المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ولما دخلت سنة اثنان وثمانون وست مئة: - التاريخ المعتبر في أنباء من غبر - جـ ٢

[مجير الدين العليمي]

فهرس الكتاب

- ‌الدولة العلوية الفاطمية

- ‌خلافة عبيد الله المهدي

- ‌ ذكر ما قتله القرامطة بمكة:

- ‌خلافة القائم بالله

- ‌خلافة المنصور

- ‌خلافة المعزّ لدين الله

- ‌خلافة العزيز بالله

- ‌خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌خلافة الظاهر لإعزاز دين الله

- ‌خلافة المستنصر بالله

- ‌خلافة المستعلي بأمر الله

- ‌ ذكر استيلاء الفرنج على بيت المقدس:

- ‌خلافة الآمر بأحكام الله

- ‌ ذكر ظهور قبر إبراهيم عليه السلام

- ‌خلافة الحافظ لدين الله

- ‌خلافة الظافر بأمر الله

- ‌خلافة الفائز بنصر الله

- ‌خلافة العاضد لدين الله

- ‌الدولة العباسية بمصر

- ‌خلافة المستنصر بالله

- ‌خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌خلافة المستكفي بالله

- ‌خلافة الواثق بالله

- ‌خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌خلافة المعتضد بالله

- ‌خلافة المتوكل على الله

- ‌خلافة الواثق بالله

- ‌خلافة المعتصم بالله

- ‌خلافة المتوكل على الله

- ‌خلافة المستعين بالله

- ‌خلافة المعتضد بالله

- ‌خلافة المستكفي بالله

- ‌خلافة القائم بأمر الله

- ‌خلافة المستنجد بالله

- ‌خلافة أبي العز عبد العزيز بن يعقوب

- ‌ذكر ملك أتابك عماد الدين الزنكي

- ‌ ذكر قتل أتابك عماد الدين زنكيُ، وشيء من سيرته:

- ‌[سلطنة الملك العادل] نورِ الدين محمود الزنكي صاحب دمشق الملقب بالشهيد

- ‌[ذكر الملك الصالح] إسماعيل ابن السلطان نور الدين الشهيد

- ‌[ذكر السلطان الناصر صلاح الدين] يوسف بن أيوب وهو أول الملوك في الدولة الأيوبية

- ‌ ذكرُ ملكِ أسدِ الدين مصر: في شهور سنة أربع وستين وخمس مئة

- ‌[ذكر مُلك صلاح الدين مصر]

- ‌ ذكر إقامة الخطبة العباسية بمصر، وقُطعت خطبة العاضد لدين الله، وانقرضت الدولة العلوية الفاطمية:

- ‌وجرى بين نور الدين وصلاح الدين [من] الوحشة في الباطن:

- ‌ ذكر ما وقع للسلطان صلاح الدين بعد وصوله إلى دمشق في هذه السنة:

- ‌ ذكر غزوات السلطان الملك الناصر صلاح الدين وفتوحاته في هذه السنة:

- ‌ ذكر وقعة حطين:

- ‌وفي سنة أربع وثمانين وخمس مئة:

- ‌وفي سنة سبع وثمانين وخمس مئة:

- ‌وفي سنة ثمان وثمانين وخمس مئة:

- ‌ ذكر وفاة السلطان صلاح الدين وبعض سيرته:

- ‌ ذكر حال أهله وولده بعده:

- ‌[سلطنة الملك الأفضل علي ابن السلطان صلاح الدين]

- ‌ثم في سنة تسعين وخمس مئة:

- ‌وفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة:

- ‌وفي سنة ثمان وتسعين وخمس مئة:

- ‌وفي سنة تسع وتسعين وخمس مئة

- ‌وفي سنة ثلاث وست مئة:

- ‌وفي سنة ست وست مئة:

- ‌وفي سنة سبع وست مئة:

- ‌وفي سنة تسع وست مئة:

- ‌وفي سنة اثنتي عشرة وست مئة:

- ‌وفي سنة ثلاث عشرة وست مئة:

- ‌وفي سنة أربع عشرة وست مئة:

- ‌وفي سنة سبع عشرة وست مئة:

- ‌[ذكر سلطنة الملك المعظم ابن العادل]

- ‌تخريب أسوار بيت المقدس: وفي سنة ست عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة ست وعشرين وست مئة:

- ‌وفي هذه السنة، وهي سنة ست وعشرين وست مئة

- ‌وفي سنة سبع وعشرين وست مئة:

- ‌وفي سنة ثلاثين وست مئة:

- ‌وفي سنة اثنتين وثلاثين وست مئة:

- ‌وفي سنة أربع وثلاثين وست مئة

- ‌ذكر الملك الأشرف ابن الملك العادل

- ‌وفي سنة ست وثلاثين وست مئة:

- ‌وفي سنة أربعين وست مئة:

- ‌وفي سنة إحدى وأربعين وست مئة:

- ‌وفي سنة اثنتين وأربعين المذكورة:

- ‌وفي سنة ثلاث وأربعين وست مئة:

- ‌وفي سنة أربع وأربعين وست مئة:

- ‌وفي سنة سبع وأربعين وست مئة:

- ‌وفي سنة إحدى وخمسين وست مئة:

- ‌وفي سنة ثلاث وخمسين وست مئة:

- ‌وفي سنة خمس وخمسين وست مئة:

- ‌وفي سنة ست وخمسين وست مئة:

- ‌ولما دخلت سنة تسع وخمسون وست مئة:

- ‌وفي سنة إحدى وستين وست مئة:

- ‌ولما دخلت سنة اثنان وثمانون وست مئة:

- ‌ذِكْرُ سَلَاطِينُ الأَيُّوبِيِّينَ وما استقر عليه الحال بعد وفاة السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمة الله عليه

- ‌[ذكر تراجم ملوك الأيوبيين]

- ‌سلطنة الملك العزيز عثمان

- ‌سلطنة الملك المنصور محمد بن العزيز عثمان

- ‌سلطنة الملك العادل أبو بكر محمد بن أبي الشكر

- ‌وفي سنة إحدى وست مئة:

- ‌وفي سنة ثلاث وست مئة:

- ‌وفي سنة أربع وست مئة:

- ‌وفي سنة ست وست مئة:

- ‌ثم في سنة ثمان وست مئة:

- ‌سلطنة أبي المعالي محمد ابن الملك العادل سيف الدين

- ‌وفي سنة ثمان عشرة وست مئة

- ‌وفي سنة خمس وثلاثين وست مئة:

- ‌سلطنة الملك العادل أبي بكر ابن الملك الكامل

- ‌ ذكر الحوادث التي وقعت في بيت المقدس:

- ‌سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل

- ‌سلطنة الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح

- ‌أخبار شجر الدر

- ‌سلطنة الملك المعز عز الدين أيبك التركماني

- ‌سلطنة الملك الأشرف موسى بن يوسف

- ‌وفي سنة اثنتين وخمسين وست مئة:

- ‌سلطنة المعز أيبك التركماني

- ‌سلطنة الملك المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك

- ‌سلطنة الملك المظفر قُطُز

- ‌سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداري

- ‌ثم في سنة تسع وخمسين وست مئة:

- ‌وفي سنة تسع وخمسين وست مئة:

- ‌وفي سنة إحدى وستين وست مئة:

- ‌ثم في سنة ثلاث وستين وست مئة:

- ‌وفي سنة أربع وستين وست مئة:

- ‌وفي سنة ست وستين وست مئة:

- ‌وفي سنة تسع وستين وست مئة:

- ‌وفي سنة خمس وسبعين وست مئة:

- ‌سلطنة الملك السعيد محمد بركة ابن الملك الظاهر بيبرس

- ‌ثم في سنة سبع وسبعين وست مئة:

- ‌سلطنة الملك العادل بدر الدين سلامش

- ‌سلطنة الملك المنصور قلاوون الصالحي

- ‌ثم في سنة تسع وسبعين وست مئة:

- ‌وفي سنة أربع وثمانين وست مئة:

- ‌وفي سنة ست وثمانين وست مئة:

- ‌سلطنة الملك الأشرف صلاح الدين ابن الملك المنصور قلاوون

- ‌وفي سنة تسعين وست مئة:

- ‌وفي سنة إحدى وتسعين وست مئة:

- ‌سلطنة الملك القاهر بيدرا

- ‌ سلطنة الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون *

- ‌ سلطنة الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري *

- ‌ سلطنة الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصوري *

- ‌ سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون الثانية *

- ‌ سلطنة الملك المظفر بيبرس الجاشنكير *

- ‌ سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون *

- ‌سلطنة سيف الدين أبي بكر ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌ سلطنة علاء الدين كجك *

- ‌ سلطنة الملك الناصر أحمد ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون *

- ‌سلطنة الملك الصالح أبي الفداء إسماعيل ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌ سلطنة الملك الكامل سيف الدين * شعبان ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌ سلطنة الملك سيف الدين * حاجي ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌ سلطنة الملك الناصر * حسن ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌ سلطنة الملك الصالح * صالح ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون

- ‌ سلطنة الملك الناصر حسن *

- ‌ سلطنة الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر حاجي *

- ‌ سلطنة الملك الأشرف شعبان ابن الأمير الأمجد حسين *

- ‌ سلطنة الملك المنصور علي ابن الملك الأشرف شعبان *

- ‌ سلطنة الملك الصالح حاجي ابن الملك الأشرف شعبان *

- ‌ سلطنة الملك الظاهر برقوق الأولى وهو أول الجراكسة *

- ‌ سلطنة الملك الصالح حاجي ابن الملك الأشرف شعبان

- ‌ سلطنة الملك الظاهر برقوق الثانية *

- ‌ سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى *

- ‌ ذكر وقعة تمرلنك *

- ‌ سلطنة الملك المنصور عبد العزيز بن برقوق *

- ‌ سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية *

- ‌ سلطنة أبي الفضل بن المتوكل على الله العباسي *

- ‌ سلطنة الملك المؤيد شيخ بدمشق *

- ‌ سلطنة أبي السعادات أحمد ابن الملك المؤيد *

- ‌ سلطنة الملك الظاهر ططر بن عبد الله الظاهري *

- ‌ سلطنة الملك الصالح محمد ابن الملك الظاهر ططر *

- ‌ سلطنة الملك الأشرف برسباي الدقماقي الظاهري *

- ‌ سلطنة أبي المحاسن يوسف ابن الملك الأشرف برسباي *

- ‌ سلطنة الملك الظاهر هقمق العلائي *

- ‌ سلطنة أبي السعادات عثمان ابن الملك الظاهر جقمق *

- ‌ سلطنة الملك الأشرف أينال الأتابكي *

- ‌ سلطنة الملك أحمد ابن الملك الأشرف أينال *

- ‌(سلطنة أبي سعيد خشقدم المؤيدي)

- ‌(سلطنة أبي سعيد بلباي المؤيدي)

- ‌(سلطنة أبي سعيد تمربغا الظاهري)

- ‌(سلطنة العادل خشقدم خير بك)

- ‌(سلطنة أبي النصر قايتباي الظاهري)

- ‌تَرَاجُمُ الأَعْيَّانِ

- ‌حَرْفُ الهَمْزَة

- ‌حَرْفُ البَاءِ

- ‌حَرْفُ التَّاءِ

- ‌حَرْفُ الثَّاءِ

- ‌حَرْفُ الجِيْمِ

- ‌حَرْفُ الحَاءِ

- ‌حَرْفُ الخَاءِ المُعْجَمَة

- ‌حَرْفُ الدَّالِ المُهْمَلَة

- ‌حَرْفُ الذَّالِ المُعْجَمَة

- ‌حَرْفُ الرَّاءِ

- ‌حَرْفُ الزَّاي

- ‌حَرْفُ السَّينِ

- ‌حَرْفُ الّشِينِ المُعْجَمَة

- ‌حَرْفُ الصَّادِ المُهْمَلَة

- ‌حَرْفُ الضَّادِ المُعْجَمَة

الفصل: ‌ولما دخلت سنة اثنان وثمانون وست مئة:

الأشرف موسى آخر من ملك حمص من بيت شيركوه.

‌ولما دخلت سنة اثنان وثمانون وست مئة:

كان صاحب مصر الملك المنصور قلاوون.

وفي هذه السنة توفي الملك المنصور ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن الملك المظفر محمود بن المنصور محمد بن المظفر عمر بن شاهنشاه ابن أيوب صاحب حماة - رحمه الله تعالى -، توفي بكرة حادي عشر شوال، وكانت ولادته في الساعة الخامسة من يوم الخميس، لليلتين بقيتا من ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين وست مئة، فيكون عمره إحدى وخمسين سنة، وستة أشهر، وأربعة عشر يوماً.

وكان ذلك يوم السبت، ثامن جمادى الأولى، سنة اثنتين وأربعين ولست مئة، وهو اليوم الذي توفي فيه والده الملك المظفر محمود، فيكون مدة ملكه إحدى وأربعين سنة، وخمسة أشهر، وأربعة أيام، واستقر في الملك بعده ولده الملك المظفر محمود، بتقليد الملك المنصور قلاوون، في العشر الآخر من شوال، سنة ثلاث وثمانين ولست مئة، وأرسل إليه وإلى عمه الملك الأفضل التشاريف، وركب بشعار السلطنة.

وفي سنة اثنتين وتسعين وست مئة: توفي الملك الأفضل نور الدين علي ابن الملك المظفر محمود، وهو والد الملك المؤيد صاحب حماة مصنّف "التاريخ"، توفي في ذي القعدة بدمشق، ونقل إلى حماة.

ولما دخلت سنة ثمان وتسعين وست مئة: كان صاحب مصر المنصور لاجين إلى ربيع الآخر، واستقر بعده الملك الناصر محمد بن

ص: 123

قلاوون في جمادى الأولى.

وفي هذه السنة، في ثاني عشر ذي القعدة توفي الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب - رحمه الله تعالى -، ومولده في ليلة الأحد، خامس عشر المحرم، سنة سبع وخمسين وست مئة، فيكون عمره إحدى وأربعين سنة، وعشرة أشهر، وسبعة أيام، ويكون ملكه حماة من حين توفي والده خمس عشرة سنة وشهراً ويوماً واحداً.

وأعطي قراسنقر النيابة بحماة لاختلاف الكلمة بين أسد الدين عمر، وبدر الدين حسن ابني الملك الأفضل؛ فإنهما حضرا إلى حماة من حلب بعد وفاة الملك المظفر، واختلفا فيمن يكون صاحب حماة، ولم ينتظم في ذلك حال، ثم في سنة عشر وسبع مئة عادت حماة إلى البيت التقوي باستقرار الملك المؤيد صاحب حماة مصنف "التاريخ" المشهور؛ فإنه تقدم له الوعدُ بها من السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان السلطان حريصاً على إنجاز وعده بإقامته فيها، فأعطيت له في هذه المرة على قاعدة النواب، وكان تاريخ التقليد في ثامن عشر جمادى الأولى، سنة عشر وسبع مئة.

ثم أنعم في رمضان الملك الناصر محمد بن قلاوون على الملك المؤيد المذكور بمملكة حماة، والمعرة، وبارِين تمليكاً، وهو الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل ابن الملك الأفضل نور الدين علي ابن

ص: 124

السلطان الملك المظفر تقي الدين، ولد السلطان الملك المنصور، ولد السلطان الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب صاحب حماة.

وكتب له التقليد، فمنه بعد البسملة الشريفة: الحمد لله الذي عَضَدَ الملكَ الشريف بعماده، وأورث الجد السعيد سعادة أجداده، وبلغ ولينا من مباها ثنائه ملوك بني الإمام غاية مراده.

ومنه نحمده على أن وإن بنا الملكَ وحماه، وكفَّ بكفِّ بأسنا يدَ المتطاول إلى استباحة حِماه.

ومنه: ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

أما بعد:

فإن أولى من عُقد له لواءُ الولاء، وتشرَّفت باسمه أَسِرَّة الملك وذُرا المنابر، وتصرفت أحكامه فيما يشاء من نَوَاهٍ وأوامر، وتجلى في سماء السلطنة، فقام في دَسْتها مقام مَنْ سلف، وأخلف في أيامنا الزاهرة من أسلافه، إذ هو ببقائنا - إن شاء الله - خيرُ خلف، من ورث السلطنة لا عن كَلالة واشقها بالأصالة والأثالة والجلالة، وأشرقت الأيام بغرة وجهه المنير، وتشرفت به صدور المحافل، وتشوق إليه بطنُ السرير، ومن أصبح لسماء المملكة الحَمَوية وهو زين أملاكها، ومطلع أفلاكها وهو المقام العالي العمادي ابن الملك الأفضل نور الدين علي ابن السلطان الملك المظفر تقي الدين، ولد السلطان الملك المنصور، ولد السلطان الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وهو الذي ما بَرِحت

ص: 125

عيون مملكته إليه مُتَشَوِّفة، والسلطنة لمواعيد ملكه مسخرة، والأقدار إلى أن يبلغ الكتاب أجله مسوّفه، ولسان الحال يتلو في ضمير الغيب:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26]، إلى أن أظهر الله ما في غيبه المكنون، وأنجز له في أيامنا الوعود وصدق الظنون، وشيده الله منه بأرفع عماد، ووصل ملكه بملك أسلافه، وسيبقى في عقبه - إن شاء الله تعالى - إلى يوم التناد، فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري، لا زالت الممالك من عطائه، والملوك تسري من ظل كنفه تحت مسبول غطائه، أن يستقر في يد المقام العالي العمادي المشار إليه جميع المملكة الحموية وبلادها وأعمالها، وما هو منسوب إليها، ومناشيرها التي يعرضها قلمه وقسمه، ومنابرها التي يذكر فيها اسم الله تعالى واسمه، وكثيرها وقليلها، وحقيرها وجليلها، على عادة الشهيد المظفر تقي الدين محمود إلى حين وفاته.

ومنه: وقلدناه ذلك تقليداً، تضمَّن للنعمة تخليداً، وللسعادة تجديداً.

ومنه في آخره: والله يؤهل بالنصر مغناه، ويجمل ببقائه صورة دهر هو معناه، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه.

كتب في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، حسب المرسوم الشريف.

الحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم.

ثم سار الملك المؤيد في إخراج المعرة عنه، وأن يُعفى منها،

ص: 126

فأجيب إلى ذلك، وكتب له مرسوماً شريفاً بما استقر عليه، من جملة ألفاظه: أن يستقر بيده حماة، وبارِين بجميع حدودهما، وما هو منسوب إليها من بلاد وضياع، وقرايا وجهات، وأموال ومعاملات، وغير ذلك مما ينسب إلى هذين الإقليمين، ويدخل في حكمهما، يتصرف في الجميع كيف يشاء، من تولية (1)، وإقطاع إقطاعات الأمراء والجند، وغيرهم من المستخدمين من أرباب الوظائف، وترتيب القضاة والخطباء وغيرهم، ويكتب بذلك مناشير وتواقيع من جهته، ويجري في ذلك على عادة الملك المظفر صاحب حماة رحمه الله تعالى.

مؤرخ ذلك في تاسع عشر المحرم، سنة ثلاث عشرة وسبع مئة.

وتوفي الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة في ثامن عشر المحرم، سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة، ومولده في بكرة السبت، سابم جمادى الأولى، سنة اثنتين وسبعين وست مئة.

وكان فيه مكارم أخلاق وفضيلة؛ من فقه وطب وغير ذلك، ونظم "الحاوي" في الفقه، وصنف التاريخ المشهور المسمى بـ "المختصر في أخبار البشر" ومصنفات غيرِه رحمه الله، وعفا عنه -.

وقد انتهى ما اخترنا ذكره من أخبار بني أيوب ملوكِ المملكة الشامية وغيرها.

* * *

(1) في الأصل: "روكية".

ص: 127