الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد نعمه، وغرس كرمه، يعلمه بصدق ودّه، والمداومة على شكره وحمده، وأنه وقف على مشرّفه وفهمه، وشاهد منه عتبه وعلمه، وهو لا يشكو من المولى جفاء ولا يعيب، و [عن] طريق المصافاة والمخالصة فلا يغيب، بل يقول (كامل)
أنت البريء من الإساءة كلّها
…
ولك الرّضا وأنا المسيء المذنب
والمرجوّ من لطافة أخلاقه، وطهارة أعراقه، أن يصفح عن زلّته، ويعفو عن ذنبه وإساءته (طويل)
فأنت الّذي ترجى لتخفيف زلّتي
…
وتحقيق آمالي ونيل مآربي
وقربك مقصودي وبابك كعبتي
…
ورؤياك يا سؤلي أعزّ مطالبي
قلت: وكتبت إلى المولى شهاب الدين «1» الدّنيسريّ، وقد بلغني عنه مساعدة بعض الجهّال عليّ في بعض الأمور (طويل) .
عهدت شهاب الفضل يرمي بسهمه
…
شياطين جهل أن تداني جنابه
فما بال مولانا على فرط فضله
…
يعرّف شيطان الجهالة بابه؟
النوع الرابع عشر (العيادة والسّؤال عن حال المريض)
رقعة عيادة:
وينهي أنه اتّصل بالمملوك من ألم مولانا- أطال الله بقاءه- وحرس حوباءه «2» - ما أهمى مدامعه، وأحمى أضالعه، ومزّق جلده، وحرّق خلده «3» ،
وأطار الوسن «1» عن عينه، ونفّر الهدوء عن مضجعه، حتّى تدارك الله تعالى بكتابه الناطق بإقلاع الملمّ، المعرب عن دفاع المهمّ، فرقأ «2» من دموعي ما ارفضّ، وجبر من ضلوع المملوك ما ارتضّ، والتأم من جلده ما تفطّر، وبرد من خلده ما توقّد «3» ، وجثم ما طار من وسنه وآنس من الهدوء ما نفر عنه، والتأمت الآمال بعد انثلامها، وبرزت ثمار الأمانيّ من أكمامها، وطلع من الرجاء آفله، وروي من السّرور ماحله، وتجدّد من السّؤدد طامسه، وضحك من الزمان عابسه، والله تعالى يغضّ طرف الحدثان، عن مهجته، ويصرف صروف الزمان، عن ساحته، ويهنّيه بما أعاده إليه من الإبلال، ويملّيه بما أفاضه عليه من الاستقلال، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
رقعة: وينهي أن ما خامره من قلق وجزع، وفرق وهلع، بسبب ما بلغه من شكوى مولانا لا تحصره الأوهام، ولا تسطّره الأقلام، ولولا ثقة المملوك بالله تعالى لوهت عقد صبره، ولا نخلع فؤاده من صدره، وقد علم الله تعالى أنّ هذا الألم لو نقل إلى المملوك لما ثقل عليه، وكيف يستثقل ما يخفّف عن مولانا وصبه «4» ويحسمه، ويعكّف له سلك الشّفاء وينظمه، والله تعالى يجعله في أمان من كفايته، وضمان من حياطته، إن شاء الله تعالى.
أجوبة كتب الشفاعات «5» والعنايات قال في «موادّ البيان» : هذه الكتب إذا أجيب الملتمس إلى حاجته فينبغي
أن تبنى أجوبتها على شكر مقصد الشافع، والإدلال والاسترسال وإنالة المشفوع له وطره إيجابا لحقّ الشافع، وإن وقع الامتناع والتوقّف عن الإجابة إلى الملتمس، فالواجب أن تبنى على إقامة العذر لا غير.
زهر الربيع:
جواب شفاعة في حقّ كاتب:
جدّد الله [له] السعادة وخلّدها، وأصارها له شعارا وأبّدها، ووطّد به الممالك ومهّدها، وعضد به طائفة الإسلام وأيّدها، وشكر له صنائع يعدّ منها وليّ ولا كلّ يستطيع أن يعدّدها.
المملوك يقبّل اليد الشريفة أداء للفرض اللازم، وشكرا لما أولته من الأيادي والمكارم، وحمدا لألطافه الّتي أطمعته بالتمييز فأصبح برفع قدره كالجازم.
وينهي ورود المشرّف الذي نزّه ناظره، وجبر قلبه بحسن ألفاظه وخاطره، والعلم بما أمر به، وشفع إلى المملوك بسببه، وهو الكاتب الذي أشار إليه، وقد ركن إلى ما شكره به المولى وأثنى به عليه، واعتقد يمن إغارة «1» الشافع فعقد على المشفوع فيه خنصره، وتقدّم بترتيبه في ديوان إنشائه، وجعله من جملة خواصّه وخلصائه، وفعل ذلك كلّه اتّباعا لإشارته، وقبولا لشفاعته، فالمولى يواصل بمراسمه وأمثلته، فإنّها ترد على مرتسم ممتثل.
ومنه: جواب شفاعة في استخدام جنديّ:
ضاعف الله تعالى نعمه، وأرهف في نصرة الإسلام سيفه وقلمه، ولا برحت ألسنة الأنام ناطقة بولائه، وأيدي ذوي الرجاء مملوءة من فواضل نعمائه.
المملوك يواصل بأدعيته الصالحة، ويستنشق روحانيّ ريحكم فيسكن منه
بلذيذ تلك الرائحة، ويشكر له ما منحه من المكارم، ويباهي بعزماته اللّيوث الضّراغم، فلا يجد مضاهيا لتلك العزائم.
وينهي ورود المثال «1» الذي أشرقت الوجوه بنوره، وابتهجت الأنفس ببلاغة منشيه ووشي سطوره، وعلم إشارة المولى في معنى فلان، أدام الله سعده، وأعذب منهله وورده، والتوصية بأمره، وما أبداه من حمده وشكره، وأن يقطع إقطاعا يليق بأمثاله، ويتفيّأ من خراجها ضافي ظلاله، وعند مثول مثاله العالي امتثل والتثم، واستخدم المشار إليه لإشارته وخدم، وهذا بعض ما يجب من قبول أمره، وتعظيم كتابه وتبجيل قدره، فيواصل بمراسمه فإنها تقابل بالارتسام، ومشرّفاته فإنها تعامل بوافر الإكرام.
جواب شفاعة في الجملة (كامل) .
قل ما تشاء فإنني لك طائع
…
ما أنت عندي شافع بل آمر
جعله الله لكلّ خير سببا، وحقّق به لأوليائه ظنونا وحصّل أربا، ووفّر له من أجر شفاعته الحسنة نصيبا، وأدامه عن كلّ شرّ بعيدا وإلى كلّ خير قريبا.
المملوك ينهي تألّمه لفراقه، وما يجده من صبابته وشدّة أشواقه، ويعانيه من حنينه وأتواقه، وأنه ورد عليه كتابه فاستلمه ولثمه، وبجّله وعظّمه، وعلم ما أشار إليه، وأخذ أمر المشفوع فيه بكلتا يديه، وجعل قضاء أربه أمرا لازما، وما فتيء على ساق الاجتهاد قائما، إلى أن حصّل غرضه، وأدّى من حسن القيام بأمره ما أوجبه مشرّفه العالي وافترضه، والمولى آمر غير شفيع، ومهما ورد من جهته على المملوك فوارد على سميع مطيع، فيواصل من مراسمه بما سنح، ومن أخباره بما تأرّج طيب عرفه ونفح، ورأيه في ذلك العالي.
آخر: شكر الله عوارفها، وتالد جودها وطارفها، ووافر
ظلالها ووارفها، وينهي ثناءه على معاليه، وملازمته ومداومته على بثّ محاسنه ونثّ أياديه، وحمد عواقب إحسانه ومباديه، وشدّة أشواقه إلى جنابه، ولذيذ مشاهدته وخطابه، وما يعانيه من غرام لازمه ملازمة الغريم، وداء صبابة يضاعف شوقه إلى رؤية وجهه الوسيم، ومداومته على التعوّض بشكر محاسنه عن المدامة والنّديم، ونظم جواهر مدحه لجيد جوده، وحمد المولى على ذلك التنظيم، وأنه ورد عليه مشرّفه العالي فقبّله، ودعا لمرسله دعاء يرجو من الله تعالى أن يستجيبه ويتقبّله، وحصل له بوصوله ابتهاج عظيم، وقال لمن حضر وروده يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ «1»
وفهم مضمونه وفحواه، وعلم معناه وما أظهره فيه وأبداه، من الوصيّة بفلان وما يؤثره من تسهيل مطالبه، وتيسير مآربه، ووصل المشار إليه وحصل الأنس برؤيته، وتمتّعت النّواظر والمسامع بمشاهدته ومشافهته، وقام المملوك في أمره قياما تامّا، وجعل عين اجتهاده في مصلحته متيقّظة لا تعرف مناما، وشمّر عن ساق الاجتهاد، في تحصيل المرام والمراد، إلى أن حصل له الفوز بنيل أمله، وعاد راتعا من العيش في أخضره وأخضله، رافلا من السّرور في أبهى حلله، فيحيط علمه بذلك، والله تعالى يعضّد به الدّول والممالك، إن شاء الله تعالى.
آخر: جعله الله مفتاحا لكلّ باب مرتج، وصدّق به [أمل] كلّ آمل وحقّق رجاء كلّ مرتج، ولا زالت سحائب جوده هامية بالوسميّ «2» والوليّ «3» ، ماطرة بوبلها وطلّها على الوليّ.
المملوك يخدم بتحيّة أرقّ من النّسيم، وسلام أطيب عرفا من بان النّقا «1» إذا تحمّلت عرفه ريح الصّريم «2» .
وينهي إلى علمه الكريم ورود مشرّفته وأنه أحاط بمضمونها علما، وشاهد منها في حال طيّها مكارم أصارت تفضيله على حاتم الطائيّ حتما، ووقف منها على درّ لفظ قذفه بحر خاطره نثرا ونظما، وبراعة عبارة زادت قلب مواليه غراما وأنف مناويه رغما، وفصاحة عرّفته قوله صلى الله عليه وسلم «إنّ من البيان لسحرا وإنّ من الشّعر لحكما «3» » وفهم عنايته بفلان نفع الله بعلمه وعمله، وقرّب له من الخير ما لا يطمعه به بعيد أمله، وإشارته بسبب التنبيه والإرشاد على جمل فضائله، ومفصّل مناقبه المشهورة في البلاد، وإيضاح كفايته في وجيز تلك الفصول الصّحاح الإسناد، فحال قدوم المذكور وحلوله، وورود مشرّفه ووصوله، أنهى المملوك أمره إلى مخدومه، وطالع به شريف علومه، ولا زال يحسن سعيه، ويعتمد على مشيئة الله ولا يترك حرصه ومشيه، إلى أن حقّق قصده بقضاء شغله، وقرّب له أمد أمله، وكتب توقيعه ولم يرد الله تعويقه، ونجع طعم قصده وأنجح الله طريقه، وقد عاد مصحوبا بالسّلامة، معروفا بتحصيل هذا القصد بأنه (طلّاع الثّنايا) من غير وضع العمامة، حسب إشارة المولى وأمره، والله تعالى يمدّه بصونه ونصره.
آخر: في استخلاص حقّ.
شكر الله إحسانه وإنعامه، وحصّل به لكل وليّ مرامه، وحمد تطوّله وتفضّله، وأنال به لكلّ آمل أمله، وخلّد دولته، وأدام نعمته، وأنفذ كلمته، ولا
زال فضله كاملا، وإحسانه إلى الأولياء واصلا، ونواله لبني الآمال شاملا.
المملوك يخدم أحسن من نور الرّبا، وثناء ألطف من ريح الصّبا، وسلام أطيب بمروره من تذكّر أيّام الصّبا.
وينهي ورود الكتاب الذي طاب بالمولى محتده «1» ونجاره، وزاد على كتائب الكتب فخاره، وأنه وقف عليه وقوف مشتاق إلى مرسله، شاكر أنعم فضله وجسيم تفضّله، فأسكرته تلك الفصاحة بشذاها الأرج، ونزّهت لحظه في درّ لفظها البهج، فظنّها لمّا استنشق رائحتها راحا قرقفا «2» ، ولمّا أبهجه لفظها بألفاظ تزهي على الرّياض روضة أنفا «3» ، وعلم الإشارة الكريمة في معنى فلان والوصيّة بخدمته، وما أمر به من مساعدته ومساعفته، وعند وصول مشرّف المولى وقبل وضعه من يده، نوى المملوك مساعدة المذكور على مقصده، فتقدّم بإحضار غريمه فوجده عن البلد غائبا، فانتظره إلى أن عاد آئبا، فعند وصوله طلبه وأحضره، وسأله عمّا يدّعيه عليه خصمه فأنكره، وطلب الحضور إلى القاضي «4» ، وحثّ على ذلك حتّى أوهم أنه المتقاضي، فلمّا رأى المملوك أن حجّة المشفوع فيه لا تقوم بصدق دعواه وحجج، ولا يظهر بها على غريمه إلا من طريق حرج، بذل في مصالحتهما جهد الاجتهاد، وما زال يرشدهما إلى طريق الرّشاد، ويدلّهما على سبيل السّداد، ويعرّفهما أن التضارر ضير، وأنّ الصّلح خير، فكل منهما يهيم في واد، ويسلق خصمه بألسنة حداد، إلى أن تراضيا
وتوافقا، وسلكا طريق الرّفق وترافقا، وصدّق الخصم خصمه فتصادقا، وانفصلا وكلّ منهما قد أرضى خدنه «1» ، وعن المحاكمة والمحاققة أغضى جفنه.
آخر: أيّد الله سعد المولى وأبّده، وأثّل مجده ومجّده، وأعانه على إسداء العوارف «2» وعضّده، وأمدّه من المسرّات بما يزيل عن الأيّام أبده «3» ، وأناله سعدا لا تبلغ الأنام أمده، ولا زال برد جدّه من السعادة جديدا، ونجم عدوّه آفلا ونجمه سعيدا.
الذي نحيط به علمه الكريم أنّ كتابه ورد فسرّى همّ الأنفس وسرّها، وضاعف بما ضاع من نشره بشرها، وفاح منه شذا عند إقباله، فقيل: قد هبّت القبول، ورنّح الأولياء، فقيل: قد هبّت ريح الشّمال وأديرت الرّاح الشّمول «4» وأنّ المملوك وقف منه على ألفاظ سقته كؤوس سرور لا كؤوس مدام، وروت له أخبار حلم لو أسندت إلى سواه لتوهّمت أضغاث أحلام، وروّت أكبادا أضرّ بها لغيبته حرّ ظمإ وأوام «5» ، وبيّنت سحر البيان، وأعربت بلسان حسنها عمّا لمنشيها بل موشّيها من الإحسان، وأغربت في الفصاحة فخلنا كلّ كلمة تنطق عن سحبان بلسان، وزهت بيانع ثمار فضلها فنزّهت كلّ عين في بستان، وعلم إشارة المولى في معنى فلان، وما أبداه من العناية في حقّه، والإيثار لصلة رزقه، وأنه من الألزام «6» ، والذين تجب معاملتهم بالإكرام والاحترام التام، وعند ما شاهد
المملوك كتاب من شرّفه، وسمع ألفاظه الّتي بلطفها أتحفه، بل بردائها على البرد ألحفه، تقدّم بإجابة سؤاله، وترتيبه في جهة تليق بأمثاله، وقمّصه من العناية قميصا لا يبلى، وجمع لخاطره والدّعة شملا، وهذا حسب إشارة المولى الّتي لا تخالف، وأمره الذي يقف كلّ أحد عنده ولا يستوقف ولا يواقف «1» .
كتاب إلى مريض بالسؤال عنه من كلام المتأخرين (مجزوء الكامل) .
حاشى مزاجك من أذى
…
وكريم جسمك من وصب «2»
يا غاية المأمول و
…
المرجوّ، يا كلّ الطّلب
مذ غبت عنّي لم أزل
…
من بعد بعدك في نصب «3»
جفني غريق بالدّموع
…
وماء صبري قد نضب
والله ما لي في البقاء
…
وأنت ناء من أرب
فترى «4» أبشّر سيّدي
…
أنّ اللّقاء قد اقترب؟
حرس الله مزاج المولى! وأصار العافية له شعارا، والصّحّة له دثارا، ولا زالت ساكنة في جوانحه، مقيمة حشو أعضائه المباركة وجوارحه.
أصدرها المملوك تعرب عن شوق يكلّ عن وصفه اللّسان، وتوق لا يحسن وصفه البنان، ولا عج يعجز عن حمل بعضه الجنان، ملتمسا المواصلة بأخباره، وواصفا ما يجده القلب من ألم الشوق وناره، وشاكيا من جور أيّام الفراق، وراجيا أن يبشّر بالإبلال من مرضه والإفراق، وداعيا إلى الله بتعجيل أيّام التّلاق. ومع ذلك فلو رمت أن أشرح كلّ ما أجده من الصّبابة لأسأمت
وأسهبت، بل لو ذكرت ما أعانيه لألمه لثقّلت على خاطره وشوّشت «1» ، لكن خاطر المولى شاهد بوجدي، وعارف بما تحمّلته من الكآبة الّتي لم يحملها أحد قبلي ولا تحمل بعدي، فيواصل بأخباره، والله يحرسه آناء ليله وأطراف نهاره، إن شاء الله تعالى.
في معناه (كامل) .
يا من شكا فشكا فؤادي حرقة
…
لا تنطفي وصبابة لا تبرح
وغدا سقيم الجسم يوما واحدا
…
فنزحت دمعا للمدامع يجرح
وازداد شوقي نحو طلعته الّتي
…
أبدا بيمن بهائها أستنجح
لا زلت في عزّ وسعد دائم
…
أيّامنا ببقائه تتبجّج
وبقيت ما بقي الزّمان مؤيّدا
…
تمسي قرير العين فيه وتصبح
كمّل الله عافية المولى وحرسه، ولا سلبه ثوب الصّحّة بل قمّصه إيّاه وألبسه، وأخدمه الأيّام فلا تستطيع مخالفة أمره ولا الخروج عن حكمه، ورزقه أن يملك الدّنيا بحذافيرها وهذا يحصل بعافية جسمه.
المملوك ينهي أنه اتّصل به تألّمه فشقّ ذلك عليه، ووصل من القلق إلى حدّ لم يصل المولى والحمد لله إليه، وابتهل إلى الله في معافاة جسده، وأن يعضّده ببقاء والده وولده، ويضاعف تسهيل مآربه ومقاصده، ويرفع كلمته وقدره على رغم معطس شانيه الأبتر وحاسده، إن شاء الله تعالى.
جواب إلى من قنطره «2» فرسه:
ثبّت الله قواعد مجده، وبلّغه سعدا لا تبلغه الآمال لبعده، وأهمى على محبّيه سحائب جوده ورفده.
المملوك يخدم بتحيّة أرقّ من النّسيم، ويشكر مواهبه الّتي ما زالت تحنو عليه حنوّ المرضعات على الفطيم.
وينهي ورود الخبر بأنه كبا به جواده عندما زلّت قوائمه، وأثقلته فضائل المولى ومكارمه، فانزعج لذلك وتألّم، وكاد قلبه لولا المبشّر بسلامته أن يتكلّم، وجواد المولى لا سبيل إلى ذمّه، فإنه أسمح جواد، ولا اتّهامه بالعجز، فإنّه عرف بإتهام وإنجاد (بسيط) .
لكنّه نظر الأفلاك ساجدة
…
إلى علاك فلم تثبت قوائمه
والمولى أولى من قابل عذر طرفه بطرف القبول، واعتمد عليه دون سائر الخيول، فإنّ المولى ولله الحمد في صحة دائمة، وسلامة ملازمة، وهذا هو القصد والمراد، والاستبشار الذي تفترّ له ثغور الثّغور وتعمر به البلاد، جعله الله في سعد ما له فراغ ولا نفاد، ورزقه ما دعا به العماد الفاضل والفاضل العماد، إن شاء الله تعالى.
أجوبة كتب العيادة قال في «موادّ البيان» : يجب أن تبنى هذه الأجوبة على وصول الرّقعة، وما صادفت المريض عليه من المرض، وأنها أهدت روح الهدوء، وأركدت رياح السّوء، وأقبلت بنسيم الإبلال، وتضوّعت بأرج الاستقلال، وبشّرت بالعافية والسّلامة، وآذنت بالصّلاح والاستقامة، وأشباه هذا.
ابن نباتة «1» المصري:
شكر الله افتقادها وأنسها، وقلمها وطرسها، وحمى من عارض الخطب لا من عارض الخصب شمسها، ولا أعدم الأولياء قصدها الجميل، وودّها الجليل، وإحسان رسائلها الّتي كرمت فما صوب الغمام لها رسيل، وأمتع الممالك بيمنها الّتي صحّت بتدبيره فليس غير النّسيم عليل.
وينهي ورود المشرّف الكريم فتلقّاه المملوك حبيبا واردا، وطبيبا بإحسانه وللجسد عائدا، وفهم المملوك ما انطوى عليه من الصّدقات الّتي ما زالت في فهمه، والمحبة الصادقة الّتي ما عزبت عن علمه، وما تضمّن من فصول كانت أنفع من فصول أبقراط «2» لمعالجة جسمه، وأين أبقراط من بركات كتاب مولانا الذي طالع منه كتاب الشّفاء على الحقيقة، والنّجاة من عروة البأس الوثيقة؟
وأدنى ورقته الحمراء لرأسه تبرّكا وإكراما وقال: نعم الجلّنارة المعوّذة من الشّقيقة، واستطبّ حروفها فإنها عن أيدي الكريم والكرامات، ولثم العلامة وتمسّك بالسّطور فإنها من أسباب الصّحّة والعلامات؟ ووافقت عيادة مولانا مبادي العافية وآذنت بالزّيادة، وصلح خطّه الكريم عائدا وما كلّ خطّ يصلح للعيادة، وما تلك الجارحة المتألّمة إلّا يد أثقلتها منن مولانا فأعيت وتألّمت، ثم أعانتها بركته هي والقدم بالحمل العظيم وتقدّمت، وما بقيّة الجوارح إلّا عيون كانت تنتظر لطف الله تعالى وبركته وقد قدمت، فشكرا لها من بركات تنعم بها قبل الجسوم أرواحها، وأدوية قلبيّة تعالج بها ذوات النّفوس فكيف أشباحها، لا برح جوهر كلمات مولانا يؤذن بالشّفاء من العرض، وسهام أقلامه إذا كتبت عائدة أو جائدة أصابت الغرض وفوق الغرض.
وله: تقبّل الله منه وفيه صالح الأدعية، وملأ بمحاسن ذكره وبرّه الآفاق والأندية، وشكر هباته وبركاته الّتي تنزل بعارض الغيث قبل الاستمطار وترفع عارض الألم قبل الأدوية، تقبيل معترف بسابق النّعم، مقيم على صحّة العبودية والولاء في حالتي الصّحّة والسّقم.
وينهي ورود مشرّف مولانا الكريم على يد فلان عائدا من جهة العيادة، وعائدا من جهة الصّلات المعتادة، ومفتقدا لا عدم الأولياء في الشّدّة والرّخاء افتقاده، ما كان إلّا ريثما نشق العليل نسماته الصحيحة، وتناول كأس ألفاظه الصّريحة، وإذا بقانون المزاج قد همّ باعتداله، وكتاب الشفاء والنجاة قد تسنّت فوائد إقباله، فتميّز حال الصحّة من المرض، واستعمل جوهر الألفاظ فعزم على زواله العرض، وبلّغ الولد فلان المشافهة وكلّ مقاصد مولانا مبتدأة مبتدعة، والمملوك «1» جوابها وكلّ أجوبته منوّلة منوّعة، شكر الله عوارف مولانا المتّصلة، ورسل افتقاده الّتي منها العائد ومنها الصّلة.
وله في جواب كتاب عيادة وارد في يوم عيد على يد من اسمه جمال الدين محمود:
شكر الله مننها الّتي إذا أبدت أعادت، وإذا جادت أجادت، وإذا كرّرت الافتقاد حلا، وإذا تصدّت لمودّات القلوب صادت، تقبيل مخلص في ولائه وابتهاله، مقيم على صحة العهد والحمد في صحّته واعتلاله.
وينهي ورود مشرّفة مولانا الكريمة على يد الولد جمال الدين محمود متفقّدا على العادة، مكرّرا لعيادة الإحسان وإحسان العيادة، فقابل المملوك بالحمد واردها، وبعوائد الاعتداد عائدها، وفهم ما تضمّنته من تألّم قلب المالك على ضعف المملوك وقلق خاطره على بدن كبيت «2» العروض منهوك، وأنه كان
ابتدأ ضعف المملوك فتألّم، ثم تلا خبر الصحة فتلا، ولكنّ الله سلّم، ثم بلغه أنّ آلاما تراجعت، وموادّ واصلت بعد ما قاطعت، فحملته خواطر الإشفاق عليّ على تكرير العيادة، وارتقاب فعلات الشفاء المستجاده، جاريا من إحسانه وافتقاده على أجمل معهود، باعثا مشرّفته وحاملها وكلاهما حسن الحال محمود، فعندما وصلا أوصلا كمال العافية، وحقّقت أخيلة البرء الشافية، وما كان المشكوّ إلّا مادّة يسيرة وزالت، وبقيّة ضعف تولّت بحمد الله وبركة مولانا وما توالت، وما عيّد المملوك إلّا وشفاء الجسد في ازدياد، والنفس بالوقت وبالمشرّفة في عيدين قائمين بأعياد، لا زالت منن مولانا إزاء اللّحظ حيث دار، وودّه وحماه جامعين فضل الجار والدّار.
زهر الربيع:
لا زال محروس الشّيم، هاطلة سحائبه بالدّيم، مشكورا بلساني الإنسان والقلم.
المملوك يقبّل يده الشريفة مؤدّيا للواجب، ويواصل بدعاء صالح أصاره إنعامه ضربة لازب.
وينهي إلى كريم علمه ورود مشرّفه الذين أبهج الأنفس وضاعف الصّبابة، وأفنى الصبر عن محيّاه وإن كان ما أفناه أيسر صبابة، وأنّه علم منه إنعامه وتشوّفه إلى المملوك وإلى سماع أخباره، وما أبداه من شفقة ألفت من إحسانه وعرفت من كريم نجاره، وتحقّقت من شيمه على من ينأى عن بابه العالي وداره، فالله يحرس هذه الأخلاق الّتي هي أرقّ من الماء الزّلال، والشمائل الّتي تفعل بلطفها فعل الجريال «1» ، والمملوك فو الله لا يحصي شوقه إلى الخدمة العالية ولا يحصره، ولا يقدر على وصف ما يسرّه من الأتواق ويظهره، إنما الاعتماد في ذلك على شاهدي عدل من خاطره وقلبه، وهما يغنيان المملوك عن شرح ولائه بألسنة أقلامه ووجوه كتبه، وأما السؤال عن أخبار مزاج المملوك فإنه كان في ألم دائم، وسقم ملازم؛ لشدّة المرض، الذي كان يحتوي على جوهر جسمه
والعرض، فمذ ورد كتاب المولى انتعشت قوّته، واشتدّت منّته، وصدقت في طلب تناول الغذاء شهوته، وترجّى الشفاء بعد أن كان على شفا التّلف، وكان له كالطبيب الآسي في إزالة مرض الأسا والأسف. وقد حصلت للمملوك مسرّتان بكتاب المولى وعافيته، وفرحتان بما أهداه إليه من عفو إنعامه ومحو أثر الألم وتعفيته، وكلّ ذلك بسعادته.
ومنه: ورد المشرّف العالي لا زال قدر مرسله شريفا، وشرفه الباذخ يجعل كلّ شريف مشروفا، وسحائب جوده تهدي إلى الأولياء من مكارمه تليدا وطريفا، وقواضبه تردّ [طرف] حوادث الأيّام عنه مطروفا، وأياديه تبعث لمحبيه تحفا، وهيبته تهدي إلى الأعداء خوفا، والدهر بخدمة جنابه العالي مشغوفا، فوقف عليه وقوف مشتاق إلى مسطّره، متنزّه في ربيع ألفاظه وحسن أسطره، وعرف منه إحسانا ما فتيء يعرفه، وتفضّلا ما زال المولى بمثله يتحفه، وما أشار إليه من شدّة إيثاره، لرؤية المملوك وسماع أخباره، والذي ينهيه أنّ جسده كان قد تضاعف ضعفه، حتّى أتعب الألسنة وصفه، فلما وقف من مشرّف المولى على خطّ هو الوشي المنمنم، وألفاظ هي الرّحيق المختّم بل الدّرّ المنظّم، وسحر هو محلّل وكلّ سحر محرّم، أبلّ المملوك وبردت غلّته، وبرأت علّته، وكان كمن استوفى نصيبه من النّصب، وأخذ قسمه من السّقم والوصب «1» ، فسقاه مشرّفه الصحة في كاس، وأفاض عليه من العافية أفخر لباس.
آخر (كامل) .
ورد الكتاب فعمّت الأفراح
…
وأضاء في ليل الأسا الإصباح
وافترّ ثغر للزّمان بفرحة
…
وللفظه طربت ربّى وبطاح
وتضوّعت أرواح طيب عرفها
…
تحيا به الأجسام والأرواح
وسقى سلاف فصاحة وبلاغة
…
ما المسك عند شميمها ما الرّاح
شكر الله مننه، وأخدمه زمنه، ومنحه من العيش أغضّه وأحسنه، وشرّف