الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الظهار وكفارته
1090 -
وعن أبي عباس رضي الله عنهما أنَّ رجلًا ظاهرَ من امرأتِهِ، ثمَّ وَقَعَ عليها، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال إنِّي وَقَعْتُ عليها قَبْلَ أن أكَفِّرَ، قال. "فلا تَقْرَبْها حتَّى تفعلَ ما أمَرَك اللهُ" رواه الأربعةُ وصَحَّحَهُ التِّرمذيُّ ورَجَّحَ النسائيُّ إرساله.
ورواه البزار مِن وجهٍ آخرَ عن ابن عباسٍ وزاد فيه "كَفِّرْ ولا تَعُدْ".
رواه أبو داود (2223)، والنَّسائيُّ 6/ 167، والترمذي (1199)، وابن ماجه (2065)، وابن الجارود في "المنتقى"(747)، والحاكم 2/ 204، والبيهقيّ 7/ 386، كلهم من طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رجلًا ظاهر.
قلت رجاله لا بأس بهم والحكم بن أبان العدني وثقه ابن معين والنَّسائيُّ والعجلي، وقال أبو زرعة صالح اهـ. وحكى ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير وابن المديني وأحمد بن حنبل.
والذي يظهر أن حديثه لا ينزل عن رتبة الحسن.
قال التِّرمذيُّ حسن غريب صحيح اهـ. وحَسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "الفتح" 6/ 357.
قال الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 246 قال المنذري في "مختصره"(1). قالب أبو بكر المعافري ليس هذا الحديثٌ صحيحًا يعول عليه قال وفيما قاله نظر، فقد صحَّحه التِّرمذيُّ، ورجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض اهـ.
واختلف في وصله وإرساله فقد رواه عبد الرَّزاق 6/ 430 ومن طريقه رواه النَّسائيّ 6/ 167 قال عبد الرَّزاق حدَّثنا معمر عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال تظاهر رجل من امرأته فأصابها قبل أن يكفر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما حملك على ذلك قال رحمك الله يا رسول الله رأيت خلخالها أو ساقيها في ضوء القمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "فاعتزلها حتَّى تفعل ما أمرك الله عز وجل" هكذا مرسلًا.
ورواه عبد الرزاق 6/ 431 عن ابن جريج، عن الحكم، عن عكرمة مثله مرسلًا.
ورواه أبو داود (2222) من طريق سفيان، عن الحكم، عن عكرمة مرسلًا.
ورواه النَّسائيّ 6/ 167 من طريق المعتمر، سمعت الحكم به مرسلًا.
وقرر ابن حزم ترجيح الموصول فقال في "المحلى" 10/ 55 هذا خبر صحيح من رواية الثقات، لا يضره إرسال من أرسله اهـ.
وقال النَّسائيّ 6/ 168. المرسل أولى بالصواب من المسند،
(1) لم أقف عليه في المطبوع والله أعلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ. ونقله عنه ابن عبد الهادي في "المحرر" 2/ 574 وأقره.
ورجَّح أيضًا أبو حاتم المرسل فقد قال ابن أبي حاتم في "العلل"(1194) و (1307) سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم، عن أبي جريج، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال "اعتزلها حتَّى تكفِّر وتفعل ما أمرك الله" -يعني في المظاهرة- قال أبي كذا رواه الوليد وهو خطأ إنَّما هو عكرمة أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مرسل اهـ.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 249: رجاله ثقات لكن أعله أبو حاتم والنَّسائيُّ بالإرسال اهـ.
أما اللفظ الذي ذكره الحافظ في "البلوغ""كفر ولا تَعُد" فقد رواه البزار في "مسنده" 11/ 87، 349 برقم (4797) و (5169)، قال حدَّثنا عبيد بن بخيت، قال نا عبد العزيز بن عبد الرحمن، عن خصيف، عن عطاء، عن ابن عباس وساق الحديث كما ذكر الحافظ ابن حجر، ثم قال -أي البزار-. وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عطاء، عن ابن عباس إلَّا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن خصيف إلَّا عبد العزيز بن عبد الرحمن.
قلت: في إسناده خصيف بن عبد الرحمن وهو ضعيف كما سبق (1). وللحديث شاهد كما سيأتي.
(1) كتاب الطهارة باب تحريم استعمال آنية الذَّهب والفضة وكتاب الحج باب: من أين أَهَلَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.
1091 -
وعن سَلَمَة بن صخرٍ قال. دخلَ رمضانُ، فخِفتُ أن
أُصيبَ امرأتي، فظاهرتُ منها، فانكشفَ لي منها شيءٌ ليلةً، فوقَعتُ عليها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. "حَرِّرْ رَقَبةً" قلت ما أملكُ إلا رَقبتِي قال:"فَصُمْ شهرينِ مُتَتابعين" قلت وهل أصبتُ الذي أصبتُ إلا من الصِّيامِ؟ قال "أَطْعِمْ فَرَقًا من تمرٍ بين ستينَ مسكينًا". أخرجه أحمد والأربعةُ إلَّا النسائيَّ، وصحَّحه ابنُ خزيمة وابن الجارود.
رواه أبو داود (2213)، والترمذي (1198) و (3295)، وابن ماجه (2062)، وأحمد 4/ 37، وابن الجارود في "المنتقى"(744)، والدارمي 2/ 86 - 87، والحاكم 2/ 203، والبيهقيّ 7/ 390، من طريق محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر به.
قال الحاكم صحيح على شرط مسلم اهـ. ووافقه الذهبي.
قلت فيما قالاه نظر، لأنَّ محمَّد بن إسحاق مدلس كما سبق (1) وقد عنعن وإنما أخرج له مسلم متابعة كما قاله ابن القيِّم (2) 5/ 325 وبه أعله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 465 فقال متعقبًا
(1) راجع كتاب الطهارة باب ما جاء في الاستنجاء بالماء من التبرز.
(2)
سبق نقل كلام ابن القيِّم بتمامه راجع كتاب الصَّلاة باب الصَّلاة على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في التشهد.
لعبد الحق الإشبيلي بين انقطاعه ولم يبين أنَّه من رواية ابن إسحاق اهـ.
ولما نقل الألباني قول الحاكم وموافقة الذهبي له قال في "الإرواء" 7/ 177. فيما قالاه نظر، فإن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه عند جميعهم، ثم هو إنما أخرج له مسلم متابعة اهـ. وقد توبع فقد رواه أبو داود (2217) وأبو الجارود في "المنتقى"(745) كلاهما من طريق ابن وهب، قال أخبرني ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار به.
قلت: في إسناده ابن لهيعة فهو وإن كان الراوي عنه أحد العبادلة فهي رواية أحسن حالًا من غيرها لكن مع حسنها فهي ضعيفة كما سبق بيانه (1).
وأعله البُخاريّ بالانقطاع. فقد قال التِّرمذيُّ 9/ 40 هذا حديث حسن قال سليمان بن يسار لم يسمع عندي من سلمة بن صخر اهـ.
لهذا قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 3/ 205 - 206. هذا حديث منقطع وقال أيضًا لم يسمع سليمان من سلمة.
ورواه التِّرمذيُّ (1200)، والحاكم 2/ 204، والبيهقيّ 7/ 390، من طريق يَحْيَى بن أبي كثير، أنبأنا أبو سلمة ومحمد بن عبد الرحمن
(1) راجع كتاب الطهارة باب نجاسة دم الحيض.
ابن ثوبان أن سلمان بن صخر الأنصاري -أحدُ بني بياضة- جعل امرأتَه عليه كظهر أمه حتى يمضي رمضانُ، فلما مضى نصف مِن رمضان وقع عليها ليلًا فأتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقات له رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعتق رقبةً" قال لا أجدها، قال "فصم شهرين متتابعين"، قال لا أستطيع قال "أطعم ستين مسكينًا" قال لا أجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفروةَ بن عمرو "أعطِهِ ذلك العَرَقَ" -وهو مكتل يأخذ خمسة عشر صاعًا، أو ستة عشر صاعًا- إطعامَ ستين مسكينًا.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وقال التِّرمذيُّ 4/ 189 هذا حديث حس اهـ. ولعلّه حسنه بطرقه وشاهده السابق، وإلا فإن هذا الإسناد منقطع بين أبي سلمة وابن ثوبان وبين سلمة بن صخر.
ولما نقل الألباني رحمه الله في "الإرواء" 7/ 178 - 179 قول الحاكم وموافقة الذهبي له قال بل هو مرسل ظاهر الإرسال، وقد أشار إلى ذلك البيهقي وقال ورواه شيبان النّحوي عن يَحْيَى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة بن صخر. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ساقَ إسناده إلى يَحْيَى انتهى ما نقله وقاله الألباني.
والحديث بطرقه وشاهده حسن إن شاء الله، كما حسنه التِّرمذيُّ والحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 433.
وصححه الألباني في "الإرواء" 7/ 176.
تنبيه: قال الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 247 ولم أجد ذكر الاستغفار في شيء من طرق الحديث وهو في "الموطأ" من قول مالك ولفظه. قال مالك فمن يظاهر من امرأته ثم يمسها قبل أن يكفِّر قال يكف عنها حتَّى يستغفر الله، ويكفِّر قال: وذلك أحسن ما سمعت (1) اهـ. وقال أيضًا الحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 75 لم أجد في شيء من طرقه ذكر الاستغفار اهـ.
* * *
(1) وتمام لفظه كما ورد في "الموطأ" كتاب الطلاق، باب ظهار الحر، قال مالك ومن تظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر، ليس عليه إلَّا كفارة واحدة، ويكف عنها حتَّى يكفر وليستغفر الله وذلك أحسن ما سمعت.