الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم في سنة تسع وسبعين وست مئة:
جهز الملك المنصور قلاوون عساكر ديار مصر مع علم الدين سنجر الحلبي الذي تقدم ذكر سلطنته بدمشق عقيب قتل قطز، لقتال سنقر الأشقر المستولي على الشام، فسارت العساكر إلى الشام، وبرز سنقر الأشقر إلى ظاهر دمشق، والتقى الفريقان في تاسع عشر صفر، فولى الشاميون وسنقر الأشقر منهزمين، ونهبت العساكر المصرية أثقالهم، وهرب سنقر إلى الرحبة، ثم سار إلى صِهْيَون، واستولى عليها، وعلى برزيه، وبلاطنس، والشغر، وبكاس، وعكار، وشيزر، وفامية، فصارت هذه الأماكن لسنقر الأشقر.
وفي سنة أربع وثمانين وست مئة:
سار الملك المنصور قلاوون بالعساكر المصرية والشامية إلى حصن المرقَب، ونصب عليه عدة مناجنيق كباراً وصغاراً، فطلب أهله الأمان، فأجابهم إلى ذلك، وصعدت الصناجق السلطانية عليه، وتسلَّمه في نهار الجمعة، تاسع عشر ربيع الأول، وكان يوما مشهوداً.
وفي سنة ست وثمانين وست مئة:
جهز السلطان عسكراً كثيفاً مع نائبه حسام الدين طرنطاي إلى صهيون، فحاصرها، وأخذها من سنقر الأشقر، ثم سار إلى اللاذقية، وكان فيها برج للفرنج يحيط به البحر من جميع جهاته، فحاصره، وتسلمه بالأمان، وهدمه، ثم توجه إلى الديار المصرية، وصحبته سنقر الأشقر، فلما وصلا إلى قلعة الجبل، ركب الملك المنصور قلاوون، والتقى مملوكه حسام الدين، وسنقر الأشقر، وأكرمه، ووفى له بالأمان، وبقي سنقر الأشقر مكرَّماً محترماً مع السلطان
إلى أن توفي السلطان في سنة ثمان وثمانين وست مئة.
[
…
.]، وذلك أن السلطان الملك المنصور قلاوون خرج بالعساكر المصرية في المحرم، وسار إلى الشام، ثم سار ونازل طرابلس يوم الجمعة، مستهل ربيع الأول، ويحيط البحر بغالب هذه المدينة، وليس عليها قتال في البر إلا من جهة الشرق، وهو مقدار قليل، ونصب عليها عدة كثيرة من المناجنيق، ولازمها بالحصار، واشتد عليها القتال حتى فتحها يوم الثلاثاء، رابع ربيع الآخر بالسيف، ودخلها العسكر عَنوة، وقتل غالب رجالها، وسُبيت ذراريهم، وغنم منها المسلمون غنيمة عظيمة.
وكان الفرنج قد استولوا على طرابلس في سنة ثلاث وخمس مئة، في حادي عشر ذي الحجة، فبقيت في أيديهم إلى أوائل سنة ثمان وثمانين وست مئة، فتكون مدة لبثها مع الفرنج نحو مئة سنة، وخمس وثمانين سنة، وشهور.
وتوفي الملك المنصور قلاوون في سادس ذي القعدة، سنة تسع وثمانين وست مئة، في يوم السبت، وكانت مدة ملكه نحو إحدى عشرة سنة، وثلاثة شهور، وأيامٍ.
وكان مَلِكاً مُهاباً حليماً، قليلَ سفك الدماء، كثير العفو، شجاعاً، فتح الفتوحات الجليلة، مثل: المرقب، وطرابلس، الذي لم يجسر أحد من الملوك مثل صلاح الدين وغيره على التعرض إليهما، وكسر جيش