الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما كانوا يسمّون غيرها بذلك.
السبب الخامس- أن يأخذ الخليفة المنتصب البيعة على الناس لوليّ عهده بالخلافة
بأن يكون خليفة بعده إمضاء لعهده، كما فعل معاوية رضي الله عنه في أخذه البيعة لولده يزيد.
المقصد الثالث (في بيان ما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة البيعة)
واعلم أنه يجب على الكاتب أن يراعي في كتابة البيعة أمورا:
منها- أن يأتي في براعة الاستهلال بما يتهيّأ له من اسم الخليفة أو لقبه كفلان الدّين، أو لقب الخلافة، كالمتوكّل أو المستكفي، أو مقتضى الحال الموجب للبيعة من موت أو خلع ونحوهما، أو غير ذلك مما يجري هذا المجرى.
ومنها- أن ينبّه على شرف رتبة الخلافة وعلوّ قدرها ورفعة شأنها، وأنها الغاية الّتي لا فوقها، والدرجة الّتي لا بعدها، وأن كلّ رتبة دون رتبتها، وكلّ منصب فرع عن منصبها.
ومنها- أن ينبّه على مسيس الحاجة إلى الإمام «1» ، ودعاية الضّرورة إليه، وأنه لا يستقيم أمر الوجود وحال الرعيّة إلّا به، ضرورة وجوب نصب الإمام بالإجماع، وإن شذّ عنه الأصمّ فخالف ذلك.
ومنها- أن يشير إلى أنّ صاحب البيعة استوعب شروط «2» الإمامة واجتمعت فيه، ويصفه منها بما يعزّ وجوده، ويتمدّح بحصوله، كالعلم
والشّجاعة والرأي والكفاية، بخلاف ما لا يعزّ وجوده ولا يتمدّح به وإن كان من الشروط، كالحرّية والذّكورة والسمع والبصر ونحو ذلك، فإنّ الوصف بذلك لا وجه له.
ومنها- أن ينبّه على أفضلية صاحب البيعة وتقدّمه في الفضل واستيفاء الشّروط على غيره، ليخرج من الخلاف في جواز تولية المفضول مع وجود الفاضل.
ومنها- أن ينبّه على أنّ المختارين لصاحب البيعة ممن يعتبر اختياره من أهل الحلّ والعقد، من العلماء والرّؤساء ووجوه الناس الذين يتيسّر حضورهم على الوجه المعتبر.
ومنها- أن ينبّه على تعيين المختارين للبيعة، إن كان الإمام الأوّل نصّ عليهم، إذ لا يصحّ الاختيار [من] غير من نصّ عليه، كما لا يصحّ إلّا تقليد من عهد إليه.
ومنها- أن ينبّه على جريان عقد البيعة من المختارين، ضرورة أنه إن انفرد شخص بشروط الإمامة في وقته لم يصر إماما بمجرّد ذلك.
ومنها- أن ينبّه على سبب خلع الخليفة الأوّل إن كانت البيعة مترتّبة على خلع، إذ لا يصح خلع الإمام القائم بلا سبب.
ومنها- أن ينبّه على قبول صاحب البيعة العقد وإجابته إليه إذ لا بدّ من قبوله.
ومنها- أن ينبّه على أنّ القبول وقع منه بالاختيار؛ لأنه لا يصحّ الإجبار على قبولها، اللهم إلّا إن كان بحيث لا يصلح للإمامة غيره فإنه يجبر عليها بلا خلاف.
ومنها- أن ينبّه على وقوع الشهادة على البيعة، خروجا من الخلاف في أنه هل يشترط الإشهاد على البيعة أم لا؟
ومنها- أن ينبّه على أنها لم تقترن ببيعة في الحال ولا مسبوقة بأخرى، إذ لا يجوز نصب إمامين في وقت واحد وإن تباعد إقليماهما، خلافا للأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني «1» حيث جوّز نصب إمامين في إقليمين.
ومنها- أن ينبّه على أنه بمجرّد البيعة تجب الطاعة والانقياد إليه، ويجب على كافّة الأمة تفويض الأمور العامّة إليه، وطاعته فيما وافق حكم الشرع وإن كان جائرا.
ومنها- أن يعزّي في الخليفة الميت ويهنيّء بالمستقرّ إن كانت البيعة مبنيّة على موت خليفة، وأن يبيّن «2» سبب خلع الخليفة الأوّل إن كانت مرتّبة على خلع.
أما التعزية والتهنئة بموت الأوّل، فعليه جرى عامّة الكتّاب، إلّا أنه يختصّ في عرفهم بما إذا كان الخليفة الأوّل شديد القرب من الثاني، كأبيه وأخيه وابن عمّه.
وكان الأوّلون يتعانون ذلك في خطاب الخلفاء بالتهنئة بالخلافة بعد أقاربهم، وقد روي أنّ عطاء «3» بن أبي صيفيّ دخل على يزيد بن معاوية فهنّأه بالخلافة وعزّاه في أبيه فقال:
رزئت «4» بأمير المؤمنين خليفة الله، وأعطيت خلافة الله، قضى معاوية