الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبيّنت البون الذي بينه وبين غيره تلك الفصاحة والبيان، وقابل أياديه بشكر لسانه، وجازاه بحسن الدّعاء عن إحسانه، ولا يقوم بشكر فضله اللسان ولا الجثمان، وهل جزاء الإحسان إلّا الإحسان؟
فأمّا ما أشار إليه من الهناء بالمكان الذي تولّاه، وأبداه من المحبّة الّتي أوجبت عليه أن يتوالاه، فالله تعالى يعينه على ما هو بصدده، ويجعل الحقّ والخير جاريين على لسانه ويده، ويرزقه اتباع محكم كتابه وسنّة رسوله، ويحصّل له من الرّشد غاية سوله ومأموله، فإن هذه الولاية صعبة المراس، وجوادها كثير الشّماس، لكن ببركات المولى يحصل من الله الأرب، ويسهل لأوليائه القصد والإسعاد والطّلب، أدام الله ظلّ المولى وأسعده، وأوضح لديه طريق السعادة ومهّده، ومنحه من الألطاف الخفيّة أفضل ما عوّده، بمنّه وكرمه.
الضرب الثاني (التهنئة بكرامة السلطان وأجوبتها)
وفيه ثلاثة أصناف:
الصنف الأوّل- التهنئة بالإنعام والمزيد ولبس الخلع «1» وغير ذلك.
من كلام الأقدمين:
وينهي أنه اتّصل بالمملوك ما أهّل مولانا السلطان مولانا له: من المحلّ السّنيّ،
والمكان العليّ، الذي لم يزل موقوفا عليه، متشوّفا إليه، نافرا عن كلّ خاطب سواه، جامحا على كلّ راكب إلّا إيّاه، فأقرّ الله عين المملوك بذلك لصدق ظنه، وعلم أنّ ما أصاره الله تعالى إليه من هذه المنزلة المنيفة، والرّتبة الشريفة، مدرجة تفضي إلى مدارج، ومعرجة تنتهي إلى معارج، والله تعالى يزيد معاليه علوّا، ويضاعف محلّه سموّا، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
ومنه- وينهي أنه اتّصل بالمملوك نبأ الموهبة المتجدّدة لديه، والنعمة المسبغة عليه، وما اختصّه به مولانا السلطان من الاصطفاء والإيثار، والاجتباء والاختيار، وتقديمه للرّتبة الأثيرة، والإنافة إلى المنزلة الخطيرة، فسرّ المملوك للرّياسة إذ أحلّها الله تعالى في محلّها، وأنزلها على أهلها، ووصلها بكفئها وكافيها، وسلّم قوسها إلى راميها، والله تعالى يجعل هذه الرتبة أوّل مرقاة من مراقي الآمال، ومكين الرّتب الّتي يفرعها من رتب الجلال، إن شاء الله تعالى.
من كلام المتأخرين:
الشيخ شهاب الدين محمود «1» الحلبي:
أدام الله أنصاره، وجعل التّقوى شعاره، وألبسه من المحامد أكرم حلّة، ونوّله من المكارم أحمد خلّة، ولا زالت الخلع تتشرّف إذا أفيضت عليه، والمدائح تستطاب بذكره لا سيّما إذا أنشدت بين يديه.
الخادم ينهي إلى علم المولى أنه اتّصل به خبر أهدى إليه سرورا، ومنحه بهجة وحبورا، وهو ما أنعم به المولى السلطان خلّد الله سلطانه، وضاعف إحسانه، من تشريفه بخلعته، وما أسبغه عليه من وارف ظلّه ووافر نعمته، وأبداه من عنايته بالمولى ومحبّته، وقد حصل له من المسرّة ما أجذله، وبسط في مضاعفة سعد المولى أمله، فإنه بلغه أنّ هذه الخلعة كالرّياض في نضارتها، وحسن بهجتها، وأنها كلّما برقت برق لها البصر، وظنّها لحسنها حديقة وقد