الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكاتباته شفعا، ولا يجعل لوصلهنّ قطعا، والله يمنح عيشه خفضا ومكانه رفعا، والسّلام.
شعر في معنى التشوّق (بسيط)
قد كان لي شرف يصفو برؤيتكم
…
فكدّرته يد الأيّام حين صفا
غيره (طويل) .
كتبت «1» للكتاب مجلّد
…
على أنّه قبلي بلقياك يسعد
النوع السادس (في الاستزارة)
قال في «موادّ «2» البيان» : رقاع الاستزارة إنما تشتمل على وصف حالات «3» الأنس ومجالس اللّذّات، ومشاهد المسرّات. قال: ويجب على الكاتب أن يودعها حلو الألفاظ، ومؤنق المعاني وبارع التشبيهات، ويبالغ في تشويق المستزار إلى الحضور، ويتلطّف فيه أحسن تلطّف.
وهذه نسخ من ذلك:
علي بن خلف:
رقعتي- أطال الله بقاء سيدي- ومجلسي بمن حلّه من خدمه، ونزله من صنائع كرمه، فلك مزيّن بأنجمه، فإن رأى أن يطلع فيه بدرا بطلوعه وينقل قدمه إليهم، ويكمّل نقصهم بتمامه، ويضيف ذلك إلى تليد إنعامه، فعل، إن شاء الله تعالى.
وله في مثله:
قد انتظم لنا- أطال الله بقاء سيدي- مجلس رقّت حواشيه، وتبسّمت راحه عن حبب، كلأليء على ذهب، وقامت فيه سوق السّرور، لا يكسدها إلا تخلّفه عن الحضور، فإن رأى أن يكمّل جذلنا بإطلاع طلعته علينا، ويصدّق ظنّنا بنقل قدمه إلينا، سرّ وأبهج، وتمّم من الإحسان ما أخدج، إن شاء الله تعالى.
وله: هذا- أطال الله بقاء مولانا- يوم صفيق الظّلّ، رقيق غلالة الطّلّ، قد ترفّعت شمسه ببرج أنسه «1» ، وافترّ جذلا عن مضاحك برقه، وترنّم طربا بزمجرة رعده، ووشت مدارج نسيمه، بأرج شميمه، وقام على منابر السّرور يخطب ابنة الكرم لابناء الكرام، وينادي بأعلى صوته: حيّ على المدام، فقد وجب على كلّ موفّق لاجتناء ثمار السّرور، والتحاف عطاف الحبور، أن يلبّي دعوته، وينتهز فرصته، ويعوّضه من شمسه الآفلة، براح لإظهار ما اختفى من شعاعها كافلة، ويقفه على التّملّي بالكاس والنّدمان، ويجعله سلكا ينتظم فيه الإخوان. ورقعتي هذه صادرة إلى مولاي وقد تهيّأ لنا مجلس من مجالس الأنس، يبسط تجعّد النفس، فيه بغم «2» ونغم، ومزهر وزهر، وخلّان قد تراضعوا لبان العقار، وتساهموا نقل «3» الوقار، وشجعوا في معارك الخمّار، وأدمنوا على المماساة والابتكار، إلّا أنّ هذا المجلس مع تمامه مخدج، وعلى كماله مختلج، لبعد مولاي الحالّ منه محلّ الواسطة من النّظام، والأرواح من الأجسام، فإن رأى أن يكمّل منه ما نقص، ويميط عنه [ما نغّص] فليجمّلنا بالمصير إلينا، والطّلوع
علينا، وإعفائنا من إضجار الانتظار، معتدّا بذلك في كريم الأيادي والمبارّ، إن شاء الله تعالى.
وله في مثله:
هذا اليوم- أطال الله سيدي- يوم أعرس فيه الجوّ بالجارية البيضاء فخدّرها، وحجبها بسجف «1» الغمام وستّرها، واختال اختيال المعرّس في معرّسه، بمصندله وممسّكه ومورّسه، واتّخذ من ذهب البوارق نثارا، واستنطق من زنّار الرّواعد أوتارا، ودعا إلى حضور وليمته، والسّرور بمسرّته، فإن رأى أن يلبّي طلب «2» هذا اليوم الصّفيق، ويتمتّع بعيشه الرافغ «3» الرّفيق، فليطلع علينا طلعته الّتي تبهر القمر المزهر، وتصدع الليل المعتكر، لينهض غرّة الإصباح، بغرّة الراح، ويقطف ثمار الأنس والمحاضرة، ويتملّى بالسّماع والمذاكرة، ويأخذ بحظّ من لذاذة الفيخة الشبيهة بشمائله، ويعدّ ذلك من مبارّه وفواضله، [فعل] إن شاء الله تعالى.
وله في الاستزارة في بستان:
كتبت- أطال الله بقاء سيّدي- وقد غدوت في هذا اليوم [إلى] بستاني والطّير في الأوكار، والأنداء «4» تهبط كالتّيّار، والليل مشتمل على الصّباح اشتمال الأدهم على الأوضاح، عازما على مشارفته ومشارفة ما استمددت من عمارته، لا للخلوة فيه بمعاطاة المدام، ومؤانسة النّدام، فحين سرّحت الطّرف في ميادينه وجداوله، وأقبلت على تصفّح حلاه وحلله، رأيت مناظره تعتلق القلوب اعتلاق الأشراك؛ وتعتاق المستوفز عن الحراك، وتقيم قاعد المزاج والنّشاط، وتوقظ هاجد الفرح والانبساط؛ فمن أشجار كالأوانس، في ريحانيّ الملابس، حالية من موشّع الزهر والثمر، بأنصع من الياقوت والجوهر، كأنما تحفّلت لاجتلاء
عروس، أو معاطاة كؤوس، ما بين نخيل قد نشرت عذب السّندس على ذراها، وأطلعت طلعا كالخناجر غشيها صداها، ونارنج يحمل أكبر العقيان، أو وجنات القيان، وأترجّ «1» قد استعار ثمرة أشواق العشّاق، إذا صالت عليهم يد الفراق. ومن ريضان «2» زاهية بنشرها، وقضبها مختالة في ملابس زهرها، ونرجسها كعين محبّ حدّق إلى الحبيب، وثنى جيده خوف الرّقيب، إذا عبث به النّسيم جمع بين كلّ قضيب وإلفه، وسعى بالاعتناق من شوقه وكلفه، ووردها كمداهن ياقوت فيها نضار، وشقيقها كمدامات عقيق فيها صوار «3» ، وبنفسجها فخذ تمضي فيه من القرص آثار، أو جام لجين عليه من النّدى نثار. ومن أنهار قدّت حافاتها قدّ الأديم، وحدّت على صراط مستقيم، بجرة مسجورة، كالسّيوف المشهورة أو المهارق المنشورة، إذا خمشها الهوى خلع عليها متون المبارد، أو سلوخ الأساود، يتخرّق ذلك كلّه نسيم رقيق الغلائل، حلو الشمائل، يسعى بالنّميم، في المعاطس والشّميم، انصبّت إلى مجلس فسيح البناء، ضيّق الأقناء، موشّى الجدران والسّماء، في صدره شاذروان «4» يرمي بكسر البلّور، وفي وسطه نهر ينساب ماؤه انسياب الشّجاع المذعور، وتتوسّطه بركة منمنمة ينصبّ الماء إليها بالدّوالي إلى أربع شاذروانات، ويخرج عنها من أربع فطيمات، يحتفّها كلّ شجر مثمر، وروض مزهر، فقلت: هذا المراد الذي