الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ: العِدَّةِ، والإحْدادِ
1101 -
عن المِسْوَرِ بن مَخْرمةَ رضي الله عنه أنَّ سُبيعةَ الأسلميةَ رضي الله عنها نُفِسَتْ بعدَ وفاةِ زوجِها بليالٍ، فجاءَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فاستأذَنَتْهُ أن تَنْكِحَ، فأذِنَ لها، فنكَحَتْ" رواه البخاريُّ وأصلُه في "الصحيحين" وفي لفظ: أنَّها وَضَعَتْ بعدَ وفاةِ زوجِها بأربعينَ ليلةً. وفي لفظ لمسلم: قال الزُهري: ولا أرَى بأسًا أن تزوَّج وهي في دمها، غيرَ أنَّه لا يَقْرَبُها زوجُها حتَّى تَطْهُرَ.
رواه مالك في "الموطأ" 2/ 590 وعنه رواه البُخاريّ (5320)، والنَّسائيُّ 6/ 190 كلاهما عنه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة أنَّ سُبيعة الأسلمية نفست.
وأصل القصة في "الصحيحين" فقد روى البُخاريّ (5319)، ومسلم 2/ 1122 كلاهما من طريق ابن شهاب، قال. حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه، أنَّه كتب إلى ابن الأرقم أن يسأل سُبيعةَ الأسلمية، كيف أفتاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فقالت أفتاني إذا وضعتُ أن أنكِحَ هذا اللفظ للبخاري.
وعند مسلم بلفظ: حدثني عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود؛ أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزُّهري، يأمره أن
يدخل على سُبيعة بنت الحارث الأسلمية، فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفته، فكتب عُمرُ بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة أخبرته أنَّها كانت تحت سعد بن خولة وهو في بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرًا فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حاملٌ فلم تَنْشَبْ أن وضعَتْ حملَها بعد وفاته فلما تَعلَّت من نفاسِها تجمَّلَتْ للخُطَّابِ فدخل عليها أبو السنابلِ بن بَعْكَكٍ -رجل من بني عبد الدار- فقال لها ما لي أراك مُتجمِّلَةً؟ لعلَّكِ تَرْجِينَ النكّاحَ إنَّكِ، والله ما أنتِ بناكحٍ حتَّى تُمرَّ عليكِ أربعةُ أشهرٍ وعشر قالت سُبيعةُ فلمَّا قال لي ذلك، جمعتُ عليَّ ثيابي حيث أمسيتُ، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فسألتُه عن ذلك؟ فأفتاني بأني قد حَلَلْتُ حين وضعت حَمْلي وأمرني بالتزوُّجِ إنْ بدا لي. قال ابن شهاب فلا أرى بأسًا أن تتزوج حين وضعت، وإن كانت في دمِها. غيرَ أن لا يقرَبُها زوجُها حتَّى تطهُرَ.
ورواه البُخاريّ (5318) من طريق اللَّيث، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرجِ، قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن زينبَ ابنةَ أبي سَلمة أخبرته، عن أمَّها أُمِّ سَلَمَة زوجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ امرأةً من أسلَمَ، يقال لها سُبيعةُ، كانت فذكرت الحديث بنحوه
ورواه مسلم 2/ 1122 - 1123 من طريق يَحْيَى بن سعيد، أخبرني سليمان بن يسار أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة وهما يذكران المرأةَ تُنفَسُ بَعْدَ وفاة زوجِها بليالٍ،
فقال ابن عباس: عِدَّتُها آخِرُ الأجلين، وقال أبو سَلَمَةَ قد حَلَّتْ، فجعلا يتنازعان ذلك، قال. فقال أبو هريرة أنا مع ابن أخي -يعني أبا سلمة- فبعثوا كُرَيبًا -مولى ابن عباس- إلى أمِّ سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءَهم فأخبرَهم، أنَّ أمَّ سَلَمة قالت إنَّ سُبيعةَ الأسلميةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وفاةِ زوجِها بليالىٍ، وإنَّها ذكرتْ ذلكَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج.
ورواه البُخاريّ (4909) من طريق يَحْيَى، قال أخبرني أبو سلمة قال جاء رجل إلى ابن عباس، وأبو هريرة جالس عنده، فقال أفتني في امرأةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زوجها بأربعينَ ليلةً فقال ابن عباس آخِرُ الأجلين، قلت أنا {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] قال أبو هريرة أنا مع ابن أخي -يعني أبا سلمة- فأرسل ابن عباس غُلامَه كُرَيبًا إلى أمِّ سلمة يسألُها فقالت قُتِلَ زوجُ سُبيعة الأسلمية، وهي حُبلى، فوضَعَتْ بعد موتهِ بأربعين ليلةً، فخُطبت فأنكحَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكانَ أبو السَّنابل فيمن خطبها.
* * *
1102 -
وعن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ أُمِرَتْ بريرةُ أن تَعْتَدَّ بثلاثِ حيضٍ، رواه ابن ماجه، ورواته ثقات، لكنَّه معلول.
رواه ابن ماجه (2077) قال حدَّثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت .. فذكرته.
قال البوصيري في تعليقه على "زوائد ابن ماجة" إسناده صحيح ورجاله موثقون اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في "الإرواء" 7/ 200 هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن محمَّد وهو ثقة، وله شيخان كلٌّ منهما يدعى علي بن محمَّد، أحدهما أبو الحسن الطنافسي مولى آل الخطاب، والآخر أبو الخصيب القرشي الكوفيِّ؛ وكلاهما يروي عن وكيع، لذلك لم أستطع تعيين أيهما المراد هنا، وإن كنت أميل إلى أنَّه الأوَّل؛ لأنَّه أشهر من الآخر، فيتبادر عند الإطلاق أنَّه المراد، والله أعلم اهـ.
وقال الشوكاني في "السيل الجرار" 2/ 381 رجاله ثقات.
قلت: ومع أن رجاله رجال الشيخين إلَّا أنَّه معلول كما سيأتي، قال ابن عبد الهادي في "المحرر" 2/ 586 رواته ثقات وقد أُعلّ اهـ.
وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى" 32/ 111: هذا حديث معلول.
لهذا قال الحافظ شمس الدين بن القيِّم رحمه الله في "تهذيب السنن" 3/ 147 هكذا الرِّواية، وأمرها أن تعتد، وزاد الدارقطني عدة الحرة، ولعلّه مدرج من تفسير بعض الرواة وقد روى ابن ماجه في "سننه" أخبرنا علي بن محمد، حدَّثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت أُمِرَتْ بريرةُ أن تعتدَّ بثلاث حيض وهذا مع أنَّه إسناد "الصحيحين" فلم
يروه أحدٌ من أهل الكتب الستة إلَّا ابن ماجة، ويبعد أن تكون الثلاث حيض محفوظة؛ فإن مذهب عائشة أن الأقراء الأطهار، وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم المختلعة أن تستبرئ بحيضة كما تقدم، فهذه أولى، ولأن الأقراء الثلاث إنَّما جعلت في حق المطلقة ليطول زمن الرجعة؛ فيتمكن زوجها من رجعتها متى شاء، ثم أجرى الطلاق كله مجرى واحدًا، وطرد هذا أن المَزنِيَّ بها تستبرأ بحيضة وقد نص عليه أحمد وبالجملة فالأمر بالتربص ثلاثة قروء إنَّما هو للمطلقة والمعتقة إذا فسخت فهي بالمختلعة اهـ.
وقال أيضًا ابن القيم في "أعلام الموقعين" 2/ 91. ما أصرحه عن حديث لو ثبت، ولكنه حديث منكر بإسناد مشهور، وكيف يكون عند أم المؤمنين هذا الحديث وهي تقول الأقراء الأطهار أهـ
وقال أيضًا في "زاد المعاد" 5/ 628 ومن العجب أن يكون عند عائشة رضي الله عنها هذا وهي تقول الأقراء الأطهار، وأعجب منه أن يكون هذا الحديث بهذا السند المشهور الذي كلهم أئمة، ولا يخرجه أصحاب الصَّحيح ولا المسانيد، ولا من اعتنى بأحاديث الأحكام وجمعها، ولا الأئمة الأربعة، وكيف يصبر عن إخراج هذا الحديث من هو مضطر إليه ولا سيما بهذا السند المعروف الذي هو كالشمس شهرة، ولا شك أن بريرة أمرت أن تعتد، وإما أمرت بثلاث حيض فهذا لو صح لم نعده إلى غيره، ولبادرنا إليه اهـ.
وقال الحافظ أبو حجر في "فتح الباري" 9/ 405 لكن أخرج ابن ماجه من طريق الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض وهذا مثل حديث أبو عباس في قوله تعتد عدة الحرة، ويخالف ما وقع في رواية أخرى عن ابن عباس تعتد بحيضة وقد تقدم البحث في عدة المختلعة، وأن من قال الخلع فسخ، قال تعتد بحيضة وهنا ليس اختيار العتيقة نفسها طلاقًا، فكان القياس أن تعتد بحيضة، لكن الحديث الذي أخرجه ابن ماجة على شرط الشيخين، بل هو في أعلى درجات الصحة وقد أخرج أبو يعلى والبيهقيّ عن طريق أبي معشر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جعل عدة بريرة عدة المطلقة وهو شاهد قوي؛ لأنَّ أبا معشر وإن كان فيه ضعف لكن يصلح في المتابعات وأخرج ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عثمان وأبو عمر وزيد بن ثابت وآخرين أن الأمة إذا أعتقت تحت العبد فطلاقها طلاق عبد، وعدتها عدة حرة وقد قدمت في العتق أن العلماء صنفوا في قصَّة بريرة تصانيف، وأن بعضهم أوصلها إلى أربع مئة فائدة، ولا يخالف ذلك قول عائشة. "ثلاث سنين"، لأنَّ مراد عائشة ما وقع من الأحكام فيها مقصودًا خاصة، لكن لما كان كل حكم منها يشتمل على تقعيد قاعدة يستنبط العالم الفطن منها فوائد جمة وقع التكثر من هذه الحيثية، وانضم إلى ذلك ما وقع في سياق القصة غير مقصود، فإن في ذلك أيضًا فوائد تؤخذ بطريق التنصيص أو الاستنباط، أو اقتصر
على الثلاث أو الأربع لكونها أظهر ما فيها وما عداها إنَّما يؤخذ بطريق الاستنباط، أو لأنَّها أهم والحاجة إليها أمس. اهـ.
وقال أيضًا في "فتح الباري" 9/ 416: والاقتصار على بعضه بحسب الحاجة، فإن الواقعة واحدة، وقد رويت بألفاظ مختلفة، وزاد بعض الرواة ما لم يذكر الآخر، ولم يقدح ذلك في صحته عند أحد من العلماء، وفيه أن العدة بالنساء لما تقدم من حديث ابن عباس أنَّها أمرت أن تعتد عدة الحرة، ولو كان بالرجال لأمرت أن تعتد بعدة الإماء، وفيه أن عدة الأمة إذا عتقت تحت عبد فاختارت نفسها ثلاثة قروء، وأمَّا ما وقع في بعض طرقه "تعتد بحيضة" فهو مرجوح، ويحتمل أن أصله "تعتد بحيض" فيكون المراد جنس ما تستبرئ به رحمها لا الموحدة. اهـ.
* * *
1103 -
وعن الشعبيِّ، عن فاطمةَ بنتِ قيسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المطلَّقةِ ثلاثًا "ليسَ لها سُكْنَى ولا نَفَقَة". رواه مسلم.
رواه مسلم 2/ 118، قال حدَّثنا محمَّد بن المثنى وابن بشار، قالا: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثًا، قال "ليسَ لها سكنى ولا نفقة". ورواه ابن ماجة (2036) من طريق جرير، عن مغيرة، عن الشعبي به.
ورواه مسلم 2/ 1119، والنَّسائيُّ 6/ 210، والترمذي (1135)، وابن ماجه (2035)، وأحمد 6/ 411، وابن الجارود في "المنتقى"(761)، والطحاوي 3/ 66، كلهم من طريق أبي بكر بن أبي الجهم بن العدوي، قال سمعتُ فاطمةَ بنت قيسٍ رضي الله عنها بنحوه.
وللحديث طرق أخرى كما ذكرها المزي في "تحفة الأشراف" 12/ 463 - 464 وابن أبي حاتم في "العلل"(1320).
* * *
1104 -
وعن أمِّ عطية؛ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تُحِدُّ امرأةٌ على مَيِّتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلَّا على زوجٍ أربعةَ أشهر وعشرًا، ولا تَلْبَسُ ثوبًا مَصبوغًا، إلَّا ثوبَ عَصْبٍ، ولا تكتَحِل، ولا تَمَسُّ طِيبًا، إلَّا إذا طَهُرَتْ نُبْذَةً منِ قُسْطٍ أو أظفار" متَّفقٌ عليه، وهذا لفظ مسلم ولأبي داود والنَّسائيُّ من الزِّيادة "ولا تَخْتَضِبُ" وللنسائي "ولا تَمتَشطُ".
رواه البُخاريّ (313)، ومسلم 2/ 1172، وأبو داود (2302 - 2303)، والنَّسائيُّ 6/ 202 - 203 و 204، وابن ماجة (2087)، وأحمد 5/ 85 و 6/ 408، وابن الجارود في "المنتقى"(766)، والدارمي 2/ 89 - 90، والطحاوي 3/ 76، والبيهقيّ 7/ 439، والبغوي 9/ 310، كلهم من طريق حفصة بنت سيرين عن أمّ عطية به وللحديث ألفاظ عدة.
1105 -
وعن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قالت: جَعَلْتُ على عَيني صَبِرًا بعد أن تُوفِّيَ أبو سَلَمَةَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّه يُشِبُّ الوجهَ فلا تجعليه إلَّا باللَّيلِ، وانزَعِيهِ بالنَّهارِ، ولا تَمتَشِطِي بالطِّيبِ، ولا بالحِنَّاء، فإنَّه خِضَابٌ" قلت. بأي شيء أمتشِطُ؟ قال: "بالسِّدْرِ" رواه أبو داود والنَّسائيُّ، وإسناده حسن.
رواه أبو داود (2305)، والنَّسائيُّ 6/ 204 - 205، والبيهقيّ 7/ 440 - 441، كلهم من طريق مخرمة من بكر، بن أبيه، قال: سمعتُ المغيرة بن الضَّحَّاك يقول أخبرتني أم حكيم بنتُ أَسِيد، عن أمها أنَّ زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها، فتكتحل بالجلاء، فأرسلَتْ مولاةً لها إلى أمِّ سَلَمَة فسألتها عن كُحْلِ الجِلاء؟ فقالت لا تكتحلي به إلَّا من أمر لا بد منه، دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة، وقد جعلتُ على عيني صَبِرًا فذكرت الحديث.
قلت: رواية مخرمة بن بكر عن أبيه تُكلِّم فيها قال العلائي في "جامع التحصيل" ص 275 مخرمة بن بكر بن الأشج، قال أحمد بن حنبل هو ثقة إلَّا أنَّه لم يسمع عن أبيه شيئًا، إنَّما روى من كتاب أبيه وكذلك قال ابن معين نحوًا منه وقال أبو داود لم يسمع من أبيه إلَّا حديث الوتر وقال موسى بن سلمة أتيتُ مخرمة فقال: لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه. قلت -أي العلائي-: أخرج له مسلم عن أبيه أحاديث وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال وقد انتقد انتهى ما نقله وقاله العلائي.
ونقل البخاري في "التَّاريخ الكبير" 8/ 16 قال أبو هلال سمعت حماد بن خالد الخياط قال أخرج مخرمة بن بكر كتبًا فقال، هذه كتب أبي لم أسمع منها شيئًا اهـ.
وقال عبد الله في "العلل"(4116) وقال حماد الخيّاط قال مخرمة لم أسمع من أبي شيئًا اهـ. وقال أبو داود في "مسائل للإمام أحمد"(2053) سمعت أحمد بن محمَّد بن حنبل يقول قال حماد بن خالد: أخرج إليَّ مخرمة كتب أبيه، فقال هذه كتب أبي ولم أسمع منها شيئًا قلت: لأحمد فقول ابن أبي أويس؟ قال ليس ذاك بشيء يعني ما حدَّثنا أحمد بن صالح عن ابن أبي أويس أنَّه قرأ في كتاب مالك قلت لمخرمة إنَّ النَّاس يزعمون أنك لم تسمع من أبيك؟ فقال وربِّ هذه البنية لقد سمعتها من أبي اهـ.
قال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" عن 110 قال عبد الرحمن بن مهدي كان عند مخرمة كتب لأبيه لم يسمعها منه اهـ. وقال ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 2/ 374 قال سعيد بن أبي مريم حدَّثنا موسى بن سلمة خالي، قال أتيت مخرمة بن بكير فقلت له حدثك أبوك؟ فقال لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه وقال ابن حنبل مخرمة ثقة، لم يسمع عن أبيه شيئًا، وإنَّما يروي عن كتابه، وكذا قال ابن معين اهـ.
قلت: وأيضًا في إسناده المغيرة بن الضحاك فيه جهالة، ولم أجد من وثقه غير أن ابن حبان ذكره في "الثقات" 7/ 463.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(7702) مقبول اهـ. أي في المتابعات.
وأيضًا أم حكيم بنت أسيد مجهولة؛ لهذا قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(11808) لا يعرف حالها اهـ وكذا أمها قال المنذري في "مختصر السنن" 3/ 202. أمها مجهولة اهـ.
لهذا من العجيب أن يقول الحافظ أبو حجر في "البلوغ" إسناده حسن اهـ. مع أنَّه ضعفه في "التلخيص" كما سيأتي.
وأعل أيضًا بأن في متنه نكارة وهي مخالف لما جاء في "الصحيحين" من حديث أمِّ سلمة أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم منع استعمال الكحل كما سيأتي لهذا قال الحافظ أبو حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 267 أعله عبد الحق والمنذري بجهالة حال المغيرة ومن فوقه، وأعل بما في "الصحيحين" عن زينب بنت أم سلمة تقول سمعت أمَّ سلمة تقول. جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكحلها؟ قال "لا" مرتين أو ثلاثًا اهـ.
والحديث ضعفه الألباني كما في "ضعيف سنن النَّسائيّ"(230) وفي "ضعيف سنن أبي داود"(502).
* * *
1106 -
وعنها، أنَّ امرأةً قالت: يا رسولَ الله! إنَّ ابنتي مات عنها زوجُها وقد اشتكتْ عينُها، أفَنَكْحَلُها؟ قال:"لا" متَّفقٌ عليه
رواه البُخاريّ (5336)، ومسلم 1123 - 1125، والنَّسائيُّ 6/ 188، وأحمد 6/ 291 - 292 و 326، وابن الجارود في "المنتقى"(768)، والطيالسي (1596)، والدارمي 2/ 89، كلهم من طريق حميد بن نافع، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها قالت فذكرت الحديث.
* * *
1107 -
وعن جابر رضي الله عنه قال طُلِّقَتْ خالتي، فأرادت أن تَجُدَّ نخلها، فزجرها رجلٌ أن تخرجَ، فأتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال "بَل جُدِّي نَخْلَكِ، فإنَّك عَسَى أن تَصَدَّقي أو تفعلي معروفًا" رواه مسلم.
رواه مسلم 2/ 1121، وأبو داود (2297)، والنَّسائيُّ 6/ 209، كلهم من طريق أبو جريج، قال أخبرني أبو الزُّبير؛ أنَّه سمع جابر أبو عبد الله يقول طُلِّقت. فذكر الحديث.
* * *
1108 -
وعن فُرَيعَةَ بنت مالك؛ أنَّ زوجَها خرجَ في طلبِ أعْبُدٍ له، فقتلوه. قالت: فسألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن أرجِعَ إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركْ لي مسكنًا يملِكُهُ ولا نفقةً. فقال "نعم" فلما كنت في الحُجْرَة ناداني. فقال: "امكثي في بيتك حتَّى
يبلغَ الكتابُ أجلَه" قالت: فاعتَدَدْتُ فيه أربعةَ أشهر وعشرًا قالت فقضى به بعد ذلك عثمانُ أخرجه أحمد والأربعة، وصححه التِّرمذيُّ والذُّهلي وابن حبان والحاكم وغيرهم.
رواه مالك في "الموطأ" 2/ 591، والشَّافعيّ في "الرسالة"(1214) و "المسند" 2/ 53 - 54، وأبو داود (2300)، والنَّسائيُّ في "التفسير" كما في "التحفة" 12/ 475 وفي "المجتبى" 6/ 199 - 200، والترمذي (1204)، وابن ماجة (2031)، وابن حبان في "صحيحه" 10/ 128، وأحمد 6/ 370 و 420 - 421، والطحاوي 3/ 77، والحاكم 2/ 208، والبيهقيّ 7/ 434، والطيالسي (1664) كلهم من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة، عن فريعة بنت مالك؛ أن. فذكرت الحديث.
قلت: رجاله لا بأس بهم غير زينب بنت كعب بن عجرة الأنصارية روى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق وسليمان بن محمَّد، ذكرها أبو حبان في "الثقات" وذكرها ابن الأثير وابن فتحون في "الصّحابة" وقد احتج بها مالك فهي إما أنها صحابية أو من كبار التابعيات فمن كانت هذه حالها فحري أن يقوى حديثها خصوصًا وقد صحح الأئمة حديثها كما سيأتي.
وانتصر ابن حزم لتضعيف الحديث فقال في "المحلى" 10/ 302 زينب بنت كعب بن عجرة مجهولة لا تعرف، ولا روى عنها أحد غير سعد بن إسحاق، وهو غير مشهور بالعدالة، على أن النَّاس
أخذوا عنه هذا الحديث لغرابته، ولأنَّه لم يوجد عند أحد سواه فسفيان يقول "سعيد" ومالك وغيره يقول "سعد" والزهريُّ يقول "عن ابن لكعب بن عجرة" فبطل الاحتجاج به، إذ لا يحلّ أن يؤخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا ما ليس في إسناده مجهول ولا ضعيف اهـ.
وأقر عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 3/ 226 قوله ابن حزم.
قلت: وفيما قالاه نظر فإن سعد بن إسحاق ثقة وثقه النَّسائيّ وغيره كما سيأتي.
أما زينب بنت كعب فسبق أن عرفت حالها، ولهذا لما نقل ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 5/ 394 - 395 إعلال ابن حزم وموافقة عبد الحق له قال ارتضى هو هذا القول من علي بن أحمد ورجحه على قوله ابن عبد البر إنَّه حديث مشهور وعندي أنَّه ليس كما ذهب إليه، بل الحديث صحيح، فإن سعد بن إسحاق ثقة، وممن وثقه النَّسائيّ، وزينب كذلك ثقة. وفي تصحيح التِّرمذيُّ إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق، ولا يضر الثقة أن لا يروى عنه إلَّا واحد. والله أعلم.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 368 وأعله عبد الحق تبعًا لابن حزم بجهالة حال زينب، وبأن سعد بن إسحاق غير مشهور بالعدالة، وتعقبه ابن القطان بأن سعدًا وثقه النَّسائيّ وابن حبان وزينب وثقها التِّرمذيُّ اهـ.
قلت توثيق التِّرمذيُّ هو توثيق ضمني حيث قال عند هذا الحديث حسن صحيح اهـ.
وقال الحاكم 2/ 208 قال محمَّد بن يَحْيَى الذهلي هذا حديث صحيح محفوظ، وهما اثنان سعد بن إسحاق بن كعب، وهو أشهرهما، وإسحاق بن سعد بن كعب، وقد روى عنهما جميعًا يَحْيَى بن سعيد الأنصاري، فقد ارتفعت عنهما جميعًا الجهالة اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي 7/ 435 زعم محمد بن يَحْيَى الذهلي فيما يرى أنَّهما اثنان، والله أعلم وقال أيضًا والحديث مشهور بسعد بن إسحاق قد رواه عنه جماعة من الأئمة، والله أعلم اهـ.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 31. وهو حديث مشهور معروف عند علماء الحجاز والعراق اهـ.
ولما ذكر ابن عبد الهادي الحديث في "المحرر" 2/ 587 قال رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والنَّسائيُّ والترمذي وهذا لفظه وصححه.
وكذلك صحَّحه الذهلي والحاكم وابن القطان وغيرهم وتكلم فيه ابن حزم بلا حجة اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 80 صحَّحه التِّرمذيُّ وأبو حبان والحاكم ونقل عن الذهلي تصحيحه اهـ.
وصحح الحديث أيضًا ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 243.
وقال ابن القيِّم في "إعلام الموقعين" 4/ 355 حديثٌ صحيحٌ اهـ.
وصحح الألباني الحديث في "صحيح أبي داود" وضعفه في "الإرواء" 7/ 206.
* * *
1109 -
وعن فاطمةَ بنتِ قيسٍ قالت: قُلتُ يا رسول الله! إنَّ زوجي طَلَّقني ثلاثًا، وأخافُ أن يُقتَحَمَ عليَّ قال فأمرَها؛ فتحوَّلَت رواه مسلم.
رواه مسلم 2/ 1121 قال: حدَّثنا محمَّد بن المثني، حدَّثنا حفص بن غياث، حدَّثنا هشام، عن أبيه، عن فاطمة بنت قيس، قالت قلت يا رسول الله! زوجي طلقني ثلاثًا، وأخاف الحديث.
ورواه ابن ماجه (2032) من طريق ابن أبي الزناد، عن هشام به بنحوه وفيه قصَّة.
* * *
1110 -
وعن عمرو بن العاص قال: لا تُلْبِسُوا علينا سُنَّةَ نبيِّنا، عِدَّةُ أُمِّ الولدِ إذا تُوفِّيَ عنها سيِّدُها أربعةُ أشهر وعَشْر رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم، وأعله الدارقطني بالانقطاع.
رواه أبو داود (2308)، وابن الجارود في "المنتقى"(769)، وابن حبان (1333)، والحاكم 2/ 208، والبيهقيّ 7/ 447 - 448، والدارقطني 3/ 309، كلهم من طريق عبد الأعلى، عن سعيد، عن ابن طهمان، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن عمرو بن العاص قال: فذكره.
قال ابن عبد الهادي في "المحرر" 2/ 585 رواته ثقات.
وقال الحاكم حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين اهـ. ووافقه الذهبي.
قلت: فيه نظر، لأنَّ مطر الورَّاق لم يخرج له البُخاريّ وقد تكلم في حفظه لكن تابعه قتادة كما عند أحمد 4/ 203.
لهذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 265 أعله ابن حزم بمطر الورَّاق وهو ثقة احتج به مسلم ولم ينفرد به بل تابعه قتادة.
ورواه الدارقطني 3/ 310 من طريق سليمان بن موسى، أن رجاء بن حيوة حدَّثه به بنحوه موقوف.
ثم قال الدارقطني موقوف وهو الصواب، وهو مرسل، لأنَّ قبيصة لم يسمع من عمرو. اهـ. ونقله عنه ابن عبد الهادي في "المحرر" 2/ 585 وقال. وفي قوله نظر اهـ.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 365. ضعفه الدارقطني ثم البيهقي بالانقطاع. اهـ.
ورواه البيهقي 7/ 448 بسنده عن الدارقطني أنَّه قال فذكره وتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 448 مع "السنن"
قال: إن هذا على مذهب عن يشترط ثبوت السماع، وأن مسلمًا أنكر ذلك إنكارًا شديدًا، وزعم أن المتفق عليه أنَّه يكفي للاتصال إمكان اللقاء، وقبيصة ولد عام الفتح، وسمع عثمان بن عفان، يزيد بن ثابت، وأبا الدرداء، فلا شك في إمكان سماعه من عمرو وقال صاحب "التمهيد" أدرك أبا بكر الصِّديق وله سن لا ينكر معها سماعه منه انتهى ما نقله وقاله ابن التركماني.
قلت: وفيما قالاه نظر؛ لأنَّه إذا نص الأئمة على عدم سماع راوٍ، فهنا لا يُلجأ إلى التكلف وتطبيق شرط مسلم وإنَّما يأخذ بما نص به الأئمة، والله أعلم.
وأيضًا إن الإمام أحمد استنكر هذا الحديث فقد نقل البيهقي 7/ 448 عمر الإِمام أحمد أنَّه قال: حديثٌ منكر اهـ. ونقله عن الإمام أحمد الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 259، والحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 79، والزركشي في "شرحه" 2/ 541 وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 6/ 217 ضعف أحمد بن حنبل وأبو عبيد حديث عمرو بن العاص.
* * *
1111 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إنَّما الأقراءُ الأطهارُ أخرجه مالك في قصةٍ بسندٍ صحيح.
رواه مالك في "الموطأ" 2/ 576 - 577، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة أُمِّ المؤمنين أنَّها انتقلَتْ حفصةَ بنتَ
عبد الرحمن بن أبي بكر الصِّدِّيق، حين دخلت في الدَّمِ من الحيضة الثَّالثة قال ابن شهابٍ فذكرَ ذلك لعمرةَ بنتِ عبد الرحمن. فقالت: صَدَقَ عروةُ. وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فقالت عائشة صدقتُم، تدرون ما الأقراءُ؟ إنَّما الأقراء الأطهارُ.
قلت: إسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر.
* * *
1112 -
وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: طلاقُ الأمةِ تَطْليقَتانِ، وعِدَّتُها حَيضتانِ. رواه الدارقطني، وأخرجه مرفوعًا وضعفه.
رواه الدارقطني 4/ 38 قال نا أبو بكر، نا محمَّد بن إسحاق، نا أبو صالح، نا اللَّيث، حدثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن سالم، ونافع أن ابن عمر كان يقول طلاقُ العبدِ الحرَّةَ تطليقتان، وعدتها ثلاثةُ قروء، وطلاق الحرِّ الأمةَ تطليقتان، وعِدَّتها عدة الأمة حيضتان.
رواه مالك في "الموطأ" 2/ 574 عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا طَلَّقَ العبدُ امرأتَه تطليقتين، فقد حَرُمَت عليه حتَّى تنكح زوجًا غيره، حرَّةً كانت أو أَمَةً، وعِدَّةُ الحُرَّةِ ثلاثُ حيضٍ، وعدة الأمة حيضتان قلت: إسناده صحيح.
واختلف في إسناده فروي مرفوعًا فقد رواه ابن ماجة (2079)، والدارقطني 4/ 38، والبيهقيّ 7/ 369، كلهم من طريق عمر بن شبيب المُسْلِيّ، عن عبد الله بن عيسى، عن عطية العوفي، عن عبد الله بن عمر، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "طلاقُ الأمة اثنتان، وعدتها حيضتان".
قلت: إسناده ضعيف، لأنَّ فيه عطية العوفي، وهو ضعيف كما سبق (1).
وبه أعله ابن القيم في "الهدي" 5/ 627.
قلت فيه أيضًا عمر بن شبيب بن عمر المسلي ضعفه ابن معين ويعقوب بن سفيان وأبو حاتم وأبو زرعة والنَّسائيُّ وأبو حبان وابن شاهين.
لهذا لما رواه الدارقطني 4/ 38 من طريق عمر بن شبيب به مرفوعًا قال تفرَّد به عمر بن شبيب مرفوعًا، وكان ضعيفًا، والصحيح عن ابن عمر ما رواه سالم ونافع من قوله اهـ. وكذا قال البيهقي 7/ 369 وعبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 6/ 43 و 244، وبه أعله ابن الجوزي في "التحقيق"(1894).
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 3/ 213 في إسناده عمر بن شبيب وعطية العوفي وهما ضعيفان، وصحح الدارقطني والبيهقيّ الموقوف.
(1) راجع كتاب الجنائز باب فضل اتباع الجنائز.
وقال أيضًا الدارقطني 4/ 39 لما ذكر حديث ابن عمر بن الخطاب. وكذلك رواه اللَّيث بن سعد وأبو جريج وغيرهما صلى الله عليه وسلم نافع عن ابن عمر موقوفًا، هذا هو الصواب، وحديث عبد الله بن عيسى، عن عطية، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم منكرٌ غيرُ ثابتٍ من وجهين أنَّ عطية ضعيف، وسالم ونافع أثبت منه وأصح رواية، والوجه الآخر أن عمر بن شبيب ضعيف الحديث، لا يحتج بروايته، والله أعلم اهـ.
ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 71 إسناده ضعيف اهـ. والحديث ضعفه الألباني رحمه الله في "الإرواء" 7/ 149 - 150.
وللحديث طرق أخرى ذكرها ابن الجوزي في "التحقيق"(1894 - 1893) وبيَّن ضعفها ابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 3/ 228 - 229.
* * *
1113 -
وأخرجه أبو داودَ والترمذيُّ وابنُ ماجه عن حديثِ عائشةَ، وصحَّحه الحاكم، وخالفوه، فاتفقوا على ضعفه.
رواه أبو داود (2189)، والترمذي (1182)، وابن ماجة (2080) والدارقطني 4/ 39، والحاكم 2/ 205، والبيهقيّ 7/ 370، كلهم من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج، عن مظاهر بن أسلم، عن القاسم بن محمَّد، عن عائشة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال "طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان".
قال أبو عاصم: حدثني مظاهر، حدثني القاسم، عن عائشة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثلَه إلَّا أنَّه قال "وعِدَّتُها حيضتان".
قلت: إسناده ضعيف. وقد استنكر الحديث الأئمة، وذلك لأنَّ في إسناده مظاهر بن أسلم، ويقال ابن محمَّد بن أسلم المخزومي المدني، اتفق الأئمة على تضعيفه قال ابن معين ليس بشيء اهـ.
وقال أبو حاتم منكر الحديث، ضعيف الحديث اهـ. وضعفه النَّسائيّ.
والعجيب قول الحاكم عقب هذا الحديث. مظاهر بن أسلم شيخ من أهل البصرة لم يذكره أحد من متقدمي مشايخنا بجرح، فإذًا الحديثٌ صحيحٌ اهـ. ووافقه الذهبي مع أن الذهبي ذكره في "الميزان" 4/ 130 - 131 نقل عن الأئمة تضعيفه. وبه أعله البيهقي في "السنن"الكبرى" 7/ 369 وابن عبد الهادي في "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" 3/ 227.
قال أبو داود 1/ 665 هو حديث مجهول اهـ.
وقال التِّرمذيُّ 4/ 169: حديث عائشة حديث غريب، لا نعرفه مرفوعًا إلَّا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث اهـ. وأَعلَّ الحديث عبد الحق الإشبيلي كما في "الأحكام الوسطى" 3/ 207 بمظاهر بن أسلم.
وروى الدارقطني 4/ 40 فقال نا أبو بكر النيسابوري، نا محمَّد بن إسحاق، قال سمعت أبا عاصم يقول: ليس بالبصرة حديث
أنكر من حديث مظاهر هذا، قال أبو بكر النيسابوري والصحيح عن القاسم خلاف هذا. اهـ.
نقل أبو الطَّيِّب آبادي في تعليقه على "سنن الدارقطني" 4/ 40 عن البيهقي، أنَّه قال في "المعرفة"(1) حديث القاسم الآتي يدل على ضعف حديث مظاهر، ويدل أيضًا على أن المرفوع غير محفوظ اهـ.
وقال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 115 الحديث حجة لأهل العراق إن ثبت، ولكن أهل الحديث ضعفوه، ومنهم من تأوله أن يكون الزوج عبدًا اهـ
نقله عنه المنذري في "مختصر السنن" 3/ 115، ونقل أيضًا عن البيهقي أنَّه قال ولو كان ثابتًا قلنا به، إلَّا أنَّا لا نثبت حديثًا يرويه من جهل عدالته اهـ.
وضعف الحديث ابن عبد البر في "الاستذكار" 6/ 177، وقال الحافظ ابن حجر في "الدراية" 2/ 70 فيه مظاهر بن أسلم وهو ضعيف اهـ.
ونحوه قال ابن القيِّم في "حاشيته على السنن" 6/ 184، والزيلعي في "نصب الراية" 3/ 226.
وروى الدارقطني 4/ 40 من طريق اللَّيث حدثني هشام بن سعد، حدثني زيد بن أسلم، قال: سُئل القاسم عن الأمة كم تُطلَّق؟ قال
(1) لم أقف عليه في كتاب "المعرفة" للبيهقي- المطبوع.
طلاقها اثنتان، وعدَّتُها حيضتان، قال فقيل له أَبَلَغَكَ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا؟ فقال لا.
ورواه الدارقطني 4/ 40 من طريق أبي عامر به بلفظ سئل القاسم عن عدة الأمة، فقال النَّاس يقولون حيضتان، وإنّا لا نعلم ذلك، أو قال: لا نجد ذلك في كتاب الله تعالى، ولا في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ولكن عمل به المسلمون.
وأشار ابن القيِّم في "تهذيب السنن" 3/ 113 إلى أن البُخاريّ أعله بهذه الغلة.
قال الألباني في "الإرواء" 7/ 149 ثم روي بإسنادين أحدهما حسن عن زيد بن أسلم، قال سئل القاسم فذكره ثم قال الألباني فهذا يدل على أن الحديث لا علم عند القاسم به، وقد رواه عنه مظاهر، فهو يدل أيضًا على أنَّه قد وهم به عليه اهـ.
ويرد عليه أننا لم نعلم بالمتقدم؛ لأنَّه قد يكون نفى العلم به ثم حُدّت بعد ذلك، ويكفي لضعف الحديث ما ذكر من علل، والله أعلم.
* * *
1114 -
وعن رُوَيفعِ بن ثابتٍ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤمن بالله واليومِ الآخرِ أن يَسْقِي ماءَهُ زَرْعَ غيره". أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان، وحسنه البزار.
رواه التِّرمذيُّ (1131)، وابن حبان في "الموارد"(1675)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 251، والبيهقيّ 9/ 62، كلهم من طريق ابن وهب حدَّثنا يَحْيَى بن أيوب، عن ربيعة بن سُليم التجيبي، عن بسر بن عبيد الله، عن رويفع بن ثابت، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: في إسناده ربيعة بن سليم أبو مرزوق التجيبي ترجم له البُخاريّ في "التَّاريخ الكبير" 3/ 290 ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وكذا ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 477، ووثقه ابن حبان 6/ 301، وقد روى عنه جمع من الثقات.
ولهذا قال الألباني رحمه الله في "الإرواء" 7/ 213. وثقه ابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات، فهو حسن الحديث إن شاء الله اهـ وقال الحافظ في "التقريب" مقبول اهـ. وقال التِّرمذيُّ 4/ 95 حديث حسن اهـ.
واختلف في إسناده. فقد رواه سعيد بن منصور 2/ 312 - 313 (2722)، وأبو داود (2158) و (2708)، وأحمد 4/ 108 - 109، والدارمي 2/ 226 - 227 و 230، والطبراني في "الكبير" 5 / رقم (4482) و (4485) والبيهقيّ 7/ 449 كلهم من طريق محمَّد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق ربيعة بن سليم، عن حنش الصنعاني، عن رويفع بن ثابت بنحوه مرفوعًا.
وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد وأبي داود.
قال الألباني رحمه الله في "الإرواء" 7/ 213 ويزيد بن أبي حبيب أحفظ من يَحْيَى بن أيوب، وعلى كلِّ حالٍ، فإن مدار الوجهين على أبي مرزوق التُّجيبي، وقد عرفت قول الحافظ فيه واضطرابه، إلَّا أنَّه لم ينفرد به، بل تابعه الحارث بن يزيد قال حدثني حنش به أخرجه أحمد 4/ 109 وعن ابن لهيعة عنه والحارث بن يزيد ثقة وهو الحضرمي المصري، لكن ابن لهيعة (1) ضعيف الحفظ إلَّا أن حديثه حسن في الشواهد، فلعله لذلك حسنه التِّرمذيُّ كما تقدم والله أعلم وحنش الصنعاني ثقة من رجال مسلم اهـ ومن طريق ابن لهيعة أيضًا رواه الطّبرانيّ في "الكبير" 5 / رقم (4488).
ورواه أيضًا الطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 251 من طريق ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن ابن مرزوق التجيبي عن حنش بن عبد الله عن رويفع بن ثابت، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بنحوه.
ورواه الطّبرانيّ في "الكبير" 5 / رقم (4490) عن طريق بقية، حدثني محمَّد بن الوليد الزبيدي، عن إسحاق، عن حميد بن عبد الله العدوي، عن عبد الله بن أبي حذيفة، عن رويفع بن ثابت بنحوه.
والحديث صحَّحه ابن الملقن في "البدر المنير" 8/ 214 وحسنه الألباني في "الإرواء" 7/ 213.
ورواه البزار في "مسنده" 6/ 297 برقم (2314) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الحسن، عن رويفع
(1) سبق الكلام عليه في كتاب الطهارة باب: نجاسة دم الحيض.
ابن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ما يزرع غيره".
قال البزار بإثره. وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه إلَّا رويفع بن ثابت وحده فإسناده حسن.
* * *
1115 -
وعن عُمَرَ رضي الله عنه في امرأةِ المفقودِ - تَرَبَّصُ أربعَ سنينَ، ثم تَعْتَدُّ أربعةَ أشهُر وعشرًا أخرجه مالكٌ والشافعيُّ.
رواه مالك في "الموطأ" 2/ 575 عن يَحْيَى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب، قال أيُّما امرأةٍ فَقَدَتْ زوجَها فلم تَدْرِ أينَ هو؟ فإنَّها تنتظر أربعَ سنين، ثم تعْتَدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا، ثم تَحِلُّ.
رواه الشَّافعي في "الأم" 7/ 236 من طريق مالك به.
ورواه البيهقي 7/ 445 من طريق الشافعي به.
قلت: رجاله ثقات وفي إسناده انقطاع، فإن سعيد بن المسيب ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر ولكن هو من أعلم النَّاس بفقه عمر بن الخطاب حتَّى كان ابن عمر يسأله عن رأي عمر بن الخطاب في مسألة من المسائل كما سبق بيانه.
ورواه أبو عبيد في كتابه، عن محمَّد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزُّهريّ عن سعيد بن المسيب أن عمر وعثمان - رضي الله
عنهما - قالا امرأة المفقود تربص أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا ثم تنكح.
ورواه عبد الرَّزاق 7 / رقم (12317) عن معمر، عن الزُّهريّ به بمثله وزاد فإن جاء زوجها الأوَّل خيِّر بين الصداق وبين امرأته.
وروي حكم عمر في امرأة المفقود على ألوان عدة كما خرجها عبد الرَّزاق وغيره.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 431 أخرجه عبد الرَّزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عمر اهـ.
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 17/ 307 - 308 وروي من حديث ابن أبي ليلى عن عمر، ومن حديث أبي عمر الشيباني عن شعبة عن عمر في امرأة المفقود أنَّها تعتد أربع سنين وهذا ليس بشيء، والصَّواب ما رواه سعيد بن المسيب أن عمر أمرها أن تتربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا وروى عبيد بن عمير في امرأة المفقود أنَّه أمرها أن تتربص أربع سنين، ثم فعلت، فأمرها أن تعتد ثلاثة قروء، ففعلت، ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا وروي عنه من وجوهٍ أنَّه أمر وليَّ زوجها المفقود، فطلقها وهذا اضطراب في ذلك عن عمر ورواية سعيد أشبه - إن شاء الله تعالى اهـ.
وأورد ابن كثير في "مسند الفاروق" 1/ 434 - 436 طريق الشَّافعي عن مالك به، وطريق الشَّافعي عن الثقة عن داود بن أبي هند، عن
الشعبي، عن مسروق، أو قال: أظنه عن مسروق لولا أنه خير المفقود بين امرأته أو الصداق لرأيت أن يحق لها إذا جاء قال ابن كثير عقبه. هذه آثار صحيحة عن عمر اهـ. وإسناد الشافعي ضعيف جدًّا.
* * *
1116 -
وعن المغيرةِ بن شُعبةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "امرأة المفقودِ امرأته حتَّى يأتِيَها البيانُ" أخرجه الدارقطني بإسنادٍ ضعيف.
رواه الدارقطني 3/ 312 قال. حدثنا أحمد بن محمد بن زياد، نا محمد بن الفضل بن جابر، نا صالح بن مالك، نا سوار بن مصعب، نا محمد بن شرحبيل الهمداني، عن المغيرة بن شعبة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها الخبر".
ورواه البيهقي 7/ 445 من طريق محمد بن الفضل به.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا؛ لأن فيه محمد بن شرحبيل قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 285: محمد بن شرحبيل روى عن المغيرة بن شعبة، وعنه سوار بن الأشعث سمعت أبي يقول: هو متروك الحديث يروى أحاديث بواطيل مناكير اهـ.
وأيضًا ابن أبي حاتم في "العلل"(1298) سألت أبي عن حديث محمد بن حمير، عن بشر بن جبلة، عن سوار بن الأشعث،
عن محمد بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة المفقود:"هي امرأته حتى يأتيها البيان" قال أبي هذا حديث منكر ومحمد بن شرحبيل متروك الحديث، يروي عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث أباطيل اهـ.
وأعله أيضًا عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 3/ 228 بمحمد بن شرحبيل فقط.
وتعقبه ابن القطان فقال في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 3/ 126 - 127 أعلّه بمحمد بن شرحبيل راويه عن المغيرة، قال فيه متروك ولم يبين أنه من رواية سوار بن مصعب، وهو أشهر في المتروكين منه، ودونه صالح بن مالك ولا يعرف، ودونه محمد بن الفضل بن جابر ولا يعرف حاله.
وأعل الحديث البيهقي 7/ 445 بأن فيه سوار بن مصعب وقال البيهقي روي فيه حديث مسند في إسناده من لا يحتج بحديثه اهـ. ثم روى هذا الحديث.
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 261 إسناده ضعيف اهـ.
وقال في "الدراية" 2/ 143 في إسناده سوار بن مصعب عن محمد بن شرحبيل وهما متروكان اهـ.
قال الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 473. هو حديث ضعيف اهـ.
وقال الألباني رحمه الله في "ضعيف الجامع"(1353) ضعيف جدًّا.
وقال في "الضعيفة"(2931) لما نقل قول البيهقي 7/ 445 سوارضعيف تعقبه فقال الألباني. بل هو ضعيف جدًّا اهـ.
* * *
1117 -
وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم "لا يَبِيتَنَّ رجل عند امرأةٍ، إلا أن يكون ناكحًا أو ذا مَحْرَمٍ" أخرجه مسلم.
رواه مسلم 3/ 1710 قال حدثنا يحيى بن يحيى وعلي بن حُجْر -قال يحيى أخبرنا وقال ابن حُجر: حدثنا- هشيمٌ عن أبي الزُّبير، عن جابر (ح) وحدثنا محمد بن الصَّبَّاح وزهير بن حرب قالا حدثنا هشيم أخبرنا أبو الزُّبير، عن جابر، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا لا يَبيتنَّ رجلٌ عندَ امرأةٍ ثَيِّبٍ، إلا أن يكونَ ناكِحا أو ذا مَحْرَمٍ".
* * *
1118 -
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال "لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة، إلا مع ذي محرم" أخرجه البخاري.
رواه البخاري (5233)، ومسلم 2/ 978 كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، عن أبي معبد، عن ابن
عباس به مرفوعًا واللفظ للبخاري وزاد فقام رجل فقال يا رسول الله؟ امرأتي خرجت حاجة واكتتبتُ في غزوة كذا وكذا فقال "ارجع فحجَّ مع امرأتكَ".
ومسلم بلفظ "لا يخلون رجل بامرأة، إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا ذي محرم".
تنبيه: عزو الحافظ الحديث إلى البخاري فقط فيه قصور وقد خالف منهجه الذي سار عليه، لأن الحديث عند مسلم أيضًا فكان الأولى أن يقول الحافظ ابن حجر متفق عليه.
* * *
1119 -
وعن أبي سعيدٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاسٍ. "لا تُوطَأ حاملٌ حتَّى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَمْلٍ حتَّى تحيضَ حَيضَةً" أخرجه أبو داود، وصححه الحاكم.
رواه أبو داود (2157)، وأحمد 3/ 62، والدارمي 2/ 171، والبيهقي 7/ 449، والحاكم 2/ 195، والدارقطني 4/ 112، كلهم من طريق شريك، عن قيس بن وهب -زاد أحمد وأبي إسحاق- عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس فذكره.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
فتعقبهما الألباني فقال في "الإرواء" 7/ 200 لما نقل قول الحاكم وموافقة الذهبي وفيه نظر، فإن شريكًا إنما أخرج له مسلم مقرونا، وفيه ضعف بسبب سوء حفظه اهـ. وسبق الكلام عليه (1).
لذا لما نقل ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 3/ 122 قول عبد الحق الإشبيلي. أبو الوداك وثقه ابن معين، وهو عند غيره دون ذلك قال ابن القطان عقبه: هكذا قال، وترك ما هو أولى أن يُعلَّ به الخبر، وهو شريك بن عبد الله فإنه يرويه عن قيس بن وهب عن أبي الوداك وشريك مختلف فيه وهو مدلس اهـ.
وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" 1/ 241 أعله ابن القطان بشريك القاضي وقد وثقه ابن معين وغيره، وأخرج له مسلم متابعة ونحوه قال الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 233 وابن الملقن في "البدر المنير" 3/ 143 وصححه ابن قدامة في "المغني" 7/ 103 و 107.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 424 أخرجه أبو داود وغيره وليس على شرط الصحيح اهـ.
وقد حسن إسناده الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 1/ 188 فقال إسناده حسن اهـ. وقال الألباني في "الإرواء" 7/ 205 وتبعه الشوكاني 6/ 241 ولعل ذلك باعتبار ما له من الشواهد اهـ.
(1) كتاب الطهارة باب إن الماء الكثير لا ينجسه شيء وباب المني يصيب الثوب.
قال الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 252 وله طريق أخرى مرسلة، قال ابن أبي شيبة في "مصنفه" حدثنا أبو خالد الأحمر، عن داود، قال: قلت للشعبي إن أبا موسى نهى يوم فتح تستر، أن لا توطأ الحبالى، ولا يُشارك المشركون في أولادهم، فإن الماء يزيد في الولد، هو شيء قاله برأيه، أو رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال نهى رسول الله يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تستبرأ اهـ.
وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 1/ 243 إسناده حسن اهـ.
ورواه عبد الرزاق 7/ 277 عن الثوري عن زكريا عن الشعبي قال أصاب المسلمون نساء يوم أوطاس، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقعوا على حامل حتى تضع، ولا على غير حامل حتى تحيض حيضة.
قال الألباني رحمه الله في "الإرواء" 7/ 200 إسناده مرسل صحيح، فهو شاهد قوي للحديث.
* * *
1120 -
وله شاهدٌ عن ابن عباس في الدارقطني.
رواه الدارقطني 3/ 257 قال نا أبو محمد بن صاعد، نا عبد الله بن عمران العابدي بمكة، نا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن مسلم الجَنَدي، عن ابن عباس، قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُوطأ حامل حتَّى تضع، أو حائل حتى تَحيضَ. قال الدارقطني قال ابن صاعد وما قال لنا في هذا الإسناد أحد عن ابن عباس إلا العابدي.
قلت: إسناده قوي.
ولما ذكر الألباني هذا الإسناد. قال في "الإرواء" 7/ 200 - 201 سكت عليه الزيلعي ثم العسقلاني، وإسناده عندي حسن فإن رجاله هم ثقات معروفون من رجال مسلم، غير أبي محمد بن صاعد وهو يحيى بن محمد بن صاعد وهو ثقة حافظ، وشيخه عبد الله بن عمران العابدي هو صدوق، كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح" 2/ 2 / 130 عن أبيه وله طريق أخرى من رواية مجاهد عن ابن عباس مرفوعًا بالشطر الأول منه أراد "أتسقي زرع غيرك؟ ! ". أخرجه الحاكم 2/ 137 وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
وللحديث شواهد عن رويفع بن ثابت وجابر والعرباض بن سارية أما حديث رويفع فقد سبق تخريجه قبل عدة أحاديث برقم (1114) وله عدة ألفاظ.
وأما حديث جابر فقد رواه أبو داود الطيالسي (1679) قال حدثنا رباح، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن توطأ النساء الحبالى من السبي.
قلت: إسناده قوي ظاهره الصحة وقد جزم بصحة إسناده الألباني فقال في "الإرواء" 7/ 201 سنده صحيح اهـ.
وأما حديث العرباض بن سارية فقد رواه الترمذي (1564) فقال حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري، حدثنا أبو عاصم النبيل، عن وهب أبي خالد، قال حدثتني أمُّ حبيبة بنت العرباض بن
سارية: أن أباها أخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى أن توطأ السَّبايا حتى يضعن ما في بطونهنَّ.
ورواه الحاكم 2/ 147 عن طريق أبي عاصم به.
قال الترمذي 5/ 290 حديث غريب اهـ.
قلت: رجاله ثقات، غير أم حبيبة بنت العرباض بن سارية.
قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(11796) مقبولة اهـ.
أي في المتابعات.
وقال الألباني في "الإرواء" 7/ 201 أم حبيبة بنت العرباض بن سارية وعنها غير واحد، ولم يوثقها أحد، لكن لا بأس بهذه الطرق في الشواهد اهـ.
وقال الحاكم 2/ 147 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ. ووافقه الذهبي.
* * *
1121 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال "الولد للفراش وللعاهر الحجر" متفق عليه من حديثه.
رواه البخاري (6818) قال حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن زياد، قال سمعت أبا هريرة يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الولد." فذكره.
ورواه أحمد 2/ 475 من طريق يحيى بن سعيد وابن جعفر عن شعبه به.
ورواه مسلم 2/ 1081، والنسائي 6/ 180، والترمذي (1157)، وابن ماجه (2506)، وأحمد 2/ 239 و 280، كلهم عن طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وأبي هريرة بمثله مرفوعًا.
لم يذكر الترمذي وابن ماجه في إسناديهما "أبو سلمة".
وسئل الدارقطني في "العلل" 9 / رقم (1811) عن حديث سعيد وأبي سلمة وأبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر" الحديث فقال: يرويه الزهري واختلف عنه، فرواه ابن عيينة عن الزهري واختلف عليه، فرواه أحمد بن صالح وأبو الطاهر بن السرح ومحمد بن وزير الواسطي، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة وقال الحميدي عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة أو أحدهما، وقال أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو بن عون والفريابي ويعقوب الدورقي، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد وحده، عن أبي هريرة، وقال عبد الله بن محمد الزهري، عن ابن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده، عن أبي هريرة، وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها وقال معمر عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة ومرة عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة وهو محفوظ عن الزهري عنهما اهـ.
* * *
1122 -
ومن حديث عائشة في قصة.
رواه البخاري (6817)، ومسلم 2/ 1080، والنسائي 6/ 180 - 181، وأبو داود (2273)، وابن ماجه (2004)، وأحمد 6/ 129 و 200 و 226، كلهم عن طريق ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلامٍ، فقال سعد هذا يا رسول الله! ابنُ أخي، عتبةَ بن أبي وقاص، عهدَ إليَّ أنه ابنُه، انظر إلى شبهِهِ وقال عبدُ بن زمعة هذا أخي يا رسول الله! وُلِدَ على فراش أبي، مِن وليدته، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه، فرأى شبهًا بَيِّنًا بعُتبة فقال "هو لكَ يا عبدُ الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه يا سودةُ بنت زمعةَ" قالت فلم ير سودةَ قَطّ واللفظ لمسلم.
* * *
1123 -
وعن ابن مسعود عند النسائي.
رواه النسائي 6/ 181 قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
قال النسائي عقبه: لا أحسب هذا عن عبد الله بن مسعود، والله تعالى أعلم اهـ.
قلت: والإسناد رجاله لا بأس بهم لكن قال الحافظ ابن حجر لما نقل قول النسائي في "النكت الظراف" 7/ 53 وأما شيخه فيه
إسحاق بن إبراهيم، فإنه أخرجه في مسند ابن مسعود، في "مسنده" ثم أخرجه من طريق شعبة عن مغيرة عن أبي وائل مرسلًا اهـ.
ورواه الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 457 من طريق جرير، في مغيرة، عن أبي وائل عن عبد الله بمثله مرفوعًا.
ثم قال الترمذي سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: إنما هو مغيرة عن أبي وائل مرسلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وسئل الدارقطني في "العلل" 5 / رقم (752) عن حديث أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر" فقال يرويه مغيرة، واختلف عنه، فوصله جرير عن مغيرة عن أبي وائل عن عبد الله ورواه علي بن المثنى الطهوي عن زيد بن الحباب عن شعبة عن المغيرة عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم. وانفرد بذلك وأرسله غيره عن شعبة مغيرة عن أبي وائل مرسلًا ولم يذكر عبد الله، ورفعه صحيح اهـ.
* * *
1124 -
وعن عثمان عند أبي داود.
رواه أبو داود (2275) قال حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مهدي بن ميمون أبو يحيى، ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رباح، قال زوجني أهلي أمةً لهم رُوميَّةً، فوقعت عليها
فولدت غلامًا أسود مثلي، فسمَّيتُه عَبد الله، ثم وقعتُ عليها، فولدت غلامًا أسود مثلي، فسمَّيتُه عُبيد الله، ثم طَبن لها لغلامٌ لأهلي رُومي يقال له: يُوحَنَّهْ، فراطَنَها بلسانه، فولدت غلامًا كأنه وَزَغَة عن الوَزَغاتِ، فقلت لها: ما هذا؟ فقالت هذا ليُوحَنَّه، فرُفِعْنا إلى عثمانَ -أحسبه قال مهدي قال فسألهما، فاعترفا- فقال لهما أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولدَ للفراش، وأحسبُه قال فجلدَها وجلدَه، وكان مملوكين قلت إسناده ضعيف، لأن فيه رباحًا الكوفي مجهول كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب"(2055).
ورواه أحمد 1/ 65 قال ثنا عفان، ثنا جرير بن حازم، قال سمعت محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب يحدث عن رباح به بنحوه.
وسئل الدارقطني في "العلل" 3 / رقم (266) عن حديث رباح مولى عثمان عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش" فقال يرويه الحسن بن سعد واختلف عنه فرواه مهدي بن ميمون وجرير بن حازم عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحمس بن سعد عن رباح عن عثمان وخالفهما حجاج بن أرطاة فرواه عن الحسن بن سعد عن أبيه وأسند الحديث عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الدارقطني في "التتبع" عن 378 قال علي بن المديني ثنا يحيى بن سعيد عن مهدي بن ميمون عن أبي يعقوب عن رباح عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة الولد للفراش قال علي وخالفه جماعة رووه عن مهدي، فزادوا فيه الحسن بن سعد عن رباح وهو الصواب، منهم بهز بن أسد وعثمان وغيرهما. اهـ.