الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وعلى نحو ما تقدّم من كتابة المعهود إليه بالقبول وشهادة الشّهود على العهد ينبغي أن يكون العمل أيضا في زماننا، ليجتمع خطّ العاهد بالتفويض على ما تقدّم، وشهادة الشهود. ولو اقتصر المعهود إليه في الكتابة على قوله:«قبلت ذلك» كان كافيا، وإن كان أمّيّا اكتفي بشهادة الشهود.
الوجه الثامن (في قطع الورق الذي تكتب فيه عهود الخلفاء، والقلم الذي يكتب به، وكيفيّة كتابتها وصورة وضعها)
أما قطع الورق فمقتضى قول المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في «التعريف» أنّ للعهود قطع البغداديّ الكامل، وأن عهود الخلفاء تكتب في البغداديّ كما هو مستعمل في عهود الملوك عن الخلفاء، على ما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى. وهو مقتضى ما تقدّم «1» في الكلام على قطع الورق في مقدّمة الكتاب نقلا عن محمد بن عمر «2» المدائني في كتاب «القلم والدواة» أنّ القطع الكامل للخلفاء.
قلت: وقد أخبرني من يوثق به أنه وقف على عهد المعتضد «3» بالله أبي الفتح أبي بكر، والد المتوكل «4» على الله، أبي عبد الله محمد خليفة العصر، وهو مكتوب في قطع الشاميّ الكامل، وأنه كتب عهد المتوكلّ على ظهره بخط الشهود دون كاتب «5» إنشاء. وكأنهم لما تقهقرت الخلافة وضعف شأنها، وصار
الأمر إلى الملوك المتغلّبين على الخلفاء، تنازلوا في كتابة عهودهم من قطع كامل البغدادي إلى قطع الشاميّ. وهذا هو المناسب للحال في زماننا.
وأما القلم الذي يكتب به، فالحكم فيه ما تقدّم في البيعات، وهو إن كتب العهد في قطع البغداديّ، كتب بقلم مختصر الطّومار «1» . وإن كتب في قطع الشاميّ، كتب بقلم الثلثين الثّقيل.
وأما كيفيّة الكتابة وصورة وضعها، فعلى ما تقدّم في كتابة البيعات، وهو أن يبتدأ بكتابة الطّرّة في أوّل الدّرج بالقلم الذي يكتب به العهد سطورا متلاصقة ممتدة في عرض الدّرج من أوّله إلى آخره من غيرهامش. ثم إن كانت الكتابة في قطع البغداديّ الكامل، جرى فيه على القاعدة المتداولة في عهود الملوك عن الخلفاء، فيترك بعد الوصل الذي فيه الطرّة ستّة أوصال بياضا من غير كتابة، ثم يكتب البسملة في أوّل الوصل الثامن بحيث يلحق أعالي ألفاته بالوصل الذي فوقه، بهامش قدر أربعة أصابع أو خمسة، ثم يكتب تحت البسملة سطرا من أوّل العهد ملاصقا لها، ثم يخلّي مكان بيت العلامة قدر شبر كما في عهود الملوك، ثم يكتب السطر الثاني تحت بيت العلامة على سمت السطر الذي تحت البسملة. ويحرص أن تكون نهاية السجعة الأولى في السطر الأوّل أو الثاني، ثم يسترسل في كتابة بقيّة العهد إلى آخره، ويجعل بين كلّ سطرين قدر ربع ذراع بذراع القماش. فإذا انتهى إلى آخر العهد، كتب «إن شاء الله تعالى» ثم المستند، ثم الحمدلة، والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم والحسبلة، على ما تقدّم في الفواتح والخواتم. ثم يكتب المعهود إليه والشهود بعد ذلك. وإن كتب في قطع
الشاميّ، فعلى ما تقدّم في البيعات، من أنه ينبغي أن يقتصر في أوصال البياض على خمسة أوصال، ويكون الهامش قدر ثلاثة أصابع.
وهذه صورة وضعه في الورق، ممثّلا فيها بالطرّة الّتي أنشأتها، على ما تقدّم ذكره في العهد الذي أنشأته على لسان الإمام المتوكل على الله خليفة العصر لولده العبّاس. وهو العهد الأخير من المذهب الأوّل من عهود الخلفاء عن الخلفاء.
بياض بأعلى الدرج تقدير إصبع هذا عهد إماميّ قد علت جدوده، وزاد في الارتقاء في العلياء صعوده، وفصّلت بالجواهر قلائده ونظّمت بنفيس الدّرّ عقوده، من عبد الله ووليّه الإمام المتوكّل على الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المعتضد بالله أبي الفتح أبي بكر، بالخلافة المقدّسة لولده السيد الجليل، ذخيرة الدّين، ووليّ عهد المسلمين، أبي الفضل العبّاس، بلّغه الله تعالى فيه غاية الأمل، وأقرّ به عين الأمّة كما أقرّ به عين أبيه وقد فعل على ما شرح فيه.
بياض ستة أوصال بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد سعيد الطالع ميمون الطائر مبارك الأوّل عهدت إليه بذلك وكتب فلان بن فلان
جميل الأوسط حميد الآخر
…
تشهد به حضرات الأملاك
وترقمه كفّ الثّريّا بأقلام القبول في صحائف الأفلاك وتباهي به ملائكة الأرض ملائكة السما، وتسري بنشره القبول إلى الأقطار