الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَرْفُ الرَّاءِ
146 -
أم الخير رابعة بنة إسماعيل العَدَوِيَّةُ البصرية: مولاةُ آل عقيل (1)، الصالحةُ المشهورة، كانت من أعيان عصرها، وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة، وكانت تقول في مناجاتها:
إلهي تحرق بالنّار قلباً يحبك؟ فهتف بها مرة هاتفٌ: ما كنا نفعل هذا، فلا تظني بنا ظن السوء.
ومن وصاياها: اكتموا حسناتكم كما تكتموا سيئاتكم.
وأورد لها الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب "عوارف المعارف":
إِنِّي جَعَلْتُكَ فِي الفُؤَادِ مُحَدِّثِي
…
وَأَبَحْتُ جِسْمِي مَنْ أَرَادَ جُلوسِي
فَالجِسْمُ مِنِّي لِلْجَلِيسِ مُؤَانِسٌ
…
وَحَبِيبُ قَلْبِي فِي الفُؤَادِ أَنِيسِي
(1) في "وفيات الأعيان" لابن خلكان (2/ 285): "عتيك".
توفيت في سنة خمس وثمانين ومئة، وقبرها يُزار، وهو ظاهر القدس من شرقيه، على رأس جبل الطور - رحمها الله تعالى -.
* * *
147 -
أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل، المراديُّ بالولاء، المؤذِّنُ، المصريُّ، صاحبُ الإمام الشافعي.
وقال الشافعي في حقه: الربيعُ راويتي.
وهو آخر من روى عنه بمصر.
ومن كلام الربيع:
صَبْراً جَمِيلاً مَا أَسْرَعَ الفَرَجَا
…
مَنْ صَدَّقَ اللهَ فِي الأُمُورِ نَجَا
مَنْ خَشِيَ اللهَ لَمْ يَنَلْهُ أَذَى
…
وَمَنْ رَجَا اللهَ كَانَ حَيْثُ رَجَا
توفي يوم الاثنين، لعشرٍ بقين من شوال، سنة سبعين ومئتين بمصر، ودفن بالقرافة.
والمرادي: نسبة إلى قبيلة باليمن.
* * *
148 -
أبو الفضل الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة، واسمه كيسان، مولى الحارث مولى عثمان رضي الله عنه: كان حاجبَ
أبي جعفر المنصور، ثم وَزَرَ له بعد أبي أيوب المرزباني، وكان كثير الميل إليه، حسن الاعتماد عليه.
قال له يوماً: يا ربيع! سل حاجتك، قال: حاجتي أن تحب الفضلَ ابني، فقال له: ويحك! إن المحبة تقع بأسباب، فقال له: قد أمكنك الله من إيقاع سببها، قال: وما ذاك؟ قال: تُفْضِل عليه، فإنك إذا فعلت ذلك، أحبك، وإذا أحبك، أحببته.
وقال له المنصور يوماً: ويحك يا ربيع! ما أطيبَ الدنيا لولا الموت، فقال له: ما طابت إلا بالموت، قال: وكيف ذاك؟ قال: لولا الموت، لم تقعد هذا المقعد، قال: صدقت.
وكانت وفاة الربيع في أول سنة سبعين ومئة، وقيل: إن الهادي سَمَّه، وكان مرضه ثمانية أيام، وإنما قيل لجده: أبو فروة؛ لأنه دخل المدينة وعليه فروة، فاشتراه عثمان رضي الله عنه، وأعتقه وجعل يحفر القبور، وكان من سبي جبل الخليل عليه السلام، وقطيعة الربيع التي ببغداد منسوبة إليه، وهي محلة كبيرة مشهورة، أقطعَها له المنصور.
* * *
149 -
أبو المقدام رجاء بن حَيْوَة بن جَرْوَل الكِنْدي: من العلماء، وكان يجالس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
وذكر عنه: أنه بات ليلة عنده، وهمَّ السراج أن يخمل، ولعله في أيام خلافته، فقام إليه رجاءُ ليصلحه، فأقسم عليه عمر لَتقعدنَّ، وقام هو
فأصلحه، قال: فقلت له: تقوم أنت يا أمير المؤمنين؟ ! فقال: قمت وأنا عمر، ورجعت وأنا عمر.
وكان عبد الملك بن مروان حين حضر إلى بيت المقدس، وأمر ببناء القبة على الصخرة الشريفة، أرصد للعمارة مالاً كبيراً، يقال: إنه خَراجُ مصر سبع سنين، ووضعه بالقبة الكائنة في قبلة الأرض المكشوفة أمام القبة من جهة المشرق، وجعلها حاصلاً، وهي من ناحية الزيتون، ووكَّلَ على صرف المال في عمارة المسجد والقبة وما يحتاج إليه رجاءَ ابنَ حيوةَ المذكور، وضم إليه رجلاً يدعى: يزيد بن سلام.
ويقال: إن عبد الملك وصف ما يختاره من عمارة القبة وتكوينها للصناع، فصنعوا له وهو ببيت المقدس القبة الصغيرة التي هي شرقي قبة الصخرة التي يقال لها: قبة السلسلة، فأعجبه تكوينها، وأمر ببنائها كهيئتها.
ثم إن رجاءً صرف المال في ذلك، فلما كمل وتم، أرسل إلى عبد الملك يخبره أنه فضل من المال مئتا ألف درهم، فأعاد الجواب عليه وعلى يزيد: هي لكما جائزة نظير ما حصل لكما من المشقة، فكتبا إليه: نحن أولى أن نبيع حلي نسائنا، فضلاً عن أموالنا، ونصرفه في عمارة هذا المسجد الشريف، وما قبلا ذلك، فأمرهما أن تسبك وتفرع على ظاهر القبة.
ثم بعد انتقال الخلافة إلى الوليد انهدم شرقي المسجد، ولم يكن في بيت المال حاصل، فأمر بضرب ذلك، وإنفاقه على ما انهدم منه.
وكان ابتداء عمارة قبة الصخرة في سنة ست وستين، فكملت سنة ثلاث وسبعين من الهجرة.
وكان منعَ عبدُ الملك الناسَ من الحج؛ لئلَاّ يميلوا إلى ابن الزبير، فضجُّوا، فبعث رجاءً ويزيدَ المذَكورين لبناء ذلك، وفُرشت القبة بالرخام الملون، وغيرِه من البُسُط الملونة، وعمل فيه صورة الصراط، وباب الجنة، وقدم الرسول، ووادي جهنم؛ ليشغل الناس بذلك عن الحج، فكان ابن الزبير يشنِّع على عبد الملك بذلك.
وتوفي رجاءٌ سنة اثنتي عشرة ومئة، وكان رأسه أحمر، ولحيته بيضاء - رحمه الله تعالى -.
* * *