الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيلة، وحصرها، وهي للفرنج على ساحل البحر الشرقي، ونقل إليها المراكب، وحصرها براَّ وَبحراً، وفتحها في العَشر الأول من ربيع الآخر، واستباح أهلها وما فيها، وعاد إلى مصر.
ولمّا استقر صلاح الدين بمصر، كان بها دار للشحنة تسمى: دار المعرية يحبس فيها، فهدمها صلاح الدين وبناها مدرسة للشافعية، وكذلك بنى دار العزل مدرسة للشافعية، وعزل قضاة المصريين، وكانوا شيعة ورتب قضاة شافعية، وذلك في العشرين من جمادى الآخرة.
وكذلك اشترى تقيُّ الدين عمر ابن أخي صلاح الدين منازل العز، وبناها مدرسة للشافعية.
وتوفي القاضي ابن الجلال من أعيان الكتاب المصريين وفضلائهم، وكان صاحب ديوان الإنشاء بها.
*
ذكر إقامة الخطبة العباسية بمصر، وقُطعت خطبة العاضد لدين الله، وانقرضت الدولة العلوية الفاطمية:
وكان سبب الخطبة العباسية بمصر: أنه لما تمكن صلاح الدين من مصر، وحكم على القصر، وأقام فيه قراقوش الأسدي، وكان خصيًّا أبيض، وبلغ نورَ الدين ذلك، أرسل إلى صلاح الدين يأمره حتماً جزماً بقطع خطبة العلويين، وإقامة الخطبة العباسية، فراجعهُ صلاح الدين في ذلك خوفَ الفتنة، فلم يلتفت نور الدين إلى ذلك، وأصرَّ عليه.
وكان العاضد قد مرض، فأمر صلاحُ الدين الخطباء أن يخطبوا
للمستضيء، ويقطعوا خطبة العاضد، فامتثلوا ذلك، ولم ينتطح فيها عنزان، وكانت قد قطعت الخطبة لبني العباس من ديار مصر من سنة تسع وخمسين وثلاث مئة في خلافة المطيع العباسي، حين تغلب الفاطميون على مصر أيام المعز الفاطمي باني القاهرة إلى هذا الآن، وذلك مئتا سنة وثمان سنين.
وكان العاضد قد اشتد مرضه، فلم يُعلمهُ أحد من أهله بقطع خطبته، فتوفي العاضد يوم عاشوراء، سنة سبع وستين وخمس مئة، ولم يعلم بقطع خطبته.
ولما توفي العاضد، جلس صلاح الدين للعزاء، واستولى على قصر الخلافة، وعلى جميع ما فيه، وكان كثرتهُ تخرج عن الإحصاء، وكان فيه أشياء نفيسة من الأعلاق المثمنة، والكتب والتحف، فمن ذلك الحبل الياقوت، وكان وزنهُ سبعةَ عشرَ درهماً، أو سبعةَ عشرَ مثقالاً.
وقيل: أنه كان بالقصر طبلٌ للقولنج، إذا ضرب الإنسان به، شرط، فكسر، ولم يعلموا به إلا بعد ذلك.
ونقل صلاح الدين أهل العاضد إلى موضع من القصر، ووكل بهم من يحفظهم، وأخرج جميع من فيه من عبد وأمة، فباع البعض، وعتق البعض، ووهب البعض، وخلا القصر من سكانه كأن لم يغن بالأمس.
ولما اشتد مرض العاضد، أرسل إلى صلاح الدين يستدعيه، فظن ذلك خديعة، فلم يمض إليه، فلما توفي، علم صدقه، فندم؛ لتخلفه عنه.