الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
85 - أَحْمد بن على بن طَاهِر الجوبقى بِفَتْح الْجِيم ثمَّ وَاو سَاكِنة ثمَّ بَاء مَفْتُوحَة ثمَّ قَاف نِسْبَة إِلَى الجوبق مَوضِع بنسف أَبُو نصر الأديب الشَّاعِر من أهل نسف
رَحل إِلَى الْعرَاق بعد سنة عشْرين وثلاثمائة واستكثر من شُيُوخ الْعرَاق وخراسان
ودرس الْفِقْه على أَبى إِسْحَاق المروزى وعلق عَنهُ شرح مُخْتَصر المزنى
ثمَّ رَجَعَ إِلَى نسف وَأقَام بهَا سنتَيْن ثمَّ أعَاد الرحلة ثمَّ خرج حَاجا فى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَحج وَمَات بالبادية منصرفا من الْحَج سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة
86 - أَحْمد بن عمر بن سُرَيج القاضى أَبُو الْعَبَّاس البغدادى
الباز الْأَشْهب والأسد الضارى على خصوم الْمَذْهَب شيخ الْمَذْهَب وحامل لوائه والبدر الْمشرق فى سمائه والغيث المغدق بروائه لَيْسَ من الْأَصْحَاب إِلَّا من هُوَ حائم على معينه هائم من جَوْهَر بحره بثمينه انْتَهَت إِلَيْهِ الرحلة فَضربت الْإِبِل نَحوه آباطها وعلقت بِهِ العزائم مناطها وأتته أَفْوَاج الطّلبَة لَا تعرف إِلَّا نمارق البيد بساطها
تفقه على أَبى الْقَاسِم الأنماطى
وَسمع الْحسن بن مُحَمَّد الزعفرانى وعباس بن مُحَمَّد الدورى وَأَبا دَاوُد السجستانى وعَلى بن إشكاب وَغَيرهم
روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم الطبرانى الْحَافِظ وَأَبُو الْوَلِيد حسان بن مُحَمَّد الْفَقِيه وَأَبُو أَحْمد الغطريفى وَغَيرهم
قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق كَانَ يُقَال لَهُ الباز الْأَشْهب وَولى الْقَضَاء بشيراز
قَالَ وَكَانَ يفضل على جَمِيع أَصْحَاب الشافعى رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِم حَتَّى على المزنى
قلت أَحسب أَن ولَايَته الْقَضَاء كَانَت فى مبادى شَأْنه وَأما بِالآخِرَة فقد سمر على بَابه ليلى قَضَاء الْقُضَاة فَامْتنعَ كَمَا سنحكى ذَلِك فى فصل الْفَوَائِد عَنهُ
وَمن كَلَام الشَّيْخ أَبى حَامِد الإسفراينى نَحن نجرى مَعَ أَبى الْعَبَّاس فى ظواهر الْفِقْه دون دقائقه
وَقَالَ أَبُو عَاصِم العبادى ابْن سُرَيج شيخ الْأَصْحَاب وَمَالك الْمعَانى وَصَاحب الْأُصُول وَالْفُرُوع والحساب
وَقَالَ أَبُو حَفْص المطوعى ابْن سُرَيج سيد طبقته بإطباق الْفُقَهَاء وأجمعهم للمحاسن باجتماع الْعلمَاء ثمَّ هُوَ الصَّدْر الْكَبِير والشافعى الصَّغِير وَالْإِمَام الْمُطلق والسباق الذى لَا يلْحق وَأول من فتح بَاب النّظر وَعلم النَّاس طَرِيق الجدل
وَقَالَ الإِمَام الضياء الْخَطِيب وَالِد الإِمَام فَخر الدّين فى كِتَابه غَايَة المرام إِن أَبَا الْعَبَّاس كَانَ أبرع أَصْحَاب الشافعى فى علم الْكَلَام كَمَا هُوَ أبرعهم فى الْفِقْه
وَقَالَ أَبُو على بن خيران سَمِعت ابْن سُرَيج يَقُول رَأَيْت كَأَنَّمَا مُطِرْنَا كبريتا أَحْمَر فملأت أكمامى وحجرى فَعبر لى أَن أرزق علما عَزِيزًا كعزة الكبريت الْأَحْمَر
وَعَن ابْن سُرَيج يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بالشافعى وَقد تعلق بالمزنى يَقُول رب هَذَا قد أفسد علومى فَأَقُول أَنا مهلا بأبى إِبْرَاهِيم فإنى لم أزل فى إصْلَاح مَا أفْسدهُ
وروى الْخَطِيب أَن أَبَا الْعَبَّاس قَالَ فى علته الَّتِى مَاتَ فِيهَا أريت البارحة فى الْمَنَام كَأَن قَائِلا يَقُول لى هَذَا رَبك تَعَالَى يخاطبك قَالَ فَسمِعت الْخطاب ب {مَاذَا أجبتم الْمُرْسلين} فَقلت بِالْإِيمَان والتصديق قَالَ فَقيل ب {مَاذَا أجبتم الْمُرْسلين} قَالَ فَوَقع فى قلبى أَنه يُرَاد منى زِيَادَة فى الْجَواب فَقلت بِالْإِيمَان والتصديق غير أَنا أصبْنَا من هَذِه الذُّنُوب فَقَالَ أما إنى سَأَغْفِرُ لَك
وفى رِوَايَة رَوَاهَا التنوخى عَن بعض أَصْحَاب ابْن سُرَيج قَالَ لنا ابْن سُرَيج يَوْمًا أَحسب أَن الْمنية قد قربت فَقُلْنَا وَكَيف قَالَ رَأَيْت البارحة كَأَن الْقِيَامَة قَامَت وَالنَّاس قد حشروا وَكَأن مناديا يُنَادى بِمَ أجبتم الْمُرْسلين فَقلت بِالْإِيمَان والتصديق فَقَالَ مَا سئلتم عَن الْأَقْوَال بل سئلتم عَن الْأَعْمَال فَقلت أما الْكَبَائِر فقد اجتنبناها وَأما الصَّغَائِر فعولنا فِيهَا على عَفْو الله وَرَحمته فَقُلْنَا لَهُ مَا فى هَذَا مَا يقتضى سرعَة الْمَوْت فَقَالَ أما سَمِعْتُمْ قَوْله {اقْترب للنَّاس حسابهم} قَالَ فَمَاتَ بعد ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا
وَمِمَّنْ سمع هَذَا الْمَنَام من ابْن سُرَيج أَبُو بكر الفارسى صَاحب عُيُون الْمسَائِل وَرَوَاهُ عَنهُ
ولأبى الْعَبَّاس مصنفات كَثِيرَة يُقَال إِنَّهَا بلغت أَرْبَعمِائَة مُصَنف وَلم نقف إِلَّا على الْيَسِير مِنْهَا وقفت لَهُ على كتاب فى الرَّد على ابْن دَاوُد فى الْقيَاس وَآخر فى الرَّد عَلَيْهِ فى مسَائِل اعْترض بهَا الشافعى وَهُوَ حافل نَفِيس وَأما كتاب الْخِصَال الْمَنْسُوب إِلَيْهِ فقليل الجدوى وعندى أَنه لِابْنِهِ أَبى حَفْص عمر بن أَبى الْعَبَّاس
وَقد نَاظر أَبُو الْعَبَّاس الإِمَام دَاوُد الظاهرى وَأما ابْنه مُحَمَّد بن دَاوُد فلأبى الْعَبَّاس
مَعَه المناظرات الْمَشْهُورَة والمجالس المروية وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاس يستظهر عَلَيْهِ
وَحكى أَن ابْن دَاوُد قَالَ لَهُ يَوْمًا أبلعنى ريقى فَقَالَ أبلعتك دجلة
وَأَنه قَالَ لَهُ يَوْمًا أمهلنى سَاعَة فَقَالَ أمهلتك من السَّاعَة إِلَى قيام السَّاعَة
وَمَات مُحَمَّد بن دَاوُد قبله فيحكى أَن أَبَا الْعَبَّاس نحى مخادة ومساوره وَجلسَ للتعزية عِنْد مَوته وَقَالَ مَا آسى إِلَّا على تُرَاب أكل لِسَان مُحَمَّد بن دَاوُد
قلت كَذَا لفظ الْحِكَايَة وَلَعَلَّه من المقلوب وَالْمعْنَى إِلَّا على لِسَان مُحَمَّد بن دَاوُد كَيفَ أكله التُّرَاب وَقد جوزت النُّحَاة رفع الْمَفْعُول بِهِ وَنصب الْفَاعِل عِنْد أَمن اللّبْس وأنشدوا عَلَيْهِ
(مثل القنافذ هداجون قد بلغت
…
نَجْرَان أَو بلغت سوآتهم هجر)
رفع الْمَفْعُول وَهُوَ هجر لِأَنَّهَا المبلوغة وَنصب الْفَاعِل وَهُوَ السوآت لِأَنَّهَا الْبَالِغَة لأمن اللّبْس
وَمن هَذَا قَول الشَّاعِر أَيْضا
(إِن سِرَاجًا لكريم مفخره
…
تحلى بِهِ الْعين إِذا مَا تجهره)
أى تحلى الْعين بِهِ
قَالُوا وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى {مَا إِن مفاتحه لتنوء بالعصبة} وَقَول الْعَرَب خرق الثَّوْب المسمار
وَيحْتَمل أَن تكون على فى الْحِكَايَة حرف تَعْلِيل وَالْمعْنَى بِسَبَب تُرَاب أكل لِسَان ابْن دَاوُد على حد قَول الشَّاعِر
(علام تَقول الرمْح أثقل عاتقى
…
إِذا أَنا لم أطعن إِذا الْخَيل كرت)
وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} أى لهدايته إيَّاكُمْ
قَالَ بَعضهم اجْتمع ابْن سُرَيج وَمُحَمّد بن دَاوُد فاحتج ابْن دَاوُد على أَن أم الْوَلَد تبَاع قَالَ أجمعنا أَنَّهَا كَانَت أمة تبَاع فَمن ادّعى أَن هَذَا الحكم يَزُول بولادتها فَعَلَيهِ الدَّلِيل
فَقَالَ لَهُ ابْن سُرَيج وأجمعنا على أَنَّهَا لما كَانَت حَامِلا لَا تبَاع فَمن ادّعى أَنَّهَا تبَاع إِذا انْفَصل الْحمل فَعَلَيهِ الدَّلِيل فبهت أَبُو بكر
قَالَ أَبُو الْوَلِيد النيسابورى الْفَقِيه سَمِعت ابْن سُرَيج يَقُول قل مَا رَأَيْت من المتفقهة من اشْتغل بالْكلَام فأفلح يفوتهُ الْفِقْه وَلَا يصل إِلَى معرفَة الْكَلَام
وَقدمنَا فى خطْبَة هَذَا الْكتاب الْحِكَايَة الْمَشْهُورَة عَن ابْن سُرَيج وَأَن شَيخنَا قَامَ فى مَجْلِسه وَقَالَ أبشر أَيهَا القاضى. . الْحِكَايَة وفيهَا أَن ذَلِك كَانَ سنة ثَلَاث وثلاثمائة
وَاعْلَم أَن وَفَاة ابْن سُرَيج كَانَت سنة سِتّ وثلاثمائة بِإِجْمَاع وَهُوَ عَالم ذَلِك الْقرن فِيمَا قَالَه جمَاعَة وَقد تقدم فى الْخطْبَة اسْتِيعَاب القَوْل فى ذَلِك
وَكَانَ شَيخنَا الذهبى يَقُول الذى أعتقده فى حَدِيث يبْعَث الله من يجدد أَن من للْجمع لَا للمفرد
وَيَقُول مثلا على رَأس الثلاثمائة ابْن سُرَيج فى الْفِقْه والأشعرى فى أصُول الدّين والنسائى فى الحَدِيث وعَلى الستمائة مثلا الْحَافِظ عبد الْغنى فى الحَدِيث وَالْإِمَام فَخر الدّين فى الْكَلَام وَنَحْو هَذَا
قَالَ الْخَطِيب بلغ سنّ ابْن سُرَيج فِيمَا بلغنى سبعا وَخمسين سنة وَسِتَّة أشهر
أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع أخبرنَا الْمُسلم بن مُحَمَّد ابْن عَلان القيسى إجَازَة أخبرنَا زيد بن الْحسن أَبُو الْيمن الكندى أخبرنَا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أخبرنَا الْخَطِيب أَبُو بكر الْحَافِظ أخبرنَا على بن المحسن التنوخى أخبرنَا أَبى حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن البخترى القاضى الداوودى حَدَّثَنى أَبُو الْحسن عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْمُغلس الداوودى قَالَ كَانَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن دَاوُد وَأَبُو الْعَبَّاس بن سُرَيج إِذا حضرا مجْلِس القاضى أَبى عمر يعْنى مُحَمَّد بن يُوسُف لم يجر بَين اثْنَيْنِ فِيمَا يتفاوضانه أحسن مِمَّا يجرى بَينهمَا وَكَانَ ابْن سُرَيج كثيرا مَا يتَقَدَّم أَبَا بكر فى الْحُضُور فى الْمجْلس فتقدمه أَبُو بكر يَوْمًا فَسَأَلَهُ حدث من الشافعيين عَن الْعود الْمُوجب لِلْكَفَّارَةِ فى الظِّهَار مَا هُوَ فَقَالَ إِنَّه إِعَادَة القَوْل ثَانِيًا وَهُوَ مذْهبه وَمذهب دَاوُد فطالبه بِالدَّلِيلِ فشرع فِيهِ وَدخل ابْن سُرَيج فاستشرحهم مَا جرى فشرحوه فَقَالَ ابْن سُرَيج لِابْنِ دَاوُد أَولا يَا أَبَا بكر أعزّك الله هَذَا قَول من من الْمُسلمين تقدمكم فِيهِ فاستشاط أَبُو بكر من ذَلِك وَقَالَ أتقدر أَن من اعتقدت أَن قَوْلهم إِجْمَاع فى هَذِه الْمَسْأَلَة إِجْمَاع عندى أحسن أَحْوَالهم أَن أعدهم خلافًا وهيهات أَن يَكُونُوا كَذَلِك فَغَضب ابْن سُرَيج وَقَالَ أَنْت يَا أَبَا بكر بِكِتَاب الزهرة
أمهر مِنْك فى هَذِه الطَّرِيقَة فَقَالَ أَبُو بكر وبكتاب الزهرة تعيرنى وَالله مَا تحسن تستتم قِرَاءَته قِرَاءَة من يفهم وَإنَّهُ لمن أحد المناقب إِذْ كنت أَقُول فِيهِ
(أكرر فى روض المحاسن مقلتى
…
وَأَمْنَع نفسى أَن تنَال محرما)
(وينطق سرى عَن مترجم خاطرى
…
فلولا اختلاسى رده لتكلما)
(رَأَيْت الْهوى دَعْوَى من النَّاس كلهم
…
فَمَا إِن أرى حبا صَحِيحا مُسلما)
فَقَالَ لَهُ ابْن سُرَيج أَو على تَفْخَر بِهَذَا القَوْل وَأَنا الذى أَقُول
(ومساهر بالغنج من لحظاته
…
قد بت أمْنَعهُ لذيذ سناته)
(ضنا بِحسن حَدِيثه وعتابه
…
وأكرر اللحظات فى وجناته)
(حَتَّى إِذا مَا الصُّبْح لَاحَ عموده
…
ولى بِخَاتم ربه وبراته)
فَقَالَ ابْن دَاوُد لأبى عمر أيد الله القاضى قد أقرّ بالمبيت على الْحَال الَّتِى ذكرهَا وَادّعى الْبَرَاءَة مِمَّا يُوجِبهُ فَعَلَيهِ إِقَامَة الْبَيِّنَة
فَقَالَ ابْن سُرَيج من مذهبى أَن الْمقر إِذا أقرّ إِقْرَارا وناطه بِصفة كَانَ إِقْرَاره موكولا إِلَى صفته
فَقَالَ ابْن دَاوُد للشافعى فى هَذِه الْمَسْأَلَة قَولَانِ
فَقَالَ ابْن سُرَيج فَهَذَا القَوْل الذى قلته اختيارى السَّاعَة
أخبرنَا جدى القاضى أَبُو مُحَمَّد عبد الكافى بن على بن تَمام السبكى تغمده الله برحمته بِقِرَاءَة أَبى رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَأَنا حَاضر أسمع أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحِيم بن يُوسُف ابْن خطيب المزة سَمَاعا عَلَيْهِ أخبرنَا عمر بن طبرزد حضورا فى الْخَامِسَة أخبرنَا أَبُو الْمَوَاهِب أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن مُلُوك الْوراق والقاضى أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الباقى بن مُحَمَّد الأنصارى قَالَا أخبرنَا القاضى الْجَلِيل أَبُو الطّيب طَاهِر بن عبد الله بن طَاهِر الطبرى الشافعى حَدثنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن أَحْمد بن الغطريف الغطريفى بجرجان سنة إِحْدَى