الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هنّئت بالإسعاف والإسعاد
…
ونفاذ أمر في العدا بنفاد
وبقيت ما بقي الزمان مهنّأ
…
ووقيت شرّ شماتة الحسّاد
يا مالك الرّق الّذي أضحى لنا
…
من جوده الأطواق في الأجياد
خلّدت في عيش هنيّ أخضر
…
يسطو ببيض ظبا وسمر صعاد
حتّى يخاطبك الزمان مبشّرا:
…
متعت بالإخوان والأولاد
جدّد الله في كلّ يوم له مسرّة وبشرى، وأطاب لعرفه عرفا ونشرا، وشدّ له بولده السعيد الطلعة أزرا وأسرا، وسرّى به الهموم عن القلوب وأصارها لديه أسرى، ورفع درجته إلى سماء المعالي ليقال: سبحان الذي بعبده أسرى.
المملوك يخدم المولى ويهنّيه ويشكره ويطلعه على ما حصل له من الابتهاج للسبب الذي ينهيه ويذكره، وهو أنه اتّصل به قدوم المسافر بل إسفار البدر، وظهور ميمون الغرّة الذي جاء لأهله بأمان من صروف الدّهر، وهو الولد العزيز الموفّق النّجيب، فلان، أبقاه الله تعالى ليحيا مشكورا محمودا، وأدام عزّه وعلاه، وأعلى نجمه وخلّد شرفه وبهاه، وضاعف سناءه وسناه، وأرانا منه ما أرانا من السعادة في أبيه، فسرّ وابتهج بهذه النعمة غاية السّرور والابتهاج، واتّضح له في شكر إحسان المولى وحسن ولده كلّ طريق ومنهاج، وسأل الله تعالى أن يطوّل له عمرا، ويجعله لإسعاد والده وإسعافه ذخرا، ليرتعا في رياض الدّعة في صحّة وسلامة، ويجعلا في فناء العلا لهما دار إقامة، ويبلغا من السعادة درجة لا تريم عالية ولا ترام، وتخضع لهما اللّيالي والأيّام، ويرشقاهما بسهام الصّروف ويطعناهما بأسنّتها، ويفهما دعاء الأيّام لهما من صدورها ويسمعاه من ألسنتها، مخاطبة لأبيه، ومنشدة لسائر أهله ومحبّيه (رجز)
مدّ لك الله الحياة مدّا
…
حتّى ترى نجلك هذا جدّا
الصنف الثاني- التهنئة بالبنات
.
من كلام المتقدّمين:
أبو الحسين بن سعد:
النّعمة نعمتان، إحداهما تعجّل الأنس، والأخرى تدّخر الأجر، وعلى حسب ما تتلقّى به من الشّكر على ظاهر المحبوب، والتّسليم فيما يجري مجرى بعض المكروه، يكون المتاع عاجلا، والثواب آجلا، وما قدّمت القول [إلّا] لما ظننته يعرض لك من الوجوم في هذه الموهبة، في المولودة الّتي أرجو أن يعظّم الله بركتها، ويجعلها أيمن مولود في عصرها، ودالّة على سعادة أبيها وجّدها، و [لئن] كان في الطبع حبّ الذّكور والشّعف بالبنين، فإنّ البنين من البنات، وهنّ باليمن معروفات، وبالبركات موصوفات، وبالذّكور في أثرهنّ مبشّرات، فهنأك الله النّعمة فيها تهنئة لا تنقضي سعادتها، ولا يعترض النقص والتقدير «1» شيئا منها، وأبقى هذه الصبيّة ممتّعا أبوها بها، ومنشأ له الحظّ من حداثتها، وبلّغها أفضل مبالغ الصالحات القانتات من أمّهاتها، وجعل في مولدها أصدق دليل على طول عمر أبيها وسعادة جدّة، وتضاعف نعم الله عنده، إنه لطيف جواد.
أبو مسلم «2» محمد بن بحر:
مرحبا ببكر النّساء، وبكر الأولاد، وعقيلة الخباء، والمأمولة للبركة، والمشهورة باليمن، وقد جرّبناه فوجدناه معهودا مسعودا، والله يعرّفك أضعاف ما عرّف من قبلك، ويبارك لك فيما رزقك، ويثنّي لك بأخ للمولودة ويجعله رديفها، وفي الخير قرينها وشريكها.
عليّ «3» بن خلف.
وينهي أنّ المملوك اتّصل به ارتماض «4» مولانا بمقدم الكريمة الوافدة،
بطالع السّعادة المتجدّدة، فعجب المملوك من وقوع ذلك من مثل مولانا مع كمال نبله، وشرف عقله وعلمه، فإنّ الله تعالى جلّ اسمه يقول: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ
«1» وإنّ ما جدّده الله تعالى من مواهبه جدير أن يتلقّى بالسّرور والفرح، لا بالاستياء والتّرح، لا سيّما والذّكر إنما يتفصل على الأنثى بنجابته، لا بحليته وصورته، وقد يقع في الإناث من هو أشرف من الذكور طبعا، وأجزل عائدة ونفعا، وقد روي أنّ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم قال:«إذا رزق العبد الأنثى نادى مناد من السماء: يا أهل الدار، أبشروا بالرّزق، وإذا رزق ذكرا نادى مناد من السماء: يا أهل الدار، أبشروا بالعزّ» فليستقبل مولانا الرّزق بالشّكر فإنّ العزّ يتبعه، ولا يعارض الله تعالى في إرادته، ولا يستقلّ شيئا من هبته، والله تعالى يعرّفه يمن عهودها، وسعادة قدومها، وأن يسرّه بعدها بإخوة متتابعين متلاحقين، يؤيّدون أمره، ويحيون بعد العمر الأطول ذكره.
أبو الفرج الببغاء:
لو كان الإنسان متصرّفا في أمره بإرادته، قادرا على إدراك مشيئته، لبطلت دلائل القدرة، واستحالت حقائق الصّنعة، ودرست معالم الآمال، وتساوى الناس ببلوغ الأحوال، غير أنّ الأمر لمّا كان بغير مشيئته مصنوعا، وعلى ما عنه ظهر في الابتداء مطبوعا، كان المخرج له إلى الوجود من العدم، فيما ارتضاه له غير متّهم، ومولانا- أيده الله- مع كمال فضله، وتناهي عقله، وحدّة فطنته، وثاقب معرفته، أجلّ من أن يجهل مواقع النّعم الواردة من الله تعالى عليه، أو يتسخّط مواهبه الصادرة إليه، فيرمقها بنواظر الكفر، ويسلك بها غير مذاهب الشكر.
وقد اتّصل بالمملوك خبر المولودة كرّم الله غرّتها، وأطال مدّتها، وعرّف مولانا البركة بها، وبلّغه أمله فيها، وما كان من تغيّره عند اتّضاح الخبر، وإنكار