الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِجْمَاعُ
لُغَةً: الْعَزْمُ وَالِاتِّفَاقُ.
وَاصْطِلَاحًا اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ، وَأَنْكَرَ قَوْمٌ جَوَازَهُ عَقْلًا، وَهُوَ ضَرُورِيٌّ فَإِنْكَارُهُ عِنَادٌ، ثُمَّ الْوُقُوعُ يَسْتَلْزِمُهُ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَأَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ مَعَ وُجُودِ الْعَقْلِ، وَنَصْبِ الْأَدِلَّةِ، وَوَعِيدِ الشَّرْعِ الْبَاعِثِ عَلَى الْبَحْثِ وَالِاجْتِهَادِ، وَقِلَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأُمَّةِ كَيْفَ يَمْتَنِعُ! وَاخْتِلَافُ الْقَرَائِحِ عَقْلِيٌّ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ الدَّوَاعِي الشَّهْوَانِيَّةِ، إِذْ هُوَ طَبَعِيٌّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا جَلِيٌّ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا يُحْكَمُ بِتَصَوُّرِ وَجُودِهِ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ عِنْدَ قِلَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ.
ــ
الْقَوْلُ فِي «الْإِجْمَاعِ» وَهُوَ «لُغَةً» أَيْ: فِي اللُّغَةِ «الْعَزْمُ وَالِاتِّفَاقُ» أَيْ: يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَجْمَعْتُ الْأَمْرَ، وَعَلَى الْأَمْرِ، إِذَا عَزَمْتَ عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ مُجْمَعٌ. قُلْتُ: وَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ، لِتَعَدِّيهِ بِحَرْفِ الْجَرِّ فِيمَا حَكَاهُ.
قُلْتُ: وَكَمَا تَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ، تَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ، فَيُقَالُ: أَجْمَعَ وَجَمَّعَ، وَفِي الْحَدِيثِ: لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَيْ: يَعْزِمْ عَلَيْهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَجُوزُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ: أَجْمَعَ، يُجْمِعُ، وَبِالتَّشْدِيدِ مِنْ: جَمَّعَ يُجَمِّعُ. وَيُقَالُ:
أَجْمَعَ الْقَوْمُ عَلَى كَذَا، أَيِ: اتَّفَقُوا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «وَاصْطِلَاحًا» أَيْ: وَالْإِجْمَاعُ فِي الِاصْطِلَاحِ، أَيِ: اصْطِلَاحِ عُلَمَاءِ الشَّرْعِ: «اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ» .
فَقَوْلُنَا: «مُجْتَهِدِي» : احْتِرَازٌ مِنِ اتِّفَاقِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وَلَا يُعَدُّ إِجْمَاعًا.
وَقَوْلُنَا: «مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ» : عَامٌّ فِي الْمُجْتَهِدِينَ كُلِّهِمْ، فَفِيهِ احْتِرَازٌ مِنِ اتِّفَاقِ بَعْضِهِمْ فَقَطْ، فَلَا يَكُونُ إِجْمَاعًا، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَوْلُنَا: «مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» : احْتِرَازٌ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ غَيْرِهَا، كَاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَنَحْوِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى أَحْكَامِ دِينِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ إِجْمَاعًا شَرْعِيًّا بِالْإِضَافَةِ إِلَيْنَا.
وَقَوْلُنَا: «عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ» أَيْ: يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ لِذَاتِهِ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا، احْتِرَازٌ مِنِ اتِّفَاقِ مُجْتَهِدِي الْأُمَّةِ عَلَى أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، كَالْمَصْلَحَةِ فِي إِقَامَةِ مَتْجَرٍ، أَوْ حِرْفَةٍ، أَوْ عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ، لَكِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ لِذَاتِهِ، بَلْ بِوَاسِطَةٍ، كَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى بَعْضِ مَسَائِلِ الْعَرَبِيَّةِ، أَوِ اللُّغَةِ، أَوِ الْحِسَابِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِجْمَاعًا شَرْعِيًّا، أَوِ اصْطِلَاحِيًّا، وَإِنْ كَانَ إِجْمَاعًا شَرْعِيًّا فِي الْحَقِيقَةِ، لِتَعَلُّقِهِ بِالشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْإِجْمَاعُ فِي الشَّرْعِ: اتِّفَاقُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ. وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ تَلْخِيصُ هَذَا.