخه» : لَا أعلم إِلَّا خيرا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: شيخ. وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْحق فِي «الْأَحْكَام» : فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث الْحصين الحبراني وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ.
وَقَالَ ابْن حزم فِي «محلاه» : (الْحصين) مَجْهُول وَأَبُو سعيد - (أَو) أَبُو سعد - (الْخَيْر) كَذَلِك. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : لم يحْتَج بِإِسْنَاد هَذَا الحَدِيث (وَاحِد من الشَّيْخَيْنِ) وَأَبُو (سعد) لَيْسَ بِمَشْهُور. هَذِه أَقْوَال من ضعفه، وَالْحق أَنه حَدِيث صَحِيح لاسيما
عَلَى قَول أبي دَاوُد أَن أَبَا سعيد صَحَابِيّ، وَلَا يلْزم من عدم احتجاجهما بِسَنَدِهِ ضعفه، وَقد صَححهُ جماعات مِنْهُم الإِمَام أَبُو حَاتِم بن حبَان فَإِنَّهُ أخرجه فِي «صَحِيحه» من الطَّرِيق الْمَذْكُور، وَكَذَلِكَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي «الْمُسْتَدْرك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ» فِي آخر كتاب الْأَطْعِمَة، وَقَالَ بعد إِخْرَاجه: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا حَدِيث حسن. وَقَالَ فِي «شرح مُسلم» : إِنَّه حَدِيث صَحِيح. وَقَالَ الشَّيْخ زكي الدَّين فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث «الْمُهَذّب» : هُوَ حَدِيث حسن. هَذَا كُله مَعَ سكُوت أبي دَاوُد (عَنهُ) .
وَسُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ فِي «علله» : يرويهِ ثَوْر بن يزِيد، وَاخْتلف عَنهُ: فَرَوَاهُ عبد الْملك بن الصَّباح وَالْحسن بن عَلّي بن عَاصِم، عَن ثَوْر، عَن حُصَيْن الحبراني، عَن أبي هُرَيْرَة، وَرَوَاهُ عِيسَى بن يُونُس، عَن ثَوْر، عَن حُصَيْن، عَن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة،