الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَرْفُ الجِيْمِ
109 -
جرير بن عطية بن الخَطَفَى واسمه حذيفة، والخطفى لقبه، ابن بدر، التميميُّ الشاعرُ المشهورُ: كان من فحول شعراء المسلمين والإسلام، وأجمعت العلماء على أنه ليس في شعراء الإسلام مثلُ ثلاثة: جرير، والفرزدق، والأخطل.
ويقال: إن بيوت الشعراء أربعة: فخر، ومدح، وهجاء، وتشبيب، وفي الأربعة فاق جريرٌ غيره.
ففي الفخر يقول:
إِذَا غَضِبَتْ عَلَيْكَ بَنْو تَمِيمٍ
…
حَسِبْتَ النَّاسَ كلَّهُمُ غِضَابَا
وفي المديح يقول:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايَا
…
وَأَنْدَى العَالَمِينَ بُطُونَ رَاحِ
وفي الهجاء يقول:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ (1)
…
فَلَا كَعْبَا بَلَغْتَ وَلَا كِلَابَا
وفي التشبيب يقول:
إِنَّ العُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفِحهَا حَوَرٌ
…
قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلَانَا
يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لَا حَرَاكَ بِهِ
…
وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ إِنْسَانَا (2)
توفي جرير باليمامة، سنة إحدى عشرة ومئة، وعمره نيف وثمانون سنة.
* * *
110 -
أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين ابن الحسين بن علي بن أبي طالب: أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، كان من سادات أهل البيت، ولقب بالصادق؛ لصدقه في مقالته، وفضلُه أشهر من أن يُذكر، وله كلام في صنعة الكيمياء والفأل.
ولد سنة ثمانين للهجرة، وهي سنة سيل الحجاز (3)، وقيل: سنة
(1) في الأصل: "تميم".
(2)
في "وفيات الأعيان"(1/ 322) وغيره: "أركانا".
(3)
في "وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/ 327): "سيل الجَحَّاف".
ست وثمانين، وتوفي في شوال، سنة ثمان وأربعين ومئة بالمدينة، ودفن بالبقيع في قبر أبيه (1) محمد الباقر، وجدِّه علي (2) زين العابدين، وعمّ جدِّه الحسنِ بنِ عليٍّ رضي الله عنه، فلله درّه من قبرٍ ما أكرمه! وأمّه أُمُّ فروةَ بنتُ القاسمِ بنِ محمد بنِ أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
* * *
111 -
أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي: وزيرُ هارون الرشيد، كان من علو القدر ونفاذ الأمر، وقوة الهمة، وعظم المحل، وجلالة المنزلة عند هارون الرشيد بحالةٍ انفرد بها، ولم يشارَك فيها.
وكان سمح الأخلاق، طلق الوجه، ظاهر البشر.
وأما جوده، وسخاؤه، وبذله، وعطاؤه، فكان أشهر من أن يُذكر.
وكان من ذوي الفصاحة، والمشهورين باللَّسَن والبلاغة، وتفقه على القاضي أبي يوسف الحنفي، ووقَّع إلى بعض عماله - وقد شكي به إليه -: كثر شاكوك، وقلَّ شاكروك، فإما اعتدلْ، وإما اعتزل.
وكان جعفر متمكّنًا من الرشيد، وبلغ من علوِّ المرتبة عنده ما لم يبلْغه سواه، حتى إن الرشيد اتخذ ثوبًا له زيقان، فكان يلبسه هو وجعفر جملة، ولم يكن للرشيد صبرٌ عنه.
(1) في الأصل: "أبي محمد"، والتصويب من "وفيات الأعيان"(1/ 327).
(2)
في الأصل: زيادة "بن".
وكان الرشيد - أيضًا - شديد المحبة لأخته العباسة ابنة المهدي، وهي من أعز النساء عليه، ولا يقدر يفارقها، فزوَّجها لجعفر ليحِلَّ لهما أن يجتمعا فقط من غير أن يَقْرَبها، فتزوجها على هذا الشرط.
ثم تغير الرشيد عليه وعلى البرامكة كلِّهم آخرَ الأمر، ونكبهم، وقتل جعفرًا، واعتقل أخاه الفضل، وأباه يحيى إلى أن ماتا.
واختُلف في سبب تغير الرشيد، فقيل: إن سببه: أن جعفرًا دخل بعباسة خفية، وكانت هي السبب في ذلك، وحملت منه، وأتت بولد، ولما خافت ظهور الأمر، بعثت به إلى مكة، فلما بلغ الرشيدَ ذلك، قصد الحج، وتوجه إلى مكة، وبحث عن هذا الأمر، فوجده صحيحًا، فأضمر الشرَّ للبرامكة.
وقيل: إن الرشيد سلَّم إلى جعفرٍ يحيى بنَ عبد الله بنِ الحسين الخارجَ (1) عليه، وحبسه عنده، فخدعه يحيى، فأطلقه جعفر، وبعث معه مَنْ أدلَّه إلى مأمنه، فكان ذلك سببًا لتغير الرشيد.
وقيل غير ذلك.
وقتل الرشيد جعفرًا بموضع يقال له: الغمز (2) من الأنبار، في يوم السبت سلخ المحرم.
وقيل: مستهل صفر سنة سبع وثمانين ومئة.
(1) في الأصل: "الخارجي"، والتصويب من "وفيات الأعيان"(1/ 334).
(2)
في "وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/ 337): "العُمْرُ".
ومن أعجبِ ما يؤرخ من تقلبات الدنيا بأهلها: ما حكاه محمد بن غسان: أن عبد الرحمن القاسمي قال: دخلت على والدتي في يوم نحر، فوجدت عندها امرأة في ثياب رثَّة، فقالت لي والدتي: أتعرف هذه؟ فقلت: لا، قالت: هذه عتابة أمُّ جعفرٍ البرمكي، فأقبلتُ عليها بوجهي، وأكرمتُها، وتحادثنا زمانًا، ثم قلت: يا أم جعفر! ما أعجبُ ما رأيتِ؟ قالت: يا بني! لقد أتى عليَّ عيدٌ مثلُ هذا، وعلى رأسي أربع مئة وصيفة، وإني لأَعُدُّ ابني عاقًّا لي؛ لعدم إنصافه لي، ولقد أتى علي هذا العيدُ، وما أملك إلا جلدَ شاتين، أفترش أحدَهما، والتحف بالآخر.
قال: فدفعت لها خمس مئة درهم، فكادت تموت فرحا بها، ولم تزل تختلف إلينا حتى فرَّق الموت بيننا.
* * *
112 -
أبو الفضل جعفر بن الأفضل (1) بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات، المعروف بابن حِنْزابة: كان وزير بني الإخشيد بمصر مدَة إمارة كافور بملك مصر، ولما تولى كافور الملكَ، استقلَّ به، ثم انقلب عليه الأمر، واستتر مرّتين، ونُهبت دوره في أيام كافور.
وكان عالما، ومحبًا للعلماء، ويملي الحديث بمصر وهو وزير.
(1) في "وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/ 346): "الفضل".
ولد لثلاثٍ خلون من ذي الحجة، سنة ثمان وثلاث مئة، وتوفي يوم الأحد، ثالث عشر صفر، سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة بمصر.
وكان كثير الإحسان إلى أهل الحرمين، واشترى بالمدينة دارًا بالقرب من المسجد، ولم يكن بينها وبين الضريح النبوي سوى جدار واحد، وأوصى أن يُدفن فيها، ولما مات، حُمل تابوته من مصر إلى الحرمين، وخرجت الأشراف إلى لقائه وفاءً بما أحسن إليهم، فحجُّوا به، وطافوا، ووقفوا بعرفة، ثم ردوه إلى المدينة، ودفنوه بالدّار المذكورة رحمه الله، وعفا عنه -.
* * *
113 -
أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن جعفر السرّاج، المعروف بالقاري البغدادي: كان حافظ عصره، وعلامة زمانه، وله التصانيف العجيبة، منها كتاب "مصارع العشاق"، وغيره، وله شعر حسن، منه:
وَعَدْتِ بِأَنْ تَزُورِي كُلَّ شَهْرِ
…
فَزُورِي قَدْ تَقَضَّى الشَّهْرُ
زُورِي وَشُقَّةُ بَيْنَنَا تَهْوي (1) المُعَلَّى
…
إِلَى البَلَدِ المُسَمَّى شَهْرَزورِ
(1) في "وفيات الأعيان"(1/ 358): "نهر".
وَأَشْهُرُ هَجْرِكِ المَحْتُومِ صِدْقٌ
…
وَلَكِنْ شَهْرُ وَصْلِكِ شَهْرُ زُورِ
ولد في أواخر سنة سبعَ عشرةَ وأربع مئة ببغداد، وتوفي بها ليلة الأحد، الحادي والعشرين من صفر، سنة خمس مئة.
* * *
114 -
أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر، البلخيُّ المنجِّمُ المشهور: كان إمام وقته في فنه، وله التصانيف المفيدة في علم النجوم، وله إصابات عجيبة.
ومن جملة وقائعه: أن بعض الملوك طلب رجلًا من أتباعه ليعاقبه بسبب جريمة صدرت منه، فاستخفى، وعلم أن أبا معشر يدل عليه بالطرائق التي تستخرج بها الخفايا، فأراد أن يعمل شيئًا يبعد عنه حدسه، فأخذ طستًا من نحاس، وجعل فيه دمًا، وجُعل في الدم هاوِنٌ من ذهب، وقعد على الهاون أيامًا، وطلب الملك ذلك الرجل، فعجز عنه، فطلب أبا معشر، وقال له: عرِّفني موضعه بما جرت عادتك به، فعمل مسألته التي يستخرج بها الخفايا، وسكت زمانًا حائرًا، فقال له الملك: ما سبب سكوتك وحيرتك؟ قال: سببًا عجيبًا، إني أرى المطلوب على جبل من ذهب، والجبل في بحر من دم، وحوله صور من نحاس، ولا أعلم في العالم موضعًا على هذه الصفة، فأمره بإعادة نظره، ففعل مرارًا، فلم ير إلا كما ذكر، فلما أيس الملك، نادى في البلد بالأمان للرجل ولمن
أخفاه، فخرج الرجل، وحضر بين يدي الملك، فسأله عن أمره، فأخبره بما اعتمده، فأعجبه حسنُ احتياله في إخفاء نفسه، ولطافة أبي معشر في استخراجه.
وله غير ذلك من الإصابات، توفي سنة اثنين وتسعين ومئتين.
* * *
115 -
أبو عمرو جميل بن عبد الله بن مَعْمَر، الشاعر المشهور: هو صاحب بُثَينة، أحدُ عشاق العرب، عشقها وهو غلام، فلما كبر، خطبها، فَرُدَّ عنها، فقال الشعر فيها، وكان يأتيها سرًا، ومنزلهما وادي القُرى، وديوان شعره مشهور، وجميل وبثينة كلاهما من بني عُذْرَة.
ومن شعره من جملة قصيدة:
إِذَا قُلْتُ: مَا بِي يَا بُثَيْنَةُ قَاتِلِي
…
مِنَ الوَجْدِ قَالَتْ: ثَابِتٌ وَيَزِيدُ
وَإِنْ قُلْتُ: رُدِّي بَعْضَ عَقْلِي أَعِشْ بِهِ
…
بُثَيْنَةُ قَالَتْ: ذَاكَ منك بَعِيدُ
ومن شعره - أيضًا -:
وَإِنِّي لأَرْضَى مِنْ بُثَيْنَةَ بِالَّذِي
…
لَوِ اسْتَيْقَنَ الرَّائِي لَقَرَّتْ بَلَابِلُهْ
بِلَا، وَبِأنْ لَا أَسْتَطِيع وبِالمُنَى
…
وَبِالأَمَلِ المَرْجُوِّ قَدْ خَابَ آمِلُهْ
وَبِالنَّظْرَةِ العَجْلَى وَبالحَوْلِ يَنْقَضِي
…
أَوَاخِرُهُ لَا نَلْتَقِي وَأَوَائِلُه
وذكر الزبير بن بَكَّار عن عباس بن سهل الساعدي، قال: بينا أنا بالشام، إذ لقيني رجل من أصحابي، فقال: هل لك في جميل؟ فإنه مريض نعوده؟ فدخلنا عليه وهو يجودُ بنفسه، فنظر إليَّ، ثم قال: يا بن سهل! ما تقول في رجل لم يشرب الخمر قَطُّ، ولم يزنِ، ولم يقتل النفس، ولم يسرق، يشهد أن لا إله إلا الله؟ قلت: أَظن قد نجا، وأرجو له الجنة، فمن هذا الرجل؟ قال: أنا، قلت: والله! ما أحسبك سَلِمْتَ، وأنت تُشَبِّبُ ببثينةَ منذ عشرين سنة، فقال: لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وإني لفي أول يوم من أيام الآخرة، وآخر يوم من أيام الدنيا، إن كنتُ وضعتُ يدي عليها لرِيبة، فما برحنا حتى مات (1).
وأوصى رجلًا أنه إذا مات، يركب ناقته، ويلبس حلته، ويُشققها، ثم يعلو على شَرَف عند رهط بثينة، ويصيح بهذه الأبيات:
قُومِي بُثَيْنَةُ فَانْدُبِي بِعَوِيل
…
وَابْكِي خَلِيلَكِ دُونَ كُلِّ خَلِيلِ
(1) قال في "وفيات الأعيان"(1/ 370): "مات سنة اثنتين وثمانين".
وَلَقَدْ أَجُرُّ البُرْدَ (1) فِي وَادِي القُرَى
…
نَشْوَانَ بَيْنَ مَزَارِعٍ وَنَخِيلِ
ففعل الرجل ما أمره به جميل، فما فرغت البيتان، حتى خرجت بثينة كأنها بدر قد بدا في دُجُنَّة، فاستخبرته، فاخبرها بالحال، وأخرج حلَّته، فلما رأتها، صاحت، وصكَّت وجهها، واجتمع نساء الحي يبكين معها، ثم قالت:
وَإِنَ سُلُوِّي عَنْ جَمِيلٍ لَسَاعةٌ
…
مِنَ الدَّهْرِ مَا حَانَتْ وَلَا حَانَ حِينُهَا
سَوَاءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلُ بْنَ مَعْمَرٍ
…
إِذَا مِتَّ بِأْسَاءُ الحَيَاةِ وَليِنُهَا
قال الرجل: فما زلت باكيًا أكثر من يومين.
* * *
116 -
أبو القاسم الجُنيد بن محمد بن الجنيد، الخزَّازُ القواريريُّ، الزاهدُ المشهور: أصله من نهاوند، ومولده ومنشؤه العراق، وكان شيخ وقته، وفريد عصره، وكلامُه في الحقيقة مشهور مدوَّن، وتفقه على أبي ثور صاحبِ الشافعي، وقيل: بل كان فقيها على مذهب سُفيان الثوريِّ.
(1) في الأصل: "الهود"، والمثبت من "وفيات الأعيان"(1/ 371).
وصحب خاله السَّرِي السَّقطي.
وصحبه أبو العباس بن سُريج، وكان إذا تكلم في الأصول والفروع بكلامِ أعجبَ الحاضرين، فيقول: تدرون من أين لي هذا؟ هذا من بركة أبي القاسم الجُنيد.
وتوفي الجنيد آخر ساعة من نهار الجمعة، سنة سبع وتسعين ومئتين (1)، وكان عند موته قد ختم القرآن الكريم، ثم ابتدأ بالبقرة، فقرأ سبعين آية، ثم مات.
وإنما قيل له: الخزاز؛ لأنه كان يصنع الخزّ، والقواريري؛ لأن أباه كان قوايريًا.
* * *
117 -
القائد أبو الحسن جوهر بن عبد الله، المعروف بالكاتب الرومي: كان من موالي المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي صاحبِ إفريقية، وجهزه إلى الديار المصرية؛ ليأخذها بعد موت كافور الأخشيدي، وسَيَّر معه العساكر، وهو المقدَّم، وكان رحيله من إفريقية يوم السبت، رابع عشر ربيع الأول، سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة، وتسلم مصر يوم الثلاثاء، لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان من السنة المذكورة،
(1) في "وفيات الأعيان"(1/ 374): "وتوفي يوم السبت سنة سبع وتسعين ومئتين، وقيل سنة ثمان وتسعين آخر ساعة من نهار الجمعة ببغداد".
وصعد المنبر خطيبًا بها يوم الجمعة، لعشرٍ بقين من شعبان، ودعا لمولاه المعز، ووصلت البشارة إلى المعز بأخذ البلاد وهو بإفريقية في نصف شهر رمضان من السنة المذكورة، وأقام بها حتى وصل مولاه المعز، وهو نافذ الأمر.
واستمر على علو منزلته، وارتفاع درجته، وكان محسنًا للناس، ولما جهز إلى مصر، كان عدة عسكره المجهز معه مئة ألف فارس، وما يزيد عن ألف ومئتي صندوق من المال، ونزل في ساحة موضع القاهرة اليوم، واختطَّ موضع القاهرة، ولما أصبح المصريون، حضروا إلى القائد للبناء (1)، فوجدوه قد حفر أساسَ القصر في الليل، وكان فيه زورات جاءت غير معتدلة، فلم تعجبه، ثم قال: حُفرت في ساعة سعيدة، فلا (2) أغيرها.
وقطع خطبة بني العباس عن منابر الديار المصرية، واسْمَهم من السكَّة، وعوض عن ذلك باسم مولاه المعزِّ، وأزال الشعار الأسود، وألبس الخطباء الثياب البيض.
وفي يوم الجمعة، ثامن ذي القعدة أمر جوهر بالزيادة عقب الخطبة: اللهمَّ صَلِّ على محمدٍ المصطفى، وعلى عليٍّ المرتضى، وعلى فاطمةَ البَتُول، وعلى الحسن والحسين سبطي الرسول، الذين أذهبَ الله عنهم
(1) في: وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/ 379): "للهناء".
(2)
في الأصل: "فلم"، والتصويب من "وفيات الأعيان"(1/ 379).
الرجس، وطهّرهم تطهيرًا، اللهمَّ وصلِّ على الأئمة الطاهرين آباءِ أمير المؤمنين.
وفي يوم الجمعة، ثامن عشر ربيع الآخر، سنة تسع وخمسين، صلى القائد في جامع طولون، ودعا الخطيب له، وأذَّن بـ: حيَّ على خير العمل، وهو أول ما أُذِّن بمصر، ثم أُذِّن به في سائر المساجد، وسُرَّ جوهر بذلك، وكتب إلى المعز يُعلمه.
وشرع في عمارة الجامع بالقاهرة، وفرغ من بنائه في سابع شهر رمضان، سنة إحدى وستين وثلاث مئة، وجمع فيه الجمعة، وهو معروف الآن بالأزهر، بالقرب من باب البرقية، بينه وبين باب النصر.
وأقام جوهر بمصر مستقلًا بالملك قبل وصول المعز إلى القاهرة أربعَ سنين وعشرين يومه.
وتوفي جوهر يوم الخميس، لعشرٍ بقين من ذي القعدة، سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة بمصر، ولم يبق شاعر إلا ورثاه.
* * *