الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقعة: وقد سطّر المملوك هذه العبوديّة، وقد انجلت هذه النّبوة، عن البلاء والشّقوة، ونفاد المال، واستحالة الحال، واستيلاء العدوّ، واستعلاء السّو، وكذا الدهر خدوع غرور، خؤون غدور، إن وهب ارتجع، وإن ألبس انتزع، وإن أعطى أعطى قليلا وقلع، وإن أحلى أمرّ، وإن نفع ضرّ، وإن أبرم نقض، وإن رفع خفض، وإن أقبل أعرض، وإن وعد أمرض، فنعمه مقرونة بالزّوال، ومنحه معرّضة للانتقال، وصفوه مشوب بالكدر، وعيشه ممزوج بالغير، ما أجنّ إلّا أوجد خللا، ولا أمّن إلّا أتبع الأمن جللا، والمملوك يحمد الله تعالى على أن أوسعه في حال البلاء شكرا، وفي حال الابتلاء صبرا.
أجوبة رقاع الشكوى قال في «موادّ البيان» : يجب أن تبنى أجوبة هذه الرّقاع على الارتماض في الحال المشكية، والتوجّع منها، وبذل الوسع في المعونة عليها، والمشاركة فيها، وما يجري هذا المجرى مما يليق به.
النوع الحادي عشر (في استماحة الحوائج)
قال في «موادّ البيان» : ورقاع الاستماحة يختار أن تكون مودعة من الألفاظ ما يحرّك قوى السّماح، ويبعث دواعي الارتياح، ويوجب حرمة الفضل المسهّلة بذل المال الصّعب بذله، إلّا على من وفّر الله مروءته، وأرخص عليه أثمان المحامد وإن غلت.
قال: وينبغي للكاتب أن يتلطّف فيها التلطّف الذي يعود بنجاح المرام، ويؤمّن من الحصول على إراقة [ماء] الوجه، والخيبة بالردّ عن البغية، ويعدل عن التثقيل والإلحاف المضجرين ولا يضيّق العذر على السّماح إلّا أن يتمكّن للثقة به، ويعلم المشاركة في الحال.
وهذه نسخ من ذلك:
من كتاب [أبي] الحسين بن سعد.
أفضل القول أصدقه، وأهنى المعروف أعجله، وأبلغ الشّكر أظهره.
ومنه: إن حضرتك نيّة في قضاء حاجة فعجّلها، فإنّ أهنى المعروف ما عجّل، وأنكده ما تنازعته العلل، واعترضته كثرة الاقتضاء.
ومنه: أنت، أعزّك الله، واجد السبيل إلى اصطناع المعروف واكتساب الثّواب، وأنت أعرف بما في استنقاذ أسير من أسرى المسلمين، من وارد الأسر، وعرصة الكفر، وانتياشه من الذّلّة والفاقة، والبلاء والمشقّة، من جزيل ثواب الله وكريم جزائه [وأجلّ] من أن تخاطب في ذلك مخاطبة من يحتاج إلى زيادة في بصيرته، وتقوية لنيّته، وبالله توفيقك وعونك.
عليّ بن خلف:
قد تمسّك أملي بضمانك، وتطلّع رجائي إلى إحسانك، وكفل لي النجاح مشهور كرمك، ورغبتك في ربّ نعمك، ولي من فضلك نسيب أعتزي إليه، ومن شكري شفيع أعتمد عليه.
وله: المواعيد- أطال الله بقاء مولاي- غروس، حلو ثمرها الإنجاز والتعجيل، ومرّه المطل والتطويل، وقد شام أملي من سحائب فضله، حقيقا بأن ينهمر ويهمي، وارتاد من روض نبله، جديرا بأن يزيد وينمي، فإن كانت هذه المخيلة صادقة، فلتكن منه همّة للرجاء محقّقة، إن شاء الله تعالى.
وله: هممت أن أستصحب إلى مولاي ذريعة تحجب مطلي، وتكون حجابا على وجهي في المطالعة بأربي، فلاح لي من أساريره برق أوضح مقصدي، ومن أخلاقه انبساط أمال تجعّدي، ولست مع معرفته بحقّ نعمة الله تعالى وحقّ مؤمّله، محتاجا عنده إلى ذريعة ولا مفتقرا إلى وسيلة.
وله: ولا يحملني مولاي على ظاهر تجمّلي، وجميل توكّلي، على «1»
حال قد أحالتها العطلة، وتخلّلتها الخلّة، وإنما أبقي بالتجمّل على ديباجة همّتي، وأصون بالتخفيف عن الصديق مروّتي، ولولا أنّ الشكوى تخفّف متحمّل البلوى، لأضربت عن مساءلته، وأمسكت عن تذكيره، ولكن لا بدّ للوصيب «1» الشاكي، من ذكر حاله للطبيب الشافي، وقد كان برق لي من سحاب وعده ما هو جدير بالانهمار، وأورق من نمائه، ما هو حقيق بالإثمار، فإن رأى أن يسم وجه التأميل، بعد الإنجاز والتعجيل، فعل.
وله: ما حامت آمالي- أطال الله بقاءه- إلّا وقعت بحضرته، ولا صعبت عليّ جوانب الرّجاء إلّا سهلت من جهته، ولا كذبتني الظّنون إلّا صدقها بعلوّ همّته، فلذلك أعتلق في المهمّ بحبله، وأعتصم في الملمّ بظلّه، وقد عرض لي كذا وعليه فيه المعوّل، وهو المرجوّ والمؤمّل، وما أولاه بالجري على عادته في ريش جناحي، والمعونة على صلاحي.
في طلب كسوة، من كلام المتأخرين:(طويل) .
ألا أيّها المولى الّذي نهر جوده
…
يزيد وعاصي أمره الدّهر ينقص
إليك اشتكائي من دمشق وبردها
…
وما أنا فيه من أمور تنغّص
وإنّي في عرس من البرد دائم
…
تصفّق أسناني وقلبي يرقص
المملوك ينهي بعد الابتهال إلى الله تعالى في إدامة نعمته، وإدالة دولته، أنّه ما ألف من إحسانه إلّا أنّه يضاعف رسم الإنعام، ويواتر إرساله على ممرّ الأيّام والأعوام، وللمملوك في خزانته الشريفة في كلّ عام تشريف يفيضه على جسده، ويسرّ به قلوب أوليائه ويفتّ أكباد حسّده، ويتّقي به سورة الشتاء وقرّه، ويجعله قرّة ويحمل به من الدّعة وقره، وقد درس رسمه، وفقد من الدّيوان المعمور اسمه، وهو يسأل بروز الأمر العالي بإجرائه على عادته المستمرّة،
وقاعدته السالفة المستقرّة، بتشريفه بأخذ التشريف ولبسه، ليدفع بذلك شدّة البرد وأليم مسّه، ويتذكّر بها في يومه ما يوجب حمد المولى وذمّ أمسه، ورأيه العالي.
وله في طلب ورق (سريع) .
يا أسمح الناس ويا من غدا
…
جبينه يخجل ضوء الشّفق
جودك بالورق «1» عميم [فلم]
…
أخّرت يا مولاي بعث الورق؟
وله في طلب رسم (مجزوء الرجز)
رسمي «2» مولاي غدا
…
مؤخّرا ولو حضر
ولو أراد سيّدي
…
إحضاره، كان أمر
فقد مضى محرّم
…
وراحتي منه صفر
وكتب كاتب إلى مخدومه، وقد تأخّر صرف معلومه (متقارب)
وتعلم أنّي كثير العيال
…
قليل الجراية والواجب
فلست على ظمإ قانعا
…
بورد من الوشل «3» الناضب
ولا شكّ في أنّني هارب
…
[ف] قدّر لنفسك في كاتب
قلت: وكتبت نظما لأمير المؤمنين المستعين «4» بالله أبي الفضل العبّاس،
خليفة العصر، أستميحه حاجة في مجلس كان فيه هو وولده يحيى وأخواه داود ويعقوب ما صورته (طويل) .
إذا رمت أن تحظى بنيل مآرب
…
فبادر إلى العبّاس من آل عبّاس
إمام به ثغر الخلافة باسم
…
وعرنينها يسمو على قمّة الراس
أبى الفضل إلّا أن يكون لأهله
…
[دواما] وأن يدعى أبا الفضل في الناس
فللمستعين اقصد تجد خير منجد
…
حريص على المعروف برّا بإيناس
فيحيا له يحيى وداود صنوه
…
ويعقوب أعضادا وحصنا من الباس
وكتبت لقاضي القضاة شيخ الإسلام جلال الدّين «1» عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام عمر البلقينيّ أستميحه حاجة أيضا (طويل) .
أيا شيخ إسلام وقاضي قضاته
…
ومن قد سما في الناس علما ومنصبا
لقد عمّ نوء منك كلّ مؤمّل
…
وحاشى لبرق شمت يظهر خلّبا
أأحرم معروفا له كنت أرتجي
…
ويحجب ذو بعد من القوم أقربا
وما زلت أرجو في زمانك رفعة
…
ولكن جواد الحظّ بالبعد قد كبا
ولن يستعيض الخفض بالرّفع ماجد
…
خصوصا ومن أخّرت ما نال مطلبا
ولست ترى منّي إليك وسيلة
…
سواك وحسبي باعتلاك تقرّبا
وكتبت لقاضي القضاة جمال الدين محمود «1» القيسراني، وهو يومئذ قاضي قضاة الحنفية وناظر «2» الجيوش المنصورة، أذكر بطالة عرضت لي من وظيفة مباشرة كانت بيدي (طويل) .
إلى الله أشكو من زماني بواره
…
فأمسيت في الحرمان بي يضرب المثل
تماديت بطّالا وأعوزت حيلة
…
ولم يبرح البطّال تعرف له الحيل
فلا ملتجى جاه ولا عزّ صاحب
…
ولا مالك يحنو فيا قوم ما العمل؟
ولكنّ (محمود) العواقب أرتجي
…
ومن يحمد العقبى على القصد قد حصل
وكتبت للقاضي شمس الدين العمريّ كاتب «3» الدّست الشريف في حاجة نجّرها (بسيط) :
إن لا أرى عمرا حتّى ألمّ به
…
ألفيت من نسله من كان لي عمرا
لم يغف عن حاجتي حتّى أنبّهه
…
وكيف يغفو وفي المعروف كم سهرا؟
جعلته مبتدا في رفعه خبري
…
وعادة المبتدا أن يرفع الخبرا
أجوبة استماحة الحوائج قال في «موادّ البيان» : لا يخلو المستماح والمكلّف حاجة من أن يسعف أو يمنع، فإن أسعف فقد غني عن الجواب، وربما أجاب المسعف بجواب مبنيّ على حسن موقع انبساط المستميح، والاعتذار عن التقصير في حقّه وإن كان قد بلغ به فوق ما يجب له- تكرّما وتفضّلا، وإن منع فربّما أجاب بعذر في الوقت الحاضر أو عذر في المستأنف، وربما أخلّ بالجواب تغافلا.
وهذه نسخة جواب بالإسعاف بالمقصود، كتب بها في جواب لكاتب «1» السرّ عن نائب الشام، في طلب إقطاع «2» ، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن «3» نباتة إجابة للمطلوب، وهي:
لا زال قلمها يمدّ على الإسلام ظلّا ظليلا، ويستجدّ صنعا جميلا، ويأخذ بأمر الله أعداء دينه أخذا وبيلا، ويقوم باجتهاده في مصالح الملك النّهار كلّه والليل إلّا قليلا، تقبيل مواظب على ولاء لا يجد له تبديلا، وثناء لو سمعه المحبّ فشافه الأحباب إذا لاتّخذوه خليلا.