الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في الرجل يقتل عبده
1159 -
وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قتلَ عبدَه قتلناه، ومَن جَدَع عبدَه جَدَعناه" رواه أحمد والأربعة، وحسَّنه الترمذيُّ، وهو من رواية الحسن البصريِّ عن سَمُرَة، وقد اختُلِفَ في سماعِهِ منه وفي روايةٍ لأبي داود والنسائي:"ومن خصَى عبدَه خصيناه". وصحَّح الحاكم هذه الزيادة.
رواه أبو داود (4515)، والنسائي 8/ 21، والترمذي (1414)، وابن ماجه (2663)، وأحمد 5/ 10 و 11 و 12 و 19، وأبو داود الطيالسي (905)، والبيهقي 8/ 35، كلهم من طريق قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه".
وعن أبي داود الطيالسي زيادة: "ومن خصاه خصيناه".
ورواه أبو داود (4516)، والنسائي 8/ 20، والحاكم 4/ 409 كلهم من طريق هشام عن قتادة به بلفظ "من أخصى عبده أخصيناه" قال الحاكم 4/ 409 هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ. ووافقه الذهبي.
وقال الترمذي 5/ 99 هذا حديث حسن غريب اهـ.
قلت: الحديث مدار إسناده على رواية الحسن عن سمرة، وفي سماع الحسن عن سمرة خلاف مشهور سبق بيانه (1).
وبه أعل الحديث ابن معين كما في "تاريخ الدوري" 4/ 79.
لهذا قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 4/ 69 عقب الحديث. قال البخاري عن علي بن المديني سماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بهذا، وقال البخاري أنا أذهب إليه وقال غيره لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة اهـ.
وأيضًا الحسن مدلس وقد عنعن.
وعلى فرض ثبوت سماع الحسن من سمرة، فإنه لم يسمع هذا الحديث. ففي رواية الإمام أحمد 5/ 10 للحديث قال فيه عن قتادة عن الحسن عن سمرة -ولم يسمعه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من قتل." فذكر الحديث.
ولما روى البيهقي 8/ 35 الحديث قال عقبه قال قتادة ثم إن الحسن نسي هذا الحديث، قال لا يقتل حر بعبد ثم قال البيهقي يشبه أن يكون الحسن لم ينسَ الحديثَ، لكن رغب عنه لضعفه، وأكثر أهل العلم بالحديث رغبوا عن رواية الحسن عن سمرة، وذهب بعضهم إلى أنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة اهـ. ثم روى البيهقي عن شعبة ويحيى بن معين أنهما قالا لم يسمع الحسن من سمرة وروي أيضًا عن علي بن المديني أنه كان يثبت سماع الحسن من سمرة.
(1) راجع كتاب الطهارة باب: استحباب الغسل يوم الجمعة.
وقال عبد الله كما في "مسائله للإمام أحمد"(1683): سألت أبي عن الرجل يقتل عبده يقتله الإمام أم لا؟ فقال: يروى عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قتل عبده قتلناه" وأخشى أن يكون هذا الحديث لا يثبت؛ قلت لأبي فأيش تقول أنت؟ قال: إذا كنت أخشى أن يكون يثبت؛ لا أثبته، ولا يقتل حر بعبد، ولا بذمي، ويقتل بالمرأة اهـ.
وقال أيضًا عبد الله (1686): قال أبي فكان الحسن يقول في حديث سمرة "عن قتل عبده قتلناه" يحدث به عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث به قتادة عنه ورواه خالد عن الحسن موقوفًا، وقال قتادة. نسي الحسن هذا الحديث بعد، وكان الحسن لا يفتي به بعد اهـ.
وقال الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 588 سألت محمدًا عن هذا الحديث. فقال: كان علي بن المديني يقول بهذا الحديث ثم قال الترمذي قال محمد. وأنا أذهب إليه اهـ.
وقال ابن الجوزي في "التحقيق"(1927) مع "التنقيح" لما ذكر الحديث. الجواب من وجهين أحدهما أن هذا الحديث مرسل، لأن الحسن لم يسمع من سمرة. قال أبو حاتم ابن حبان لم يلق الحسن سمرة والثاني. أن هذا على وجه الوعيد، وقد يتواعد بما لا يفعل، كما قال:"من شرب الخمر في الرابعة فاقتلوه" هذا مذهب ابن قتيبة وهو الصحيح اهـ. وتعقبه ابن عبد الهادي فقال في "التنقيح" 3/ 259: في هذا التوجيه نظر. اهـ.
وقال أيضًا ابن عبد الهادي في "المحرر" 2/ 600 - 601 إسناده صحيح إلى الحسن، وقد اختلفوا في سماعه عن سمرة.
ونحوه قال ابن دقيق في "الإلمام" 2/ 715 ونحوه قال ابن الملقن في "البدر المنير" 4/ 69.
والحديث ضعفه الألباني فقال في "المشكاة"(3473) إسناده ضعيف اهـ.
وفي الباب أحاديث أخرى أتركها اختصارًا.
* * *
1160 -
وعن عُمَرَ بن الخطابِ رضي الله عنه قال سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُقادُ الوالدُ بالولِد" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصحَّحه ابن الجارود والبيهقيُّ، وقال الترمذي إنه مُضطَرِبٌ.
رواه الترمذي (1400)، وابن ماجه (2662)، وأحمد 1/ 49، والدارقطني 3/ 140، كلهم من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن عمر بن الخطاب قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يُقاد الوالد بالولد".
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف كما سبق (1).
(1) راجع كتاب الصلاة باب ما جاء أن الوتر سنة.
وبه أعله الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 4/ 20.
وقال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" 2/ 263 إسناد ضعيف اهـ. وقال في "البدر المنير" 8/ 373 علته الحجاج بن أرطاة.
وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 260 في إسناده الحجاج، قال ابن المبارك كان الحجاج يدلس، وكان يحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب، كما يحدثه العرزمي، وهما رواة هذا الحديث والعرزمي متروك، لا يعرف بالقوة، لكن البيهقي روى بسنده عن عمر بن الخطاب وصححه اهـ.
وقد تابع الحجاج ابن لهيعة كما عند أحمد 1/ 22، وقد صرّح بالتحديث من عمرو بن شعيب وفي هذا نظر، فقد قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (417) سمعت أبي يقول: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو شيئًا اهـ.
وقد رواه أيضًا أحمد 1/ 46 من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب به هكذا بالعنعنة.
ورواه ابن الجارود في "المنتقى"(788)، والدارقطني 3/ 140 - 141 والبيهقي 8/ 38 كلهم من طريق محمد بن مسلم بن وارة، قال ثنا محمد بن سعيد بن سابق، قال: ثنا عمرو بن أبي قيس، عن منصور -يعني ابن المعتمر- عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كانت لرجل من بني مدلج جارية، فأصاب منها ابنًا،
فكان يستخدمها، فلما شبَّ الغلامُ دعى بها يومًا، فقال اصنعي كذا وكذا، فقال الغلام: لا تأتيك، حتى متى تستأمي أمي؟ قال فغضب أبوه، فحذفه بسيفه، فأصاب رجله أو غيرها فقطعها، فنزف الغلام فمات، فانطلق في رهطٍ من قومه إلى عمر رضي الله عنه فقال: يا عدُوَّ نفسه، أنت الذي قتلتَ ابنَك؟ لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يُقاد الأب بابنه لقتلتك" هلم ديته. قال فأتاه بعشرين أو ثلاثين ومئة بعير، قال فتخير منها مئة، فدفعها إلى ورثته وترك أباه.
وقال ابن كثير في "مسند الفاروق" 2/ 440 قال علي بن المديني وقد سُئل عن هذا الحديث هو ضعيف، إنما رواه عمرو بن شعيب رواه عن حجاج بن أرطاة وإسماعيل بن مسلم، وليس هذا مما يعتمد عليه اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 20 وصحح البيهقي سنده لأن رواته ثقات اهـ.
ورواه أحمد 1/ 16 قال ثنا أسود بن عامر، قال أخبرنا جعفر -يعني الأحمر- عن مطرف، عن الحكم، عن مجاهد، قال حذف رجل ابنًا له بسيف، فقتله، فرفع إلى عمر، فقال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يُقاد الوالد من ولده" لقتلتك قبل أن تبرح.
قلت: مجاهد لم يسمع من عمر بن الخطاب، ولهذا قال ابن كثير في "مسند الفاروق" 2/ 440. هذا منقطع. اهـ.
وقوى الحديث ابن عبد البر فقد نقل الزركشي في "شرحه" 3/ 12 أن ابن عبد البر قال: هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق يستغنى بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه.
وفي الباب عن ابن عباس وسراقة بن مالك.
أولًا: حديث ابن عباس سبق تخريجه في باب النهي عن إقامة الحدود في المساجد.
ثانيًا: حديث سراقة بن مالك رواه الترمذي (1399) حدثنا علي بن حُجْر، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا المثنى بن الصبَّاح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن سُراقة بن مالك بن جعشم، قال: حضرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِيدُ الأبَ من ابنه ولا يُقيدُ الابنَ من أبيه.
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه المثنى بن الصباح وهو ضعيف، وقد اختلف في إسناده.
قال الترمذي 5/ 86: هذا حديث لا نعرفه من حديث سُراقة إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح، ورواه إسماعيل بن عياش، عن المثنى بن الصباح، والمثنى بن الصبَّاح يُضَعَّفُ في الحديث، وقد روى هذا الحديثَ أبو خالد الأحمرُ عن الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رُوي هذا الحديثُ عن عمرِو بن شعيبٍ مرسلًا، وهذا الحديث فيه اضطراب اهـ.
ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 240 عن الدارقطني أنه قال المثنى وابن عياش ضعيفان اهـ.
ونقل أيضًا الزيلعي عن صاحب "التنقيح" أنه قال حديث سراقة فيه المثنى بن الصباح، وفي لفظه اختلاف، فإن البيهقي رواه بعكس لفظ الترمذي من رواية حجاج، عن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن عمر اهـ. ثم قال الزيلعي وقال الترمذي في "علله الكبير"(1) سألت محمد بن إسماعيل عن حديث سراقة. فقال حديث إسماعيل بن عياش عن أهل العراق، وأهل الحجاز شبه لا شيء اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 20 إسناده ضعيف، وفيه اضطراب واختلاف على عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فقيل عن عمرو، وقيل عن سراقة، وقيل بلا واسطة وهي عند أحمد، وفيها ابن لهيعة اهـ.
وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 4/ 70 حديث سراقة وعمر وابن عباس، لا يصح منها شيء عللها مذكورة في كتاب الترمذي وغيره اهـ.
وأشار إلى ضعفه ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" 2/ 264 وقال في "البدر المنير" 8/ 373. إسماعيل هذا ضعيف عن غير الشاميين، وهو ها هنا روى عن المثنى بن الصباح وليس بشامي اهـ.
* * *
(1) لم أجده في المطبوع.