الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على خلوص نيّته، وسكن إلى صدق طاعته، وعرف طهارة جيبه، وسلامة غيبه، وصدق لهجته، وحصافة أمانته، واعتماده للحقّ فيما يورد ويصدر، وينهي ويجيب، وابتلاه فعرف طيب طعمته، وخفّة وطأته، ورأفته بالضّعيف المهضوم، وغلظته على العسوف الظّلوم، [فرأى] أن يحلّه محلّ من لا يغيب عمّا شهده، ولا يرتاب بما سمعه، على أنّني المهنّأ بكل نعمة يجدّدها الله لديه، وسعادة يسبغها عليه. [ولو أنصفت] لسلكت من الصّواب سننا، واعتقدت جميلا حسنا؛ لاستشعاري بالأنفس من لبوس سيادته، وتحلّيّ بالأنصع من عقود رياسته، وإذا كانت رعيّته أجدر أن تهنّأ بولايته، وتعرف قدر ما لها من الحظّ في نظره، فأنا أعدل من هنائه إلى الدّعاء له بأن يبارك الله تعالى له فيما قلّده، ويوفّقه فيما ولّاه ويسدّده، ويلهمه ادّخار الثواب والأجر، واكتناز الحمد والشكر، والهداية إلى سنن الاستقامة، وما عاد بمحبّة الخاصّة والعامّة، وإنهاضه في خدمة أمير المؤمنين، والعمل من طاعته بما يزلف في الدنيا والدين. والله يستجيب في الحاجب الجليل هذا الدعاء ويسمعه، ويتقبّله ويرفعه، إن شاء الله تعالى.
الصنف الخامس- التهنئة بولاية القضاء
.
التهنئة بذلك من كلام الأقدمين:
تهنئة من ذلك: من إنشاء عليّ بن خلف، أوردها في «موادّ البيان» وهي:
أولى المنح أن يتفاوض شكرها والتحدّث بها، ويتقارض حمدها والقيام بواجبها، نعمة شمل عطافها، وعمّت ألطافها، واشترك الناس فيها اشتراك العموم وحلّت منهم في النفع محلّ الغيث السّجوم «1» . وهذه صورة النعمة في
ولاية قاضي «1» القضاة- أطال الله بقاءه- لما تتضمّنه من إثبات العدل والإنصاف، وانحسار الجور والإجحاف، واعتلاء الحقّ وظهوره، واختلاء الباطل وثبوره، وعزّ المظلوم وإدالته، وذلّ الظّلوم وإذالته، وتمكين المضعوف واقتداره، وانخزال العسوف واقتساره. وإن هنّأته حرس الله علاه بموهبة أتى بارقها بجميل الثّناء، وجزيل الجزاء، قد ناء من تحمّلها بباهظ الشيء ومتعبه، وقام من سئلها بكل الأدب ومنصبه، عدلت عن الأمثل وضللت عن الطريقة المثلى، لكنّي أهنّئه خصوصا بالمواهب المختصّة به اختصاص أطواق الحمائم بأعناقها- والمناقب المطيفة به إطافة كواكب السّماء بنطاقها، في أن ألّف الله القلوب المتباينة على الإقرار بفضله، وجمع الأفئدة المتنافية على الاعتراف بقصور كلّ محلّ عن محلّه، وجعل كلّ نعمة تسبغ عليه، ومنّة تسدى إليه، موافقة الآمال والأماني، مفضية للبشائر والتّهاني؛ لأنّ من أحبّ الحقّ وآثره، ولبس الصّدق واستشعره، ينطق بلسان الإرادة والاختيار، ومن تركهما وقلاهما، وخلعهما وألقاهما، ينطق بلسان الافتقار والاضطرار- والخصائص الّتي هو فيها نسيج وحده، وعطر يومه وغده- والمحاسن الّتي هي أناسيّ عيون الزّمان، ومصابيح أعيان الحسن والإحسان. ثم أعود فأهنّئه عموما بالنّعم المشتركة الشّمول، الفضفاضة الذّيول، الّتي أقرّت القضاء في نصابه، وأعادت الحكم إلى وطنه بعد نجعته واغترابه، وأعلتهما في الرّتبة الفاضلة، وقدعت «2» بهما
أنف الذّروة العالية. وأرفع يدي إلى الله تعالى داعيا في إمداد قاضي القضاة بتوفيق يسدّد مراميه، ويرشد مساعيه، ويهذّب آراءه ويصحّحها «1» ، ويبلج أحكامه ويوضّحها، ويخلّد عليه النعمة خلودها على الشاكرين، ويبصّره بحسن العقبى في الدنيا والدّين، وهو سبحانه يتقبّل ذلك ويرفعه، إن شاء الله تعالى.
التهنئة بذلك، من كلام أهل العصر:
تهنئة من ذلك: أوردها الشيخ شهاب «2» الدين محمود الحلبيّ في كتابه «زهر الربيع في الترسّل البديع» وهي:
أنفذ الله تعالى أحكامه، وشكر إحسانه وإنعامه، وخلّده ناصرا للشريعة المطهّرة وأدامه، وجدّد سعده وأسعد أيّامه، وجعله المسترشد والمقتفي بأمر الله والرّاشد والمستنجد والمستنصر والناصر والعاضد، والحاكم القائم بأمر الله
…
«3»
…
من القضاة الثلاثة الواحد.
المملوك يقبّل اليد العالية تبرّكا بتقبيلها، وأداء لواجب تعظيمها وتبجيلها، ويهنّيء المولى بما خصّه الله تعالى من مضاعفة نفاذ كلمته ورفع منزلته، وإمضاء أحكامه الشريفة وأقضيته، وتقليده أمور الإسلام، وتنفيذ أوامره في الخاصّ والعام، ويهنّيء بالمولى من ردّت أموره إليه، وعوّل في ملاحظة مصالحه عليه،