الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُجَاب بِأَن معنى {لَشَهَادَتنَا} كَشَهَادَة شاهدنا وَمَا هُوَ إِلَّا وَاحِد نعم الْمُدعى اثْنَان
تَسْمِيَة الْحَاكِم الشُّهُود
كَانَ ابْن سُرَيج يذهب كَمَا حَكَاهُ الماوردى فى الحاوى فى بَاب مَا على القاضى فى الْخُصُوم وَالشُّهُود إِلَى رَأْي أهل الْكُوفَة أَن الأولى للْحَاكِم إِذا ثَبت الْحق أَلا يُسمى فى سجله الشُّهُود بل يَقُول ثَبت عندى بِشَهَادَة من رَأَيْت قبُول قَوْلهمَا احْتِيَاطًا للمحكوم لَهُ فَإِنَّهُ مَتى سماهما فتح بَاب الطعْن والقدح عَلَيْهِ
وَالْمَعْرُوف عَن الشَّافِعِيَّة قاطبة عَكسه احْتِيَاطًا للمحكوم عَلَيْهِ وَأَنه يَقُول ثَبت عندى بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان
وَالْمَسْأَلَة على علو شَأْنهَا غير مُصَرح بهَا فى شرح الرافعى وَلَا كتب الْمُتَأَخِّرين وَالْخلاف فِيهَا فِي الْأَوْلَوِيَّة وأى الْأَمريْنِ فعل كَانَ سائغا
كَذَا ذكر الماوردى فى بَاب مَا على القاضى فى الْخُصُوم وَالشُّهُود وَلَكِن رَأَيْت الدبيلى صرح فى كتاب أدب الْقَضَاء بِأَن الْخلاف فى الْوُجُوب وَهَذِه عِبَارَته اخْتلف أَصْحَابنَا هَل يجب ذكر أسامى الشُّهُود أم لَا على وَجْهَيْن مِنْهُم من قَالَ يجب أَن يذكر وَهُوَ أولى لطلب الْمَشْهُود عَلَيْهِ جرحهم وَذكرهمْ خير لَهُ وَمِنْهُم من قَالَ إِذا قَالَ الْحَاكِم شهد عندى جمَاعَة عدُول أرضاهم وعرفتهم أَو قَالَ سَأَلت عَن عدالتهم فَرَجَعت الْمَسْأَلَة إِلَى تزكيتهم وعدالتهم فَقبلت شَهَادَتهم جَازَ وَإِن لم يذكر أسامى الشُّهُود انْتهى
وَصرح الرويانى فى الْبَحْر بِالْوَجْهَيْنِ أَيْضا وَأَنه لَا يجوز إِبْهَام الْحجَّة على أَحدهمَا
وَإِلَى وَجه الْمَنْع أَشَارَ إِلَيْهِ الرافعى بقوله وفى فحوى كَلَام الْأَصْحَاب إِشَارَة إِلَى وَجه مَانع من إِبْهَام الْحجَّة ذكره عِنْد الْكَلَام فى الْقَضَاء بِالْعلمِ
وَقد تعانى الشروطيون الْمُتَأَخّرُونَ أَن يجمعوا بَين الْأَمريْنِ فَيَقُولُونَ بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وَبِمَا يثبت بِمثلِهِ الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وَبعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَهُوَ عندى غير حسن فَإِنَّهُ إِن لم يكن للْحَاكِم مُسْتَند إِلَّا مَا صرح بِهِ وَهُوَ الْغَالِب فَذكر هَذِه الزِّيَادَة يُوهم أَن هُنَاكَ شَيْئا آخر ويسد الْبَاب على من لَعَلَّه محق فَهُوَ كذب وظلم وَإِن كَانَ لَهُ مُسْتَند آخر طواه فَلَا هُوَ الذى أبداه تتميما لرعاية الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَلَا الذى طوى غَيره مَعَه تتميما لرعاية الْمَحْكُوم لَهُ ففى هَذَا خُرُوج عَن سَبِيل الْفَرِيقَيْنِ
وَالْأولَى عندنَا مُخَالفَة ابْن سُرَيج والجريان على قَول عُلَمَائِنَا فى التَّصْرِيح بالمستند إِلَّا إِن كَانَ يخَاف مجادلة من يُجَادِل بِالْبَاطِلِ فَإِن استبان للقاضى وَجه الصَّوَاب فى وَاقعَة بطرِيق الْقطع أَو الظَّن الْغَالِب وخشى إِن هُوَ صرح بالمستند أَن يُجَادِل بِالْبَاطِلِ وَيبْطل الْحق فَالْأولى كتمان الْمُسْتَند وَإِلَّا فَالصَّوَاب ذكره فَإِنَّهُ أدفَع للتُّهمَةِ وأنفى للريبة وأصون للدّين
والرافعى اقْتصر على قَوْله وَيجوز أَن لَا يتَعَرَّض لأصل الشَّهَادَة فَيكْتب حكمت بِكَذَا لحجة أوجبت الحكم لِأَنَّهُ قد يحكم بِشَاهِد وَيَمِين وَقد يحكم بِعِلْمِهِ إِذا جَوَّزنَا الْقَضَاء بِالْعلمِ وَهَذِه حِيلَة يدْفع بهَا القاضى قدح أَصْحَاب الرأى إِذا حكم بِشَاهِد وَيَمِين وفى فحوى كَلَام الْأَصْحَاب وَجه مَانع من إِبْهَام الْحجَّة انْتهى
وَهَذَا الْوَجْه الْمَانِع قد يرجح ذكر الْحجَّة لِئَلَّا ينْقض عَلَيْهِ قَضَاهُ إِذا لم يذكرهَا إِن كَانَ فى النَّاس من ينْقض قَضَاهُ من يبهم الْحجَّة فليحترز الْحَاكِم فى ذَلِك وَالضَّابِط أَن إبداء الْحجَّة أولى إِلَّا أَن يخَاف فَوَات حق فليحتط الْحَاكِم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح وسنعيد فِي تَرْجَمَة الماوردى ذكر الْمَسْأَلَة وَطَرِيق الشَّافِعِيَّة وتقديمهم الدَّاخِل على الْخَارِج وتبقيتهم الْأُمُور على مَا هى عَلَيْهِ حَتَّى يتَبَيَّن خِلَافه كل ذَلِك
يقتضى توقفهم فى الْأَحْكَام ومراعاتهم جَانب من يحكم عَلَيْهِ وَطَرِيق من يقدم بَينه الْخَارِج بِالْعَكْسِ