الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسْتَأْجرًا لَهُ مَقْصُورَة ابْن دُرَيْد وَقد بلغ ذكر الميكالية فَقَالَ لى يَا خراسانى أَبُو الْعَبَّاس هَذَا لَهُ عنْدكُمْ عقب فَقلت هُوَ بِنَفسِهِ حى فتعجب من هَذَا أَشد الْعجب وَقَالَ أَنا أعلم هَذِه القصيدة مُنْذُ كَذَا سنة
الإقواء فى الشّعْر
قَالَ أَبُو سعيد السيرافى حضرت مجْلِس أَبى بكر بن دُرَيْد وَلم يكن يعرفنى قبل ذَلِك فَجَلَست فَأَنْشد أحد الْحَاضِرين بَيْتَيْنِ يعزيان لآدَم عليه السلام
(تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا
…
فوجة الأَرْض مغبر قَبِيح)
(تغير كل ذى حسن وَطيب
…
وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح)
فَقَالَ ابْن دُرَيْد هَذَا الشّعْر قد قيل قَدِيما وَجَاء فِيهِ الإقواء
قَالَ فَقلت إِن لَهُ وَجها يُخرجهُ عَن الإقواء نصب بشاشة وَحذف التَّنْوِين مِنْهَا لالتقاء الساكنين فَيكون بِهَذَا التَّقْدِير نكرَة منتصبة على التَّمْيِيز ثمَّ رفع الْوَجْه بِإِسْنَاد قل إِلَيْهِ فَيصير اللَّفْظ وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح
قَالَ فرفعنى حَتَّى أقعدنى بجانبه
قلت وَحَاصِله إِنْكَار الْجَرّ وَدَعوى نصب بشاشة على التَّمْيِيز وَأَن التَّنْوِين حذف مِنْهُ للضَّرُورَة وَأَن الْوَجْه مَرْفُوع بالفاعلية والمليح على الصّفة وَهَذَا جيد لَكِن فِيهِ دعاوى كَثِيرَة وَإِذا كَانَ الإقواء وَاقعا فى كَلَامهم وَالرِّوَايَة بِالْجَرِّ فَلَا حَاجَة إِلَى هَذَا التَّكْلِيف وَقد جَاءَ فى كَلَامهم
(لَا مرْحَبًا بغد وَلَا أَهلا بِهِ
…
إِذْ كَانَ ترحال الْأَحِبَّة فى غَد)
(زعم البوارح أَن رحلتنا غَدا
…
وبذاك خبرنَا الْغُرَاب الْأسود)
وَقَالَ عبد الله بن مُسلم بن جُنْدُب الهذلى من شعراء الإسلاميين
(تَعَالَوْا أعينونى على اللَّيْل إِنَّه
…
على كل عين لَا تنام طَوِيل)
(وَلَا تخذلونى فى الْبكاء فإننى
…
لكم عِنْد طول الْجهد غير خذول)
ثمَّ قَالَ فِيهَا
(فويلى وعولى فَرجوا بعض كربتى
…
وَإِلَّا فإنى ميت بِقَلِيل)
(فَإِن كَانَ هَذَا الشوق لابد لَازِما
…
وَلَيْسَ لكم فِيهِ الْغَدَاة حويل)
قَوْله حويل أى مَا أحتال فِيهِ
وَقَالَ آخر
(أحب أَبَا مَرْوَان من أجل تمره
…
وَأعلم أَن الْيمن بِالْمَرْءِ أوفق)
(وَوَاللَّه لَوْلَا تمره مَا حببته
…
وَلَو كَانَ أدنى من سعيد ومشرق)
وَأنْشد الْأَصْحَاب مِنْهُم ابْن الصّباغ فى الشَّامِل وَقد ذكرُوا مَا شاع عَن عبد الله ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا من تَجْوِيز نِكَاح الْمُتْعَة أَن شَاعِرًا فى عصره قَالَ
(قَالَت وَقد طفت سبعا حول كعبتها
…
يَا صَاح هَل لَك فى فَتْوَى ابْن عَبَّاس)
(تَقول هَل لَك فى بَيْضَاء بهكنة
…
تكون مثواك حَتَّى يصدر النَّاس)
غير أَنى رَأَيْت أَبَا الْعَلَاء المعرى فى رسَالَته الَّتِى سَمَّاهَا رِسَالَة الغفران قد أنكر على ابْن دُرَيْد إنشاد هَذَا الشّعْر على وَجه الإقواء وَذكر أَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة
(وغودر فى الثرى الْوَجْه الْمليح
…
)
قَالَ أَبُو الْعَلَاء وَالْوَجْه الذى قَالَه أَبُو سعيد فى تَخْرِيجه شَرّ من الإقواء عشر مَرَّات وَأطَال فى هَذَا
وَحكى أَبُو مُحَمَّد بن جَعْفَر البلخى فى كِتَابه أَن أَبَا مُحَمَّد يحيى بن الْمُبَارك اليزيدى النحوى سَأَلَ الكسائى عَن قَول الشَّاعِر
(مَا رَأينَا خربا نقر عَنهُ الْبيض صقر
…
)
(لَا يكون العير مهْرا
…
لَا يكون الْمهْر مهر)
فَقَالَ الكسائى يجب أَن يكون الْمهْر مَنْصُوبًا على أَنه خبر كَانَ وفى الْبَيْت على هَذَا التَّقْدِير إقواء
وَقَالَ اليزيدى بل الشّعْر صَوَاب لِأَن الْكَلَام قد تمّ عِنْد قَوْله لَا يكون الثَّانِيَة وهى مُؤَكدَة للأولى ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ الْمهْر مهر ثمَّ ضرب بقلنسوته الأَرْض وَقَالَ أَنا أَبُو مُحَمَّد
وَكَانَ بِحَضْرَة الْخَلِيفَة فَقَالَ يحيى البرمكى أتكتنى بِحَضْرَة أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله إِن خطأ الكسائى مَعَ حسن أدبه لأحسن من صوابك مَعَ سوء أدبك
فَقَالَ اليزيدى إِن حلاوة الظفر أذهبت عَنى التحفظ
وَمِمَّا ينْسب لِابْنِ دُرَيْد من الشّعْر
(فَنعم فَتى الجلى ومستنبط الندى
…
وملجأ مكروب ومفزع لاهث)
(غياث بن عَمْرو بن الحليت بن جَابر بن
…
زيد بن مَنْصُور بن حَارِث)