الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافة أبي العز عبد العزيز بن يعقوب
هو مولانا الإمامُ الأعظم، والخليفةُ المكرم، أمير المؤمنين، وابن عمّ سيد المرسلين، ووارث الخلفاء الراشدين، أبو العزّ، عبد العزيز ابن يعقوب العباسي الهاشمي - أعز الله به الدين، وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين -.
مولده في سنة ثمان عشرة وثمان مئة، سمع على شيخ الإسلام ابنِ جر، وغيرِه، وأجاز له جماعة.
بويع له في الخلافة بعد وفاة المستنجد بالله أبي المظفر يوسف - تغمده الله برحمته - ثم تولى الخلافة بقلعة الجبل المنصورة، بحضرة مولانا المقام الشريف، السلطانِ المالك، الملكِ الأشرفِ سلطان الإسلام والمسلمين، محيي العدل في العالمين، خادم الحرمين الشريفين، أبي النصر قايتباي - جدَّد الله له في كل يوم نصراً، وملَّكه بساطَ البسيطة براً وبحراً -، وذلك بالحوش، بحضور أهل الحل والعقد بين يدي السادة الموالي قضاة القضاة ذوي المذاهب الأربعة، وهم: قاضي القضاة ولي الدين الأسيوطي الشافعي، وقاضي القضاة شمس الدين الأمشاطي الحنفي، وقاضي القضاة برهان الدين اللقّاني المالكي، وقاضي القضاة بدر الدين السعدي الحنبلي، والعلماء والأمراء.
وكان المتولي لاسترعاء البيعة صاحب ديوان الإنشاء المقر الزيني، أبو بكر بن مُزْهِرٍ الأنصاري الشافعي - تغمده الله برحمته -، وأُلبس تشريف
الخلافة، واسترعى عليه الإشهاد باستمرار مولانا السلطان المشار إليه في سلطنته على عادته، ثم كُتب له بذلك عهد شريف، ونزل أميرُ المؤمنين، والناسُ في خدمته إلى دار الخلافة، وكان يوماً مشهوداً، ولعل ذلك في أحد الربيعين، سنة أربع وثمانين وثمان مئة، بعد وفاة المستنجد بأيام قلائل.
وكان قد امتنع من قبول الخلافة، وقال: أنا لي عادة بزيارة الصالحين، ولا أقدر على الحصر، فقال له السلطان - نصره الله تعالى -: أنا لا أمنعك من زيارة الصالحين، ولكن لا تَبِتْ في غير القلعة، فقُلِّد الخلافة، وأقام بداخل القلعة، بالمنزل الذي كان فيه المستنجد بالله، واستمر به معظَّماً مبجَّلاً من السلطان - نصره الله تعالى -، والناس يترددون إليه.
وفي كل أول شهر يدخل إليه قضاة القضاة، والعلماء والفقهاء يهمئونه بالشهر بعد تهنئة السلطان، وإذا ولَّى السلطان - نصره الله تعالى - قاضياً من القضاة، يأمره بالتوجه لأمير المؤمنين، وهو لابسٌ لتشريف الولاية، وغير ذلك من أنواع التعظيم والتبجيل.
وأمّا أمير المؤمنين المشار إليه - أفاض الله نعمه عليه -، فلا شكَّ أنه من الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وهو من أهل العلم والعمل، والدين والصلاح، والزهد والتواضع، عليه جلالة ووقار، ولديه بر وإحسان إلى الناس، بشوشاً، شكلاً حسناً، ومحاسنه أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر.