المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الضرب السابع (التعازي المطلقة مما يصلح إيراده في كل صنف) - صبح الأعشى في صناعة الإنشا - ط العلمية - جـ ٩

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تتمة المقالة الرابعة]

- ‌[تتمة الفصل السابع]

- ‌القسم الثاني من مقاصد المكاتبات، الإخوانيّات (مما يكتب به الرئيس إلى المرؤوس والمرؤوس إلى الرئيس والنظير إلى النظير)

- ‌النوع الأوّل (التّهاني)

- ‌الضرب الأوّل (التهنئة بالولايات، وهي على تسعة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بولاية الوزارة

- ‌الصنف الثاني- التهنة بكفالة السلطنة

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالإمارة

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بولاية الحجابة

- ‌الصنف الخامس- التهنئة بولاية القضاء

- ‌الصنف السادس- التهنئة بولاية الدعوة على مذهب الشّيعة

- ‌الصنف السابع- التهنئة بالتقدمة على الرجال

- ‌الصنف الثامن- التهنئة بولاية الديوان

- ‌الصنف التاسع- التهنئة بولاية عمل

- ‌الضرب الثاني (التهنئة بكرامة السلطان وأجوبتها)

- ‌الصنف الثاني- التهنئة برضى السلطان بعد غضبه

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالخلاص من الاعتقال

- ‌الضرب الثالث (من التهاني التهنئة بالعود من الحجّ)

- ‌الضرب الرابع (من التهاني، التهنئة بالقدوم من السّفر)

- ‌الضرب الخامس (من التهانيء التهنئة بالشهور والمواسم والأعياد)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بأوّل العام وغرّة السّنة

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بشهر رمضان

- ‌الصنف الثالث- ما يصلح تهنئة لكلّ شهر من سائر الشّهور

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بعيد الفطر

- ‌الصنف الخامس- التهنئة بعيد الأضحى

- ‌الصنف السادس- التهنئة بعيد الغدير من أعياد الشّيعة:

- ‌الصنف السابع- التهنئة بالنّيروز

- ‌الصنف الثامن- التهنئة بالمهرجان

- ‌الضرب السادس (التهنئة بالزواج والتسرّي)

- ‌الضرب السابع (من التّهاني التهنئة بالأولاد، وهو على ثلاثة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- التهنئة بالبنين

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بالبنات

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالتّوءم

- ‌الضرب الثامن (من التهاني التهنئة بالإبلال من المرض والعافية من السّقم)

- ‌الضرب التاسع (التهنئة بقرب المزار)

- ‌الضرب العاشر (التهنئة بنزول المنازل المستجدة)

- ‌الضرب الحادي عشر (نوادر التهاني، وهي خمسة أصناف)

- ‌الصنف الأوّل- تهنئة الذّميّ بإسلامه

- ‌الصنف الثاني- التهنئة بالختان وخروج اللّحية

- ‌الصنف الثالث- التهنئة بالمرض

- ‌الصنف الرابع- التهنئة بالصّرف عن الولاية

- ‌النوع الثاني (من مقاصد المكاتبات: التّعازي)

- ‌الضرب الأوّل (التعزية بالابن)

- ‌الضرب الثاني (التعزية بالبنت)

- ‌من كلام المتقدّمين:

- ‌الضرب الثالث (التعزية بالأب)

- ‌من كلام المتقدمين:

- ‌الضرب الرابع (التعزية بالأم)

- ‌الضرب الخامس (التعزية بالأخ)

- ‌الضرب السادس (التعزية بالزوجة)

- ‌الضرب السابع (التعازي المطلقة مما يصلح إيراده في كلّ صنف)

- ‌النوع الثالث (من مقاصد المكاتبات التّهادي والملاطفة)

- ‌الضرب الأوّل (ما يكتب مع التّقادم إلى الملوك من أهل مملكتهم إلى القائمين بإيصال التّقدمة إلى الملك وكاتب السّرّ ونحوهما)

- ‌الضرب الثاني (ما يكتب مع الهديّة عند بعثها)

- ‌الصنف الأوّل- ما يكتب مع إهداء الخيل

- ‌الضرب الثاني (من كتب التهادي الاستهداء)

- ‌الصنف الثاني- الشّراب

- ‌النوع الرابع (الشّفاعات والعنايات)

- ‌النوع الخامس (التشوّق)

- ‌النوع السادس (في الاستزارة)

- ‌النوع السابع (في اختطاب المودّة وافتتاح المكاتبة)

- ‌النوع الثامن (في خطبة النّساء)

- ‌النوع التاسع (في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار)

- ‌النوع العاشر (في الشكوى- أعاذنا الله تعالى منها)

- ‌النوع الحادي عشر (في استماحة الحوائج)

- ‌النوع الثاني عشر (في الشكر)

- ‌النوع الثالث عشر (العتاب)

- ‌النوع الرابع عشر (العيادة والسّؤال عن حال المريض)

- ‌النوع الخامس عشر (في الذّمّ)

- ‌النوع السادس عشر (في الأخبار)

- ‌النوع السابع عشر (المداعبة)

- ‌النوع الأوّل (ما يتعلّق بالكتابة، وهو على ضربين)

- ‌الضرب الأوّل (ما يتعلّق بالمكتوب به)

- ‌الضرب الثاني (ما يتعلق بالخطّ المكتوب)

- ‌القاعدة الأولى- كيفية التعمية

- ‌المذهب الأوّل- أن يكتب بالأقلام القديمة

- ‌المذهب الثاني- أن يصطلح الإنسان مع نفسه على قلم يبتكره وحروف يصوّرها

- ‌ القاعدة الثانية- حلّ المعمّى، وهو مقصود الباب ونتيجته

- ‌الأصل الأوّل- معرفة الأسّ الذي يترتّب عليه الحلّ

- ‌أحدها- أن يعرف مقادير الحروف الّتي تتركّب منها الكلمة

- ‌الثاني- أن يعرف الحروف الّتي لا يقارب بعضها بعضا بمعنى أنها لا تجتمع في كلمة واحدة

- ‌الثالث- أن يعرف الحروف الّتي لا تقارن بعض الحروف في الكلمات إلّا قليلا

- ‌الرابع- أن يعرف ما يجوز تقديمه على غيره من الحروف وما يمتنع

- ‌الخامس- أن يعرف ما لا يقع في أوّل الكلمات من الحروف

- ‌السادس- أن يعرف أنه لا يتكرّر حرف في أوّل كلمة إلّا من هذه العشرة الأحرف

- ‌السابع- أن يعرف أكثر الحروف دورانا في اللّغة

- ‌الأصل الثاني- كيفية التوصّل بالحدس إلى حلّ المترجم

- ‌النوع الثاني (الرّموز والإشارات الّتي لا تعلّق لها بالخطّ والكتابة)

- ‌الباب الأوّل في بيان طبقاتها وما يقع به التفاوت، وفيه ثلاثة فصول

- ‌الفصل الأوّل في بيان طبقات الولايات، وهي على ثلاث طبقات

- ‌الطبقة الأولى- الخلافة

- ‌الطبقة الثانية- السّلطنة

- ‌الطبقة الثالثة- الولايات عن الخلفاء والملوك

- ‌الصّنف الثاني- ولاية أمراء العربان

- ‌الصنف الثالث- ولاية المقدّمين على الطّوائف

- ‌النوع الثاني (ولاية أرباب الأقلام، وهم صنفان)

- ‌الصّنف الأوّل (أرباب الوظائف الدينيّة، وهم على ثمانية أضرب)

- ‌الضرب الأوّل- أكابر القضاة بأقطار المملكة

- ‌الضرب الثالث- أكابر المحتسبين

- ‌الضرب الرابع- أكابر المدرّسين في عامّة العلوم بأماكن مخصوصة

- ‌الضرب الخامس- أكابر الخطباء بجوامع مخصوصة بأقطار المملكة

- ‌الضرب السادس- وكلاء بيت المال بالدّيار المصرية

- ‌الضرب السابع- المتحدّثون على الوظائف المعتبرة

- ‌الضرب الثامن- المتحدّثون على جهات البرّ العامّة المصلحة

- ‌الضرب الأوّل- دواوين المال

- ‌الضرب الثاني- دواوين الجيوش بالديار المصرية

- ‌الضرب الثالث- دواوين الإنشاء

- ‌النوع الثالث (ولايات أرباب الوظائف الصّناعيّة)

- ‌الضرب الثاني- ولاية رئيس اليهود

- ‌النوع الخامس (ما لا يختصّ بطائفة ولا يندرج تحت نوع)

- ‌الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة الخامسة (في بيان ما تجب على الكاتب مراعاته في كتابة الولايات على سبيل الإجمال)

- ‌الفصل الثالث من الباب الأوّل من المقالة الخامسة (في بيان ما يقع به التفاوت في رتب الولايات، وذلك من سبعة أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (الألقاب، وهي على ثلاثة أنواع)

- ‌النوع الأوّل (ألقاب الخلفاء)

- ‌الصنف الأوّل- ألقاب الخلفاء أنفسهم

- ‌الصنف الثاني- ألقاب أولياء العهد بالخلافة

- ‌النوع الثاني (ألقاب الملوك، وهي صنفان أيضا)

- ‌الصنف الأوّل- ألقاب السلطان نفسه

- ‌الصنف الثاني- ألقاب أولياء العهد بالملك

- ‌النوع الثالث (ألقاب ذوي الولايات الصادرات عن السلطان من أرباب الوظائف الواقعة في هذه المملكة)

- ‌الوجه الثاني (ألفاظ إسناد الولاية إلى صاحب الوظيفة، ولها ستّ مراتب)

- ‌الأولى- لفظ العهد

- ‌الثانية- لفظ التّقليد

- ‌الثالثة- لفظ التّفويض

- ‌الرابعة- لفظ الاستقرار والاستمرار

- ‌الخامسة- لفظ الترتيب

- ‌السادسة- لفظ التقدّم

- ‌الوجه الثالث (الافتتاحات، وهي راجعة إلى أربع مراتب)

- ‌المرتبة الأولى- الافتتاح بلفظ: هذه بيعة

- ‌المرتبة الثانية- الافتتاح بأمّا بعد حمد الله

- ‌المرتبة الثالثة- الافتتاح برسم بالأمر الشريف

- ‌المرتبة الرابعة- ما كان يستعمل من الافتتاح «بأما بعد فإنّ كذا

- ‌الوجه الرابع (تعدّد التحميد في الخطبة أو في أثناء الكلام واتحاده)

- ‌الوجه الخامس (الدعاء، وله ثلاثة مواضع)

- ‌الموضع الأوّل- في طرّة الولاية

- ‌الموضع الثاني- في أثناء الولاية

- ‌الموضع الثالث-[في] آخر الولاية بالإعانة ونحوها

- ‌الوجه السادس (طول الكلام وقصره، فكلّما عظمت الوظيفة وارتفع قدر صاحبها كان الكلام فيها أبسط)

- ‌الوجه السابع (قطع الورق)

- ‌أحدها- قطع البغداديّ الكامل

- ‌الثاني- قطع الثلثين من المنصوريّ

- ‌الثالث- قطع النّصف منه

- ‌الرابع- قطع الثّلث منه

- ‌الخامس- قطع العادة؛ وهو أصغرها

- ‌الباب الثاني من المقالة الخامسة في البيعات، وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل (في معناها)

- ‌الفصل الثاني (في ذكر تنويع البيعات، وهي نوعان)

- ‌النوع الأوّل (بيعات الخلفاء، وفيها سبعة مقاصد)

- ‌المقصد الأوّل (في أصل مشروعيتها)

- ‌المقصد الثاني (في بيان أسباب البيعة الموجبة لأخذها على الرّعيّة

- ‌السبب الأوّل- موت الخليفة المنتصب من غير عهد بالخلافة لأحد بعده

- ‌السبب الثاني- خلع الخليفة المنتصب لموجب يقتضي الخلع

- ‌السبب الثالث- أن يتوهّم الخليفة خروج ناحية من النّواحي عن الطاعة

- ‌السبب الرابع- أن تؤخذ البيعة للخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد

- ‌السبب الخامس- أن يأخذ الخليفة المنتصب البيعة على الناس لوليّ عهده بالخلافة

- ‌المقصد الثالث (في بيان ما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة البيعة)

- ‌المقصد الرابع (في بيان مواضع الخلافة الّتي يستدعي الحال كتابة المبايعات فيها)

- ‌أحدها- موت الخليفة المتقدّم عن غير عهد لخليفة بعده

- ‌الثاني- أن يعهد الخليفة إلى خليفة بعده

- ‌الثالث- أن تؤخذ البيعة للخليفة بحضرة ولايته

- ‌الرابع- أن يعرض للخليفة خلل في حال خلافته

- ‌المقصد الخامس (في بيان صورة ما يكتب في بيعات الخلفاء، وفيها أربعة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (أن تفتتح المبايعة بلفظ «تبايع فلانا أمير المؤمنين» خطابا لمن تؤخذ عليه البيعة)

- ‌المذهب الثاني (مما يكتب في بيعات الخلفاء)

- ‌المذهب الثالث (أن تفتتح البيعة بعد البسملة بخطبة مفتتحة بالحمد لله

- ‌المذهب الرابع (مما يكتب في بيعات الخلفاء أن يفتتح البيعة بلفظ: هذه بيعة

- ‌المقصد السادس (فيما يكتب في آخر البيعة)

- ‌المقصد السابع (في قطع الورق الذي تكتب فيه البيعة، والقلم الذي تكتب به، وكيفيّة كتابتها، وصورة وضعها)

- ‌النوع الثاني (من البيعات، بيعات الملوك)

- ‌الباب الثالث من المقالة الخامسة في العهود، وفيه فصلان

- ‌الفصل الأوّل (في معنى العهد)

- ‌الفصل الثاني (في بيان أنواع العهود، وهي ثلاثة أنواع)

- ‌النوع الأوّل (عهود الخلفاء عن الخلفاء، ويتعلّق النظر به من ثمانية أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (في أصل مشروعيّتها)

- ‌الوجه الثاني (في معنى الاستخلاف)

- ‌الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته)

- ‌الوجه الرابع (فيما يكتب في الطّرّة، وهو تلخيص ما يتضمّنه العهد)

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب لأولياء العهد من الألقاب)

- ‌الوجه السادس (فيما يكتب في متن العهد، وفيه ثلاثة مذاهب)

- ‌المذهب الأوّل (أن يفتتح العهد بعد البسملة بلفظ «هذا» )

- ‌الطريقة الأولى (طريقة المتقدّمين)

- ‌الطريقة الثانية (طريقة المتأخّرين من الكتّاب)

- ‌المذهب الثاني (أن يفتتح العهد بعد البسملة بلفظ «من فلان إلى فلان» كما يكتب في المكاتبات ثم يأتي بالبعدية

- ‌المذهب الثالث (أن يفتتح العهد بعد البسملة بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» ثم يأتي بالبعديّة

- ‌الوجه السابع (فيما يكتب في مستند عهد وليّ الخلافة عن الخليفة

- ‌الوجه الثامن (في قطع الورق الذي تكتب فيه عهود الخلفاء، والقلم الذي يكتب به، وكيفيّة كتابتها وصورة وضعها)

- ‌النوع الثاني (عهود الخلفاء للملوك، ويتعلّق النظر به من سبعة أوجه)

- ‌الوجه الأوّل (في أصل مشروعيّتها)

- ‌الوجه الثاني (في بيان [معنى] الملك والسّلطنة اللتين يقع العهد بهما)

- ‌القسم الأوّل- وهو أعلاها وزارة التفويض

- ‌القسم الثاني- إمارة الاستكفاء

- ‌القسم الثالث- إمارة الاستيلاء

- ‌الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته فيه)

- ‌الوجه الرابع (فيما يكتب في الطّرة، وهو نمطان)

- ‌النّمط الأوّل- ما كان يكتب في وزارة التفويض في دولة الفاطميين

- ‌النمط الثاني- ما يكتب في طرّة عهود الملوك الآن

- ‌الوجه الخامس (فيما يكتب في ألقاب الملوك عن الخلفاء، وهو نمطان)

- ‌ثبت بأسماء المصادر والمراجع (الجزء التاسع)

- ‌فهرس الجزء التاسع من كتاب صبح الأعشى للقلقشندي

الفصل: ‌الضرب السابع (التعازي المطلقة مما يصلح إيراده في كل صنف)

ولو كان النّساء كمن فقدنا

لفضّلت النّساء على الرّجال

والمولى أولى من عزّى نفسه، واستحسن رداء الصبر ولبسه، وعلم أنّ الموت غريم لا ينجي منه كثرة المطال، ولا يدافع بالأطلاب والأبطال، وأنه إذا طالب بذمّة كان ألدّ الخصام، وإذا حارب فعل بيده ما لا تفعله الكماة بحدّ الحسام.

‌الضرب السابع (التعازي المطلقة مما يصلح إيراده في كلّ صنف)

من ذلك، من ترسّل أبي الحسين «1» بن سعد:

من صحب الأيام وتقلّب في آنائها، اعتورته أحداثها، واختلفت عليه احكامها، بين مسرّة ومساءة يعتقبان، وفرحة وترحة يتناوبان، [وكان] فيما تأتيه من محبوبها على غير ثقة من دوامه واتّصاله، ولا أمن من تغيره وانتقاله، حتّى تعقب السلامة حسرة، وتستحيل النعمة محنة، والسعيد من وفّق في كلّ حال لحظّه، وأعين على ما فيه سلامة دينه، من الشّكر على الموهبة، والصبر على النازلة، وتقديم حقّ الله تعالى في حال الغبطة والرّزيّة. ولم تكن بالفجيعة به مفردا عنّي وإن كان النّسب يقرّبه منك، والرّحم تصله بك؛ لما كنت أوجبه من حقّه، وأرعاه من مودّته، وأختصّه بالاعتداد فيه دون أداني أهلي والثّقة من إخواني، فمضى رحمه الله أقوى ما كان الأمل فيه، وأكمل ما كان عليه في لبّه وأدبه، واجتماع فهمه وكمال هديه، وانتظام أسباب الخير وأدوات الفضل فيه.

ومنه: لا ينكر للعبد أن يتناول مولاه عند وقوع المحنة في أهل خاصّته، وتخوّن ريب المنون من حاشيته، بالتعزية عن مصيبته، والإخبار عما يخصّه من ألم فجيعته وعظم رزيّته، لا سيّما إذا كان بحيث لا يرى شخصه في الباكين، ولا تسمع صرخته بين المتفجّعين، ولو سعيت على حدقتي.

ومن ذلك:

ص: 94

إنّ الله تعالى أمر أهل طاعته، بتنزيل هذه الدنيا بمنزلتها من إهانته، وسوّى بين البرّ والفاجر في رغائبها ومصائبها، ولم يجعل العطيّة دليلا على رضاه، ولا الرزيّة دليلا على سخطه، ولكنّه ألزم كلّ واحد من أهل الرّضا والسّخط من نعمها بنصيب، وسقاهم من حوادثها بذنوب؛ ليبتلي أهل رضاه في أهون الدارين عليه، ويحسن لهم الجزاء في أكرمهما لديه، ولذلك حبّب إليهم الزّهادة في زهيد فائدتها، وممنوح زهرتها، وسمّاها لعبا ولهوا؛ لئلّا يعلقوا بحطامها، وينغمسوا في آثامها، وختمها بالموت الذي كتبه على خليقته، وسوّى بينهم في سكرته: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى «1»

، ويقرّبهم بدار يفنى الموت ويبقون فيها بعده، كما فنوا في هذه الدار وبقي الموت بعدهم، فإن تأخّر الأجل فإلى غاية، وإن تطاول الأمد فإلى نهاية. ولا بدّ أن يلحق التالي الماضي، والآنف بالسالف، وهذه حال نصب الأفكار، وتلقاء الأبصار، لا تحتاج أن يرتاض الصبر على آلامها، والتحمل لمعضلات سهامها، والجزع عند وقوعها قادح في البصائر والأفهام، دالّ على الجهل بالليالي والأيام، وقد طرق المملوك ناعي فلان فهدّ جلدي، وفتّت كبدي، لا ارتياعا للحادثة؛ لأنّها لو لم تكن فيه لكانت في المملوك، ولو لم تتطرّق إليه لتطرّقت إلى المدرك (؟) ولكن الأسف على عطل الزمان من حلية فضله، وتعرّيه من حلّة نبله، وخلوّ عراصه من الأنس بمثله، وما نال سيّدي لفقده، وتحمّله من بعده، وإلى الله تعالى يرغب المملوك أن يربط على قلبه بالصبر، ويوفّقه لتنجّز ما وعد به الصابرين من الأجر، إن شاء الله تعالى.

عليّ بن خلف:

رقعة: ليس عند المصيبة- أطال الله بقاء سيدي- خير من التسليم إلى الله والرّضا بقضائه، والصبر على بلائه، فإنه تعالى مدح الصابرين في كتابه، ووعدهم بصلواته، فقال جلّ قائلا: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا

ص: 95

إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ «1»

. وقال جلّ قائلا: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ

«2» . ولم تزل الأولياء من القدماء يحضّون على الصبر وهم لا يرجون عليه ثوابا، وينهون عن الجزع ولا يخافون عليه عقابا. ومن عرف الأيّام وتداولها، والأحوال وتحوّلها، وسّع صدره للنوائب، وصبر على تجرّع المصائب، ومن «3» اغترّ بطول السّلامة، وطمع في الاستمرار والإقامة.

رقعة: وقد اتصل بالمملوك خبر الفجيعة بفلان، فأفيضت المدامع، وتضعضعت الأضالع، وزفرت الأنفاس، وهمدت الحواسّ، وأذاب الطرف سواده على الوجنات بدلا من الأنقاس، وخلعت القلوب سويداءها على الأجساد، عوضا عن جلابيب الحداد، وعضّت الأنامل جزعا، ومزّقت الثياب تفجّعا وتوجّعا، وكل هذا وإنّ فارق حميد التّماسك، ووافق ذميم التّهالك، غير موف بحقّ ذلك الدارج الذي بلغ المعالي وهو في مهده، وشدّ دعائم الفضل ولم يبلغ أوان رشده، وعلم سيدي أنّ غاية الجازع وإن صدعت المصيبة قلبه، وأطاشت الفجيعة لبّه، الصبر والسّلو، وأنّ نهاية القلق وإن هجمت عليه الحرقة بما لا تتوفّر عليه الأضالع، ولا تتماسك معه المدامع، القرار والهدوّ، والله تعالى لا يريه بعد هذا الرّزء رزءا بفنائه، وينقل ذلك عنه إلى حاسديه وأعدائه.

رقعة: من علم أنّ الأقضية لا تخطيء سهامها، والأقدار لا تردّ أحكامها، سلّم الأمر في السّرّاء والضّرّاء، ورضي بما مناه في البلاء والابتلاء، ولا سيّما

ص: 96

في مصيبة الموت الّتي سوّى بين الخليقة في تجريع صابها، واقتحام عقابها، وقد اتّصل بالمملوك خبر الحادث الفاصم لعرى الجلد، البارح «1» في الجلد، فاستحالت في عين المملوك الأحوال، ومالت عنه الآمال، ورأى السماء وقد تكدّر جوّها، والشمس وقد تعكّر ضوّها، والسّحائب وقد أخلف نوّها، والنّهار وقد اظلم، والليل وقد ادلهم، والنسيم وقد ركد، والمعين وقد جمد، والزمان وقد سهمت وجنته، وسلبت حليته، وأفرجت قبضته عن التماسك، وقبضت على التهالك، وعدلت عن التجلّد، إلى التبلّد، ثم أفاق من غمرة فجيعته، وهبيب سنة رويّته، فسلّم لله راضيا بأقضيته، راغبا في مثوبته.

أبو الفرج «2» الببغاء:

إذا كان أيّده الله أهدى في النّعم إلى سبل الشكر، وأعرف في المحن بطرق الصبر، فكيف نحاذر عليه من المصائب، ونذكّره التسليم لمحتوم النّوائب، والمصيبة بفلان أعظم من أن نهتدي فيها إلى سلوة غير مستفادة منه، أو نقتدي في العزاء بغير ما نأخذه عنه، إذ كانت قلوبنا تبع قلبه- سرّه الله- في طروق السّراء والضّرّاء، وحالتي الشّدّة والرّخاء. وأحسن [الله] عن الفجيعة عزاءه، وأجزل من المثوبة عطاءه، ولا شغله عن حلاوة شكر النّعم بمرارة الصبر على ورود المحن، وجعل ما نقل الماضي إليه، أنفع له ولسيّدي من الجزع عليه.

وله في مثله:

اتصل بي خبر المصيبة فجدّد الحسرة، وسكب العبرة «3» ، وأضرم الحرقة، وضاعف اللّوعة، وكان الأسف عليه، بقدر تشوّف الآمال كانت إليه، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون!! أخذا بأمره، وتسليما لحكمه، ورضا بمواقع أقضيته،

ص: 97

وأحسن الله في العزاء هدايته، وحرس من فتن المصائب بصيرته، وحمل عن قلبه ما أظلّه من ثقل المصيبة وعظم الرزيّة.

ولا أزال على جملة من القلق إلى أن يرد عليّ كتابه- أيده الله- بما أكون فيه بأدبه مقتديا، وبهدايته إلى سبيل العزاء والصبر مهتديا، فإن رأى إجرائي من تشريفه بذلك على مشكور العادة، فعل، إن شاء الله تعالى.

وله في مثله:

اشتراك القلوب فيما ألمّ بقلب سيّدي بحسب تساويها في المسرّة بما سرّه، إذ كان لا يختصّ دون أوليائه بنعمة، ولا ينفرد دون مؤمّليه بحلول موهبة، والمصيبة بفلان وإن جلّ موقعها وعظمت الفجيعة [بها]- جلل»

مع سقوط الأقدار دونه، وتجاوزها عنه، ومسامحتها به، فلا شغل الله قلبه بعدها بمرارة الصبر عمّا توجبه النّعم من حلاوة الشّكر، ولا جاوره برزيّة في حميم ولا نعمة.

وله في مثله:

بصيرتك إلى العزاء تهديك، واغتباطك بثواب الله يسلّيك، وعلمك بقلّة الغناء عن الجزع يثنيك، وجمعنا بك في الصبر مقتدون، ولرأيك في الرّضا بما اختاره الله تعالى متّبعون، فحمل الله عن قلبك ثقل المصيبة، وحرس يقينك من اعتراض الشبهة، وأحسن إلى جميل الصبر هدايتك، وتولّى من فتن المحن رعايتك، وجعل ما نقل الماضي إليه، أنفع لك وله من الأسف عليه.

وله في مثله:

اتصل بي خبر المصيبة فأضرم الحسرة، وسكب العبرة، وقدح اللّوعة، وامترى «2» الدّمعة، وكانت مشاركتي إيّاك في المصيبة به، والفجيعة لفقده، بحسب اختصاصي بمواهب الله عندك، واغتباطي بمنحه لديك، فإنّا لله وإنّا إليه

ص: 98

راجعون!! تسليما لأمره، وانقيادا لحكمه، ورضا بمواقع أقداره، وأحسن الله على العزاء توفيقك، وإلى السّلوة إرشادك، ولا أخلاك فيما تطرقك به مصيبة من مصاحبة الصبر، وفيما تفد به عليك نعمة من الاستزادة بالشكر، وحرسك في نفسك وأحبّتك، وذوي عنايتك ونعمتك.

وله في مثله:

قدرك أكبر، وبصيرتك أنور، وثقتك بالله تعالى أعظم من اعتراض الشّكوك عليك فيما يطرقك من عظاته بالحوادث وإن عظمت، والمحن وإن جلّت، اختبارا بالمصائب لصبرك، وبما يظاهره عليك من النّعم لشكرك، ومثلك، أيدّك الله، من قابل الفجيعة بفلان- إذ كانت من الواجب المحتوم- بأحسن عزاء وأفضل تسليم، غير مرتاب بما اختاره الله له ولك فيه، فعظّم الله به أجرك وحرسك وحرس فيك.

الأجوبة عن التّعازي قال في «موادّ البيان «1» » : أجوبة التّعازي يجب أن تبنى على وقوف المعزّى على كتاب المعزّي، وأنّ إرشاده نقع غلّته، ووعظه نفع علّته، وتبصيره سكّن أواره، وتذكيره أخمد ناره، وتنبيهه أيقظ منه بحسن العزاء غافلا، وهدى إلى الصبر ذاهلا، وحسّن عنده الرزيّة بعد جهامتها، ودمّث نفسه للمصيبة بعد فدامتها، فسلّم لله تعالى متأدّبا بأدبه، وعمل بالحكم مقتديا بمذهبه، وغالب الرّزء بالعزم، وأخذ فيه بالحزم، وسأل الله تعالى أن يحسن له العوض في ردّه، ويجعله له خلفا ممن أصيب بفقده، ونحو هذا مما ينخرط في سلكه.

جواب عن تعزية: من زهر الربيع:

أعزّ الله سيدنا وأسعده، وسهّل له طريق المسرّة ومهّده، وصان عن حوادث الأيّام حجابه، وعن طوارق الحدثان جنابه، وجعله في حمى عن

ص: 99

عوارض الغير والغرر، وأصار أيّامه محسّنة لوجوه الأيّام كالغرر.

ورد الكتاب الذي أنعم بإرساله، بل المشرّف الذي كسته اليد العالية حلّة من حلل جماله، فوقف عليه وفهمه وتذكّر به إحسانه الذي لا ينساه، وتفضّله الذي لا يعرف سواه، فأما التعزية بفلان، فإنه ردّ بعذب لفظها قوّته، وبلّ بماء حسنها غلّته، وصبّره على حادثته بفلان بعد أن عزّ عليه العزاء وأعوزه، وطلب وعده من صبره فما أنجزه، لأنه كان وجد لموت المذكور حزنا ما استطاع له تركا، وفقد لموته خلّا مثله يناح عليه ويبكى، وفي بقاء مولانا مسرّة تطرد كلّ حزن، وفي بهاء طلعته عوض عن كل منظر حسن، جعله الله ساميا على أترابه، مقدّما على أضرابه، ما سمت الأسماء على الأفعال، وتقدّم الحال على الاستقبال.

آخر: ضاعف الله بقاءه وأطال عمره، وشرح لإسداء المكارم صدره، وأنفذ نهيه وأمره، ولا زال إلى أوليائه محسنا، وفضله يحصّل لمحبّيه غاية السّول والمنى، ورد مشرّفه المعزّي بوفاة فلان سقى الله عهده عهاد رضوانه، وأسكنه في غرف غفرانه، فجبر مصابا، وفتح إلى الصّبر أبوابا، وهدى إلى طريق الخير وقال صوابا، وسكّن نفسه، وذكّره إحسانه الذي لم ينسه، وأزال الوحشة وزاد أنسه، بعد أن كان فقد المذكور قد هدّ ركنه وفتّ عضده، وأوصله إلى أمد الحزن وضاعف على الأيام أمده، وألبسه رداء الاكتئاب، على تربه الذي أصبح تحت التّراب، وصديقه الموصوف بالصدق، الذي فاق سناه ذلك الأفق، جعله الله أصلا في تحصيل المسرّة إذا ذوت الفروع، وسيفا يقهر به وليّه الحوادث الّتي تروع، إن شاء الله تعالى.

آخر: جعل الله أجره عظيما كقدره، والقلوب مجمعة على حبّه كإجماع الألسنة على شكره.

المملوك يعلمه بورود كتابه الكريم المعزّي بفلان- قدّس الله روحه، وأمطر سحائب الرحمة ضريحه- عليه، وعنده من شديد الحزن، ما أعدمه لذيذ

ص: 100