الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمرتبتها في جمال غشاك «1» ، وكمال أتاك، فليصدّق بها اعترافك وشكرك، وليحسن ثناؤك ونشرك، قضاء لحق الله عليك، واستدرارا في المزيد من إحسانه إليك.
الصنف الثالث- التهنئة بالمرض
.
أبو الفرج الببغاء:
في ذكر الله سيدي بهذا العارض- أماطه «2» الله وصرفه، وجعل صحة الأبد خلفه- ما دلّ على ملاحظته إيّاه بالعناية، إيقاظا له من سنة الغفلة، إذ كان تعالى لا يذكّر بطروق الآلام، وتنبيه العظات، غير الصّفوة من عباده، الخيرة من أوليائه، فهنأه الله الفوز بأجر ما يعانيه، وحمل عنه بألطافه ثقل ما هو فيه، وأعقب ما اختصّه من ذخائر المثوبة والأجر بعافية تقتضيه، ولا سلب الدنيا جمال بقائه، ولا نقل ظلّه عن كافّة خدمه وأوليائه.
الصنف الرابع- التهنئة بالصّرف عن الولاية
.
أبو الفرج الببغاء:
من حلّ محلّه- أيده الله تعالى- من رتب الرّياسة والنّبل، كان معظّما في حالتي الولاية والعزل، لا يقدح في قدره تغيّر الأحوال، ولا ينقله عن موضعه من الفضل تنقّل الأعمال، إذ كان استيحاشها للفائت من بركات نظره، بحسب أنسها كان بما أفادته من محمود أثره، فهنأه الله نعمة الكفاية، وأوزعه شكر ما احتازه من النزاهة والصّيانة، ولا أخلاه من التوفيق في سائر متصرّفاته، والخيرة الضامنة لعواقب إراداته.
وله في مثله:
لو كان لمستحدث الأعمال ومستجدّ الولايات زيادة على ما اختصّك به
من كمال الفضل، ومأثور النّبل، لحاذرنا انتقال ذلك بانتقال ما كنت تتولّاه بمحمود كفايتك، وتحوطه بنواظر نزاهتك وصيانتك، غير أنّ الله تعالى جعلك بالفضل متقمّصا، وبالمحامد متخصّصا، فالأسف فيما تنظر فيه عليك لا منك، والفائدة فيما تتقلّده بك لا لك، ولذلك كنت بالصّرف مهنّأ مسرورا، كما كنت في الولاية محمودا مشكورا، فلا أخلاك الله من تواصل آلائه، وتظاهر نعمائه، في سائر ما تبرمه وتمضيه، وتعتمده وترتئيه.
أبو الحسين بن سعد- عمّن تولّى عملا إلى من صرف عنه:
قد قلّدت العمل بناحيتك، فهنأك الله تجديد ولايتك، وأنفذت خليفتي لخلافتك، فلا تخله من تبصيرك وهدايتك، إلى أن يمنّ الله بزيارتك.
تهنئة بصرف عن ولاية:
لو كانت رياسة سيّدي مجنيّة من عروش الولايات، وسيادته خارجة عن سانح التصرّفات، لأشفق أولياؤه من زوالهما بمزايلتهما، وحذروا من انتقالهما بنقلهما، لكن ما وسم به من الكمال، وعلا به من رتب الجلال، موجود في غريزته وجود الفرند «1» في السيف المأثور، واللألاء في النور، وإذا تصرّف، أورد الله الرعيّة من مشارعها نطافا، وأسبغ عليهم من ظلّها عطافا، وإذا انصرف فخير مسبل تقلّص، وعيش رائع تنغّص، والأسف على العمل السّليب من حلل سياسته الفاضلة، العاطل من حلى سيرته العادلة، ولهذا أصبح- أيده الله- بالعزل مبتهجا مسرورا، كما كان في الولاية محمودا مشكورا، وانطلقت ألسنة أوليائه، في هنائه، بما وهبه الله من الرّفاهية والدّعة، وحطّه عنه من الأثقال المقلقة، ولا سيّما وقد علم الخاصّ والعامّ أنّ الأعمال إذا ردّت إليه، وعوّل فيها عليه، تسلّم المودع وديعته، والناشد ضالّته، وإذا عدل فيها إلى غيره تناولها
تناول الغاصب، واستولى عليها استيلاء السّالب، فلا تزال نازعة إلى ربّها، متطلّعة إلى خطبها، حتّى تعود إلى محلّها، وترجع إلى نصلها، والله تعالى أسأل أن يقضي لمولانا ببلوغ الأوطار، إن شاء الله تعالى.
أجوبة التهنئة بالصرف عن الولاية والخدمة قال في «مواد البيان» : يجب أن تكون أجوبتها مبنيّة على شكر الاهتمام والاعتداد بالمشاركة في الأحوال، مع وقوع ما ورد من الخطاب الموقع للطيف، وما ينتظم في هذا السلك.
جواب من ورد عليه كتاب من ولي مكانه في معنى ذلك.
فمن ذلك:
ما انصرفت عنّي نعمة أعديت إليك، ولا خلوت من كرامة اشتملت عليك، وإنّي لأجد صرفي بك ولاية ثانية، وحلّة من الوزر واقية، لما آمله بمكانك من حميد العاقبة وحسن الخاتمة.
الصنف الخامس- تهنئة «1» من تزوجت أمّه بزواجها.
قد تقدّم في أوّل المقالة الأولى في حكاية حائك الكلام مع عمرو «2» بن مسعدة وزير المأمون «3» ، أنه قال: يكتب إليه:
أما بعد، فإنّ الأمور تجري على خلاف «1» محابّ المخلوقين [والله يختار لعباده]«2» ، فخار الله لك في قبضها [إليه، فإن القبور أكرم الأكفاء]«3» والسّلام.
أبو الفرج الببغاء: وقد أمره سيف الدولة «4» بن حمدان بالكتابة في معنى ذلك امتحانا له:
من سلك إليك- أعزّك الله- سبيل الانبساط، لم يستوعر مسلكا من المخاطبة فيما يحسن الانقباض عن ذكر مثله. واتّصل بي ما كان من خبر الواجبة الحقّ عليك، المنسوبة بعد نسبتك إليها إليك- وفّر الله صيانتها- في اختيارها ما لولا أنّ الأنفس تتناكره، وشرع المروءة يحظره، لكنت في مثله بالرضا أولى، وبالاعتداد بما جدّده الله في صيانتها أحرى، فلا يسخطنّك من ذلك ما رضيه وجوب الشّرع، وحسّنه أدب الدّيانة، ومباح الله أحقّ أن يتّبع، وإيّاك أن تكون ممن لمّا عدم اختياره تسخّط اختيار القدر له، والسّلام.