الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
121 - مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق بن بَحر أَبُو عبد الله الفارسى البغدادى
مولده سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ
روى عَن أَبى زرْعَة الدمشقى وَعُثْمَان بن خرزاذ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الدبرى وَبكر بن سهل الدمياطى وَغَيرهم
روى عَنهُ الدارقطنى فَأكْثر وَإِبْرَاهِيم بن خرشيد قَوْله وَأَبُو عمر بن مهدى مَاتَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة
122 - مُحَمَّد بن جرير بن يزِيد بن كثير بن غَالب الإِمَام الْجَلِيل الْمُجْتَهد الْمُطلق أَبُو جَعْفَر الطبرى
من أهل آمل طبرستان أحد أَئِمَّة الدُّنْيَا علما ودينا
ومولده سنة أَربع أَو خمس وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
طوف الأقاليم فى طلب الْعلم
وَسمع من مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَبى الشَّوَارِب وَإِسْحَاق بن أَبى إِسْرَائِيل وَإِسْمَاعِيل ابْن مُوسَى الفزارى وأبى كريب وهناد بن السرى والوليد بن شُجَاع وَأحمد بن منيع وَمُحَمّد بن حميد الرازى وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَخلق سواهُم
روى عَنهُ أَبُو شُعَيْب الحرانى وَهُوَ أكبر مِنْهُ سنا وسندا ومخلد الباقرحى والطبرانى وَعبد الْغفار الحضينى وَأَبُو عَمْرو بن حمدَان وَأحمد بن كَامِل وَطَائِفَة سواهُم
وَقَرَأَ الْقُرْآن على سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الطلحى صَاحب خَلاد
وَمن تصانيفه كتاب التَّفْسِير وَكتاب التَّارِيخ وَكتاب الْقرَاءَات وَالْعدَد والتنزيل وَكتاب اخْتِلَاف الْعلمَاء وتاريخ الرِّجَال من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَكتاب أَحْكَام شرائع الْإِسْلَام أَلفه على مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَكتاب الْخَفِيف وَهُوَ مُخْتَصر فى الْفِقْه وَكتاب التبصير فى أصُول الدّين
وابتدأ تصنيف كتاب تَهْذِيب الْآثَار وَهُوَ من عجائب كتبه ابْتَدَأَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو بكر الصّديق رضى الله عَنهُ كَمَا صَحَّ عِنْده بِسَنَدِهِ وَتكلم على ل حَدِيث مِنْهُ بعلله وطرقه وَمَا فِيهِ من الْفِقْه وَالسّنَن وَاخْتِلَاف الْعلمَاء وحججهم وَمَا فِيهِ من الْمعَانى والغريب فتم مِنْهُ مُسْند الْعشْرَة وَأهل الْبَيْت وَالْموالى وَمن مُسْند ابْن عَبَّاس قِطْعَة كَثِيرَة وَمَات قبل تَمَامه
وابتدأ بِكِتَاب الْبَسِيط فَخرج مِنْهُ كتاب الطَّهَارَة فى نَحْو ألف وَخَمْسمِائة ورقة وَخرج مِنْهُ أَكثر كتاب الصَّلَاة وَخرج مِنْهُ آدَاب الْحُكَّام وَكتاب المحاضر والسجلات وَغير ذَلِك
قَالَ الْخَطِيب كَانَ ابْن جرير أحد الْأَئِمَّة يحكم بقوله وَيرجع إِلَى رَأْيه لمعرفته وفضله جمع من الْعُلُوم مَا لم يُشَارِكهُ فِيهِ أحد من أهل عصره فَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله بَصيرًا بالمعانى فَقِيها فى أَحْكَام الْقُرْآن عَالما بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها عَارِفًا بأقوال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ من الْمُخَالفين فى الْأَحْكَام ومسائل الْحَلَال وَالْحرَام عَارِفًا بأيام النَّاس وأخبارهم وَله الْكتاب الْمَشْهُور فى تَارِيخ الْأُمَم والملوك وَكتاب فى التَّفْسِير لم يصنف أحد مثله وَكتاب سَمَّاهُ تَهْذِيب الْآثَار لم أر سواهُ فى مَعْنَاهُ إِلَّا أَنه لم يتمه وَله فى أصُول الْفِقْه وفروعه كتب كَثِيرَة
قَالَ وَسمعت على بن عبد الله عبد الْغفار اللغوى الْمَعْرُوف بالسمسمانى يحْكى أَن مُحَمَّد بن جرير مكث أَرْبَعِينَ سنة يكْتب فى كل يَوْم مِنْهَا أَرْبَعِينَ ورقة
قَالَ وبلغنى عَن الشَّيْخ أَبى حَامِد الإسفراينى أَنه قَالَ لَو سَافر رجل إِلَى الصين حَتَّى يحصل لَهُ كتاب تَفْسِير مُحَمَّد بن جرير لم يكن ذَلِك كثيرا أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ انْتهى
وَذكر أَبُو مُحَمَّد الفرغانى فى صلَة التَّارِيخ أَن قوما من تلامذة مُحَمَّد بن جرير حسبوا لأبى جَعْفَر مُنْذُ بلغ الْحلم إِلَى أَن مَاتَ ثمَّ قسموا على تِلْكَ الْمدَّة أوراق مصنفاته فَصَارَ لكل يَوْم أَربع عشرَة ورقة
قلت وَهَذَا لَا ينافى كَلَام السمسمانى لِأَنَّهُ مُنْذُ بلغ لابد أَن يكون مَضَت لَهُ سنُون فى الطّلب لَا يصنف فِيهَا
وَذكر أَن أَبَا الْعَبَّاس ابْن سُرَيج كَانَ يَقُول مُحَمَّد بن جرير الطبرى فَقِيه الْعَالم
وَذكر أَن مُحَمَّد بن جرير قَالَ أظهرت فقه الشافعى وأفتيت بِهِ بِبَغْدَاد عشر سِنِين وتلقنه منى ابْن بشار الْأَحول أستاذ أَبى الْعَبَّاس بن سُرَيج
وروى أَن أَبَا جَعْفَر قَالَ لأَصْحَابه أتنشطون لتفسير الْقُرْآن قَالُوا كم يكون قدره فَقَالَ ثَلَاثُونَ ألف ورقة فَقَالُوا هَذَا مِمَّا تفنى الْأَعْمَار قبل تَمَامه
فَاخْتَصَرَهُ فى نَحْو ثَلَاثَة آلَاف ورقة
ثمَّ قَالَ هَل تنشطون لتاريخ الْعَالم من آدم إِلَى وقتنا هَذَا قَالُوا كم قدره فَذكر نَحوا مِمَّا ذكره فى التَّفْسِير فأجوبوه بِمثل ذَلِك فَقَالَ إِنَّا لله مَاتَت الهمم فَاخْتَصَرَهُ فى نَحْو مَا اختصر التَّفْسِير
قَالَ الْحَاكِم سَمِعت أَبَا بكر بن بَالَوَيْهِ يَقُول قَالَ لى ابْن خُزَيْمَة بلغنى أَنَّك كتبت التَّفْسِير عَن ابْن جرير قلت نعم إملاء قَالَ كُله قلت نعم قَالَ فى كم سنة قلت من سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ إِلَى سنة تسعين قَالَ فاستعاره منى ابْن خُزَيْمَة ثمَّ رده بعد سِنِين ثمَّ قَالَ نظرت فِيهِ من أَوله إِلَى آخِره وَمَا أعلم على أَدِيم الأَرْض أعلم من مُحَمَّد بن جرير وَلَقَد ظلمته الْحَنَابِلَة
وَقَالَ أَبُو على الطومارى كنت أحمل الْقنْدِيل فى شهر رَمَضَان بَين يدى أَبى بكر بن مُجَاهِد لصَلَاة التَّرَاوِيح فَخرج لَيْلَة من ليالى الْعشْر الْأَوَاخِر من دَاره واجتاز على مَسْجده فَلم يدْخلهُ وَأَنا مَعَه وَسَار حَتَّى انْتهى فَوقف على بَاب مَسْجِد مُحَمَّد بن جرير وَابْن جرير يقْرَأ سُورَة الرَّحْمَن فاستمع قِرَاءَته طَويلا ثمَّ انْصَرف فَقلت لَهُ يَا أستاذ تركت النَّاس ينتظرونك وَجئْت تستمع قِرَاءَة هَذَا فَقَالَ يَا أَبَا على دع هَذَا عَنْك مَا ظَنَنْت أَن الله خلق بشرا يحسن أَن يقْرَأ هَذِه الْقِرَاءَة
وَذكر أَن المكتفى الْخَلِيفَة قَالَ لِلْحسنِ بن الْعَبَّاس أُرِيد أَن أوقف وَقفا تَجْتَمِع أقاويل الْعلمَاء على صِحَّته وَيسلم من الْخلاف قَالَ فأحضر ابْن جرير فأملى عَلَيْهِم كتابا لذَلِك فأخرجت لَهُ جَائِزَة سنية فَأبى أَن يقبلهَا فَقيل لَهُ لابد من جَائِزَة أَو قَضَاء حَاجَة فَقَالَ نعم الْحَاجة أسأَل أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يتَقَدَّم إِلَى الشَّرْط أَن يمنعوا السُّؤَال من دُخُول الْمَقْصُورَة يَوْم الْجُمُعَة فَتقدم بذلك وَعظم فى نُفُوسهم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد الفرغانى صَاحب ابْن جرير أرسل الْعَبَّاس بن الْحسن الْوَزير إِلَى ابْن جرير قد أَحْبَبْت أَن أنظر فى الْفِقْه وَسَأَلَهُ أَن يعْمل لَهُ مُخْتَصرا فَعمل لَهُ كتاب الْخَفِيف وأنفذه فَوجه إِلَيْهِ ألف دِينَار فَلم يقبلهَا فَقيل لَهُ تصدق بهَا فَلم يفعل
وَقَالَ حسينك بن على النيسابورى أول مَا سألنى ابْن خُزَيْمَة قَالَ كتبت عَن
مُحَمَّد بن جرير قلت لَا قَالَ وَلم قلت لِأَنَّهُ كَانَ لَا يظْهر وَكَانَت الْحَنَابِلَة تمنع من الدُّخُول عَلَيْهِ فَقَالَ بئس مَا فعلت ليتك لم تكْتب عَن كل من كتبت عَنْهُم وَسمعت مِنْهُ
قلت لم يكن عدم ظُهُوره ناشئا من أَنه منع وَلَا كَانَت للحنابلة شَوْكَة تقتضى ذَلِك وَكَانَ مِقْدَار ابْن جرير أرفع من أَن يقدروا على مَنعه وَإِنَّمَا ابْن جرير نَفسه كَانَ قد جمع نَفسه عَن مثل الأراذل المتعرضين إِلَى عرضه فَلم يكن يَأْذَن فى الِاجْتِمَاع بِهِ إِلَّا لمن يختاره وَيعرف أَنه على السّنة وَكَانَ الْوَارِد من الْبِلَاد مثل حسينك وَغَيره لَا يدرى حَقِيقَة حَاله فَرُبمَا أصغى إِلَى كَلَام من يتَكَلَّم فِيهِ لجهله بأَمْره فَامْتنعَ عَن الِاجْتِمَاع بِهِ
وَمِمَّا يدلك على أَنه لم يمْنَع قَول ابْن خُزَيْمَة لحسينك ليتك سَمِعت مِنْهُ فَإِن فِيهِ دلَالَة أَن سَمَاعه مِنْهُ كَانَ مُمكنا وَلَو كَانَ مَمْنُوعًا لم يقل لَهُ ذَلِك وَهَذَا أوضح من أَن ننبه عَلَيْهِ وَأمر الْحَنَابِلَة فى ذَلِك الْعَصْر كَانَ أقل من ذَلِك
قَالَ الفرغانى كَانَ مُحَمَّد بن جرير مِمَّن لَا تَأْخُذهُ فى الله لومة لائم مَعَ عَظِيم مَا يلْحقهُ من الْأَذَى والشناعات من جَاهِل وحاسد وملحد فَأَما أهل الْعلم وَالدّين فَغير منكرين علمه وزهده فى الدُّنْيَا ورفضه لَهَا وقناعته بِمَا كَانَ يرد عَلَيْهِ من حِصَّة خلفهَا لَهُ أَبوهُ بطبرستان يسيرَة وَلما تقلد الخاقانى الوزارة وَجه إِلَيْهِ بِمَال كثير فَأبى أَن يقبله فَعرض عَلَيْهِ الْقَضَاء فَامْتنعَ فَعَاتَبَهُ أَصْحَابه وَقَالُوا لَهُ لَك فى هَذَا ثَوَاب وتحيى سنة قد درست وطمعوا فى أَن يقبل ولَايَة الْمَظَالِم فانتهرهم وَقَالَ قد كنت أَظن أَنى لَو رغبت فى ذَلِك لنهيتمونى عَنهُ
وَقَالَ الفرغانى رَحل ابْن جرير من مَدِينَة آمل لما ترعرع وسمح لَهُ أَبوهُ بِالسَّفرِ وَكَانَ طول حَيَاته ينفذ إِلَيْهِ بالشئ بعد الشئ إِلَى الْبلدَانِ فَسَمعته يَقُول أَبْطَأت عَنى نَفَقَة والدى واضطررت إِلَى أَن فتقت كمى الْقَمِيص فبعتهما