الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَاح النَّاس وَقَالَ نقب دكان الصّباغ وسرقت فجرونى وضربونى وَقَالُوا تكلم فاعتقدت التَّسْلِيم فَكَانُوا يغتاظون من سكوتى فحملونى إِلَى دكان الصّباغ وَكَانَ أثر رجل اللص فى الرماد فَقَالُوا ضع رجلك فِيهِ فَوضعت فَكَانَ على قدر رجلى فَزَادَهُم غيظا
وَجَاء الْأَمِير وَنصب الْقدر وفيهَا الزَّيْت يغلى وأحضرت السكين وَمن يقطع الْيَد فَرَجَعت إِلَى نفسى فَإِذا هى سَاكِنة فَقلت إِن أَرَادوا قطع يدى سَأَلتهمْ أَن يعفوا يمينى لأكتب بهَا
فبقى الْأَمِير يهددنى ويصول فَنَظَرت إِلَيْهِ فعرفته وَكَانَ مَمْلُوكا لوالدى فكلمنى بِالْعَرَبِيَّةِ وكلمته بِالْفَارِسِيَّةِ فَنظر إِلَى وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن وَكنت أكنى بهَا فى صباى
فَضَحكت فعرفنى فَأخذ يلطم رَأسه وَوَجهه واشتغل النَّاس بِهِ وَإِذا بضجة عَظِيمَة وَأَن اللص قد مسك
ثمَّ أَخذ الْأَمِير يُبَالغ فى الِاعْتِذَار وجهدنى أَن أقبل شَيْئا فأبيت وهربت
توفى ابْن خَفِيف لَيْلَة ثَالِث رَمَضَان سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة وازدحم الْخلق على جنَازَته وَكَانَ أمرا عَظِيما وَصلى عَلَيْهِ نَحوا من مائَة مرّة
وَقيل إِنَّه عَاشَ مائَة سنة وَأَرْبع سِنِين
وَقيل مائَة إِلَّا خمس سِنِين وَلَعَلَّه الْأَصَح
وَمن كَلِمَاته والفوائد والمحاسن عَنهُ
قَالَ التَّقْوَى مجانبة مَا يبعدك من الله
وَقَالَ التَّوَكُّل الِاكْتِفَاء بضمانه وَإِسْقَاط التُّهْمَة عَن قَضَائِهِ
وَقَالَ لَيْسَ شئ أضرّ بالمريد من مُسَامَحَة النَّفس فى ركُوب الرُّخص وَقبُول التأويلات
وَقَالَ الْيَقِين تحقق الْأَسْرَار بِأَحْكَام المغيبات
وَقَالَ الْمُشَاهدَة اطلَاع الْقلب بصفاء الْيَقِين إِلَى مَا أخبر الْحق عَن الْغَيْب
وَقَالَ السكر غليان الْقلب عِنْد معارضات ذكر المحبوب
وَقَالَ الزّهْد الْبرم بالدنيا وَوُجُود الرَّاحَة فى الْخُرُوج مِنْهَا
وَقَالَ الْقرب طى المسافات بلطيف المداناة
وَقَالَ مرّة أُخْرَى وَسُئِلَ عَن الْقرب قربك مِنْهُ بملازمة الموافقات وقربه مِنْك بدوام التَّوْفِيق
وَقَالَ الوصلة من اتَّصل بمحبوبه عَن كل شئ وَغَابَ عَن كل شئ سواهُ
وَقَالَ الدنف من احْتَرَقَ فى الأشجان وَمنع من بَث الشكوى
وَقَالَ الانبساط الاحتشام عِنْد السُّؤَال
وَدخل عَلَيْهِ فَقير فَشكى إِلَيْهِ أَن بِهِ وَسْوَسَة فَقَالَ عهدى بالصوفية يسخرون من الشَّيْطَان فَالْآن الشَّيْطَان يسخر بهم
وَقيل لَهُ مَتى يَصح للْعَبد الْعُبُودِيَّة فَقَالَ إِذا طرح كُله على مَوْلَاهُ وصبر مَعَه على بلواه
وَسُئِلَ عَن إقبال الْحق على العَبْد فَقَالَ علامته إدبار الدُّنْيَا عَن العَبْد
وَسُئِلَ عَن الذّكر فَقَالَ الْمَذْكُور وَاحِد وَالذكر مُخْتَلف وَمحل قُلُوب الذَّاكِرِينَ مُتَفَاوِتَة وأصل الذّكر إِجَابَة الْحق من حَيْثُ اللوازم لقَوْله صلى الله عليه وسلم (من أطَاع الله فقد ذكر الله وَإِن قلت صلَاته وصيامه وتلاوته) ثمَّ يَنْقَسِم الذّكر قسمَيْنِ ظَاهرا وَبَاطنا فَالظَّاهِر التهليل والتحميد والتمجيد وتلاوة الْقُرْآن وَالْبَاطِن تَنْبِيه الْقُلُوب على
شَرَائِط التيقظ على معرفَة الله وأسمائه وَصِفَاته وأفعاله وَنشر إحسانه وإمضاء تَدْبيره ونفاذ تَقْدِيره على جَمِيع خلقه ثمَّ يَقع تَرْتِيب الأذكارعلى مقادير الذَّاكِرِينَ فَيكون ذكر الْخَائِفِينَ على مِقْدَار قوارع الْوَعيد وَذكر الراجين على مَا استبان لَهُم من موعده وَذكر المخبتين على قدر تصفح النعماء وَذكر المراقبين على قدر الْعلم باطلاع الله تَعَالَى إِلَيْهِم وَذكر المتوكلين على مَا انْكَشَفَ لَهُم من كِفَايَة الكافى لَهُم وَذَلِكَ مِمَّا يطول ذكره وَيكثر شَرحه فَذكر الله تَعَالَى مُنْفَرد وَهُوَ ذكر الْمَذْكُور بانفراد أحديته عَن كل مَذْكُور سواهُ لقَوْله صلى الله عليه وسلم عَن ربه (من ذكرنى فى نَفسه ذكرته فى نفسى) وَالْأَصْل إِفْرَاد النُّطْق بألوهيته لقَوْله صلى الله عليه وسلم (أفضل الذّكر لاإله إِلَّا الله)
وَعَن ابْن خَفِيف الْغنى الشاكر هُوَ الْفَقِير الصابر
وَعنهُ التصوف تصفية الْقلب عَن مُوَافقَة البشرية ومفارقة الطبيعة وإخماد صِفَات البشرية ومجانبه الدَّعَاوَى النفسانية ومنازلة الصِّفَات الروحانية والتعلق بعلوم الْحَقِيقَة وَاسْتِعْمَال مَا هُوَ أولى على السرمدية والنصح لجَمِيع الْأمة وَالْوَفَاء لله تَعَالَى على الْحَقِيقَة وَاتِّبَاع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فى جَمِيع الشَّرِيعَة
قَالَ أَبُو نصر عبد الله بن على الطوسي السراج فى كتاب اللمع لَهُ فى التصوف عَن الشبلى أَنه سُئِلَ عَن معنى قَوْله تَعَالَى {ومكروا ومكر الله وَالله خير الماكرين} قد علمت مَوضِع مَكْرهمْ فَمَا مَوضِع مكر الله فَقَالَ تَركهم على ماهم فِيهِ وَلَو شَاءَ أَن يُغير لغير
قَالَ فَشهد الشبلى فى السَّائِل أَنه لم يغنه جَوَابه فَقَالَ أما سَمِعت بفلانة الطبرانية فى ذَلِك الْجَانِب تغنى وَتقول
(ويقبح من سواك الْفِعْل عندى
…
وتفعله فَيحسن مِنْك ذاكا)
قَالَ السراج وَصَاحب الْمَسْأَلَة وَالسُّؤَال أَبُو عبد الله ابْن خَفِيف
وَعَن ابْن خَفِيف سَأَلنَا يَوْمًا القاضى أَبُو الْعَبَّاس ابْن سُرَيج بشيراز وَكُنَّا نحضر مَجْلِسه لدرس الْفِقْه فَقَالَ لنا محبَّة الله فرض أَو غير فرض
قُلْنَا فرض
قَالَ وَمَا الدّلَالَة على ذَلِك
فَمَا فِينَا من أَتَى بشئ فَقبل فرجعنا إِلَيْهِ وسألناه الدَّلِيل فَقَالَ قَوْله تَعَالَى {قل إِن كَانَ آباؤكم وأبناؤكم} إِلَى قَوْله {أحب إِلَيْكُم من الله وَرَسُوله وَجِهَاد فِي سَبيله فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره}
قَالَ فتوعدهم الله عز وجل على تَفْضِيل محبتهم لغيره على محبته ومحبة رَسُوله والوعيد لَا يَقع إِلَّا على فرض
قلت وَمثل هَذَا الدَّلِيل فى الدّلَالَة على محبَّة النبى صلى الله عليه وسلم قَوْله (لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من نَفسه وَأَهله وَمَاله وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ)
أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ إِذْنا خَاصّا قَالَ حَدثنَا أَبُو المعالى الأبرقوهى أخبرنَا عمر بن كرم بِبَغْدَاد أخبرنَا أَبُو الْوَقْت السجزى حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن أَحْمد الثقفى أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن باكويه أخبرنَا مُحَمَّد بن خَفِيف الضبى إملاء قَالَ قرئَ على حَمَّاد بن مدرك وَأَنا أسمع أخبرنَا عَمْرو بن مَرْزُوق حَدثنَا شُعْبَة عَن أَبى عمرَان الجونى عَن عبد الله بن الصَّامِت عَن أَبى ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِذا صنعت قدرا فَأكْثر مرقها وَانْظُر أهل بَيت من جيرانك فأصبهم بِمَعْرُوف)