الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سعدُه وإسعاده، وكثرت أولياؤه وعبيده وأعداده، واشتد أعضادَه فيهم اعتضادُه، وأنمى الله عدده، حتى يقال: هذا آدمُ الملوك، وهذه أولاده.
ويُنهي: أن الله تعالى - وله الحمد - رزق الملك العزيز - عز نصره -، ولدأ مباركا عليًّا، ذكراً سريًّا، زكيا تقياً نقياً، من ذرية كريمة بعضُها من بعض، وبيت شريف كادت ملوكه تكون ملائكة في السماء، ومماليكه ملوكاً في الأرض.
وكانت ولادة الملك العزيز بالقاهرة، في ثامن من جمادى الأولى، سنة سبع وستين وخمس مئة، وكان قد توجه إلى الفيوم، فطرد فرسه وراء صيد، فتقنطر به، فأصابته الحمى، وحُمل إلى القاهرة، وتوفي بها في الساعة السابعة من ليلة الأربعاء، الحادي والعشرين من المحرم، سنة خمس وتسعين وخمس مئة، ودفن في القرافة الصغرى، في قبة الإمام الشافعي، وقبره هناك معروف، وكانت مدة مملكته ست سنين إلا شهراً، وكان عمره سبعاً وعشرين سنة وأشهراً، وكان في غاية السّماحة والكرم، والعدل والرفق بالرعية والإحسان إليهم، ففجعت الرعية بموته رحمه الله تعالى.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
سلطنة الملك المنصور محمد بن العزيز عثمان
هو ناصر الدين محمد ابن الملك العزيز عثمان، استقر في السلطنة
بعد وفاة والده، واتفقت الأمراء على إحضار أحد من بني أيوب ليقوم بالملك، وعملوا مشورة بحضرة القاضي الفاضل، فأشار بالملك الأفضل، وهو حينئذ بصرخد، فأرسلوا إليه، فسار محِثًّا، ووصل إلى مصر على أنه أتابك الملك المنصور بن العزيز، وكان عمر المنصور حينئذ تسع سنين وشهوراً، فخرج المنصور للقائه، فترجَّل له عمُّه الأفضل، ودخل بين يديه إلى دار الوزارة، وكانت مقر السلطنة.
ثم برَز الأفضل من مصر، وسار إلى الشام ليأخذها، لاشتغال عمه الملك العادل بحصار ماردين، فبلغ العادل ذلك، فسار إلى دمشق، ودخلها قبل نزول الأفضل عليها بيومين، ثم حصل بينهما قتال، وكاد الأفضلُ يأخذ دمشق، لولا ما حصل بينه وبين أخيه الظاهر صاحبِ حلب من الخلف، ثم سار الأفضل إلى مصر، فخرج الملك العادل في أشره إلى مصر، فخرج إليه الأفضل، وضرب معه مصافاً، فانكسر الأفضل، وانهزم إلى القاهرة، ونازل العادل القاهرة ثمانية أيام، فأجاب الأفضل إلى تسليمها على أن يعوض عنها مَيَّافارقين، وحامي، وسميساط، فأجابه العادل إلى ذلك، ولم يف له به.
وكان دخول العادل إلى القاهرة في الحادي والعشرين من ربيع الآخر، سنة ست وتسعين وخمس مئة، ثم سافر الأفضل إلى صرخد، وأقام العادل بمصر على أنه أتابك الملك المنصور محمد بن العزيز عثمان مدة يسيرة، ثم أزال الملك المنصور محمد، واستقل هو في السلطنة على ما يأتي شرحه في ترجمته.