الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من كلام الأقدمين:
تهنئة من ذلك، أوردها أبو الحسين بن «1» سعد في ترسّله، وهي:
وهنأ الله الأمير مواهبه الهنيّة، وعطاياه السّويّة، وأدام تمكينه وقدرته، وثبّت وطأته، وحرس ما خوّله، وجعل ما هيّأ له من مؤتنف الكرامة أيمن الأمور فاتحة وأسعدها عاقبة، ووصل أيّامه بأجمل الولاية، وأجلّ الكفاية، حتّى ينتهي [من] استيفاء سعادات الحظوظ وحوز القسم والآمال، [إلى] الدرجة الّتي تليق بما أفرده الله به من الكمال، وخصّه به من الفضل في جميع الخصال. ومن أفضل ما أعتدّ به من نعم الله عليّ بالأمير وبجميل رأيه، ومحلّي من طاعته وخدمته، أنّي لا أخلو في كل وقت وحال من بهجة تتجدّد لي، ومسرّة تصل إليّ، وتتوفّر عليّ، بما يسهّله الأمير على يده من مستصعب الأمور، ومستغلق الخطوب، الّتي تبعد عمّن يزاولها، ويجعل الله بطوله وحوله للأمير القدرة عليها، ويتوحّد بالكفاية فيها، فينمو بجميل تدبيره ولطيف نظره، ويطّرد بصاعد نجمه ويمن نقيبته وعزّ دولته، وذلك من فضل الله ونعمته، يؤتي فضله من يشاء وهو ذو الفضل العظيم.
الصنف الرابع- التهنئة بولاية الحجابة
.
وقد كان لها في الزّمن القديم المحلّ الوافر في الدولة وعلوّ الرتبة فيها.
من كلام الأقدمين:
تهنئة من إنشاء أبي الحسين بن سعد، كتب بها إلى أبي بكر «2» بن ياقوت
حين ولي الحجابة بعد نكبة أصابته، وهي بعد الصدر:
وقد كانت أنفسنا معشر عبيد سيدنا وحملة إنعامه، ومؤمّلي أيامه، في هذه الأحوال الّتي نفد سيدنا منها فيما ابتلاه صبره، وأبان فيه قدره، وزاد العارف بفضله نفوذا في البصيرة، وأعاد ذوي الارتياب فيه إلى الثّقة، فاستوى المنازع والمسلّم، واستوى العالم والمعاند- نعمة منه تعالى ذكره خصّه بها وصانه عن مشاكلة النظير، ومزاحمة الأكفاء- على سبيل من القلق والارتماض «1» ، والسّقوط والانخفاض، جزعا من تلك الحال الغليظة، وإشفاقا على تلك النّفس النّفيسة، وخوفا على معالم البرّ والتّقى، وبقيّة العلم والحجا، وتاريخ الكرم والنّدى، أن يدرس منارها، وتطمس آثارها، ولولا ما منّ الله به من الخلاص منها وما منح بكرمه في عاقبتها، لأوشكت أن تأتي عليها وتعجلها عن مواقيت آجالها، لكنه عظمت آلاؤه، وتقدّست أسماؤه، أتى بالأمن والفرج، بعد استيلاء الكرب والوجل، وانبتات أسباب الرّجاء والأمل، فعرف سيدنا موقع الخيرة فيما قضاه، وميّز له الخبيث من الطيّب ممّن عاداه وتولّاه، وجعل النعمة الّتي جدّدها له فيما ردّه أمير المؤمنين إلى تدبيره من أمر داره ومملكته، وحراسة بيضة رعيّته، مشتركة النّفع والفائدة، مقسومة الخير والعائدة، بين كافّة الأمّة فيما عمّ من المعدلة، وشمل من المصلحة، ولاح من تباشير الخير، وأمارات البركة، في استقامة أمور البلاد وصلاح أحوال العباد، وأفرد الله سيدنا بحظّ من الموهبة وفّاني فيه على حظوظ الأولياء، وزادني على سهام الشّركاء. وأنا أرغب إلى الله في إسعاد سيدنا بما جدّده له، وتعريفه بركة مفتتحه ويمن خاتمته.
والحمد لله في مبتداه، والسلامة في عقباه، وتبليغه من حظّ مأمول، وخير
مطلوب، وحال عليّة، ورتبة سنيّة، أفضل ما بلّغ أحدا اختصّه بفضله، واصطفاه من خلقه، إنه جواد ماجد. فإن رأى سيدنا أن يتطوّل بإجراء عبده على كريم عادته في تشريفه بمكاتبته، وتصريفه في أمره ونهيه، محقّقا بذلك أمله، وزائدا في نعمه عنده، فعل إن شاء الله تعالى.
تهنئة أخرى من ذلك، من إنشاء عليّ»
بن خلف أوردها في «موادّ البيان» وهي:
إنما يهنّأ بالولاية- أطال الله بقاء الحاجب «2» الجليل سيّدي ومولاي- من انبسطت إليها يده بعد انقباض، وارتفع لها قدره من انخفاض، وأوجدته الطريق إلى إحراز جزيل الأجر والجزاء، واكتناز جميل البركة والثّناء، وأفضت به إلى اتّساع السّلطان، وانتفاع الأعوان، فأمّا من جعل الله يده الطّولى، وقدره الأعلى، ورياسته حاصلة في نفسه وجوهره، وسيادته مجتناة من سنخه «3» وعنصره، فالأولى- إذا استكفي رغبة في إنصافه وعدله، وحاجة إلى سداده وفضله، وافتقارا إلى فضل سيرته، واضطرارا إلى فاضل سياسته- أن تهنّأ الرعيّة بولايته، وتسرّ الخاصّة والعامّة بما عدق من أمورها بكفايته؛ وغير بدع ربط «4» أمير المؤمنين بالحاجب الجليل أمر حجابته، ونصبه الزّحمة «5» عن حضرته، وجعله الوسيط والسفير بينه وبين خواصّ دولته، وقد وثق بيمن نقيبته، واطّلع