المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع (في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ٩

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تتمة المقالة الرابعة]

- ‌[تتمة الفصل السابع]

- ‌القسم الثاني من مقاصد المكاتبات، الإخوانيّات (مما يكتب به الرئيس إلى المرؤوس والمرؤوس إلى الرئيس والنظير إلى النظير)

- ‌النوع الأوّل (التّهاني)

- ‌الضرب الأوّل (التهنئة بالولايات، وهي على تسعة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بولاية الوزارة

- ‌الصنف الثاني- التهنة بكفالة السلطنة

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالإمارة

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بولاية الحجابة

- ‌الصنف الخامس- التهنئة بولاية القضاء

- ‌الصنف السادس- التهنئة بولاية الدعوة على مذهب الشّيعة

- ‌الصنف السابع- التهنئة بالتقدمة على الرجال

- ‌الصنف الثامن- التهنئة بولاية الديوان

- ‌الصنف التاسع- التهنئة بولاية عمل

- ‌الضرب الثاني (التهنئة بكرامة السلطان وأجوبتها)

- ‌الصنف الثاني- التهنئة برضى السلطان بعد غضبه

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالخلاص من الاعتقال

- ‌الضرب الثالث (من التهاني التهنئة بالعود من الحجّ)

- ‌الضرب الرابع (من التهاني، التهنئة بالقدوم من السّفر)

- ‌الضرب الخامس (من التهانيء التهنئة بالشهور والمواسم والأعياد)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بأوّل العام وغرّة السّنة

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بشهر رمضان

- ‌الصنف الثالث- ما يصلح تهنئة لكلّ شهر من سائر الشّهور

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بعيد الفطر

- ‌الصنف الخامس- التهنئة بعيد الأضحى

- ‌الصنف السادس- التهنئة بعيد الغدير من أعياد الشّيعة:

- ‌الصنف السابع- التهنئة بالنّيروز

- ‌الصنف الثامن- التهنئة بالمهرجان

- ‌الضرب السادس (التهنئة بالزواج والتسرّي)

- ‌الضرب السابع (من التّهاني التهنئة بالأولاد، وهو على ثلاثة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بالبنين

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بالبنات

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالتّوءم

- ‌الضرب الثامن (من التهاني التهنئة بالإبلال من المرض والعافية من السّقم)

- ‌الضرب التاسع (التهنئة بقرب المزار)

- ‌الضرب العاشر (التهنئة بنزول المنازل المستجدة)

- ‌الضرب الحادي عشر (نوادر التهاني، وهي خمسة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- تهنئة الذّميّ بإسلامه

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بالختان وخروج اللّحية

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالمرض

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بالصّرف عن الولاية

- ‌النوع الثاني (من مقاصد المكاتبات: التّعازي)

- ‌الضرب الأوّل (التعزية بالابن)

- ‌الضرب الثاني (التعزية بالبنت)

- ‌من كلام المتقدّمين:

- ‌الضرب الثالث (التعزية بالأب)

- ‌من كلام المتقدمين:

- ‌الضرب الرابع (التعزية بالأم)

- ‌الضرب الخامس (التعزية بالأخ)

- ‌الضرب السادس (التعزية بالزوجة)

- ‌الضرب السابع (التعازي المطلقة مما يصلح إيراده في كلّ صنف)

- ‌النوع الثالث (من مقاصد المكاتبات التّهادي والملاطفة)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب مع التّقادم إلى الملوك من أهل مملكتهم إلى القائمين بإيصال التّقدمة إلى الملك وكاتب السّرّ ونحوهما)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب مع الهديّة عند بعثها)

- ‌الصنف الأوّل- ما يكتب مع إهداء الخيل

- ‌الضرب الثاني (من كتب التهادي الاستهداء)

- ‌الصنف الثاني- الشّراب

- ‌النوع الرابع (الشّفاعات والعنايات)

- ‌النوع الخامس (التشوّق)

- ‌النوع السادس (في الاستزارة)

- ‌النوع السابع (في اختطاب المودّة وافتتاح المكاتبة)

- ‌النوع الثامن (في خطبة النّساء)

- ‌النوع التاسع (في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار)

- ‌النوع العاشر (في الشكوى- أعاذنا الله تعالى منها)

- ‌النوع الحادي عشر (في استماحة الحوائج)

- ‌النوع الثاني عشر (في الشكر)

- ‌النوع الثالث عشر (العتاب)

- ‌النوع الرابع عشر (العيادة والسّؤال عن حال المريض)

- ‌النوع الخامس عشر (في الذّمّ)

- ‌النوع السادس عشر (في الأخبار)

- ‌النوع السابع عشر (المداعبة)

- ‌النوع الأوّل (ما يتعلّق بالكتابة، وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما يتعلّق بالمكتوب به)

- ‌الضرب الثاني (ما يتعلق بالخطّ المكتوب)

- ‌القاعدة الأولى- كيفية التعمية

- ‌المذهب الأوّل- أن يكتب بالأقلام القديمة

- ‌المذهب الثاني- أن يصطلح الإنسان مع نفسه على قلم يبتكره وحروف يصوّرها

- ‌ القاعدة الثانية- حلّ المعمّى، وهو مقصود الباب ونتيجته

- ‌الأصل الأوّل- معرفة الأسّ الذي يترتّب عليه الحلّ

- ‌أحدها- أن يعرف مقادير الحروف الّتي تتركّب منها الكلمة

- ‌الثاني- أن يعرف الحروف الّتي لا يقارب بعضها بعضا بمعنى أنها لا تجتمع في كلمة واحدة

- ‌الثالث- أن يعرف الحروف الّتي لا تقارن بعض الحروف في الكلمات إلّا قليلا

- ‌الرابع- أن يعرف ما يجوز تقديمه على غيره من الحروف وما يمتنع

- ‌الخامس- أن يعرف ما لا يقع في أوّل الكلمات من الحروف

- ‌السادس- أن يعرف أنه لا يتكرّر حرف في أوّل كلمة إلّا من هذه العشرة الأحرف

- ‌السابع- أن يعرف أكثر الحروف دورانا في اللّغة

- ‌الأصل الثاني- كيفية التوصّل بالحدس إلى حلّ المترجم

- ‌النوع الثاني (الرّموز والإشارات الّتي لا تعلّق لها بالخطّ والكتابة)

- ‌الباب الأوّل في بيان طبقاتها وما يقع به التفاوت، وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في بيان طبقات الولايات، وهي على ثلاث طبقات

- ‌الطبقة الأولى- الخلافة

- ‌الطبقة الثانية- السّلطنة

- ‌الطبقة الثالثة- الولايات عن الخلفاء والملوك

- ‌الصّنف الثاني- ولاية أمراء العربان

- ‌الصنف الثالث- ولاية المقدّمين على الطّوائف

- ‌النوع الثاني (ولاية أرباب الأقلام، وهم صنفان)

- ‌الصّنف الأوّل (أرباب الوظائف الدينيّة، وهم على ثمانية أضرب)

- ‌الضرب الأوّل- أكابر القضاة بأقطار المملكة

- ‌الضرب الثالث- أكابر المحتسبين

- ‌الضرب الرابع- أكابر المدرّسين في عامّة العلوم بأماكن مخصوصة

- ‌الضرب الخامس- أكابر الخطباء بجوامع مخصوصة بأقطار المملكة

- ‌الضرب السادس- وكلاء بيت المال بالدّيار المصرية

- ‌الضرب السابع- المتحدّثون على الوظائف المعتبرة

- ‌الضرب الثامن- المتحدّثون على جهات البرّ العامّة المصلحة

- ‌الضرب الأوّل- دواوين المال

- ‌الضرب الثاني- دواوين الجيوش بالديار المصرية

- ‌الضرب الثالث- دواوين الإنشاء

- ‌النوع الثالث (ولايات أرباب الوظائف الصّناعيّة)

- ‌الضرب الثاني- ولاية رئيس اليهود

- ‌النوع الخامس (ما لا يختصّ بطائفة ولا يندرج تحت نوع)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الخامسة (في بيان ما تجب على الكاتب مراعاته في كتابة الولايات على سبيل الإجمال)

- ‌الفصل الثالث من الباب الأوّل من المقالة الخامسة (في بيان ما يقع به التفاوت في رتب الولايات، وذلك من سبعة أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (الألقاب، وهي على ثلاثة أنواع)

- ‌النوع الأوّل (ألقاب الخلفاء)

- ‌الصنف الأوّل- ألقاب الخلفاء أنفسهم

- ‌الصنف الثاني- ألقاب أولياء العهد بالخلافة

- ‌النوع الثاني (ألقاب الملوك، وهي صنفان أيضا)

- ‌الصنف الأوّل- ألقاب السلطان نفسه

- ‌الصنف الثاني- ألقاب أولياء العهد بالملك

- ‌النوع الثالث (ألقاب ذوي الولايات الصادرات عن السلطان من أرباب الوظائف الواقعة في هذه المملكة)

- ‌الوجه الثاني (ألفاظ إسناد الولاية إلى صاحب الوظيفة، ولها ستّ مراتب)

- ‌الأولى- لفظ العهد

- ‌الثانية- لفظ التّقليد

- ‌الثالثة- لفظ التّفويض

- ‌الرابعة- لفظ الاستقرار والاستمرار

- ‌الخامسة- لفظ الترتيب

- ‌السادسة- لفظ التقدّم

- ‌الوجه الثالث (الافتتاحات، وهي راجعة إلى أربع مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الافتتاح بلفظ: هذه بيعة

- ‌المرتبة الثانية- الافتتاح بأمّا بعد حمد الله

- ‌المرتبة الثالثة- الافتتاح برسم بالأمر الشريف

- ‌المرتبة الرابعة- ما كان يستعمل من الافتتاح «بأما بعد فإنّ كذا

- ‌الوجه الرابع (تعدّد التحميد في الخطبة أو في أثناء الكلام واتحاده)

- ‌الوجه الخامس (الدعاء، وله ثلاثة مواضع)

- ‌الموضع الأوّل- في طرّة الولاية

- ‌الموضع الثاني- في أثناء الولاية

- ‌الموضع الثالث-[في] آخر الولاية بالإعانة ونحوها

- ‌الوجه السادس (طول الكلام وقصره، فكلّما عظمت الوظيفة وارتفع قدر صاحبها كان الكلام فيها أبسط)

- ‌الوجه السابع (قطع الورق)

- ‌أحدها- قطع البغداديّ الكامل

- ‌الثاني- قطع الثلثين من المنصوريّ

- ‌الثالث- قطع النّصف منه

- ‌الرابع- قطع الثّلث منه

- ‌الخامس- قطع العادة؛ وهو أصغرها

- ‌الباب الثاني من المقالة الخامسة في البيعات، وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل (في معناها)

- ‌الفصل الثاني (في ذكر تنويع البيعات، وهي نوعان)

- ‌النوع الأوّل (بيعات الخلفاء، وفيها سبعة مقاصد)

- ‌المقصد الأوّل (في أصل مشروعيتها)

- ‌المقصد الثاني (في بيان أسباب البيعة الموجبة لأخذها على الرّعيّة

- ‌السبب الأوّل- موت الخليفة المنتصب من غير عهد بالخلافة لأحد بعده

- ‌السبب الثاني- خلع الخليفة المنتصب لموجب يقتضي الخلع

- ‌السبب الثالث- أن يتوهّم الخليفة خروج ناحية من النّواحي عن الطاعة

- ‌السبب الرابع- أن تؤخذ البيعة للخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد

- ‌السبب الخامس- أن يأخذ الخليفة المنتصب البيعة على الناس لوليّ عهده بالخلافة

- ‌المقصد الثالث (في بيان ما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة البيعة)

- ‌المقصد الرابع (في بيان مواضع الخلافة الّتي يستدعي الحال كتابة المبايعات فيها)

- ‌أحدها- موت الخليفة المتقدّم عن غير عهد لخليفة بعده

- ‌الثاني- أن يعهد الخليفة إلى خليفة بعده

- ‌الثالث- أن تؤخذ البيعة للخليفة بحضرة ولايته

- ‌الرابع- أن يعرض للخليفة خلل في حال خلافته

- ‌المقصد الخامس (في بيان صورة ما يكتب في بيعات الخلفاء، وفيها أربعة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (أن تفتتح المبايعة بلفظ «تبايع فلانا أمير المؤمنين» خطابا لمن تؤخذ عليه البيعة)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب في بيعات الخلفاء)

- ‌المذهب الثالث (أن تفتتح البيعة بعد البسملة بخطبة مفتتحة بالحمد لله

- ‌المذهب الرابع (مما يكتب في بيعات الخلفاء أن يفتتح البيعة بلفظ: هذه بيعة

- ‌المقصد السادس (فيما يكتب في آخر البيعة)

- ‌المقصد السابع (في قطع الورق الذي تكتب فيه البيعة، والقلم الذي تكتب به، وكيفيّة كتابتها، وصورة وضعها)

- ‌النوع الثاني (من البيعات، بيعات الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة الخامسة في العهود، وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل (في معنى العهد)

- ‌الفصل الثاني (في بيان أنواع العهود، وهي ثلاثة أنواع)

- ‌النوع الأوّل (عهود الخلفاء عن الخلفاء، ويتعلّق النظر به من ثمانية أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (في أصل مشروعيّتها)

- ‌الوجه الثاني (في معنى الاستخلاف)

- ‌الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته)

- ‌الوجه الرابع (فيما يكتب في الطّرّة، وهو تلخيص ما يتضمّنه العهد)

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب لأولياء العهد من الألقاب)

- ‌الوجه السادس (فيما يكتب في متن العهد، وفيه ثلاثة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح العهد بعد البسملة بلفظ «هذا» )

- ‌الطريقة الأولى (طريقة المتقدّمين)

- ‌الطريقة الثانية (طريقة المتأخّرين من الكتّاب)

- ‌المذهب الثاني (أن يفتتح العهد بعد البسملة بلفظ «من فلان إلى فلان» كما يكتب في المكاتبات ثم يأتي بالبعدية

- ‌المذهب الثالث (أن يفتتح العهد بعد البسملة بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» ثم يأتي بالبعديّة

- ‌الوجه السابع (فيما يكتب في مستند عهد وليّ الخلافة عن الخليفة

- ‌الوجه الثامن (في قطع الورق الذي تكتب فيه عهود الخلفاء، والقلم الذي يكتب به، وكيفيّة كتابتها وصورة وضعها)

- ‌النوع الثاني (عهود الخلفاء للملوك، ويتعلّق النظر به من سبعة أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (في أصل مشروعيّتها)

- ‌الوجه الثاني (في بيان [معنى] الملك والسّلطنة اللتين يقع العهد بهما)

- ‌القسم الأوّل- وهو أعلاها وزارة التفويض

- ‌القسم الثاني- إمارة الاستكفاء

- ‌القسم الثالث- إمارة الاستيلاء

- ‌الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته فيه)

- ‌الوجه الرابع (فيما يكتب في الطّرة، وهو نمطان)

- ‌النّمط الأوّل- ما كان يكتب في وزارة التفويض في دولة الفاطميين

- ‌النمط الثاني- ما يكتب في طرّة عهود الملوك الآن

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب في ألقاب الملوك عن الخلفاء، وهو نمطان)

- ‌ثبت بأسماء المصادر والمراجع (الجزء التاسع)

- ‌فهرس الجزء التاسع من كتاب صبح الأعشى للقلقشندي

الفصل: ‌النوع التاسع (في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار)

أنّ مثله لا يهمل واجبا، ولأمر ما قال الأحنف «1» وقد وصف بالأناة: لكنّي أتعجّل أن لا أردّ كفؤا خاطبا.

‌النوع التاسع (في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار)

قال في «موادّ البيان» : المكاتبة في استعطاف الرّؤساء، وملاطفة الكبراء، تحتاج إلى حسن تأتّ؛ لما تشتمل عليه من إيجاب حقوق الخدمة، وما أسلفوه من مرعيّ الخدم، وما يتبع هذا من التنصّل والاعتذار الذي يسلّ السخائم من القلوب، ويستنزل الأوغار من الصّدور، ويطلع الأنس وقد غرب، ولها موقع في تأليف الكلام.

قال: وينبغي للكاتب أن يستعمل فيها فكره، ويوفّيها حقّها من جودة الترتيب، واستيفاء المعاني، وأن يذهب إلى استعمال الألفاظ الجامعة لمعاني العذر، الملوّحة بالبراءة مما قرف «2» به، ولا يخرج لفظه مخرج من يقيم الحجة على براءة الساحة مما رمي به، فإنّ ذلك مما يكرهه الرؤساء؛ لأنّ عادتهم جارية بإيثار اعتراف الخدّام لهم بالتقصير والتفريط والإخلال بالفروض، ليكون لهم في العفو عند الإقرار عارفة توجب شكرا مستأنفا، فأما إذا أقام التابع الحجة على براءته وسلامته مما رفع عنه، فلا يوضع الإحسان إلا «3» إليه في إقراره على منزلته، والرّضا عنه والاستعطاف، بل ذلك واجب له، في منعه منه ظلم.

ص: 166

وهذه نسخ من ذلك:

لابي الحسين بن سعد:

فإن رأيت أن تنظر في أمري نظرا يشبه أخلاقك المرضيّة ويكون لحسن ظنّي بك مصدّقا، ولعظيم أملي [فيك] محقّقا، ولما لم تزل تعدنيه منجزا، ولحقّ حرمتي بك وقديم اتّصالي بأسبابك قاضيا، فعلت، إن شاء الله تعالى.

ومنه: لسليمان «1» بن وهب:

من انصرف في الاحتجاج إلى الإقرار بما يلزمه وإن لم يكن لازما، فقد لطّف الاستعطاف، واستوجب المسامحة والإنصاف.

ومنه: وقد نالني من جفوة الأمير بعد الذي كنت أتعرّف من برّه وألطافه أمر أحلّني محلّ المذنب في نفسي مع البراءة من الذّنب، وألزمني الإساءة مع الخروج من التقصير، وزاده عندي عظما وشدّة أنّي حاولت الخروج منه بالاعتذار، فلم أجد لي إلى الأمير ذنبا أعتذر منه، ولا عليّ فيما ألزمني من معتبته حجة أحاول دفعها والتخلّص منها، فأصبحت أعالج من ذلك داء قد خفي دواؤه، وأحاول صلاح أمر لم أجن فساده، فإن رأيت أن تفعل كذا وكذا فتصل قديم ما أصبح عندي من معروفك بحديثه، فليس عندي في مطالبة حجّة أنجح من التوجّه إلى الأمير بنفسه، والثقة عنده بفضله، فإن كنت مذنبا عفا، وإن كنت بريئا راجع.

ومنه: لأبي «2» عليّ البصير:

ص: 167

وأنا أحد من أسكنته ظلّك، وأعلقته حبلك، وحبوته بلطيف برّك، وخاصّ عنايتك، وانتصف بك من الزّمان، واستغنى بإخائك عن الإخوان، فهو لا يرغب إلّا إليك، ولا يعتمد إلّا عليك، ولا يستنجح طلبه إلّا بك، وقد كان فرط منّي قول: إن تأوّلته لي، أراك أوجه عذري، وقام عندك بحجّتي، فأغناني عن توكيد الأيمان على حسن نيّتي، وإن تأوّلته عليّ، أحاق «1» بي لائمتك وحبسني على [أسوإ] حال عندك، وقد أتيتك معترفا بالزّلة، مستكينا للموجدة، عائذا بالصّفح والإقالة، فإن رأيت أن تقرّ عينا قرّت بنعمتك عندي، ولا تسلبني منها ما ألبستني، وأن تقتصر من عقوبتي على المكروه الذي نالني بسبب عتبك عليّ، وتأمر بتعريفي رأيك بما يطأمن هلعي، وتسكن إليه نفسي، ويأمن به روعي، فعلت، إن شاء الله تعالى.

ومنه: لأبي الحسين بن أبي «2» البغل:

نبوّ الطّرف من الوزير دليل على تغيّر الحال عنده، والجفاء ممن عوّد الله البرّ منه شديد، وقد استدللت بإزالة الوزير إيّاي النّحل الذي كان نحلنيه بتطوّله، على ما سؤت له ظنّا بنفسي، وما أخاف عتبا؛ لأني لم أجن ذنبا، فإن رأى الوزير أن يقوّمني لنفسي، ويدلّني على ما يريده منّي، فعل، إن شاء الله تعالى.

ومنه: لأبي «3» الرّبيع:

ص: 168

أصدق المقال، ما حقّقه الفعال، وأفضل الخبر، ما صدّقه الأثر.

ومنه: لمولانا سيرة في الفضل والإحسان ما أمّلها آمل إلّا جادت وسخت ومنحت، وعوائد في العفو ما رجاها راج إلّا صفحت وسمحت، وأحقّ من تلقّاه عند العثار، بالإقالة والاغتفار، ووقف به عند حدّ التقويم والإصلاح، ولم يعرّضه لنقيصة الإقصاء والاطّراح، من شفع الهفوة بالاعتذار، وخطب التغمّد بلسان الإقرار، ودلّت التجارب منه على حسم الأضرار، وكان له من سالف الخدم وسائل وذرائع، ومن صحيح الإخلاص ممهّد وشافع، فلا عجب أنّ المملوك يهفو فيعفو، ويظلم فيكظم، ويجهل فيحلم، ويخطيء فيصيب، ويدعو متنصّلا فيجيب، وقد جعل الله سهمه المعلّى، ويده الطّولى، وألهمه التفضّل بالإنعام، والتغميض عن زلّات الكرام، وقد حصل للمملوك في هذه النّبوة من إزرائه على عقله، وتقبيحه لفعله، أعظم تجربة، وأكبر مأدبة، والمملوك يسأل إحسان سيّدي أن يعيده إلى رضاه ولطفه، ويؤنس منه مستوحش إقباله وعطفه، ويصدّق رجاءه فيه، ويجزل ثواب وفادته عليه، إن شاء الله تعالى.

رقعة: المملوك يخطب صفح سيّده وإقالته بلسان الاغتفار، ويستعيد ما عرف من رضاه وعاطفته بوسائل الاعتذار، ليكون المتفضّل في كلّ الحالات، والمنعم من كلّ الجهات، وقد عرف السّهو والنّسيان، المعترضين للإنسان، وأنّهما يحولان بينه وبين قلبه، ويزوّران عليه خطأه في صورة صوابه، فيتورّط في السّقط غير عامد، ويتهوّر في الغلط غير قاصد، وقد قال الله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ «1»

. وما أولى مولانا بأن يحفظ على المملوك جميل آرائه، ولا يسلبه ما شمله من ظلّ آلائه، ولا يسمه بميسم العقوق فإنه يجد نفسه بخلاف ذلك في طاعته، ومرتبتها بغير هذه الرتبة في خدمته.

فصل: وقد آوى سيدي المملوك من ظله، وأعلقه من حبله، وأسبغ عليه

ص: 169

من فضله، ما أنصفه به من الزّمان، وأغناه عن الإخوان، ووقف رغباته عليه، وصرف آماله إليه، ونزّله منزلة من لا يشكّ في اعتقاده، ولا يستريب بوداده، وكان المملوك أرسل لفظا على سبيل الإشفاق ذهب به الحاسد إلى غير معناه، وخالف في تفسيره حقيقة مغزاه، وأحاله عن بنيته، وعرضه عليه على غير صورته، ليوحش محلّ المملوك المأنوس من رعايته، وينفّر سربه المطمئنّ بملاحظته وعنايته، وقد أرسل المملوك هذه العبوديّة سائلا في محو إظلام موجدته، وأن يعيد المملوك إلى مكانه من حضرته، إن شاء الله تعالى.

لا أتوسّل إليك إلّا بك، ولا آتيك إلّا من بابك، ولا أستشفع إليك بسواك، ولا أكل رجعة هواك إلّا إلى هواك، ولا أنتظر إلّا عطفتك الّتي لا تقودها زخارف الأموال، ولا تعيدها شفاعات الرجال (طويل) .

إذا أنت لم تعطفك إلّا شفاعة

فلا خير في ودّ يكون بشافع

شعر في معنى ذلك (سريع) .

هبني تخطّيت إلى زلّة

ولم أكن أذنبت فيما مضى

أليس لي من قبلها خدمة

توجب لي منك سبيل الرّضى

غيره (وافر)

وحقّك ما هجرتك من ملال

ولا أعرضت إلّا خوف مقت

لأنّ طبائع الإنسان ليست

على وفق الإرادة كلّ وقت

اعتذار عن التأخر، من ترسل أبي الحسين بن سعد:

إن لم يكن في تأخّري عنك عذر تقبله، فاجعله ذنبا تغفره.

علي بن خلف:

الأعذار- أطال الله بقاء سيّدي- تنأى على الامتناع، وتضيق على الاتّساع، وذلك بحسب ما تصادفه من قبول وردّ، ومسامحة ونقد، وأنا أحمد الله

ص: 170

على أن جعل عذري إلى من يتمحّل العذر للمعتذر، ويصفح صفح المالك المقتدر، كأنّما ائتمّ بقول الشاعر (طويل) :

إذا ما أتت من صاحب لك زلّة

فكن أنت محتالا لزلّته عذرا

ولم يجعله إلى من يغلّب هاجس الظّنون، على واضح الحجّة، ومعتلّ الشكّ على صحيح اليقين. ونمي إليّ أنّ غابطا «1» لمكاني من حضرته، حسدني على محلّي من مودّته، وزوّر ما ينكشف عن الإفك والبهتان، ودلّس الكذب في صورة البرهان، فلما جلّاه في معارض زخارفه أظهر لسيدي عواره»

، وأبدى لطرفه شواره «3» ، فشلّ «4» سمعه عن وعيه، وطرف طرفه عن رعيه، واستنمّ علائم شيمته، في حسن الضّنّ بأحبّته، فقدّمت من الاعتذار ما يقدّمه المذنب نزولا على طاعته، وتأدّبا في خدمته، وشفعته من الشّكر بما يقتضيه إحسانه ويوجبه.

أبو الفرج «5» الببغاء:

أحقّ المعاذير بالتقبّل وأولاها بسعة القلوب ما صدر عن استكانة الأقدار، ودلّ على حسم موادّ الأضرار، وصفا من كدر الاحتجاجات، وتنزّه عن تمحّل الشّبهات، ليخلص به ملك العفو، وتتكامل نعمة التّجاوز. ولست أكره شرف تأديبه، ونبل تثقيفه وتهذيبه، ما لم يتجاوز في العقوبة والتقويم إلى مؤلم الإعراض، ومضيض التنكّر والانقباض، ولا أخطب الإقالة من تفضّله إلّا بلسان الثّقة وشافع الخدمة، هاربا إلى سعة كرمه مما دفعتني المحبّة إليه، وأشفى بي عدم التوفيق عليه، فإن رأى أن يكون عند أحسن ظنّي به في الصّفح، كما هو عند أصدق أملي فيه بالإنعام، فعل.

ص: 171

وله في مثله:

ليس يخلو الإغراق في التنصّل والمبالغة في الاعتذار من إقامة لحجّة، أو تمسّك باعتراض شبهة، وأنا أجلّ ما أخطبه من عظيم عفوه، وأكبر ما أحاوله من نعمة تجاوزه، عن المقابلة بعين الاعتراف بالزّلل وبعد الاستحقاق من الصّفح، ما لم يوجب لي بسعة تأوّله، ويعد عليّ فيه بعادات تفضّله، لتصفو منه الأعضاء، وتلزمني واجبات الشكر والثّناء، غير ممتنع مع ذلك من التبرّي إليه مما أنكره من تجاوز السّهو إلى العمل، والتوجّه إلى ما فرط بالاختيار والقصد اللذين يغفر بتجنّبهما مذموم الأفعال، ويتغمّد سيّيء الأعمال، فإن رأى أن يحمل أمري فيما قصدتني الأيام بتوجّه الظّنون فيه على غير النيّة لا ظاهر الفعل، إذ كانت صفات الإنسان بالأشهر من أخلاقه والأكثر من أفعاله، ولا صفة لي أعرف بها وأنسب إليها غير الاعتراف بإنعامه، والتّطاول من اصطناعه، آخذا من كلّ حال بالفضل، ومشفّعا بسطة الرياسة والنّبل.

وله في مثله:

لست أخلو في المدّة الّتي تجاوز الدهر لي عنها في خدمته من توصّل بفرط الاجتهاد، إلى ما وصل من رأيه إلى رتبة التقبّل والإحماد، وليس يحبط ما أتيته من مرضيّ الخدمة بالنيّة والعمد بما لعلّه فرط من غير مراد، إذ كان- أيده الله بفائض طوله، ومأثور فضله- آخذا من آداب الله بما أحاكمه منه «1» : إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ

«2» . و [لو] لا إيثاري «3» مفترض الطاعة واستكانة الاعتداد، وأن لا أخطب رضاه بلسان الاحتجاج، ولا ألتمس عفوه بوجوب الاستحقاق، لتسلم له صفات التفضّل، ولي مواتّ الاعتراف بسالف التطوّل، لبرهنت على سلامتي مما قصر عليّ بتوجّه الظّنون واعتراض الأوهام، ولا أقول

ص: 172