الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر كَلَام أَبى الْعَبَّاس قاضى الْعَسْكَر الحنفى
كَانَ أَبُو الْعَبَّاس هَذَا رجلا من أَئِمَّة أَصْحَاب الْحَنَفِيَّة وَمن الْمُتَقَدِّمين فى علم الْكَلَام وَكَانَ يعرف بقاضى الْعَسْكَر
وَقد حكى الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم فى كتاب التَّبْيِين جملَة من كَلَامه فَمِنْهُ قَوْله وَقد وجدت لأبى الْحسن الأشعرى كتبا كَثِيرَة فى هَذَا الْفَنّ يعْنى أصُول الدّين وهى قريب من مائتى كتاب والموجز الْكَبِير يأتى على عَامَّة مَا فى كتبه وَقد صنف الأشعرى كتابا كَبِيرا لتصحيح مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فَإِنَّهُ كَانَ يعْتَقد مَذْهَبهم ثمَّ بَين الله لَهُ ضلالتهم فَبَان عَمَّا اعتقده من مَذْهَبهم وصنف كتابا ناقضا لما صنف للمعتزلة وَقد أَخذ عَامَّة أَصْحَاب الشافعى بِمَا اسْتَقر عَلَيْهِ مَذْهَب أَبى الْحسن الأشعرى وصنف أَصْحَاب الشافعى كتبا كَثِيرَة على وفْق مَا ذهب إِلَيْهِ الأشعرى إِلَّا أَن بعض أَصْحَابنَا من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة خطأ أَبَا الْحسن الأشعرى فى بعض الْمسَائِل مثل قَوْله التكوين والمكون وَاحِد وَنَحْوهَا على مَا نبين فى خلال الْمسَائِل إِن شَاءَ الله فَمن وقف على الْمسَائِل الَّتِى أَخطَأ فِيهَا أَبُو الْحسن وَعرف خطأه فَلَا بَأْس لَهُ بِالنّظرِ فى كتبه وَقد أمسك كتبه كثير من أَصْحَابنَا من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة ونظروا فِيهَا انْتهى
ذكر الْبَحْث عَن تَحْقِيق ذَلِك
سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام رحمه الله يَقُول مَا تضمنته عقيدة الطحاوى هُوَ مَا يَعْتَقِدهُ الأشعرى لَا يُخَالِفهُ إِلَّا فى ثَلَاث مسَائِل
قلت أَنا أعلم أَن الْمَالِكِيَّة كلهم أشاعرة لَا أستثنى أحدا وَالشَّافِعِيَّة غالبهم أشاعرة
لَا أستثنى إِلَّا من لحق مِنْهُم بتجسيم أَو اعتزال مِمَّن لَا يعبأ الله بِهِ وَالْحَنَفِيَّة أَكْثَرهم أشاعرة أعنى يَعْتَقِدُونَ عقد الأشعرى لَا يخرج مِنْهُم إِلَّا من لحق مِنْهُم بالمعتزلة والحنابلة أَكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة لم يخرج مِنْهُم عَن عقيدة الأشعرى إِلَّا من لحق بِأَهْل التجسيم وهم فى هَذِه الْفرْقَة من الْحَنَابِلَة أَكثر من غَيرهم
وَقد تَأَمَّلت عقيدة أَبى جَعْفَر الطحاوى فَوجدت الْأَمر على مَا قَالَ الشَّيْخ الإِمَام وعقيدة الطحاوى زعم أَنَّهَا الذى عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَلَقَد جود فِيهَا ثمَّ تفحصت كتب الْحَنَفِيَّة فَوجدت جَمِيع الْمسَائِل الَّتِى بَيْننَا وَبَين الْحَنَفِيَّة خلاف فِيهَا ثَلَاث عشرَة مَسْأَلَة مِنْهَا معنوى سِتّ مسَائِل والباقى لفظى وَتلك السِّت المعنوية لَا تقتضى مخالفتهم لنا وَلَا مخالفتنا لَهُم فِيهَا تكفيرا وَلَا تبديعا صرح بذلك الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور البغدادى وَغَيره من أَئِمَّتنَا وأئمتهم وَهُوَ غنى عَن التَّصْرِيح لظُهُوره
وَمن كَلَام الْحَافِظ الْأَصْحَاب مَعَ اخْتلَافهمْ فى بعض الْمسَائِل كلهم أَجْمَعُونَ على ترك تَكْفِير بَعضهم بَعْضًا مجمعون بِخِلَاف من عداهم من سَائِر الطوائف وَجَمِيع الْفرق فَإِنَّهُم حِين اخْتلفت بهم مستشنعات الْأَهْوَاء والطرق كفر بَعضهم بَعْضًا وَرَأى تبريه مِمَّن خَالفه فرضا
قلت وَهَذَا حق وَمَا مثل هَذِه الْمسَائِل إِلَّا مثل مسَائِل كَثِيرَة اخْتلفت الأشاعرة فِيهَا وَكلهمْ عَن حمى أَبى الْحسن يناضلون وبسيفه يُقَاتلُون أفتراهم يبدع بَعضهم بَعْضًا ثمَّ هَذِه الْمسَائِل لم يثبت جَمِيعهَا عَن الشَّيْخ وَلَا عَن أَبى حنيفَة رضى الله عَنْهُمَا كَمَا سأحكى لَك وَلَكِن الْكَلَام بِتَقْدِير الصِّحَّة
ولى قصيدة نونية جمعت فِيهَا هَذِه الْمسَائِل وضممت إِلَيْهَا مسَائِل اخْتلفت الأشاعرة فِيهَا مَعَ تصويب بَعضهم بَعْضًا فى أصل العقيدة ودعواهم أَنهم أَجْمَعِينَ على السّنة وَقد
ولع كثير من النَّاس بِحِفْظ هَذِه القصيدة لَا سِيمَا الْحَنَفِيَّة وَشَرحهَا من أصحابى الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة نور الدّين مُحَمَّد بن أَبى الطّيب الشيرازى الشافعى وَهُوَ رجل مُقيم فى بِلَاد كيلان ورد علينا دمشق فى سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة وَأقَام يلازم حلقتى نَحْو عَام وَنصف عَام وَلم أر فِيمَن جَاءَ من الْعَجم فى هَذَا الزَّمَان أفضل مِنْهُ وَلَا أدين
وَأَنا أذكر لَك قصيدتى فى هَذَا الْكتاب لتستفيد مِنْهَا مسَائِل الْخلاف وَمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ
(الْورْد خدك صِيغ من إِنْسَان
…
أم فى الخدود شقائق النُّعْمَان)
(وَالسيف لحظك سل من أجفانه
…
فسطا كَمثل مهند وَسنَان)
(تالله مَا خلقت لحاظك بَاطِلا
…
وسدى تَعَالَى الله عَن بطلَان)
(وكذاك عقلك لم يركب يَا أخى
…
عَبَثا ويودع دَاخل الجثمان)
(لَكِن ليسعد أَو ليشقى مُؤمن
…
أَو كَافِر فبنو الورى صنفان)
(لَو شَاءَ رَبك لاهتدى كل وَلم
…
يحْتَج إِلَى حد وَلَا برهَان)
(فَانْظُر بعقلك واجتهد فالخير مَا
…
تؤتاه عقل رَاجِح الْمِيزَان)
(واطلب نجاتك إِن نَفسك والهوى
…
بحران فى الدركات يَلْتَقِيَانِ)
(نَار يَرَاهَا ذُو الْجَهَالَة جنَّة
…
ويخوض مِنْهَا فى حميم آن)
(ويظل فِيهَا مثل صَاحب بِدعَة
…
يتخيل الجنات فى النيرَان)
مِنْهَا
(كذب ابْن فاعلة يَقُول لجهله
…
الله جسم لَيْسَ كالجسمان)
(لَو كَانَ جسما كَانَ كالأجسام يَا
…
مَجْنُون فاصغ وعد عَن بهتان)
(وَاتبع صِرَاط الْمُصْطَفى فى كل مَا
…
يأتى وخل وساوس الشَّيْطَان)
(وَاعْلَم بِأَن الْحق مَا كَانَت عَلَيْهِ
…
صحابة الْمَبْعُوث من عدنان)
(من أكمل الدّين القويم وَبَين الْحجَج
…
الَّتِى يهدى بهَا الثَّقَلَان)
(قد نزهوا الرَّحْمَن عَن شبه وَقد
…
دانوا بِمَا قد جَاءَ فى الْفرْقَان)
(ومضوا على خير وَمَا عقدوا مجَالِس
…
فى صِفَات الْخَالِق الديَّان)
(كلا وَلَا ابتدعوا وَلَا قَالُوا الْبَنَّا
…
متشابه فى شكله للبانى)
(وَأَتَتْ على أَعْقَابهم عُلَمَاؤُنَا
…
غرسوا ثمارا يجتنيها الجانى)
(كالشافعى وَمَالك وكأحمد
…
وأبى حنيفَة وَالرِّضَا سُفْيَان)
(وكمثل إِسْحَاق وَدَاوُد وَمن
…
يقفو طرائقهم من الْأَعْيَان)
(وأتى أَبُو الْحسن الإِمَام الأشعرى م
…
مُبينًا للحق أى بَيَان
(ومناضلا عَمَّا عَلَيْهِ أُولَئِكَ الأسلاف
…
بالتحرير والإتقان)
(مَا إِن يُخَالف مَالِكًا والشافعى م
…
وَأحمد بن مُحَمَّد الشيبانى)
(لَكِن يُوَافق قَوْلهم ويزيده
…
حسنا بتحقيق وَفضل بَيَان)
(يقفو طرائقهم وَيتبع حارثا
…
أعنى محاسب نَفسه بوزان)
(فَلَقَد تلقى حسن منهجه عَن الْأَشْيَاخ
…
أهل الدّين والعرفان)
(فلذاك تَلقاهُ لأهل الله ينصر
…
قَوْلهم بمهند وَسنَان)
(مثل ابْن أدهم والفضيل وَهَكَذَا
…
مَعْرُوف الْمَعْرُوف فى الإخوان)
(ذُو النُّون أَيْضا والسرى وَبشر بن
…
الْحَارِث الحافى بِلَا فقدان)
(وَكَذَلِكَ الطائى ثمَّ شَقِيق البلخى
…
وطيفور كَذَا الدارانى)
(والتسترى وحاتم وَأَبُو تُرَاب
…
عَسْكَر فاعدد بِغَيْر توان)
(وكذاك مَنْصُور بن عمار كَذَا
…
يحيى سليل معَاذ الربانى)
(فَلهُ بهم حسن اعْتِقَاد مثل مَا
…
لَهُم بِهِ التأييد يَوْم رهان)
(إِذْ يجمع الخصمان يَوْم جدالهم
…
وَلما تحقق يسمع الخصمان)
(لم لَا يُتَابع هَؤُلَاءِ وَشَيْخه الشَّيْخ
…
الْجُنَيْد السَّيِّد الصمدانى)
(عَنهُ التصوف قد تلقى فاغتذى
…
وَله بِهِ وبعلمه نوران)
(وَرَأى أَبَا عُثْمَان الحيرى والنمورى
…
يَا لَهما هما الرّجلَانِ)
(وَرَأى رويما ثمَّ رام طَرِيقه
…
وَأَبا الفوارس شاها الكرمانى)
(والمغربى كَذَا ابْن مَسْرُوق كَذَا البسرى
…
قوم أَفرس الفرسان)
(وَأَظنهُ لم يلتق الخراز بل
…
قيل التقى سمنون فى سمنان)
(وكذاك للجلاء لم ينظر وَلَا أبن
…
عطا وَلَا الْخَواص ثمَّ بنان)
(وكذاك ممشاذ مَعَ الدقى مَعَ
…
خير وَهَذَا غَالب الحسبان)
(وكذاك أَصْحَاب الطَّرِيقَة بعده
…
ضبطوا عقائده بِكُل عنان)
(وتتلمذ الشبلى بَين يَدَيْهِ وَابْن
…
خَفِيف والثقفى والكتانى)
(وخلائق كَثُرُوا فَلَا أحصيهم
…
وربوا على الْيَاقُوت والمرجان)
(الْكل معتقدون أَن إلهنا
…
متوحد فَرد قديم دَان)
(حى عليم قَادر مُتَكَلم
…
عَال وَلَا نعنى علو مَكَان)
(باقى لَهُ سمع وإبصار يُرِيد
…
جَمِيع مَا يجرى من الْإِنْسَان)
(وَالشَّر من تَقْدِيره لكنه
…
عَنهُ نهاك بواضح الْبُرْهَان)
(قد أنزل الْقُرْآن وَهُوَ كَلَامه
…
لفظت بِهِ للقارئ الشفتان)
(وإلهنا لَا شئ يُشبههُ وَلَيْسَ
…
بمشبه شَيْئا من الْحدثَان)
(قد كَانَ مَا مَعَه قَدِيما قطّ من
…
شئ وَلم يبرح بِلَا أعوان)
(خلق الْجِهَات مَعَ الزَّمَان مَعَ الْمَكَان
…
الْكل مَخْلُوق على الْإِمْكَان)
(مَا إِن تحل بِهِ الْحَوَادِث لَا وَلَا
…
كلا وَلَيْسَ يحل فى الجسمان)
(كذب المجسم والحلولى الكفور
…
فذان فى الْبطلَان مفتريان)
(والاتحادى الجهول وَمن يقل
…
بالاتحاد فَإِنَّهُ نصرانى)
(وَنَبِينَا خير الْخَلَائق أَحْمد
…
ذُو الجاه عِنْد الله ذى السُّلْطَان)
(وَله الشَّفَاعَة والوسيلة والفضيلة
…
واللواء وكوثر الظمآن)
(فاسأل إلهك بالنبى مُحَمَّد
…
متوسلا تظفر بِكُل أَمَان)
(لَا خلق أفضل مِنْهُ لَا بشر وَلَا
…
ملك وَلَا كَون من الأكوان)
(مَا الْعَرْش مَا الكرسى مَا هذى السما
…
عِنْد النبى الْمُصْطَفى العدنان)
(وَالرسل بعد مُحَمَّد درجاتهم
…
ثمَّ الملائك عابدو الرَّحْمَن)
(ثمَّ الصَّحَابَة مثل مَا قد رتبوا
…
فَالْأَفْضَل الصّديق ذُو الْعرْفَان)
(ثمَّ الْعَزِيز السَّيِّد الْفَارُوق ثمَّ م
…
اذكر محَاسِن ذى التقى عُثْمَان)
(وعَلى ابْن الْعم وَالْبَاقُونَ أهل
…
الْفضل وَالْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان)
(والأولياء لَهُم كرامات فَلَا
…
تنكر تقع فى مهمه الخذلان)
(والمؤمنون يرَوْنَ رَبهم كرؤيتهم
…
لبدر لَاحَ نَحْو عيان)
(هَذَا اعْتِقَاد مَشَايِخ الْإِسْلَام وَهُوَ
…
الدّين فلتسمع لَهُ الأذنان)
(الأشعرى عَلَيْهِ ينصره وَلَا
…
يألوا جزاه الله بِالْإِحْسَانِ)
(وكذاك حَالَته مَعَ النُّعْمَان لم
…
ينْقض عَلَيْهِ عقائد الْإِيمَان)
(يَا صَاح إِن عقيدة النُّعْمَان والأشعرى
…
حَقِيقَة الإتقان)
(فكلاهما وَالله صَاحب سنة
…
بهدى نبى الله مقتديان)
(لاذا يبدع ذَا وَلَا هَذَا وَإِن
…
تحسب سواهُ وهمت فى الحسبان)
(من قَالَ إِن أَبَا حنيفَة مبدع
…
رَأيا فَذَلِك قَائِل الهذيان)
(أَو ظن أَن الأشعرى مبدع
…
فَلَقَد أَسَاءَ وباء بالخسران)
(كل إِمَام مقتد ذُو سنة
…
كالسيف مسلولا على الشَّيْطَان)
(وَالْخلف بَينهمَا قَلِيل أمره
…
سهل بِلَا بدع وَلَا كفران)
(فِيمَا يقل من الْمسَائِل عده
…
ويهون عِنْد تطاعن الأقران)
(وَلَقَد يؤول خلَافهَا إِمَّا إِلَى
…
لفظ كالاستثناء فى الْإِيمَان)
الأشعرى يَقُول أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله
(وكمنعه أَن السعيد يضل أَو
…
يشقى ونعمة كَافِر خوان)
الأشعرى يَقُول السعيد من كتب فى بطن أمه سعيدا والشقى من كتب فى بطن أمه شقيا لَا يتبدلان