الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم جهز الخليفة بعسكره إلى جهة بغداد؛ طمعاً في أنه يستولي على بغداد، ويجتمع عليه الناس، فسار الخليفة بعسكره من دمشق، وركب الملك الظاهر، وودعه، ووصاه بالتأني في الأمور.
ثم عاد الملك الظاهر إلى دمشق من توديع الخليفة، ثم سار إلى الديار المصرية، ودخلها في سابع عشر ذي الحجة من هذه السنة، ووصلت إليه كتب الخليفة بالديار المصرية: أنه قد استولى على عانة، والحديثة، وولى عليهما، وأن كتبَ أهل العراق وصلت إليه، يستحثونه على الوصول إليهم.
ثم قبل أن يصل إلى بغداد، وصلت إليه التتر، وقتلوا الخليفة المذكور قريباً من الأنبار، وقتلوا غالب أصحابه، وجاءت الأخبار بذلك.
فأقام في الخلافة نحو ستة أشهر رحمه الله، وعفا عنه -.
والحمدُ لله وحده.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *
خلافة الحاكم بأمر الله
وفي يوم الخميس، في أواخر ذي الحجة، سنة ستين وست مئة، وقيل: في أول المحرم منها، جلس الملك الظاهر بيبرس مجلساً عاماً، وأحضر شخصاً كان قد قدم إلى الديار المصرية في سنة تسع وخمسين وست مئة من نسل بني العباس يسمى: أحمد، بعد أن أثبت نسبه، وبايعه
بالخلافة، ولُقِّب أحمد المذكور: الحاكمُ بأمر الله، أبو العباس، أحمدُ أمير المؤمنين.
وقيل: اختلف في نسبه، فالذي هو مشهور بمصر عند نسَّابة مصر: أنه أحمد بن حسن بن أبي بكر ابن الأمير أبي علي الفتى ابن الأمير حسن ابن الراشد بن المسترشد بن المستظهر.
وأما عند الشرفاء العباسيين السلمانيين في درج نسبتهم الثابت، فقالوا: هو أحمد بن أبي علي بن أبي بكر بن أحمد ابن الإمام المسترشد الفضلِ بنِ المستظهر.
ولما أثبت الملكُ الظاهر نسبَ المذكور، تركه في برجٍ محترزاً عليه، وأشرك له الدعاء في الخطبة حسب لا غير.
وتوفي المذكور في ثامن عشر جمادى الأولى، سنة إحدى وسبع مئة، ودفن بجوار السيدة نفيسة رضي الله عنها، واستمر خليفةً أربعين سنة، وعاصر من السلاطين: الملك الظاهر بيبرس، وولدَه الملكَ السعيد محمد بركة، والملك العادل سلامش بن الظاهر بيبرس، والملك المنصور قلاوون، والملك الأشرف خليل بن قلاوون، والملك القاهر بيدرا، والملك الناصر محمدَ بن قلاوون في سلطنته الأولى، والملك العادل كتبغا، والملك المنصور لاجين، ثم الملك الناصر محمد بن قلاوون في سلطنته الثانية، وفيها توفي رحمه الله، وعفا عنه -.
وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
* * *