المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الضرب الرابع (من التهاني، التهنئة بالقدوم من السفر) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ٩

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تتمة المقالة الرابعة]

- ‌[تتمة الفصل السابع]

- ‌القسم الثاني من مقاصد المكاتبات، الإخوانيّات (مما يكتب به الرئيس إلى المرؤوس والمرؤوس إلى الرئيس والنظير إلى النظير)

- ‌النوع الأوّل (التّهاني)

- ‌الضرب الأوّل (التهنئة بالولايات، وهي على تسعة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بولاية الوزارة

- ‌الصنف الثاني- التهنة بكفالة السلطنة

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالإمارة

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بولاية الحجابة

- ‌الصنف الخامس- التهنئة بولاية القضاء

- ‌الصنف السادس- التهنئة بولاية الدعوة على مذهب الشّيعة

- ‌الصنف السابع- التهنئة بالتقدمة على الرجال

- ‌الصنف الثامن- التهنئة بولاية الديوان

- ‌الصنف التاسع- التهنئة بولاية عمل

- ‌الضرب الثاني (التهنئة بكرامة السلطان وأجوبتها)

- ‌الصنف الثاني- التهنئة برضى السلطان بعد غضبه

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالخلاص من الاعتقال

- ‌الضرب الثالث (من التهاني التهنئة بالعود من الحجّ)

- ‌الضرب الرابع (من التهاني، التهنئة بالقدوم من السّفر)

- ‌الضرب الخامس (من التهانيء التهنئة بالشهور والمواسم والأعياد)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بأوّل العام وغرّة السّنة

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بشهر رمضان

- ‌الصنف الثالث- ما يصلح تهنئة لكلّ شهر من سائر الشّهور

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بعيد الفطر

- ‌الصنف الخامس- التهنئة بعيد الأضحى

- ‌الصنف السادس- التهنئة بعيد الغدير من أعياد الشّيعة:

- ‌الصنف السابع- التهنئة بالنّيروز

- ‌الصنف الثامن- التهنئة بالمهرجان

- ‌الضرب السادس (التهنئة بالزواج والتسرّي)

- ‌الضرب السابع (من التّهاني التهنئة بالأولاد، وهو على ثلاثة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بالبنين

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بالبنات

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالتّوءم

- ‌الضرب الثامن (من التهاني التهنئة بالإبلال من المرض والعافية من السّقم)

- ‌الضرب التاسع (التهنئة بقرب المزار)

- ‌الضرب العاشر (التهنئة بنزول المنازل المستجدة)

- ‌الضرب الحادي عشر (نوادر التهاني، وهي خمسة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- تهنئة الذّميّ بإسلامه

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بالختان وخروج اللّحية

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالمرض

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بالصّرف عن الولاية

- ‌النوع الثاني (من مقاصد المكاتبات: التّعازي)

- ‌الضرب الأوّل (التعزية بالابن)

- ‌الضرب الثاني (التعزية بالبنت)

- ‌من كلام المتقدّمين:

- ‌الضرب الثالث (التعزية بالأب)

- ‌من كلام المتقدمين:

- ‌الضرب الرابع (التعزية بالأم)

- ‌الضرب الخامس (التعزية بالأخ)

- ‌الضرب السادس (التعزية بالزوجة)

- ‌الضرب السابع (التعازي المطلقة مما يصلح إيراده في كلّ صنف)

- ‌النوع الثالث (من مقاصد المكاتبات التّهادي والملاطفة)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب مع التّقادم إلى الملوك من أهل مملكتهم إلى القائمين بإيصال التّقدمة إلى الملك وكاتب السّرّ ونحوهما)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب مع الهديّة عند بعثها)

- ‌الصنف الأوّل- ما يكتب مع إهداء الخيل

- ‌الضرب الثاني (من كتب التهادي الاستهداء)

- ‌الصنف الثاني- الشّراب

- ‌النوع الرابع (الشّفاعات والعنايات)

- ‌النوع الخامس (التشوّق)

- ‌النوع السادس (في الاستزارة)

- ‌النوع السابع (في اختطاب المودّة وافتتاح المكاتبة)

- ‌النوع الثامن (في خطبة النّساء)

- ‌النوع التاسع (في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار)

- ‌النوع العاشر (في الشكوى- أعاذنا الله تعالى منها)

- ‌النوع الحادي عشر (في استماحة الحوائج)

- ‌النوع الثاني عشر (في الشكر)

- ‌النوع الثالث عشر (العتاب)

- ‌النوع الرابع عشر (العيادة والسّؤال عن حال المريض)

- ‌النوع الخامس عشر (في الذّمّ)

- ‌النوع السادس عشر (في الأخبار)

- ‌النوع السابع عشر (المداعبة)

- ‌النوع الأوّل (ما يتعلّق بالكتابة، وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما يتعلّق بالمكتوب به)

- ‌الضرب الثاني (ما يتعلق بالخطّ المكتوب)

- ‌القاعدة الأولى- كيفية التعمية

- ‌المذهب الأوّل- أن يكتب بالأقلام القديمة

- ‌المذهب الثاني- أن يصطلح الإنسان مع نفسه على قلم يبتكره وحروف يصوّرها

- ‌ القاعدة الثانية- حلّ المعمّى، وهو مقصود الباب ونتيجته

- ‌الأصل الأوّل- معرفة الأسّ الذي يترتّب عليه الحلّ

- ‌أحدها- أن يعرف مقادير الحروف الّتي تتركّب منها الكلمة

- ‌الثاني- أن يعرف الحروف الّتي لا يقارب بعضها بعضا بمعنى أنها لا تجتمع في كلمة واحدة

- ‌الثالث- أن يعرف الحروف الّتي لا تقارن بعض الحروف في الكلمات إلّا قليلا

- ‌الرابع- أن يعرف ما يجوز تقديمه على غيره من الحروف وما يمتنع

- ‌الخامس- أن يعرف ما لا يقع في أوّل الكلمات من الحروف

- ‌السادس- أن يعرف أنه لا يتكرّر حرف في أوّل كلمة إلّا من هذه العشرة الأحرف

- ‌السابع- أن يعرف أكثر الحروف دورانا في اللّغة

- ‌الأصل الثاني- كيفية التوصّل بالحدس إلى حلّ المترجم

- ‌النوع الثاني (الرّموز والإشارات الّتي لا تعلّق لها بالخطّ والكتابة)

- ‌الباب الأوّل في بيان طبقاتها وما يقع به التفاوت، وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في بيان طبقات الولايات، وهي على ثلاث طبقات

- ‌الطبقة الأولى- الخلافة

- ‌الطبقة الثانية- السّلطنة

- ‌الطبقة الثالثة- الولايات عن الخلفاء والملوك

- ‌الصّنف الثاني- ولاية أمراء العربان

- ‌الصنف الثالث- ولاية المقدّمين على الطّوائف

- ‌النوع الثاني (ولاية أرباب الأقلام، وهم صنفان)

- ‌الصّنف الأوّل (أرباب الوظائف الدينيّة، وهم على ثمانية أضرب)

- ‌الضرب الأوّل- أكابر القضاة بأقطار المملكة

- ‌الضرب الثالث- أكابر المحتسبين

- ‌الضرب الرابع- أكابر المدرّسين في عامّة العلوم بأماكن مخصوصة

- ‌الضرب الخامس- أكابر الخطباء بجوامع مخصوصة بأقطار المملكة

- ‌الضرب السادس- وكلاء بيت المال بالدّيار المصرية

- ‌الضرب السابع- المتحدّثون على الوظائف المعتبرة

- ‌الضرب الثامن- المتحدّثون على جهات البرّ العامّة المصلحة

- ‌الضرب الأوّل- دواوين المال

- ‌الضرب الثاني- دواوين الجيوش بالديار المصرية

- ‌الضرب الثالث- دواوين الإنشاء

- ‌النوع الثالث (ولايات أرباب الوظائف الصّناعيّة)

- ‌الضرب الثاني- ولاية رئيس اليهود

- ‌النوع الخامس (ما لا يختصّ بطائفة ولا يندرج تحت نوع)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الخامسة (في بيان ما تجب على الكاتب مراعاته في كتابة الولايات على سبيل الإجمال)

- ‌الفصل الثالث من الباب الأوّل من المقالة الخامسة (في بيان ما يقع به التفاوت في رتب الولايات، وذلك من سبعة أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (الألقاب، وهي على ثلاثة أنواع)

- ‌النوع الأوّل (ألقاب الخلفاء)

- ‌الصنف الأوّل- ألقاب الخلفاء أنفسهم

- ‌الصنف الثاني- ألقاب أولياء العهد بالخلافة

- ‌النوع الثاني (ألقاب الملوك، وهي صنفان أيضا)

- ‌الصنف الأوّل- ألقاب السلطان نفسه

- ‌الصنف الثاني- ألقاب أولياء العهد بالملك

- ‌النوع الثالث (ألقاب ذوي الولايات الصادرات عن السلطان من أرباب الوظائف الواقعة في هذه المملكة)

- ‌الوجه الثاني (ألفاظ إسناد الولاية إلى صاحب الوظيفة، ولها ستّ مراتب)

- ‌الأولى- لفظ العهد

- ‌الثانية- لفظ التّقليد

- ‌الثالثة- لفظ التّفويض

- ‌الرابعة- لفظ الاستقرار والاستمرار

- ‌الخامسة- لفظ الترتيب

- ‌السادسة- لفظ التقدّم

- ‌الوجه الثالث (الافتتاحات، وهي راجعة إلى أربع مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الافتتاح بلفظ: هذه بيعة

- ‌المرتبة الثانية- الافتتاح بأمّا بعد حمد الله

- ‌المرتبة الثالثة- الافتتاح برسم بالأمر الشريف

- ‌المرتبة الرابعة- ما كان يستعمل من الافتتاح «بأما بعد فإنّ كذا

- ‌الوجه الرابع (تعدّد التحميد في الخطبة أو في أثناء الكلام واتحاده)

- ‌الوجه الخامس (الدعاء، وله ثلاثة مواضع)

- ‌الموضع الأوّل- في طرّة الولاية

- ‌الموضع الثاني- في أثناء الولاية

- ‌الموضع الثالث-[في] آخر الولاية بالإعانة ونحوها

- ‌الوجه السادس (طول الكلام وقصره، فكلّما عظمت الوظيفة وارتفع قدر صاحبها كان الكلام فيها أبسط)

- ‌الوجه السابع (قطع الورق)

- ‌أحدها- قطع البغداديّ الكامل

- ‌الثاني- قطع الثلثين من المنصوريّ

- ‌الثالث- قطع النّصف منه

- ‌الرابع- قطع الثّلث منه

- ‌الخامس- قطع العادة؛ وهو أصغرها

- ‌الباب الثاني من المقالة الخامسة في البيعات، وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل (في معناها)

- ‌الفصل الثاني (في ذكر تنويع البيعات، وهي نوعان)

- ‌النوع الأوّل (بيعات الخلفاء، وفيها سبعة مقاصد)

- ‌المقصد الأوّل (في أصل مشروعيتها)

- ‌المقصد الثاني (في بيان أسباب البيعة الموجبة لأخذها على الرّعيّة

- ‌السبب الأوّل- موت الخليفة المنتصب من غير عهد بالخلافة لأحد بعده

- ‌السبب الثاني- خلع الخليفة المنتصب لموجب يقتضي الخلع

- ‌السبب الثالث- أن يتوهّم الخليفة خروج ناحية من النّواحي عن الطاعة

- ‌السبب الرابع- أن تؤخذ البيعة للخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد

- ‌السبب الخامس- أن يأخذ الخليفة المنتصب البيعة على الناس لوليّ عهده بالخلافة

- ‌المقصد الثالث (في بيان ما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة البيعة)

- ‌المقصد الرابع (في بيان مواضع الخلافة الّتي يستدعي الحال كتابة المبايعات فيها)

- ‌أحدها- موت الخليفة المتقدّم عن غير عهد لخليفة بعده

- ‌الثاني- أن يعهد الخليفة إلى خليفة بعده

- ‌الثالث- أن تؤخذ البيعة للخليفة بحضرة ولايته

- ‌الرابع- أن يعرض للخليفة خلل في حال خلافته

- ‌المقصد الخامس (في بيان صورة ما يكتب في بيعات الخلفاء، وفيها أربعة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (أن تفتتح المبايعة بلفظ «تبايع فلانا أمير المؤمنين» خطابا لمن تؤخذ عليه البيعة)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب في بيعات الخلفاء)

- ‌المذهب الثالث (أن تفتتح البيعة بعد البسملة بخطبة مفتتحة بالحمد لله

- ‌المذهب الرابع (مما يكتب في بيعات الخلفاء أن يفتتح البيعة بلفظ: هذه بيعة

- ‌المقصد السادس (فيما يكتب في آخر البيعة)

- ‌المقصد السابع (في قطع الورق الذي تكتب فيه البيعة، والقلم الذي تكتب به، وكيفيّة كتابتها، وصورة وضعها)

- ‌النوع الثاني (من البيعات، بيعات الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة الخامسة في العهود، وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل (في معنى العهد)

- ‌الفصل الثاني (في بيان أنواع العهود، وهي ثلاثة أنواع)

- ‌النوع الأوّل (عهود الخلفاء عن الخلفاء، ويتعلّق النظر به من ثمانية أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (في أصل مشروعيّتها)

- ‌الوجه الثاني (في معنى الاستخلاف)

- ‌الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته)

- ‌الوجه الرابع (فيما يكتب في الطّرّة، وهو تلخيص ما يتضمّنه العهد)

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب لأولياء العهد من الألقاب)

- ‌الوجه السادس (فيما يكتب في متن العهد، وفيه ثلاثة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح العهد بعد البسملة بلفظ «هذا» )

- ‌الطريقة الأولى (طريقة المتقدّمين)

- ‌الطريقة الثانية (طريقة المتأخّرين من الكتّاب)

- ‌المذهب الثاني (أن يفتتح العهد بعد البسملة بلفظ «من فلان إلى فلان» كما يكتب في المكاتبات ثم يأتي بالبعدية

- ‌المذهب الثالث (أن يفتتح العهد بعد البسملة بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» ثم يأتي بالبعديّة

- ‌الوجه السابع (فيما يكتب في مستند عهد وليّ الخلافة عن الخليفة

- ‌الوجه الثامن (في قطع الورق الذي تكتب فيه عهود الخلفاء، والقلم الذي يكتب به، وكيفيّة كتابتها وصورة وضعها)

- ‌النوع الثاني (عهود الخلفاء للملوك، ويتعلّق النظر به من سبعة أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (في أصل مشروعيّتها)

- ‌الوجه الثاني (في بيان [معنى] الملك والسّلطنة اللتين يقع العهد بهما)

- ‌القسم الأوّل- وهو أعلاها وزارة التفويض

- ‌القسم الثاني- إمارة الاستكفاء

- ‌القسم الثالث- إمارة الاستيلاء

- ‌الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته فيه)

- ‌الوجه الرابع (فيما يكتب في الطّرة، وهو نمطان)

- ‌النّمط الأوّل- ما كان يكتب في وزارة التفويض في دولة الفاطميين

- ‌النمط الثاني- ما يكتب في طرّة عهود الملوك الآن

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب في ألقاب الملوك عن الخلفاء، وهو نمطان)

- ‌ثبت بأسماء المصادر والمراجع (الجزء التاسع)

- ‌فهرس الجزء التاسع من كتاب صبح الأعشى للقلقشندي

الفصل: ‌الضرب الرابع (من التهاني، التهنئة بالقدوم من السفر)

أبو الفرج «1» الببّغاء:

جعل الله سعيك مشكورا، وحجّك مبرورا، ونسكك مقبولا، وأجرك مكتوبا، وأجزل من المثوبة جزاءك، ومن عاجل الأجر وآجله عطاءك، وقرن بالطاعات عزماتك، وبالسّعي إلى الخير نهضاتك، ووفّقك من صالح الأعمال، وزكيّ الأفعال، لما يجمع كلّ خير الدارين. ولمّا طرقتني البشارة بقدومك، بدأت بإهداء الدعاء، وتجديد الشكر لله تعالى والثّناء، واستنبت في ذلك المكاتبة، أمام ما أنا [عازم] عليه، من المشافهة والمخاطبة. ولن أتأخّر عن حظّي من المسير إليك للتيمّن بالنظر إلى غرّتك، ومداواة ما عانيته من ألم الشوق بمشاهدتك.

‌الضرب الرابع (من التهاني، التهنئة بالقدوم من السّفر)

من كلام المتقدمين:

عليّ «2» بن خلف:

وينهي أنّه اتّصل بالمملوك خبر توجّهه «3» إلى الناحية الفلانية، فعرف المملوك أنه قصدها ليخصّ قاطنيها، بنصيب من مواهبه، ويفيض على ساكنيها، سجالا من رغائبه، ويسوّي بينهم وبين من راشه بحبائه، وجبره بنوافله وآلائه، فسألت الله تعالى أن يطيل عمر المكارم بإطالة بقائه، ويجمع شمل السّؤدد بدوام علائه، ثم اتّصل بي عوده إلى مقرّه، خفيف الحقائب من وفره، ثقيلها من ثنائه وشكره، فحمد المملوك الله تعالى على إسفار سفره عن بلوغ الأوطار، وانحسار أمنيّته عن أذيال المسارّ، وما خصّه به من السّير الشّحيح، والسّعي

ص: 34

النّجيح، والسّلامة المفرّقة على الوجهة والمنقلب، والمفتتح والمعتقب، ولمّا عرض للمملوك ما قطعه عن مشافهته بالدعاء، رفع يده إلى الله تعالى ضارعا لديه في أن يتولّاه في هذا المقدم الميمون، بالسعد المضمون، وإنالة الأمانيّ المقرّة للعيون، وأن يمنحه في الحلّ والتّرحال، والقطن «1» والانتقال، توفيقا يقارن ويصاحب، ويساير ويواكب، وأن يجعل ما خوّله من نعمه راهنا خالدا، وما أولاه من مواهبه بادئا عائدا، إن شاء الله تعالى.

وله أيضا:

وينهي أنه طلع عليه البشير، طلوع القمر المنير، مؤذنا بمقدم حضرته، ومعلما بظهور طلعته، وحلوله في معانه «2» الذي هو معان الإقبال، وعون الرجال، وقرارة الأقيال، ومحطّ الرّحال، وقبلة الجود، ومعرّس الوفود، فسألت الله تعالى أن يبقيه جمالا للأيّام، وثمالا «3» للأنام، وعمادا للقصّاد، ومرادا للرّوّاد، والله تعالى لا يخليه في تصرّفاته، وجميع حركاته وسكناته، من سعي سعيد، وعيش رغيد، بمنّه وكرمه.

أبو الفرج الببّغاء:

من كانت غيبة المكارم مقرونة بغيبته، وأوبة النّعم موصولة بأوبته، سافرت الأنفس حيث كان إليه، وقدمت الآمال عند قدومه عليه، وما زالت الأنفس إلى الأمنيّة بقربه متطلّعة، ولورود السّرور بوروده متوقّعة، إلى أن أنست

ص: 35

بعد الوحشة بلقائه، وتنسّمت أرج منّه ونعمائه، فوصل الله قدومه من الكرامة، بأضعاف ما قرن به مسيره من السّلامة، محروسا من طوارق الغير، مبلّغا أبعد العمر.

وله في مثله:

من كانت مادّة سروره، بمغيبه وحضوره، لم يجد مع بعدك مؤنسا يسكن إليه، ولا عوضا يعوّل في السّلوة عليه، وما زلت أيام غيبتك- لا أوحش الله منك- بالوحدة مستأنسا، وبالشّوق إليك مجالسا، ألاقيك بالفكر، وأشاهدك باتّصال الذّكر، إلى أن منّ الله من أوبتك بما عظمت به النعمة، وجلّت لديّ معه الموهبة، فوصل الله بالسلامة نهضاتك، وبالسعادة حركاتك، وبالتوفيق آراءك وعزماتك، وحرسني ببقائك وبقاء النعمة عندك، وهنأني النعمة الجليلة بقربك.

وله في مثله:

من كنت نهاية أمنيّته، وقطب مسرّته، كان من نفسه مستوحشا مع بعدك، وبدهره مستأنسا مع قربك، وما زلت معك بالنّيّة مسافرا، وبالشّوق سائرا، وبالفكر ملاقيا، وبالأمانيّ مناجيا، إلى أن جمع الله شمل سروري بأوبتك، وسكّن نافر قلقي بعودتك، على الحال السارّة من كمال السّلامة، ووفور الكلفة، فأسعدك الله بمقدمك سعادة تكون بها من الزمان محروسا، وللإقبال مقابلا، وبالأمانيّ ظافرا، ولا أوحش الله منك أوطان الفضل، وعضّد إخوانك ببقائك وبقاء النعمة عندك.

وله في مثله:

لو كان القلب يجد عنك منصرفا، أو يرى منك في اكتساب المسرّة خلفا، لاستراح إليه من ألم بعدك، واستنجده على مرارة فراقك، لكنّك- أيّدك الله- جملة مسرّته، ونهاية أمنيّته، فليس تتوجّه أمانيّه إلّا إليك، ولا تقف آماله إلّا عليك، فالحمد لله الذي أقرّ بفيئتك أعين إخوانك وأودّائك، وافاك الله من السّعادة في أوبتك أضعاف ما اكتنفك من الكفاية في ظعنك.

ص: 36

ابن أبي «1» الخصال:

سرّ الله مولاي ورئيسي، وربّ تشريفي وأنيسي، بلقاء الأحباب، واتّصال الأسباب، وأوبة الغيّاب، ولا زالت الأيام تتصنّع لإقباله، وتقبّله أوجه العزّ في اقتباله، وتوفيه على رغم الحاسد حقّ جلاله.

البشرى- أدام الله اعتزازه- بمقدم الوزير فلان قد أوضعت ركابها، واتّصل بالنفوس أعلاقها وأسبابها، فهنيئا معشر الأولياء بسبوغ هذه النعمة الجليلة، والمنحة الجزيلة، ولا أستوفي شكر ما به أتى معظّم قدره، وملتزم برّه، من ثناء كعرف الطيب يهدى، ومذهب في الإنهاض لا يقضى واجبه ولا يؤدّى، ولا زالت حياة مولاي تفدّى، وأفعال برّه تتعدّى، وقد لثمت مواقع أنامله ودّا، ووردت من محاسن بيانه منهلا عذبا [ووردا] فأمتعني الله بحياته العزيزة الأيّام، الطيّبة الإلمام، الموصولة العهد والذّمام، وأقرأ على سيدي من سلامي ما يلثم يده، ويقضي حقّ اليراع [الذي] أنشأ به البر وولّده، والسّلام المعاد عليه وعلى جملته ورحمة الله وبركاته.

الشيخ جمال الدين بن نباتة «2» عن نائب الشام إلى القاضي علاء الدين بن فضل الله «3» كاتب «4» السرّ الشريف، بالأبواب الشريفة بالديار

ص: 37

المصرية، عند عوده من الكرك «1» إلى الديار المصرية، في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، مهنّئا له بعوده إلى منزله بالديار المصرية، واستقراره وعوده إلى كتابة السرّ الشريف بالأبواب الشريفة السلطانية، وهي:

تقبّل الباسطة الشريفة- إلى آخر الألقاب- لا زالت خناصر الحمد على فضل بنانها معقودة، ومآثر البأس والكرم لها ومنها شاهدة ومشهودة، وبواتر السّيوف مسيّرة القصد إلى مناظرة أقلامها المقصودة، تقبيلا يودّ لو شافه بشفاهه مورد الجود من الأنامل، وكاثر بثغره عند المثول للتقبيل ثغور الأماثل، فكان يشافه بشوقه موردا كثير الزّحام، وكان يكاثر بعقد قبله على يد الفضل عقودا جزيلة الانتظام، وكان يحاكم جور الضّيم إلى من أبى الله لجار مشاهدته أن يضام، وينهي ما وصل إليه وإلى الأولياء من السّرور، وما رفع بينهم وبين الابتهاج من الشّرور، وما طولع في أخبار المسرّة من السّطور، بوصول مولانا ومن معه إلى مساكن العزّ ساكنين، ودخولهم كدخول يوسف عليه السلام ومن معه إلى مصر آمنين، واستقراره في أشرف مكان ومكانة، واستنصار مصر بأقلامه على العادة، فإنّ هذه سهام وهذه كنانة، وإسفار غمام السّفرة عن كوكب علا طالما حرس بيمينه أفق الملك وهداه وزانه، وما كانت إلّا غيبة أحمد الله عقباها، وغيابة بعد منّ الله عز وجل وجلاها، وفترة ثنى فترتها فتنفّس خناق المنصب المشتاق لوجهه الكريم، وهجرة صرف الله هجيرها فسقى طرس الإنشاء الذي ابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم؛ وما محاسن مولانا إلّا زينة من زين الدنيا فعليها يتشاكس المتشاكسون، وما مزاج كلماته إلّا من تسنيم وَفِي

ص: 38

ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ

«1» .

فالحمد لله على أن أقرّ العيون بمعاودة ظلّه الوريف، وعلى أن شفى الصّدور بقربه وأوّلها وأولاها صدر السرّ الشريف، وعلى أن أجزل الهناء وقد شمل ظلّه، وقد كمل بابن الفضل فضله، وقد بهر سناؤه وسناه، وقد تسعّب «2» القريب والبعيد فإن أجدى على مصر مورده فقد جادت على الشام سماه، وقد أخذ المملوك حظّه من هذه البشرى، ووالى السّجود لله شكرا، وجهّز خدمته هذه نائبة عنه في تقبيل بنان إن سمّاه مولى الكرم بحرا، فقد سمّاه مربّي الملك برّا، لا زالت الممالك متحفة بيمن مولانا ظاعنا ومقيما، متّصفة بحمده وحمد سلفه الكريم حديثا وقديما، تالية على مهمّات الملك بصحبة بيته الشريف وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

«3» .

الشيخ شهاب الدين محمود «4» الحلبي في تهنئة بقدوم من سفر:

أدام الله ظلّه، ورفع محلّه، وشكر إنعامه وفضله، وأعزّ أنصاره، وضاعف اقتداره، ولا زال مؤيّدا في حركاته، مسدّدا في سائر فعلاته، مصحوبا بالسلامة في المهامه والقفار، مخصوصا من الله تعالى بالأعوان والأنصار.

المملوك ينهي بعد تقبيل الأرض، والقيام بما يجب من سننه والفرض، علمه بحلول ركابه العالي بمغناه، واستقرار خاطره الشريف في محلّه ومثواه، وجمع الشّمل بالأهل بعد طول الغيبة، وبعد القفول والأوبة، فتضاعف لذلك فرحه وسروره، وزال عن قلبه قليل الهمّ وكثيره، فالله يمنح المولى أطيب المنازل، وأسرّ الرّواحل، ويجعل تجارة مجده رابحة، وأوامر دوام عزّه لائحة،

ص: 39