الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن الْمسَائِل والفوائد عَن صَاحب التَّقْرِيب
ذكر الإِمَام فى النِّهَايَة فى بَاب قتل الْمُرْتَد أَن صَاحب التَّقْرِيب قَالَ فى الْأَسير إِذا أكره على التَّلَفُّظ بالْكفْر وَعَاد إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام وَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَأبى إِنَّا نحكم بردته قَالَ فَإِنَّهُ قد انْضَمَّ امْتِنَاعه الْآن إِلَى مَا سبق مِنْهُ من لفظ الْكفْر فَدلَّ أَنه كَانَ مُخْتَارًا قَالَ وَقطع صَاحب التَّقْرِيب بِهَذَا وَهُوَ الذى ذكره الْعِرَاقِيُّونَ قَالَ وَفِيه احْتِمَال عندى ظَاهر فَإِنَّهُ لم يسْبق مِنْهُ اخْتِيَار وَحكم الْإِسْلَام كَانَ مستمرا لَهُ وَالْمُسلم لَا يكفر بِمُجَرَّد الِامْتِنَاع عَن تَجْدِيد الْإِسْلَام انْتهى مُلَخصا
وَتبع الغزالى فى الْوَسِيط إِمَامه فى استشكال هَذَا وَحَكَاهُ الرافعى عَن الإِمَام ساكتا عَلَيْهِ بعد مَا ذكر أَن الْمَنْقُول أَنه إِذا أَبى يحكم بردته كَمَا قَالَ صَاحب التَّقْرِيب والعراقيون
قَالَ ابْن الرّفْعَة وَالنَّظَر الذى أبداه الإِمَام مندفع بِمَا قَرَّرَهُ صَاحب التَّقْرِيب فَإِنَّهُ قَالَ قد انْضَمَّ امْتِنَاعه الْآن إِلَى مَا سبق مِنْهُ من لفظ الْكفْر فَدلَّ أَنه كَانَ مُخْتَارًا فى ابْتِدَاء اللَّفْظ وَمن أكره على شئ فخطر لَهُ أَن يأتى بِهِ مُخْتَارًا فَلَا حكم للإكراه فَإِذا سبق مِنْهُ اللَّفْظ وَلحق الِامْتِنَاع عَن التَّلَفُّظ بِالْإِسْلَامِ كَانَ ذَلِك آيَة بَيِّنَة فى أَنه كَانَ مُخْتَارًا عِنْد لَفظه وَفَارق الْمُسلم الذى لم يصدر مِنْهُ كلمة الْكفْر حَيْثُ لَا يَجْعَل بالامتناع عَن النُّطْق بِكَلِمَة الْإِسْلَام مُرْتَدا لِأَنَّهُ لم يسْبق مِنْهُ شئ يجوز أَن يكون كفرا يقرره الِامْتِنَاع وَلَا يُقَال لكم خلاف فى الْمُكْره على التَّلَفُّظ بِالطَّلَاق إِذا نَوَاه هَل يَقع بِهِ فينبغى إجراؤه هُنَا لأَنا نقُول من لم يوقعه اعتل بِأَن اللَّفْظ هُوَ الذى يَقع بِهِ الطَّلَاق وَهُوَ مكره عَلَيْهِ فَلم يبْق إِلَّا نِيَّة مُجَرّدَة وهى لَا يَقع بهَا الطَّلَاق وَلَا كَذَلِك الرِّدَّة لِأَنَّهَا تحصل بِمُجَرَّد النِّيَّة انْتهى
قلت وَمَا ذكره عَن التَّقْرِيب إِلَى قَوْله عِنْد لَفظه مَذْكُور فى النِّهَايَة وَقَوله وَفَارق الْمُسلم إِلَى آخِره هَذَا بحث ابْن الرّفْعَة ويلوح فى بادئ النّظر حسنه إِلَّا أَنى تَأَمَّلت بعد مَا استبعدت خَفَاء مثل هَذَا الْفرق على الإِمَام لَا سِيمَا وَكَلَام صَاحب التَّقْرِيب مسطور فى النِّهَايَة فَظهر لى فى جَوَابه مَا أَرْجُو أَنه الْحق فَأَقُول
قَالَ الرافعى أطلق أَكْثَرهم الْعرض يعْنى عرض الْإِسْلَام على الْأَسير إِذا عَاد إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام وَشرط لَهُ ابْن كج أَلا يؤم الْجَمَاعَات وَلَا يقبل على الطَّاعَات بعد الْعود إِلَيْنَا فَإِن فعل ذَلِك أغنانا عَن الْعرض
قلت وَمِمَّنْ أطلق وَلم يذكر مَا شَرطه ابْن كج الإِمَام والذى أعتقده أَنه إِنَّمَا يَقُول لَيْسَ الِامْتِنَاع عَن التَّجْدِيد دَلِيلا على الْكفْر فى مُمْتَنع يؤم الْجَمَاعَات وَيلْزم الطَّاعَات كَسَائِر الْمُسلمين فَذَاك هُوَ الذى لَا يكون امْتِنَاعه دَالا على الْكفْر لِأَن فى فعله أَفعَال الْمُسلمين دلَالَة بَيِّنَة على أَن تِلْكَ اللَّفْظَة لم تكن عَن اخْتِيَار
أم نقُول ذَلِك فى مُمْتَنع أول رُجُوعه إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام لم يعرف مِنْهُ مُفَارقَة مظان الطَّاعَات أما من عرف مِنْهُ أَن لَا يشْهد جماعات الْمُسلمين وَلَا يؤم مَسَاجِدهمْ فَلَا شكّ أَن امْتِنَاعه دَلِيل كفره وَلَيْسَ كَالْمُسلمِ المستمر فَإِن هَذَا صدر مِنْهُ سَبَب ظَاهر مقترن بِأَفْعَال ظَاهِرَة غير أَنى لَا أعتقد أَن الإِمَام يُخَالف فى هَذَا
فَإِن قلت وملازم الْجَمَاعَات لَا خلاف فِيهِ كَمَا ذكر ابْن كج
قلت هَذَا الذى ذكره ابْن كج قد عرفناك أَن الْأَكْثَرين وَمِنْهُم الإِمَام لم يذكروه فَخرج من هَذَا أَن الْمُمْتَنع عَن التَّجْدِيد مَعَ الإباء عَن مشَاهد الْمُسلمين كَافِر قطعا والممتنع مَعَ شُهُود جماعات الْمُسلمين أَو من غير أَن يظْهر مِنْهُ خلاف ذَلِك هُوَ الذى يَقُول الإِمَام لَا يكون امْتِنَاعه دَلِيل كفره