الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد فإن أمير المؤمنين (ويذكر اسمه) يعتصم بالله في كلّ ما يأتي ويذر مما جعل الله [له] من التفويض، ويشير إلى الصّواب في كل تصريح منه وتعريض، وإنه شدّ الله أزره، وعظّم قدره، استخار الله سبحانه وتعالى في الوصيّة بما جعله الله له من الخلافة المعظّمة المفخّمة الموروثة عن الآباء والجدود، الملقاة إليه مقاليدها كما نصّ عليه ابن عمّه صلى الله عليه وسلم في الوالد من قريش والمولود، لولده السيّد، الأجلّ المعظّم المكرّم، فلان، سليل الخلافة وشبل غابها، ونخبة أحسابها وأنسابها، أجلّه الله وشرّفه، وجمّل به عطف الأمانة وفوّفه، لما تلمّحه فيه من النّجابة اللائحة على شمائله، وظهر من مستوثق إبداء سرّه فيه بدلائل برهانه وبرهان دلائله؛ وأشهد على نفسه الكريمة- صانها الله تعالى- مولانا أو سيدنا أمير المؤمنين، من حضر من حكّام المسلمين: قضاة قضاتهم، وعلمائهم، وعدولهم، بمجلسه الشريف، أنه رضي أن يكون الأمر في الخلافة المعظّمة، الذي جعله الله له الآن لولده السيّد الأجلّ فلان بعد وفاته، فسّح الله في أجله، وعهد بذلك إليه، وعوّل في أمر الخلافة عليه، وألقى إليه مقاليدها، وجعل بيده زمام مبدئها ومعيدها، وصّى له بذلك جزئيّه وكلّيّه، وغامضه وجليّه، وصيّة شرعية بشروطها اللازمة المعتبرة، وقواعدها المحررة، أشهد عليه بذلك في تاريخ كذا.
الوجه السابع (فيما يكتب في مستند عهد وليّ الخلافة عن الخليفة
، وما يكتبه الخليفة في بيت العلامة، وما يكتب في ذيل العهد بعد إتمام نسخته من قبول المعهود إليه، وشهادة الشّهود على العهد) أما ما يكتب في المستند، فينبغي أن يكون كما يكتب في عهود الملوك عن الخلفاء، على نحو ما تقدّم في البيعات، وهو أن يكتب:«بالإذن العالي، المولويّ، الإماميّ، النبويّ، الفلانيّ (بلقب الخلافة) أعلاه الله تعالى» أو نحو ذلك من الدعاء.
وأما ما يكتبه الخليفة في بيت العلامة، فينبغي أن يكتب:«عهدت إليه بذلك» ؛ لأنه اللفظ الذي ينعقد به العهد. ولو كتب: «فوّضت إليه ذلك» كما يكتب الخليفة في عهد السلطان الآن على ما سيأتي، كفى ذلك. والأليق بالمقام الأوّل.
وأما ما يكتب في ذيل العهد بعد تمام نسخته، فالمنقول فيه عن المتقدّمين ما كتب به «عليّ الرّضيّ «1» » تحت عهد المأمون «2» إليه بالخلافة، وهو:
الحمد لله الفعّال لما يشاء، لا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، وصلواته على نبيّه محمد خاتم النبيين، وآله الطيبين الطاهرين. أقول وأنا عليّ بن موسى بن جعفر: إنّ أمير المؤمنين عضّده الله بالسّداد، ووفّقه للرشاد، عرف من حقّنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، وأمّن أنفسا فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذ افتقرت، متّبعا رضا ربّ العالمين، لا يريد جزاء من غيره وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين، وإنه جعل إليّ عهده، والإمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حلّ عقدة أمر الله بشدّها، أو فصم عروة أحبّ الله إيثاقها، فقد أباح حريمه وأحلّ محرّمه، إذ كان بذلك زاريا على الإمام، منتهكا حرمة الإسلام، بذلك جرى السالف فصبر منهم على الفلتات، ولم يعترض بعدها على العزمات، خوفا على شتات الدّين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية ورصد فرصة تنتهز، وباقية تبتدر. وقد جعلت لله تعالى على نفسي إن استرعاني على المسلمين، وقلّدني خلافته، العمل فيهم عامّة وفي بني العبّاس بن عبد المطّلب خاصّة بطاعته وبسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لا أسفك دما حراما، ولا أبيح فرجا ولا مالا، إلّا ما سفكته حدوده، وأباحته فرائضه، وأن أتخيّر الكفاة جهدي
وطاقتي. جعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكّدا يسألني [الله] عنه، فإنه عز وجل يقول: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا
«1» . فإن أحدثت أو غيّرت أو بدّلت، كنت للغير مستحقّا، وللنّكال متعرّضا، وأعوذ بالله من سخطه، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته، (في عامّة المسلمين، والخاصّة والحضر يدلان على ضدّ ذلك)«2» : وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ
«3» : إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ
«4» . لكنّني امتثلت رضاه، والله يعصمني وإيّاه، وأشهدت الله على نفسي بذلك وكفى بالله شهيدا. وكتبت بخطّي بحضرة أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- والفضل بن سهل، وسهل بن الفضل، ويحيى بن أكثم، وبشر بن المعتمر، وحمّاد بن النّعمان، في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.
ثم كتب فيه من حضر من هولاء وهذه صورة كتابتهم.
فكتب الفضل «5» بن سهل وزير المأمون ما صورته:
«رسم أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قراءة مضمون هذا المكتوب، ظهره وبطنه، بحرم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين الروضة والمنبر على رؤوس الأشهاد،
ومرأى ومسمع من وجوه بني هاشم وسائر الأولياء والأجناد، وهو يسأل الله أن يعرّف أمير المؤمنين وكافّة المسلمين بركة هذا العهد والميثاق، بما أوجب أمير المؤمنين الحجة به على جميع المسلمين، وأبطل الشّبهة الّتي كانت اعترضت آراء الجاهلين: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ
«1» . وكتب «الفضل بن سهل» في التاريخ المعيّن فيه» .
وكتب عبد الله «2» بن طاهر ما صورته «أثبت شهادته فيه بتاريخه عبد الله بن طاهر بن الحسين» .
وكتب يحيى بن «3» أكثم القاضي ما صورته: «شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذه الصحيفة ظهرها وبطنها، وكتب بخطه بالتاريخ» .
وكتب حمّاد «4» بن النّعمان ما صورته: «شهد حمّاد بن النعمان بمضمون ظهره وبطنه، وكتب بيده بتاريخه» .
وكتب بشر بن «5» المعتمر ما صورته: «شهد بمثل ذلك بشر بن المعتمر، وكتب بخطه بالتاريخ» .