الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأشرف موسى آخر من ملك حمص من بيت شيركوه.
ولما دخلت سنة اثنان وثمانون وست مئة:
كان صاحب مصر الملك المنصور قلاوون.
وفي هذه السنة توفي الملك المنصور ناصر الدين أبو المعالي محمد ابن الملك المظفر محمود بن المنصور محمد بن المظفر عمر بن شاهنشاه ابن أيوب صاحب حماة - رحمه الله تعالى -، توفي بكرة حادي عشر شوال، وكانت ولادته في الساعة الخامسة من يوم الخميس، لليلتين بقيتا من ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين وست مئة، فيكون عمره إحدى وخمسين سنة، وستة أشهر، وأربعة عشر يوماً.
وكان ذلك يوم السبت، ثامن جمادى الأولى، سنة اثنتين وأربعين ولست مئة، وهو اليوم الذي توفي فيه والده الملك المظفر محمود، فيكون مدة ملكه إحدى وأربعين سنة، وخمسة أشهر، وأربعة أيام، واستقر في الملك بعده ولده الملك المظفر محمود، بتقليد الملك المنصور قلاوون، في العشر الآخر من شوال، سنة ثلاث وثمانين ولست مئة، وأرسل إليه وإلى عمه الملك الأفضل التشاريف، وركب بشعار السلطنة.
وفي سنة اثنتين وتسعين وست مئة: توفي الملك الأفضل نور الدين علي ابن الملك المظفر محمود، وهو والد الملك المؤيد صاحب حماة مصنّف "التاريخ"، توفي في ذي القعدة بدمشق، ونقل إلى حماة.
ولما دخلت سنة ثمان وتسعين وست مئة: كان صاحب مصر المنصور لاجين إلى ربيع الآخر، واستقر بعده الملك الناصر محمد بن
قلاوون في جمادى الأولى.
وفي هذه السنة، في ثاني عشر ذي القعدة توفي الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب - رحمه الله تعالى -، ومولده في ليلة الأحد، خامس عشر المحرم، سنة سبع وخمسين وست مئة، فيكون عمره إحدى وأربعين سنة، وعشرة أشهر، وسبعة أيام، ويكون ملكه حماة من حين توفي والده خمس عشرة سنة وشهراً ويوماً واحداً.
وأعطي قراسنقر النيابة بحماة لاختلاف الكلمة بين أسد الدين عمر، وبدر الدين حسن ابني الملك الأفضل؛ فإنهما حضرا إلى حماة من حلب بعد وفاة الملك المظفر، واختلفا فيمن يكون صاحب حماة، ولم ينتظم في ذلك حال، ثم في سنة عشر وسبع مئة عادت حماة إلى البيت التقوي باستقرار الملك المؤيد صاحب حماة مصنف "التاريخ" المشهور؛ فإنه تقدم له الوعدُ بها من السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان السلطان حريصاً على إنجاز وعده بإقامته فيها، فأعطيت له في هذه المرة على قاعدة النواب، وكان تاريخ التقليد في ثامن عشر جمادى الأولى، سنة عشر وسبع مئة.
ثم أنعم في رمضان الملك الناصر محمد بن قلاوون على الملك المؤيد المذكور بمملكة حماة، والمعرة، وبارِين تمليكاً، وهو الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل ابن الملك الأفضل نور الدين علي ابن
السلطان الملك المظفر تقي الدين، ولد السلطان الملك المنصور، ولد السلطان الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب صاحب حماة.
وكتب له التقليد، فمنه بعد البسملة الشريفة: الحمد لله الذي عَضَدَ الملكَ الشريف بعماده، وأورث الجد السعيد سعادة أجداده، وبلغ ولينا من مباها ثنائه ملوك بني الإمام غاية مراده.
ومنه نحمده على أن وإن بنا الملكَ وحماه، وكفَّ بكفِّ بأسنا يدَ المتطاول إلى استباحة حِماه.
ومنه: ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
أما بعد:
فإن أولى من عُقد له لواءُ الولاء، وتشرَّفت باسمه أَسِرَّة الملك وذُرا المنابر، وتصرفت أحكامه فيما يشاء من نَوَاهٍ وأوامر، وتجلى في سماء السلطنة، فقام في دَسْتها مقام مَنْ سلف، وأخلف في أيامنا الزاهرة من أسلافه، إذ هو ببقائنا - إن شاء الله - خيرُ خلف، من ورث السلطنة لا عن كَلالة واشقها بالأصالة والأثالة والجلالة، وأشرقت الأيام بغرة وجهه المنير، وتشرفت به صدور المحافل، وتشوق إليه بطنُ السرير، ومن أصبح لسماء المملكة الحَمَوية وهو زين أملاكها، ومطلع أفلاكها وهو المقام العالي العمادي ابن الملك الأفضل نور الدين علي ابن السلطان الملك المظفر تقي الدين، ولد السلطان الملك المنصور، ولد السلطان الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وهو الذي ما بَرِحت
عيون مملكته إليه مُتَشَوِّفة، والسلطنة لمواعيد ملكه مسخرة، والأقدار إلى أن يبلغ الكتاب أجله مسوّفه، ولسان الحال يتلو في ضمير الغيب:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26]، إلى أن أظهر الله ما في غيبه المكنون، وأنجز له في أيامنا الوعود وصدق الظنون، وشيده الله منه بأرفع عماد، ووصل ملكه بملك أسلافه، وسيبقى في عقبه - إن شاء الله تعالى - إلى يوم التناد، فلذلك رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري، لا زالت الممالك من عطائه، والملوك تسري من ظل كنفه تحت مسبول غطائه، أن يستقر في يد المقام العالي العمادي المشار إليه جميع المملكة الحموية وبلادها وأعمالها، وما هو منسوب إليها، ومناشيرها التي يعرضها قلمه وقسمه، ومنابرها التي يذكر فيها اسم الله تعالى واسمه، وكثيرها وقليلها، وحقيرها وجليلها، على عادة الشهيد المظفر تقي الدين محمود إلى حين وفاته.
ومنه: وقلدناه ذلك تقليداً، تضمَّن للنعمة تخليداً، وللسعادة تجديداً.
ومنه في آخره: والله يؤهل بالنصر مغناه، ويجمل ببقائه صورة دهر هو معناه، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه.
كتب في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، حسب المرسوم الشريف.
الحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ثم سار الملك المؤيد في إخراج المعرة عنه، وأن يُعفى منها،
فأجيب إلى ذلك، وكتب له مرسوماً شريفاً بما استقر عليه، من جملة ألفاظه: أن يستقر بيده حماة، وبارِين بجميع حدودهما، وما هو منسوب إليها من بلاد وضياع، وقرايا وجهات، وأموال ومعاملات، وغير ذلك مما ينسب إلى هذين الإقليمين، ويدخل في حكمهما، يتصرف في الجميع كيف يشاء، من تولية (1)، وإقطاع إقطاعات الأمراء والجند، وغيرهم من المستخدمين من أرباب الوظائف، وترتيب القضاة والخطباء وغيرهم، ويكتب بذلك مناشير وتواقيع من جهته، ويجري في ذلك على عادة الملك المظفر صاحب حماة رحمه الله تعالى.
مؤرخ ذلك في تاسع عشر المحرم، سنة ثلاث عشرة وسبع مئة.
وتوفي الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل صاحب حماة في ثامن عشر المحرم، سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة، ومولده في بكرة السبت، سابم جمادى الأولى، سنة اثنتين وسبعين وست مئة.
وكان فيه مكارم أخلاق وفضيلة؛ من فقه وطب وغير ذلك، ونظم "الحاوي" في الفقه، وصنف التاريخ المشهور المسمى بـ "المختصر في أخبار البشر" ومصنفات غيرِه رحمه الله، وعفا عنه -.
وقد انتهى ما اخترنا ذكره من أخبار بني أيوب ملوكِ المملكة الشامية وغيرها.
* * *
(1) في الأصل: "روكية".